تراجع فرص إدانة ترمب في «الشيوخ»

تقدم في شعبية الرئيس السابق... ومشرعون ينظرون في احتمال «التوبيخ»

زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ لدى عقده مؤتمراً صحافياً الثلاثاء (رويترز)
زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ لدى عقده مؤتمراً صحافياً الثلاثاء (رويترز)
TT

تراجع فرص إدانة ترمب في «الشيوخ»

زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ لدى عقده مؤتمراً صحافياً الثلاثاء (رويترز)
زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ لدى عقده مؤتمراً صحافياً الثلاثاء (رويترز)

تعهد زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، بالاستمرار بمحاكمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في المجلس. وقال شومر متحدثاً مع الجمهوريين: «كونوا واثقين بأن المحاكمة ستحصل، وأن الأدلة ستُعرض، وأننا سنشاهد ما جرى خلال اقتحام (الكابيتول)، وسنستمع إلى ما حصل... وبعدها سنصوِّت». وانتقد شومر تصويت عدد كبير من الجمهوريين ضد محاكمة ترمب، واتّهمهم بتبرير أفعال الرئيس السابق.
وكان شومر يشير إلى التصويت الذي فرضه السيناتور الجمهوري راند بول على مجلس الشيوخ، والذي دفع من خلاله أعضاء المجلس نحو التصويت لوقف المحاكمة قبل بدئها، بحجة أنها غير دستورية، لأن ترمب غادر منصبه. وتمكن بول من خلال هذه المناورة المحنّكة من حسم مصير محاكمة الرئيس الأميركي السابق قبل بدئها. فرغم أنه كان يعلم أن مساعيه ستبوء بالفشل، فإن هدفه كان تسليط الضوء على حجم المعارضة الجمهورية لمحاكمة رئيس سابق.
وبالفعل، فإن حصيلة التصويت النهائية فاجأت الكثيرين، إذ دعم 45 جمهورياً مساعي بول، مقابل معارضة 5 جمهوريين فقط. وبما أن أي إدانة لترمب في مجلس الشيوخ ستتطلب دعم 17 جمهورياً، اعتبر بول أن حصيلة هذا التصويت تظهر أنّ «نتيجة المحاكمة محسومة؛ فإذا صوتت بأنها غير دستورية، كيف ستصوت لصالح الإدانة؟ 45 جمهورياً صوتوا بأن المحاكمة غير دستورية، وهذا نصر كبير لنا. هذا التصويت يعني أن العملية انتهت».
ووافقت السيناتورة الجمهورية سوزان كولينز زميلها، رغم أنها صوتت لصالح البدء بالمحاكمة، فقالت: «أعتقد أنه من الواضح من خلال التصويت أنه من الصعب جداً أن تتم إدانة الرئيس». وجاء أبرز موقف خلال عملية التصويت من زعيم الأقلية الجمهورية ميتش ماكونيل، الذي أعرب في السابق عن انفتاحه على إدانة ترمب، ما كان مفاجئاً لكثيرين، ليقلب المفاجأة هذه المرة ويصوت ضد البدء بمحاكمة ترمب في المجلس.
وأربك موقف ماكونيل زملاءه الذين ظنوا أنه سيوفر لهم غطاء لمعارضة ترمب في المجلس، وتبيّن أنهم أخطأوا في حساباتهم، فيبدو أن ماكونيل رضخ لضغوط حزبه الداعم لترمب، وانسحب تكتيكياً من موقفه الداعم للمحاكمة.
وتحدثت السيناتورة الجمهورية ليزا مركوفسكي التي صوتت لصالح المحاكمة عن عنصر المفاجأة في التصويت، فقالت: «أعتقد أن الجميع تفاجأ بطرح التصويت بهذا الشكل العلني والسريع. بعضنا لم يكن مستعداً، لكني كنت شخصياً مستعدة».
وكان ماكونيل دعا قبيل التصويت أستاذ القانون جوناثان ترلي إلى غداء الجمهوريين الأسبوعي، حيث طرح ترلي أمامهم موقفه المعارض للمحاكمة، معتبراً أنها غير دستورية، لأن الرئيس غادر منصبه. وهذا ما اعتمد عليه بول في طرحه الذي قال إن ترمب هو مواطن أميركي ولم يعد رئيساً، لهذا فإن المحاكمة تخالف الدستور. وأشار بول إلى غياب كبير قضاة المحكمة العليا جون روبرتس عن ترؤس جلسة المحاكمة، معتبراً أنّه إثبات لنظريته.
وقد أدت عملية التصويت هذه إلى بلبلة كبيرة وارتباك حاد في استراتيجية الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء، وانتهز داعمو ترمب الفرصة لدعوة الديمقراطيين للتخلي عن سعيهم لعقد المحاكمة في التاسع من فبراير (شباط). وقال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام: «يجب أن نحرص على إنهاء الأمر بسرعة، لا أريد أن أعطي شرعية لعملية العزل هذه. فهي تشكل خطراً على ديمقراطيتنا وعلى الرئاسة بحد ذاتها».
ولعلّ خير تفسير لمواقف الجمهوريين المعارضة للمحاكمة، وتردد ماكونيل في إدانة ترمب يكمن في استطلاعات الرأي الأخيرة التي أشارت إلى تحسن شعبية ترمب في صفوف الجمهوريين منذ مغادرته للرئاسة. فقد أعرب 55 في المائة من الناخبين الجمهوريين عن رغبتهم في أن يؤدي ترمب دوراً بارزاً في الحزب، فيما قال 81 في المائة منهم أن لديهم نظرة إيجابية لترمب. وأشار الاستطلاع الذي أجرته «مورنينغ كونسولت» إلى أن 3 من أصل 10 جمهوريين قالوا إنهم يفضلون الانشقاق عن الحزب والانضمام إلى «حزب الباتريوت»، إذا ما قرر ترمب إطلاق حزب جديد.
ومما لا شك فيه أن ماكونيل وأغلبية الجمهوريين أخذوا هذه الأرقام بعين الاعتبار لتحديد موقفهم في عملية التصويت. كما لعبت الرسالة التي سلّمها براين جاك، أحد مستشاري ترمب، إلى الجمهوريين، دوراً كبيراً في هذا الملف. حيث أكد لهم جاك أن ترمب سيبقى في الحزب الجمهوري، وأن أي تحرك سياسي سيقوم به سيكون نيابة عن الحزب، ما يعني أن تأثيره على الناخب الجمهوري سيبقى كبيراً، وأن أي معارضة له قد تكلف الجمهوريين مقاعدهم في «الكونغرس».
وخير دليل على ذلك تأسيس ترمب لمكتب رسمي «للرئيس السابق»، إضافة إلى إعلانه دعم مرشحين، كالمتحدثة السابقة باسم البيت الأبيض سارة هاكبي ساندرز، التي قررت الترشح لمنصب حاكم ولاية أركنسا.
وفي ظل هذه التطورات، بدأ الديمقراطيون في مجلس الشيوخ بالنظر في سبل أخرى لمحاسبة ترمب، منها احتمال «توبيخ» الرئيس السابق بسبب أفعاله المرتبطة باقتحام «الكابيتول». وهو تحرُّك عارضه ديمقراطيو مجلس النواب الذين دفعوا باتجاه العزل.
كما ينظر البعض في احتمال تفعيل التعديل 14 من الدستور الأميركي الذي يمنع ترمب من الترشح لأي منصب رسمي بسبب «تحريضه على العنف». لكن الطرحين يحتاجان لأغلبية 60 صوتاً للتمرير، أي أن الديمقراطيين سيكونون بحاجة إلى انضمام 10 جمهوريين لهم في سبيل تمرير أي طرح. وجل ما لديهم حتى الساعة هو 5 أصوات فقط، وهم ليزا مركوفسكي وسوزان كولينز وبات تومي وميت رومني وجيف فلايك.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».