«أفريكوم»: نتطلع لتجدد الشراكة والتعاون الأمني مع السودان

العقيد كريستوفر كارنز لـ«الشرق الأوسط»: مطلوب «انسحاب فوري» للمرتزقة من ليبيا

مديرة الاستخبارات في «أفريكوم» الأدميرال هايدي بيرغ مع أحد قادة الجيش السوداني خلال زيارتها للخرطوم الشهر الماضي (أفريكوم)
مديرة الاستخبارات في «أفريكوم» الأدميرال هايدي بيرغ مع أحد قادة الجيش السوداني خلال زيارتها للخرطوم الشهر الماضي (أفريكوم)
TT

«أفريكوم»: نتطلع لتجدد الشراكة والتعاون الأمني مع السودان

مديرة الاستخبارات في «أفريكوم» الأدميرال هايدي بيرغ مع أحد قادة الجيش السوداني خلال زيارتها للخرطوم الشهر الماضي (أفريكوم)
مديرة الاستخبارات في «أفريكوم» الأدميرال هايدي بيرغ مع أحد قادة الجيش السوداني خلال زيارتها للخرطوم الشهر الماضي (أفريكوم)

ورثت إدارة الرئيس الأميركي الجديد، جو بايدن، مجموعة ملفات ساخنة حول العالم من إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب. بعضها يتركز في القارة الأفريقية حيث يُسجّل نشاط متصاعد لتنظيمي «داعش و«القاعدة» لا سيما في دول الساحل والصومال وموزمبيق. بعضها يرتبط أيضاً بمحاولات روسيا لتوسيع نفوذها، في ليبيا والسودان مثلاً. لكن الملفات ليست كلها ساخنة. فالسودان يبدو حالياً وكأنه يشكّل فرصة لتعزيز نفوذ أميركا التي لا تخفي اهتمامها بالعلاقة مع الحكم الجديد في الخرطوم بعد عقود من الخلافات المرتبطة بعلاقة النظام السابق بجماعات إسلامية متشددة.
كيف تنظر القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) لهذه التحديات، والفرص، في القارة السمراء؟ ماذا تريد من السودان؟ ما هدفها في ليبيا؟ ما دورها في دول الساحل ما وراء الصحراء؟ ماذا تفعل لوقف تمدد «داعش» في موزمبيق؟ وهل ستتخلى عن مواجهة «الشباب»، فرع «القاعدة» في شرق أفريقيا، بعد انسحابها من الصومال؟
«الشرق الأوسط» حاورت العقيد (الكولونيل) في سلاح الجو الأميركي كريستوفر كارنز، مدير الشؤون العامة في «أفريكوم»، حول كل هذه الملفات التي يعرضها التقرير الآتي:
لا يخفي العقيد كارنز الأهمية الكبيرة التي تعلقها الولايات المتحدة على علاقتها الجديدة مع السودان، متحدثاً عن «تجديد الشراكة» مع هذا البلد بعد حذفه العام الماضي من قائمة الدول الراعية للإرهاب. ويوضح: «نتطلع لتجديد شراكتنا وتعزيز تعاوننا الأمني مع السودان. تتطلع (أفريكوم) لمساعدة السودان بشكل أكبر في جهوده لجعل قواته احترافية، وفي تعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين، والتقدم في مجال حكم القانون، وضمان الشفافية ومسؤولية القوات المسلحة السودانية أمام الحكومة التي يقودها المدنيون وأمام الشعب السوداني. التواصل الأخير (أي زيارة نائب قائد أفريكوم السفير أندرو يونغ ومديرة الاستخبارات في أفريكوم الأدميرال هايدي بيرغ للخرطوم، والتي كان العقيد كارنز مشاركاً فيها) مثّل خطوة إيجابية في اتجاه فهم وتحديد المناطق التي يمكن أن يحصل فيها مزيد من التعاون وتقديم الدعم. ستحصل زيارات إضافية، ونحن نستكشف فرص التبادل والتدريب. هناك مجالات أخرى للتعاون تم استكشافها وهي تتضمن زيادة تبادل المعلومات، وضمان تنسيق وتعاون إقليمي أقوى في التصدي للمتطلبات الأمنية والتهديدات الإقليمية».
ويضيف كارنز أن «السودان يتطلع لتقوية وتعزيز مؤسساته الحكومية والعسكرية. هناك الآن طرق متاحة للشراكة في أعقاب إزالة تصنيف السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب عام 2020. زيارتنا شكّلت بداية لتواصل وتعاون مستقبلي. تركز القيادة الأميركية في أفريقيا بشكل استراتيجي على تقديم المساعدة في تقوية مؤسسات الشركاء الأفارقة وقدراتهم، بموازاة دعم جهود الشركاء الدوليين الآخرين الذين يسهلون تحقيق الأمن والاستقرار في القارة. إن الانخراط الذي حصل مع السودان يمثل بداية جديدة للشراكة بين الولايات المتحدة والسودان».
ورداً على سؤال عن سعي روسيا أيضاً إلى تعزيز علاقتها بالسودان، وتحديداً من خلال إقامة قاعدة في بورتسودان، قال كارنز: «نحن على دراية بما ورد في خصوص رغبة روسيا بزيادة وجودها في السودان. نحيلكم على حكومة السودان للحصول على مزيد من المعلومات بهذا الخصوص. وبوصفه بلداً ذا سيادة، سينخرط السودان مع دول أخرى، وسيتخذ قرارات يشعر بأنها تقدّم الخدمة الأفضل لمصلحة البلد».
- جمهورية الكونغو الديمقراطية
وتحدث العقيد كارنز أيضاً عن زيارة وفد «أفريكوم» الذي ضم السفير يونغ والأدميرال بيرغ إلى الكونغو بعد السودان، مشيراً إلى الحاجة إلى «مقاربة إقليمية ودولية» للتصدي لنشاط جماعات مرتبطة بـ«داعش»، ومقراً بأن نشاط «المرتزقة الروس» في القارة الأفريقية يشكّل قلقاً لواشنطن. وقال في هذا الإطار: «وجود المرتزقة الروس في أي مكان بأفريقيا هو مصدر قلق لأنهم يقوّضون الحكومات. من المهم ألا تؤدي عمليات الشركات الأمنية الروسية الخاصة إلى التشويش على التقدم الذي تحققه الدول الأفريقية في مجالات الحوكمة والدفاع والأمن. إن أعمالهم تقوّض جهود الولايات المتحدة والشركاء الأفارقة في البلدان الأفريقية لتعزيز خضوع القوات المسلحة لسيطرة المدنيين، والمحاسبة والشفافية». وتابع: «أنتج تواصُلنا مع جمهورية الكونغو الديمقراطية وعياً بمجالات الاهتمام المشترك، ورغبة في تقوية الشراكة أكثر، وسلط الضوء على الحاجة إلى تعاون أمني إقليمي لاقتلاع جماعات مثل تنظيم (داعش) والتأثير الذي يقوم به لاعبون خبيثون. إن تصاعد تأثير (داعش) في المنطقة يتطلب وضعه تحت المراقبة وتعاوناً إقليمياً قوياً وضغطاً على شبكاته. لا يمكن السماح بأن تصبح أفريقيا ملجأ آمناً لـ(داعش). مطلوب مقاربة إقليمية ودولية تعرقل ما يقوم به اللاعبون الخبثاء وكذلك النشاطات الإجرامية والإرهابية».
- «فاغنر»
واستفاض مسؤول «أفريكوم» في الحديث عن الدور الذي يلعبه المرتزقة الروس في القارة الأفريقية، موضحاً أن «المسألة التي تثير قلقاً مستمراً هي ما يتعلق بالمجموعة العسكرية الروسية الخاصة، مجموعة فاغنر. تواصل هذه المجموعة السعي للربح والدفع بمصالحها الخاصة التي غالباً ما تكون على حساب الدول الأفريقية التي توظفها. من المهم أن تواصل الدول (الأفريقية) تقوية وبناء قدراتها الأمنية الذاتية عوض توظيف مجموعة فاغنر و(التعرض) لممارساتها المفترسة. لقد زادت روسيا انخراطها مع الدول الأفريقية من أجل كسب منفذ (إلى هذه الدول)، وتعزيز قدراتها المتصورة لقوتها عالمياً، وزيادة مبيعات السلاح، وكذلك الوصول إلى المعادن والمواد الخام الأخرى. (في المقابل)، الهدف الأساسي للقيادة الأميركية في أفريقيا هو تقوية القوات الأمنية لشركائنا، وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي بشكل أكبر، وهو ما يقود إلى زيادة النمو الاقتصادي والازدهار. إننا نتطلع للعمل مع شركائنا للتصدي للتهديدات العابرة للحدود وللاعبين الخبيثين. وتستخدم الولايات المتحدة مجموعة كاملة من الموارد والأدوات التي تحوزها الحكومة الأميركية، بما فيها الأدوات والموارد الاقتصادية والدبلوماسية، لمساعدة شركائنا الأفارقة لضمان أمن مواطنيهم واستقرارهم. إننا فرحون باحتمالات تعميق شراكتنا مع السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية. سنبني علاقة تقوم على الثقة، والشفافية، والالتزام المتبادل بضمان الأمن والسلام والازدهار في أفريقيا».
- ليبيا
وأعرب العقيد كارنز أيضاً عن قلق الولايات المتحدة للدور الذي تلعبه روسيا، من خلال مجموعة فاغنر، في ليبيا تحديداً، فقال: «إن جماعات مثل مجموعة فاغنر تواصل تقويض التقدم وتستمر في التدخل في عملية السلام الليبية. تواصل القيادة الأميركية في أفريقيا معارضة التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا، وهي تدعم بقوة اتفاق وقف النار الليبي، بما في ذلك الانسحاب الفوري للقوات العسكرية الأجنبية والمرتزقة. هذا (الاتفاق) يتضمن الحاجة إلى مغادرة القوات التي تعمل بالوكالة عن روسيا، والتي نقدّرها حالياً بنحو 2000 مقاتل من مجموعة فاغنر ينتشرون في ليبيا».
- الصومال - الساحل - موزمبيق
وسُئل مسؤول «أفريكوم» عن الوضع في الصومال بعد سحب الولايات المتحدة قواتها منه مطلع هذه السنة، فكرر التأكيد أن الانسحاب لا ينهي التزام أميركا بمواصلة التصدي لنشاط «حركة الشباب»، فرع «القاعدة» في القرن الأفريقي. وقال: «تواصل القيادة الأميركية في أفريقيا التأقلم من أجل تحقيق أهداف مهمتها وضمان مواصلة الضغط على شبكات (حركة) الشباب. مشاركتنا ستتواصل بأشكال مختلفة في الوقت الذي نعمل فيه على عزل وإبقاء الضغط على الشباب كجزء من مقاربة إقليمية ودولية لتدمير شبكات هذه الحركة».
كما أكد العقيد الأميركي التزام بلاده بمواصلة الضغط على «القاعدة» و«داعش» في بلدان الساحل الأفريقي، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ليست هي من يقود العمليات ضد التنظيمين. وقال: «لا تتولى الولايات المتحدة مهمة القيادة (في التصدي لـ«داعش» و«القاعدة») في الساحل، لكننا نقوم بدور داعم. نقدم دعماً بأشكال مختلفة للفرنسيين والشركاء الأفارقة، وهذا يتضمن معلومات الاستخبارات، والتزود بالوقود في الجو، والنقل الجوي، والتدريب. وتبقى المقاربة المركزية في استراتيجيتنا تقوم على التواصل مع الحكومات (الأفريقية) بمؤسساتها المختلفة والعمل مع الشركاء للتصدي للدوافع التي تسبب التشدد».
وفي خصوص الوضع في موزمبيق حيث بات «داعش» يسيطر على مناطق مهمة بشمال البلاد، قال العقيد كارنز إن الولايات المتحدة «تواصل مراقبة (داعش) في موزمبيق. أينما يطل (داعش) برأسه يكون مهماً أن يمارس الشركاء الأفارقة ضغطاً على هذه المنظمة الإرهابية الخطيرة لمنعها من التجذّر وتوسيع تأثيرها. سيكون التعاون الإقليمي والشراكة العالمية مهمين لعرقلة وتدمير قدرات (داعش) على النشاط وتنفيذ عمليات في الدول الأفريقية».



بعد قرار تشاد وتصريحات السنغال... هل يُغير الفرنسيون تحالفاتهم الأفريقية؟

الرئيس الفرنسي ونظيره النيجيري في باريس قبل أيام (رويترز)
الرئيس الفرنسي ونظيره النيجيري في باريس قبل أيام (رويترز)
TT

بعد قرار تشاد وتصريحات السنغال... هل يُغير الفرنسيون تحالفاتهم الأفريقية؟

الرئيس الفرنسي ونظيره النيجيري في باريس قبل أيام (رويترز)
الرئيس الفرنسي ونظيره النيجيري في باريس قبل أيام (رويترز)

لعقود طويلة ظلت منطقة غرب أفريقيا توصف بأنها «الحديقة الخلفية» للنفوذ الفرنسي، ولكن في السنوات الأخيرة اندلع حريق غاضب في هذه الحديقة، طرد الجنود الفرنسيين من مالي ثم بوركينا فاسو والنيجر، وأخيراً من تشاد.

اليوم تنتشر القوات الخاصة الفرنسية في خمس دول أفريقية فقط، هي: تشاد وكوت ديفوار والغابون والسنغال وجيبوتي... دول ظلت توصفُ بأنها الأكثرُ وفاءً لباريس، ولكن المفاجآت لم تتوقف، فقد قررت تشاد -قبل أيام- إنهاء اتفاقية التعاون العسكري والأمني مع فرنسا والبحث عن «سيادتها».

الابنة المدللة لفرنسا

أما السنغال التي توصف بالابنة المدللة لفرنسا، وتلقَّب عاصمتها داكار بأنها «باريس الصغرى»، فقد بدأت تكتشف أن هنالك جنوداً أعينهم زرقاء وبشرتهم بيضاء يتحركون في شوارعها بشكل مستفز، وتحدث رئيسها الجديد والشاب عن اقتراب اليوم الذي سيغادر فيه الفرنسيون بلاده.

الرئيس الفرنسي خلال جولة أفريقية سابقة (أ.ف.ب)

خطة جديدة

الحديث عن انسحاب القوات الفرنسية من آخر معاقلها في أفريقيا، قد يكون متناغماً مع رغبة الشعوب الأفريقية في «التحرر» من هيمنة المستعمر السابق، ومحاولة أنظمة الحكم الاستجابة لهذه الرغبة أو على الأقل ركوبها سياسياً وانتخابياً، ولكنَّ بعض المراقبين يربطه بخطة فرنسية لتغيير «استراتيجيتها» في القارة السمراء، تكون أكثر هدوء وأقل خطراً.

من الواضح أن الفرنسيين مُنوا بخسائر اقتصادية وعسكرية كبيرة في منطقة الساحل، لصالح قوى صاعدة مثل الصين وروسيا وتركيا، مما دفع المسؤولين الفرنسيين إلى التفكير في التأقلم مع الواقع الجديد.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أعلن في شهر فبراير (شباط) من العام الماضي (2023)، نيته خفض القوات الفرنسية في أفريقيا، وبعد عام، أي في شهر فبراير 2024، عيَّن جان-ماري بوكل مبعوثه الخاص إلى أفريقيا، وكلَّفه بإعداد خطة لإعادة هيكلة الوجود العسكري الفرنسي في أفريقيا. وركزت مهمة بوكل على أربع دول هي: تشاد، والغابون، وكوت ديفوار، والسنغال.

السياسي الفرنسي وعضو الحكومة السابق في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي، طار إلى الدول الأفريقية، وعاد منها ليسلِّم تقريره لماكرون يوم 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ورغم أن التقرير لم يُنشر للعموم، فإن بعض المعطيات تشير إلى أنه اقترح تقليص عدد الجنود من 2300 إلى 600، مع تعزيز التعاون مع الجيوش المحلية.

ويشير التقرير إلى أنه من أجل «الحفاظ على الروابط الاستراتيجية» بين فرنسا ودول غرب أفريقيا، لا بد من تمكين هذه الدول من «إدارة أمنها بشكل مستقل»، والتحول نحو شراكات جديدة تقوم على «التنمية الاقتصادية».

نموذج للتعاون

تتحدث الخطة الجديدة عن «نموذج للتعاون» تتحول بموجبه القواعد العسكرية الفرنسية إلى «مراكز للدعم»، من خلال تقليص عدد الجنود إلى الحد الأدنى، فلا يبقى مثلاً في السنغال والغابون سوى 100 جندي، بدل 350 جندياً في كل دولة، ونفس الشيء بالنسبة إلى كوت ديفوار وتشاد، حيث يقارب عدد الجنود الفرنسيين في كل واحدة منهما ألف جندي.

المبعوث الفرنسي إلى أفريقيا قال في تصريحات صحفية قبل أيام، إن «مصطلح إعادة التشكيل يبدو الأنسب للمرحلة الحالية، لأن الفكرة هي تقديم مقترحات والاستماع، ثم التوصل إلى اتفاق يحقق مكاسب للطرفين».

ولكن بوكل في تصريحاته أكد بثقة واضحة أنه «لا توجد طلبات رسمية لمغادرة القوات الفرنسية» من الدول الموجودة فيها، مما يضع أسئلة حول مدى تعاون هذه الدول مع باريس لتنفيذ الخطة الفرنسية الجديدة.

ويبدو أن الخطة الفرنسية تتلخص في تحويل القواعد العسكرية إلى «مراكز مصمَّمة لتلبية الاحتياجات الخاصة لكل دولة مضيفة»، وهو ما تشرحه المصادر بأنه «سيتم استبدال الترتيبات العسكرية الثقيلة بوحدات ارتباط دائمة، مع التركيز على التدريب العسكري، وجمع المعلومات الاستخباراتية، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية».

شركاء جدد

وإن كان الفرنسيون شرعوا في طي أسلحتهم وعتادهم للخروج من أفريقيا، إلا أنهم كانوا يمدّون اليد نحو شركاء جدد «غير تقليديين»، ويُعيدون إحياء العلاقات مع شركاء «تقليديين»، ولكن وفق صيغة جديدة تضمن لهم البقاء في قارة ظلت لأكثر من قرن مركز نفوذهم الأول.

ماكرون منذ أن وصل إلى السلطة وهو يحرص على زيارة الدول الأفريقية الناطقة باللغة الإنجليزية، مثل غانا وجنوب أفريقيا ونيجيريا، والأخيرة التي تعد أكبر منتج للنفط في القارة والقوة الاقتصادية الأولي في غرب أفريقيا، يشير الخبراء إلى أنها «ركيزة محورية» في الاستراتيجية الفرنسية الجديدة.

في 28 و29 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، استقبلت فرنسا الرئيس النيجيري بولا تينوبو، وهي المرة الأولى التي يزور فيها رئيس نيجيري باريس منذ ربع قرن، وهيمنت على هذه الزيارة الملفات الاقتصادية الكبرى، وانتهت بوعود إقامة «شراكة اقتصادية» واعدة.

في السياق ذاته، حاول ماكرون أن يعيد صياغة الشراكة التي تربط بلاده بدول المغرب العربي، خصوصاً المغرب التي زارها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ووقَّع اتفاقيات استثمار بقيمة 10 مليارات يورو.

تحاولُ فرنسا أن توقف نزيف الخسائر الاقتصادية التي منيت بها خلال العقدين الأخيرين في أفريقيا، إذ يشير بعض التقارير الصادرة عام 2019 إلى انخفاض حصتها السوقية في القارة من 12 في المائة إلى 7 في المائة فقط، وكان ذلك لصالح منافسين جدد.

وازدادت الخسائر الفرنسية خلال العام الأخير، إذ علَّقت شركة «أورانو» الفرنسية المتخصصة في استخراج اليورانيوم عملياتها في النيجر اعتباراً من 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بسبب مضايقتها من طرف المجلس العسكري الحاكم هناك، كما انسحبت عدة بنوك وشركات فرنسية من دول أفريقية دخلت دائرة التصنيف المعادي لفرنسا.