مصرية وإيطالي جمعهما حب الطعام ونشرا ثقافة مطبخهما

أطلقا قناة للطهي على موقع «يوتيوب»

TT

مصرية وإيطالي جمعهما حب الطعام ونشرا ثقافة مطبخهما

إذا كان المثل العربي يقول: «كثرة الطباخين تفسد الطبخة»، وبالإنجليزية «Too many cooks spoil the broth»، إلا أن المصرية «سارة» والإيطالي «ستيفانو»، اختارا السير عكس ذلك بالطهي معاً، محاولين اكتشاف السمات المشتركة بين مطبخين مختلفين، وإظهار الثقافات المختلفة للشعوب من خلال الطعام، حيث أسسا معاً قناة للطهي على موقع «يوتيوب»، تبث باللغة الإنجليزية من لندن، مع ترجمة إلى العربية والإيطالية.
تقوم «سارة» بطهي أكلات مصرية والحديث عن تاريخها وأصلها، ويقوم «ستيفانو» بطهي أطباق مشابهة لها من المطبخ الإيطالي، والعكس أيضاً، في محاولة لمناقشة أوجه التشابه الثقافي والتاريخي بين البلدين، ومن خلف ذلك التلاقي بين العرب والأوروبيين، وعبر بصماتهما الخاصة، استطاعت قناتهما «Culture Whisk» الانتشار في البلدين رغم عمرها القصير، حيث جذبت مشاهدين، ليس في القارتين فقط، بل تخطت جماهيريتها إلى أميركا وآسيا.
عن تجربتها الطهوية، وفكرة القناة، تحدثت سارة إلى «الشرق الأوسط»، وقالت إنها تعمل في تحضير الكيك والحلويات والأطعمة للحفلات (الكاترينغ) بشكل عام منذ نحو سبع سنوات، كما أسست مُدونة على «فيسبوك» بعنوان «مذاق» لمساعدة كل من لا يستطيع الطهي ويجد صعوبة به أن يجد وصفات مبسطة قدر الإمكان ومُقدمة بشكل جذاب للتشجيع على الطبخ والاستمتاع به.
وتطرقت سارة إلى بداياتها في عالم الطهي، وقالت: «لم أقم بدراسة الطهي بشكل احترافي، لذا أعتبر نفسي هاوية، لكن بدأ شغفي به منذ نعومة أظافري، فمنذ عُمر 12 سنة قمت بتعليم نفسي بنفسي، كما كان لانتقالي للإقامة بلندن تأثير كبير على نمو هذا الشغف، لأنها من أكثر المدن التي تضم جنسيات مختلفة، ما مكني من التعرف على ثقافات مختلفة بكل ما تحتويه من عادات وتقاليد واحتفالات، وأتاح لي الفرصة للتعرف على أكلات جديدة وفتح آفاقي لعالم جديد، وكان هذا حافزاً كبيراً للاطلاع على هذه الأكلات وتجربتها، ومن هنا بدأت فكرة «الكاترينغ».
وعبّرت عن أملها في أن تكون واجهة سياحية مشرفة لاستقطاب السياح من جميع أنحاء العالم لزيارة مصر ومعرفة الكثير عن حضارتنا وثقافتنا وأكلاتنا التي يرجع بعضها لآلاف السنين، مشيرة إلى أن المطبخ المصري لا يقل عراقة عن تاريخ مصر، و«للأسف رغم ذلك لا يكتسب شهرة»، ولهذا قررت إنشاء قناة على «يوتيوب» مع زميلي الشيف الإيطالي ستيفانو دي كوستانزو لنلقي الضوء على ثقافة البلدين مصر وإيطاليا، واخترنا لها اسم (Culture Whisk).
وحول اختيار هذا الاسم، وكيف يعبر عن هدف القناة، أضافت: «اخترنا اسم (culture whisk) لما يعبر عنه من جمع للثقافات بشكل عام، وليس فقط خلط الثقافة المصرية بالإيطالية، فخططنا المستقبلية تدور كلها حول اكتشاف الثقافات المختلفة لأي شعب وأي دولة، فأنا مقتنعة تماماً بأن الطعام هو أسهل وأسرع وسيلة لنشر الثقافات والتعرف على الحضارات الأخرى، فعن طريق تذوق أكلات بلد ما ينمو شغف الإنسان للتعرف على حضارة هذا البلد، وهو ما أسعى لتحقيقه بتسليط الضوء على المطبخ المصري وتشجيع الأجانب على تجربته».
وتابعت: «لم يصيبني أي قلق من فكرة اجتماع ثقافتين، بل على العكس أعتقد أن هذا الجمع سيكون السبب الأساسي لنجاحنا ووصولنا لهدفنا، فالفكرة جديدة تشد انتباه الجمهور وتثير فضوله لمعرفة التشابه بين الأكلات المصرية والإيطالية، وما يؤكد ذلك أن متابعينا يتضاعفون بشكل يومي رغم أننا بدأنا منذ 7 أشهر فقط، وأعتقد أن فكرتنا وهدفنا سيصلان للعالم كله في يوم ما».
وتطرقت سارة إلى الأسلوب الذي تتبعه هي وستيفانو، «لكل منا أكلات شعبية شهيرة جداً نريد تقديمها، لذا اتفقنا على تقديم كل منا لهذه الأطباق مع محاولة الآخر تقديم ما يشابهها من المطبخ المناظر له، وأسلوبي دائماً أن أغير قليلاً في الوصفات الأصلية لوضع بصمتي الخاصة، مع الاحتفاظ بالمذاق المصري الأصيل».
ورأت أن علاقتها مع ستيفانو علاقة أخوة من نوع خاص جداً، فهو شخص يتمتع بأخلاق المصريين، فالشعب الإيطالي بشكل عام يشبه كثيراً المصريين في دفء المشاعر والود، ما جعل علاقتنا أقوى والتعامل بيننا مريح وغير مرهق، كل منا يحترم أفكار وخبرات الآخر، فلا أتدخل فيما يريد تقديمه ولا يتدخل هو فيما أريد أنا تقديمه، فكل مننا يثق بقدرات الآخر ويحترمها، وهذا هو سر نجاح علاقتنا.
واستكملت: «جمعني أنا وستيفانو حبنا لعمل الحلويات بشكل خاص وحبنا للطبخ والمطبخ بشكل عام، وكلانا يعشق الإتقان لكل شيء وتقديم الطعام والحلويات بشكل جديد وأخاذ، وبشكل مميز خاص بنا نحن، فنحن نكره التقليد بكل أشكاله، ونؤمن بأن ما نقدمه يجب أن تظهر عليه بصماتنا الخاصة، نحن الاثنان نتشابه جداً في شخصيتينا، ومولعان بالتنظيم والنظافة، فلا نجد أي صعوبة أبداً في التعامل في نفس المطبخ بنفس الوقت».
وقالت سارة إنه من خلال رحلة البحث المستمرة عن التشابهات الثقافية فيما يتعلق بالطعام نجد الكثير، فعلى مر العصور انتقلت الأطعمة من بلد لآخر، وخلال مراحل الانتقال أضاف كل بلد لمسته الخاصة، لتنتمي هذه الأكلة لهذا الشعب وتصبح جزءاً من تراثه، وهذا ينطبق على المخبوزات والطواجن وغيرهما.
ونوهت بأن أبرز أنواع الأكلات التي تفضل تقديمها هي المحببة للشعب المصري وأشهرها التي أتوقع تقبلها من المجتمع الغربي، فأنا أعتقد بشكل شخصي أن من الأسباب الرئيسية لعدم انتشار المطبخ المصري، إما تقديمه بشكل عشوائي غير محفز وغير فاتح للشهية وإما أن الغرب يجدونه «دسماً» للغاية ويأخذ وقتاً كبيراً ومجهوداً في الطهي، لذا أحاول دائماً إيجاد الحلول البديلة التي تسهل عملية الطهي، وتقديم الأكلات بشكل لائق وشهي.


مقالات ذات صلة

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».