جدل جزائري حول مصير «جراح الذاكرة» مع فرنسا

تكفل بإعداده مستشار تبون... لكن لا يُعرف عنه أي شيء

صورة أرشيفية تعود لسنة 1956 أيام مقاومة الجزائريين للاستعمار الفرنسي (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية تعود لسنة 1956 أيام مقاومة الجزائريين للاستعمار الفرنسي (أ.ف.ب)
TT

جدل جزائري حول مصير «جراح الذاكرة» مع فرنسا

صورة أرشيفية تعود لسنة 1956 أيام مقاومة الجزائريين للاستعمار الفرنسي (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية تعود لسنة 1956 أيام مقاومة الجزائريين للاستعمار الفرنسي (أ.ف.ب)

يحتدم جدل كبير داخل الأوساط الجزائرية، المهتمة بالعلاقة مع فرنسا، حول مصير «التقرير حول الذاكرة»، الذي تكفل بإعداده عبد المجيد شيخي، مستشار الرئيس عبد المجيد تبون، والذي لا يعرف عنه أي شيء، رغم أن الجانب الفرنسي أعلن منذ أسبوع عن تفاصيل التقرير، الذي يحمل تصوره لـ«ذاكرة هادئة» بين البلدين، بحسب ما جرى الاتفاق عليه بين رئيس الجزائر وفرنسا الصيف الماضي.
ونقل مقربون من شيخي، الذي يترأس «مؤسسة الأرشيف الوطني» الحكومية، أنه «أنجز بعض الأفكار حول مصالحة الذاكرتين، مع التركيز على مسألتين تتمسك بهما الجزائر، وهما اعتذار فرنسا عن جرائمها في أيام الاستعمار (1830 - 1962)، وصرف تعويضات عنها، وفق خريطة الطريق التي رسمها الرئيس». كما نقل عنه، أنه يرفض الكشف عن هذه «الأفكار»، وأنه يترك ذلك للرئيس تبون عندما يعود من رحلة العلاج الثانية، التي بدأت بألمانيا في 10 من الشهر الحالي، حيث أجريت عملية جراحية على قدمه من مخلفات إصابة بفيروس كورونا.
ويتعرض شيخي لضغط شديد، منذ أن كشف نظيره الفرنسي المؤرخ بنجامين ستورا عن تقرير مفصل عن «العلاج»، الذي تراه فرنسا الأنسب لـ«جراح الذاكرة»، ومخلفات الماضي الاستعماري، وثقله على العلاقات بين البلدين، بعد مرور 59 سنة عن الاستقلال. وسلّم ستورا تقريره إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء الماضي، وفي اليوم نفسه أعلنت الرئاسة الفرنسية، أن «قضية الاعتذار والتوبة» بشأن جرائم الاستعمار، «غير واردة لدى باريس»؛ ما يعني أنها أغلقت الباب أمام أهم مطالب الجزائر، فيما يعرف بـ«سلام الذاكرتين».
وصرح شيخي لصحيفة «الوطن» الفرنكوفونية في عدد أول من أمس، بأنه «لا يمكنه أن يعلّق» على تقرير ستورا. وقال، إنه «لم يصلنا بطريقة رسمية، ولا يمكننا أن نصدر رد فعل عليه بناءً على ما نشرته الصحافة. فالعلاقات بين الدول لا تسير بهذا الشكل». كما تحفظ شيخي على الرد عن سؤال يتعلق بالعمل الذي يفترض أن يسلمه، بعد أن بدأ مهمته منذ 6 أشهر. واكتفى بالقول «تواصلت مع السيد ستورا مرتين بالهاتف، وقد أكد لي بأنه يحضّر وثيقة بناءً على طلب الرئيس الفرنسي، وأنه لا يمكنه الخوض في الملف، قبل أن يرفعه إلى سلطات بلاده».
وفهم من كلام شيخي أنه لم يكن هناك أي تعاون بين «المكلفين بالمهمة» من ضفتي البحر المتوسط، وبأن المبدأ في «الاشتغال على الذاكرة»، بعكس ما توقعه الكثير من الباحثين في هذا المجال، هو أن كلا الجانبين يقدم مفهومه الخاص لحل هذه القضية.
وجاء تقرير ستورا في أكثر من 170 صفحة، تضمنت 22 توصية، أهمها أن تواصل السلطات الفرنسية إحياء الاحتفالات التذكارية، مثل يوم 19 مارس (آذار) 1962، نهاية الحرب (عيد النصر)، وإحياء اليوم التكريمي لـ«الحركي» (آلاف الجزائريين المتعاونين مع الاستعمار ضد ثورة التحرير)، وإحياء ذكرى مجزرة 17 أكتوبر (تشرين الأول) 1961 (قمع المتظاهرين الجزائريين في باريس ورميهم في نهر السين)، وأخرى متعلقة بقمع العمال الجزائريين في فرنسا، ومشاركة الأوروبيين في الجزائر في الحرب العالمية الثانية.
ومنها أيضاً تأسيس «لجنة» لجمع أقوال الشهود ضحايا هذه الحرب، لإثبات المزيد من الحقائق وتحقيق المصالحة المرجوة، وإنجاز تمثال للأمير عبد القادر، رمز مقاومة الاحتلال الفرنسي، في مدينة أمبواز الفرنسية، بصفته حارب الغزو الفرنسي للجزائر في منتصف القرن الـ19، وعانى ويلات المنفى بين عامي 1848 و1852، في هذه المدينة الفرنسية، مع إمكانية تدشين النصب التذكاري بمناسبة ستينية استقلال الجزائر العام المقبل. كما تتضمن التوصيات اعتراف الحكومة الفرنسية بمسؤوليتها في اغتيال المحامي الجزائري الكبير، الشهيد علي بومنجل، الذي قُتل خلال «معركة مدينة الجزائر» عام 1957.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.