تونس: اكتظاظ المستشفيات بمرضى «كوفيد 19» ... واللقاح يتأخر

داخل مستشفى مؤقت لحالات «كوفيد19» في تونس العاصمة (أ.ف.ب)
داخل مستشفى مؤقت لحالات «كوفيد19» في تونس العاصمة (أ.ف.ب)
TT

تونس: اكتظاظ المستشفيات بمرضى «كوفيد 19» ... واللقاح يتأخر

داخل مستشفى مؤقت لحالات «كوفيد19» في تونس العاصمة (أ.ف.ب)
داخل مستشفى مؤقت لحالات «كوفيد19» في تونس العاصمة (أ.ف.ب)

يعبّر أطباء في مستشفيات تونسية عن قلقهم إزاء الارتفاع المتواصل لعدد مرضى «كوفيد19» الذي يشكل تحدياً حقيقياً لنظام صحي هش، في وقت لم يُعرف فيه بعد موعد بدء حملة التلقيح.
وتقول طبيبة الإنعاش، أميرة الجموسي: «في البداية كنا نخاف على أنفسنا وعلى عائلاتنا؛ اليوم نخشى على المرضى؛ لأن الأقسام امتلأت»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وتضيف الطبيبة التي تعمل في «مستشفى عبد الرحمان مامي»؛ المستشفى الأهم المخصص لمرضى «كوفيد19» في تونس: «18 سريراً تُستغل بشكل متواصل منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي (...) يمكن أن يقضي المرضى 72 ساعة في انتظار سرير إنعاش دون جدوى، وللأسف هناك من يتوفى في قسم الإنعاش».
وتمكنت تونس خلال الموجة الأولى من الجائحة مطلع مارس (آذار) الماضي من السيطرة على انتشار الفيروس بفضل تدابير احترازية مشددة اتُخذت باكراً، لكن منذ نهاية الصيف عادت الأرقام لتأخذ منحىً تصاعدياً وسريعاً، واقترب عدد الوفيات من 7 آلاف حالة، وتجاوزت الإصابات مائتي ألف، في بلد يبلغ عدد سكانه 11.7 مليون نسمة.
وتعلن وزارة الصحة يومياً وفاة ما بين 50 ومائة شخص، بينما كان عدد الوفيات لا يتجاوز عدد أصابع اليد خلال الموجة الأولى. ويوجد 400 شخص حالياً في غرف الإنعاش، وبدأت الأمور تتعقد مع ارتفاع أعداد الحالات التي تتطلب عناية خاصة.
ونبهت منظمة الصحة العالمية إلى أن «النفق لا يزال طويلاً»، بينما جرعات اللقاح لم تصل بعد إلى البلاد، فيما انطلقت دول مجاورة كالجزائر والمغرب، منذ أيام في حملات التطعيم.
وتقول الجموسي: «نجد أنفسنا في وضعيات يجب أن نختار فيها بين المرضى»؛ إما يُستقبلوا وإما يوجهوا إلى أماكن أخرى... «هذا عبء على أكتافنا».
ويُضطر بعض المرضى للذهاب إلى مصحات خاصة و«يبيعون سياراتهم» لسداد المال، وفق ما تقول الجموسي. بينما يتوجه آخرون إلى مستشفيات أُقيمت بشكل مؤقت في قاعات رياضية بالعاصمة.
وتشير الطبيبة جليلة بن خليل، العضو في «اللجنة العلمية لمكافحة الوباء»، أن عدد أسرّة الإنعاش ارتفع من 96 إلى 350 سريراً.
ووضعت وزارة الصحة منصة إلكترونية لتوزيع الأسرة الشاغرة على 24 محافظة في البلاد. رغم ذلك، فإن بعض المرضى يضطرون إلى التنقل مسافة أكثر من 150 كيلومتراً لإيجاد مستشفى.
كما وظفت الوزارة 1300 شخص إضافي في قطاع الصحة بعقود بمدة سنة، في محاولة للتخفيف من الضغط المتواصل على الطواقم الطبية.
ويتوقع الطبيب الطاهر المستيري، الذي يعمل في المستشفى المؤقت بالقاعة الرياضية بمنطقة المنزه في ولاية أريانة بطاقة استيعاب تبلغ 80 سرير أكسجين و15 سريراً آخر للعناية المركزة، أن «يتواصل الضغط، ولكننا بتنا نمتلك التجربة».
وفي ثاني أكبر مدن البلاد؛ صفاقس (وسط)، أقيم مستشفى مماثل تقدمة من الصين، لتخفيف الضغط على العاصمة. ويقول المستيري: «الكل يتعاون. ليس لنا خيار».
وكانت عائلة وصلت للتو خارج المستشفى تسعى إلى إدخال مريضها، لكنها لم تتمكن من ذلك، لأن المكان مهيأ لتقييم حالة المرضى ثم توجيههم إلى مراكز أخرى.
وتقول الطبيبة بن خليل: «إذا استمر الأمر على هذا النحو، فسنصل إلى مرحلة العجز... الأيام المقبلة ستكون صعبة جداً».
ولا يُسجل التزام كبير بالتدابير الصحية المفروضة في الشارع من جانب المواطنين، فلا يضع الجميع الكمامات الإلزامية، ويخرقون أحياناً حظر التجول الليلي؛ لأن الوضع الاجتماعي متأزم، إضافة إلى أن الرقابة ضعيفة.
وإزاء هذا الوضع، تخوض السلطات سباقاً مع الزمن منذ سبتمبر (أيلول) الماضي لجلب اللقاح في أسرع وقت ممكن.
وأعلنت السلطات الصحية انطلاق حملة التطعيم في أبريل (نيسان) المقبل، ثم قدّمت التاريخ إلى منتصف فبراير (شباط) الحالي مع انتظار وصول نحو 94 ألف جرعة من لقاح «فايزر» وكميات لاحقة من لقاح «أسترازينيكا» في إطار منصة «كوفاكس»، وباشرت مفاوضات للحصول على اللقاح الروسي «سبوتنيك في».
وتونس هي آخر الدول التي ستنطلق في حملات التطعيم بالمنطقة بعد أن شرعت كل من المغرب والجزائر منذ أيام في ذلك.
ووافق المغرب على إجراء اختبارات اللقاح الصيني؛ مما مكّنه من نيل أولوية الحصول عليه، وجرى تطعيم 250 ألفاً من مواطنيه بلقاح مختبر «سينوفارم» الصيني بالإضافة إلى «أسترازينيكا» منذ يوم (الجمعة).
واستثمرت الجزائر علاقاتها الدبلوماسية المتطوّرة مع روسيا وانطلقت في حملتها منذ (السبت).
ومنذ بداية الأزمة الصحية في تونس، تعاقب 3 وزراء على وزارة الصحة بسبب تجاذبات وعدم استقرار في الأداء الحكومي.


مقالات ذات صلة

خبراء يحذرون من إجبار الأطفال على إنهاء وجباتهم

صحتك إجبار الآباء لأطفالهم على إنهاء وجباتهم قد يؤدي إلى تأجيج أزمة السمنة (رويترز)

خبراء يحذرون من إجبار الأطفال على إنهاء وجباتهم

حذر خبراء التغذية من أن إجبار الآباء لأطفالهم على إنهاء وجباتهم قد يؤدي إلى تأجيج أزمة السمنة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك رجل يعاني من زيادة في الوزن (رويترز)

تقرير عالمي يدعو للتوصل إلى تعريف جديد للسمنة

أكد تقرير جديد صادر عن خبراء عالميين الحاجة إلى التوصل لتعريف جديد «أكثر دقة» للسمنة، ولـ«إصلاح جذري» لكيفية تشخيص هذه المشكلة الصحية في جميع أنحاء العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك سر السعادة في العمل التركيز على التقدم بدلاً من الكمال مما يؤدي إلى تحقيق قدر أكبر من الرضا (رويترز)

نصائح للتغلب على الهوس بتحقيق الكمال

نصحت الدكتورة في مركز جامعة بوسطن لدراسات الاضطرابات والقلق، إلين هندريكسن، بضرورة التمييز بين السعي إلى الكمال والشعور الدائم بعدم الرضا عن النفس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تحتوي بعض أنواع الأخشاب على تركيزات عالية من المركبات المضادة للميكروبات الطبيعية (أرشيفية - شبكة «إيه بي سي»)

هل الطهي بالملاعق الخشبية آمن لصحتنا؟ وهل تحبس البكتيريا؟

يختلف متابعون حول مدى صحة استخدام الملاعق الخشبية في الطهي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا يسعى العلماء إلى إعادة تعريف كيفية إدارة الحالات المزمنة مثل السكري مما يوفر أملاً لملايين الأشخاص حول العالم (أدوبي)

الذكاء الاصطناعي لتحديد الأنواع الفرعية لمرض السكري

يقول الباحثون إن هذه التكنولوجيا مفيدة للأفراد في المناطق النائية أو ذات التحديات الاقتصادية.

نسيم رمضان (لندن)

الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)

زعمت الجماعة الحوثية، الأربعاء، مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع الحربية المرافقة لها في شمالي البحر الأحمر، للمرة السادسة، باستخدام الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، وذلك غداة تبنيها 4 هجمات باتجاه إسرائيل خلال 24 ساعة.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصر الفلسطينيين في غزة.

المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع قال في بيان متلفز إن القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير التابع لجماعته استهدفا حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» وعدداً من القطع الحربية التابعة لها شمالي البحر الأحمر.

وأوضح المتحدث أن العملية الهجومية نفذت بواسطة عدد من الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، زاعماً أنها المرة السادسة التي يتم فيها مهاجمة الحاملة منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

صورة جوية لحاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع المرافقة لها في البحر الأحمر (الجيش الأميركي)

وتوعدت الجماعة على لسان متحدثها العسكري بالاستمرار في شن الهجمات، وقالت إنها جاهزة لأي تصعيد أميركي أو إسرائيلي، وإن هجماتها لن تتوقف إلا بانتهاء الحرب في قطاع غزة ورفع الحصار عنه.

وسبق أن اعترف الجيش الأميركي بالتصدي لهجمات حوثية مماثلة استهدفت سفناً عسكرية في البحر الأحمر دون حدوث أي أضرار أو إصابات.

وكان المتحدث الحوثي تبنى، الثلاثاء، تنفيذ جماعته أربع هجمات باتجاه إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة خلال 24 ساعة. وأكد الجيش الإسرائيلي، من جهته، اعتراض صاروخين وطائرة مسيرة، في حين أفادت خدمة الإسعاف الإسرائيلية «نجمة داود الحمراء» بوقوع عدد من الإصابات جراء التدافع نحو الملاجئ، بعد تفعيل صفارات الإنذار.

يشار إلى أن الجماعة الحوثية تلقت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

ألف غارة

أدّت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر خلال 14 شهراً إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

ورداً على هذا التصعيد استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي الذي بدأ في 12 يناير 2024، وأدى ذلك إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين. وفق ما أقر به الحوثيون.

وكانت الولايات المتحدة أنشأت في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

الضربات استهدفت مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان من نصيب الحديدة الساحلية أغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة.

وأعاق التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية والإسرائيلية مسار السلام اليمني، إذ كان اليمنيون يستبشرون أواخر 2023 بقرب الإعلان عن خريطة طريق توسطت فيها السعودية وسلطنة عمان من أجل طي صفحة الصراع المستمر منذ 10 سنوات.

وتنفي الحكومة اليمنية السردية الحوثية بخصوص مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتتهم الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، خاصة أن الجماعة استغلت الأحداث لتجنيد عشرات الآلاف تحت مزاعم الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وفيما يبدو أن المسعى الحقيقي هو التجهيز لمهاجمة المناطق اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية.