عودة الهدوء إلى منطقتين جزائريتين بعد احتجاجات على الإغلاق وسوء المعيشة

TT

عودة الهدوء إلى منطقتين جزائريتين بعد احتجاجات على الإغلاق وسوء المعيشة

عاد الهدوء إلى منطقتين في الجزائر، أمس، بعد ليلة شهدت خلالها احتجاجات حادة ومظاهرات كبيرة بسبب سوء المعيشة وطول مدة الحجر الصحي والإغلاق، الناجم عن أزمة «كورونا». وتتخوف السلطات في البلاد، من أن تتحول هذه المظاهرات إلى كرة ثلج تنعش الحراك الشعبي الذي توقف قبل أشهر إثر تفشي الوباء.
الأغواط (500 كلم جنوب العاصمة)، هي إحدى مناطق الجنوب الجزائري الغنية بالغاز الطبيعي، عاشت ليل السبت - الأحد، مظاهرات صاخبة في وسط المدينة، حيث انتشر المئات من الأشخاص العاطلين عن العمل في الساحات العامة، للمطالبة بتوفير الشغل.
وانضم إليهم آخرون للمطالبة بالسكن والخدمات الصحية، وإطلاق مشروعات للبنية التحتية. وتعد الأغواط بوابة الصحراء التي تحتل ثلثي مساحة البلاد، سكانها يشتكون دوماً من «إقصائهم» من المناصب الحكومية التي تهيمن كوادر الشمال. كما يرون أنهم محرومون من الخيرات التي يزخر بها باطن الصحراء، خصوصاً النفط والغاز.
وجاب المحتجون شوارع المدينة في هدوء، مؤكدين على «سلمية المظاهرة». وفوجئت قوات الأمن بالاحتجاجات الليلية، بحسب صحافيين في الأغواط، رغم أن منطقة الصحراء بكاملها تغلي غضباً منذ سنوات، على خلفية رفض سكانها أعمال تنقيب عن الغاز الصخري، لاعتقادهم بأنها مضرة بالمياه الجوفية وبالتالي على مزارعهم التي تعد مصدر قوت آلاف، على رغم قلة مساحاتها.
وفي الليلة نفسها، خرج المئات من الشباب في مدينة جيجل الساحلية (400 كلم شرق العاصمة)، للتعبير عن سخطهم من تمديد الحجر الصحي في ولايتهم، وفي ولايات عدة أخرى، لمدة أسبوعين. ورفع المحتجون شعارات أبرزها «نرفض العيش في زنزانة». وتفتقر هذه الولاية لوسائل الترفيه، وتعاني من ارتفاع معدل البطالة رغم إمكانياتها الهائلة في مجال السياحة والخدمات.
ويبدى مراقبون محليون مخاوف من انفجار شعبي كبير، بسبب تضاؤل موارد البلاد من العملة الصعبة، على إثر تراجع أسعار النفط منذ 2014.
إلى ذلك، قضت محكمة الاستئناف في سطيف (شرق الجزائر)، أمس، بالسجن سنة منها ستة أشهر غير نافذة، في حق المدون وليد كشيدة بتهم نشر رسومات على صفحة سياسية ساخرة يديرها على «فيسبوك»، ما مهّد للإفراج عنه، بحسب ما أفادت «اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين». وغادر الشاب العشريني السجن بعد استنفاد عقوبته. وخلال محاكمة الاستئناف التي جرت قبل أسبوع، طلب ممثل النيابة في سطيف تأييد الحكم الأول بالسجن ثلاث سنوات بحق كشيدة بتهمة «إهانة هيئة نظامية، وإهانة رئيس الجمهورية، والإساءة إلى المعلوم من الدين بالضرورة».
وما زال أكثر من 80 شخصاً في السجون على صلة بالحراك أو قضايا نشر. وتستند الملاحقات، بالنسبة إلى الكثيرين، إلى منشورات على «فيسبوك» تنتقد السلطات. وتشجب منظمات حقوقية مراقبة المحتوى المنشور على الشبكات الاجتماعية والإجراءات القانونية ضد مستخدمي الإنترنت، والرقابة على وسائل الإعلام الإلكترونية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».