«نحن نؤمن بأن التغير يوفر فرصة جديدة». بهذه العبارة رد رياض حمادة مدير التحرير التنفيذي في أخبار «بلومبرغ» حول التوجهات الجديدة في الأدوات وأسلوب طرح المحتوى الإعلامي، حيث أكد أن المؤسسات الإخبارية تواجه تحديات عديدة نتيجة المتغيرات السريعة خلال الفترة الحالية.
وقال حمادة في حوار مع «الشرق الأوسط» إن التحول الرقمي سيوفر الكثير من الفرص للمؤسسات الإعلامية، إذ إنه سيؤمّن لها الوصول إلى شريحة أكبر، لافتاً إلى أنهم في «بلومبرغ» ينصب تركيزهم على الأخبار الاقتصادية والتجارية، وننشر الأخبار على منتجهم الخاص.
كذلك، تطرق مدير تحرير التنفيذي في أخبار «بلومبرغ» إلى دور «الذكاء الصناعي» في عمل الصحافة، وكيف سيساعد الصحافيين في عملهم إبان عصر «الرقمنة»، وما الوسائل التي يمكن أن يكون هذا القطاع الحيوي أن يدعم الصحافة. كذلك سلط الضوء على أهمية البيانات في عالم الصحافة الحالية، كما تحدث كثيراً حول مصطلح «الأخبار الكاذبة» وطريقة محاربته، ودور المؤسسات الصحافية في تصحيح انتشار هذا المصطلح، لافتاً إلى أن محاولات مكافحة الأخبار الكاذبة عن طريق الإشارة إلى الأخطاء فيها تمثل مهمة نبيلة. وأكد حمادة أن المتغيرات الحالية جعلت الأمر صعباً بالنسبة إلى المؤسسات الإخبارية التي اعتادت تنفيذ مهامها بطريقة معينة. وأوضح أنه يمكن أن يستفاد من التكنولوجيا في الكثير من الجوانب في عالم الإعلام في حال جرى الاستغلال والاستثمار بالطريقة الصحيحة، وكل هذا بجانب عدد من القضايا.
وفيما يلي نص الحوار:
> كيف تنظر إلى هذه المرحلة في عالم الإعلام؟ وهي التي تشكل توجهات جديدة في الأدوات وأسلوب طرح المحتوى؟
- تشهد المؤسسات الإخبارية تحديات عديدة نتيجة التغير المتسارع في طريقة إنتاج الأخبار واستهلاكها، الأمر الذي يدفعنا جميعاً إلى التكيف مع هذه التغيرات. وتؤمن أخبار «بلومبرغ» أن التغيير يوفر فرصاً جديدة، وهي تتمتع بمكانة متميزة تمكّنها من استخدام منصاتها المتعددة بطرائق مبتكرة ومتنوعة، وتتيح لها الوصول إلى البيانات التي يصعب الوصول إليها، ما يمكّنها من إنتاج مواد إخبارية فريدة باستخدام صحافة البيانات والذكاء الصناعي.
> لقد أصبح موضوع التحول الرقمي أمراً حتمياً على وسائل الإعلام... ما الإيجابيات والسلبيات في هذا التحول؟
- أعتقد أن هذه التغيرات ستوفر الكثير من الفرص، حيث يمكن أن تكون الآلة صديقاً وحليفاً للصحافي، وسيستفيد منها في تخفيف واجباته العادية، وتساعده في تسليط الضوء على النقاط المثيرة للاهتمام من بين كميات هائلة من البيانات والنصوص، وهذا، فضلاً عن توضيح القصص لتسهيل فهمها والمساعدة في الوصول إلى جمهور أوسع بكثير. ومع أن الأمر قد يكون صعباً بالنسبة إلى المؤسسات الإخبارية التي اعتادت تنفيذ مهامها بطريقة معينة، إلا أن هذه المؤسسات ستستفيد من تكنولوجيا العصر الرقمي إذا ما ارتقت إلى مستوى الحدث، وتكيّفت مع هذه التغيرات.
> يبدو أن الصحافة متجهة بشكل كبير إلى عالم البيانات التي تساعد بشكل كبير في تحليل الأحداث... هل توافق هذا الرأي؟ وما توجهاتكم في هذا الجانب؟
- يتعيّن على الصحافي الجيد دائماً أن يبيّن أهمية الحدث الذي يغطيه. ويتمثل العنصر الجديد في القدرة على توضيح الأمور بشكل أفضل، وتوزيع هذه الأخبار على منصات متعددة، وبالتالي الوصول إلى المزيد من الناس. وتعدّ هذه إحدى نقاط قوة «بلومبرغ»؛ إذ ينصبّ تركيزنا على الأخبار الاقتصادية والتجارية، كما أننا ننشر الأخبار على منتجنا الخاص، أي «بلومبرغ تيرمينال»، إلى جانب حضور متزايد على الإنترنت والعديد من منصات التواصل الاجتماعي والتلفزيون ومنصات البث عبر الإنترنت والراديو، والمجلات المطبوعة.
> كثر الحديث عن «الذكاء الصناعي» وكأنه سيلغي دور الصحافيين والمذيعين والإعلاميين... كيف تنظر إلى هذا القول؟
- أعتقد أن الذكاء الصناعي سيغير طريقة عمل الصحافيين، وسيساعدهم في تأدية مهامهم، إذ سيتولى تنفيذ المهام الروتينية والمملة، الأمر الذي سيمّكن الصحافيين من التركيز على أهدافهم الرئيسية: أي التواصل، وبناء مصادر الأخبار العاجلة، والعمل على المقابلات المؤثرة، وجمع القصص الإخبارية - بأي شكل من الأشكال - كي تصل إلى جمهور واسع. أيضاً، سيكون الذكاء الصناعي قادراً على تحديد القصص التي قد يفوّتها الصحافيون بسبب شدة انشغالهم.
> في الآونة الأخيرة ظهر مصطلح «الأخبار الكاذبة» وانتشر بشكل كبير... حسب رأيك ما الأسباب التي أدت إلى وجود مثل هذه الأخبار؟ وكيف يمكن محاربتها؟
- قد يكون مصطلح الأخبار الكاذبة جديداً، لكن المفهوم قديم، وكنا نسميه البروباغاندا. والواقع أن الفارق بينهما يتمثل في أن وسائل التواصل الاجتماعي تمكّن أي شخص لديه جهاز كومبيوتر أو هاتف محمول من نشر أي شيء يريده. لا يعني هذا أن النيات دائماً خبيثة، فقد يكون الدافع بسيطاً مثل الرغبة في الوصول إلى مزيد من القراء، ما يدفع البعض إلى اللجوء إلى منشورات تثير ردود فعل عاطفية. ولكن لسوء الحظ، تميل «الأخبار الكاذبة» إلى مفاجأة القراء وإثارة غضبهم وإرباكهم وإيقاع الفتن بينهم. وبالتالي، يشارك الناس هذه الأخبار وينشرونها بحسن نية. ومع أن محاولات مكافحة الأخبار الكاذبة عن طريق الإشارة إلى الأخطاء فيها تمثل مهمة نبيلة، إلا أن غالبية الناس لا يشاركون الحقائق، ويظل تداول الأخبار الكاذبة أسرع. في أي حال، نحن الآن نشهد حالياً اهتماماً متزايداً بسمعة المنصة الإخبارية، ويحاول القراء الوصول إلى أخبار موثوقة من المنافذ المرموقة الحسنة السمعة. وهنا يمثل التحدّي الذي تواجهه المؤسسات الإخبارية في إنتاج منتج جيد يرغب الناس في مشاركته بدلاً من الأخبار الكاذبة.
رياض حمادة مدير التحرير التنفيذي لأخبار «بلومبرغ»
> يقود رياض حمادة حالياً برامج الزمالة في «بلومبرغ» عالمياً. وقبل ذلك قاد تغطية «بلومبرغ نيوز» في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. ومن 2001 إلى 2008 ساهم في بناء التغطية الاقتصادية لأخبار «بلومبرغ» في أوروبا الغربية. وشغل حمادة قبل انضمامه إلى «بلومبرغ»، منصب محرر أول في «بريدج نيوز» في مدينة فرانكفورت الألمانية، كما عمل في «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) في بريطانيا.
ولد رياض حمادة في مدينة روتلينغن بألمانيا، ونشأ في العاصمة اللبنانية بيروت، حيث حصل على شهادة بكالوريوس في الاقتصاد من الجامعة الأميركية في بيروت عام 1986، وعام 1989 حصل على درجة الماجستير في التاريخ الاقتصادي من مدرسة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية LSE في لندن. وهو راهناً مقيم في مدينة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة.