سياسيون ومختصون عراقيون يناقشون إطلاق مبادرة جديدة للمصالحة الوطنية

بمشاركة منظمة فنلندية لإدارة الأزمات الدولية

جانب من الجلسة الحوارية لمناقشة إطلاق مبادرة جديدة للمصالحة الوطنية العراقية ({الشرق الأوسط})
جانب من الجلسة الحوارية لمناقشة إطلاق مبادرة جديدة للمصالحة الوطنية العراقية ({الشرق الأوسط})
TT

سياسيون ومختصون عراقيون يناقشون إطلاق مبادرة جديدة للمصالحة الوطنية

جانب من الجلسة الحوارية لمناقشة إطلاق مبادرة جديدة للمصالحة الوطنية العراقية ({الشرق الأوسط})
جانب من الجلسة الحوارية لمناقشة إطلاق مبادرة جديدة للمصالحة الوطنية العراقية ({الشرق الأوسط})

يسعى سياسيون وناشطون ومختصون عراقيون إلى تفعيل إطلاق مبادرة جديدة للمصالحة الوطنية بين الأطراف السياسية المشاركة في الحكومة والمعارضين لها من الأطراف السياسية والجماعات المسلحة، وتحديد خطوات واضحة وعملية لتوجهات المصالحة في ظل التحديات التي يواجهها العراق بعد بروز خطر «داعش». وأكد المشاركون في جلسة حوارية في مجلس صفية السهيل الثقافي عقدت في بغداد مساء أول من أمس بمشاركة المنظمة الفنلندية لإدارة الأزمات العالمية على أهمية توحيد الصف العراقي والشروع بمنهاج عمل حقيقي على الأرض وصياغة مشاريع قوانين جديدة لدعم المصالحة الوطنية.
وأكدت السفيرة صفية السهيل، رئيس دائرة أوروبا في وزارة الخارجية العراقية وراعية المجلس الثقافي، خلال الجلسة على الحاجة إلى ما يشبه «العصف الذهني للجميع من أجل تحديد آليات المرحلة المقبلة للوصول إلى مشروع حقيقي للمصالحة وتجاوز كل خلافات الماضي بسبب وجود ما هو أخطر منها، وهو تهديدات (داعش) الإرهابية التي طال بطشها جميع المكونات العراقية».
من جهته، قال إلكا أوسيتالو، المدير التنفيذي للمنظمة الفنلندية لإدارة الأزمات، وسبق أن ترأس بعثة الأمم المتحدة للعراق من عام 2006 إلى عام 2009 في الجلسة: «نسعى للتواصل مع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في العراق من أجل وضع صيغة للتعاون في برامج مستقبلية لتحقيق لمصالحة، ونسعى أيضا من أجل إخراط النساء العراقيات في عمليات اتخاذ وصنع القرار السياسي الداعم لمشروع المصالحة». وأضاف قائلا: «هناك برنامج فعال وكبير لتفعيل المصالحة الوطنية، ولعل الجديد والأهم فيه هو خطر (داعش)، لذلك وجهنا عملنا وفق أطر ثلاثة هي دعم الحوار وتشخيص المسؤولين عنه وتفعيله، والثاني هو تدريب الأشخاص المعنيين بالحوار على طرق الحوار الفعال والإيجابي، والثالث هو تشخيص المشكلات ومن ثم فض النزاعات ومنع حدوثها».
محمد سلمان، مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون المصالحة الوطنية، أوضح في مداخلته أن الرئاسات الثلاث في العراق «على وشك إنجاز مبادرة ستنضج قريبا ستطلق في مؤتمر تحضره شخصيات سياسية، بينهم شخصيات من المعارضة المسلحة والمعارضين السياسيين، ويمكن وصفها بأنها من خيرة المبادرات حتى الآن، وإذا تم الاتفاق على مبادئها ستشكل لجنة تمثل الجميع لأخذ القرارات ووضعها حيز التنفيذ».
بدوره، أكد النائب هشام سهيل، رئيس لجنة المصالحة في البرلمان العراقي، أن «الأرضية اليوم متوفرة للمصالحة أكثر من السابق بسبب تهديدات (داعش) الإرهابية (...) إذ إن الجميع متفق على خطورتها على العراق والعالم أجمع».
أما شيروان الوائلي، مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الأمن، فيرى أن المصالحة الوطنية «تشكل الدعامة الأساسية في بناء النظام السياسي الجديد، لأن الانتقال من النظام الشمولي إلى الديمقراطي يتطلب وحدة وطنية». وتابع: «مبدأنا الأول في المصالحة الوطنية هو تقليل جبهة المتضررين من النظام السابق بشرط عدم التعدي على حقوق المتضررين من ذلك النظام»، لافتا إلى أن «هناك فرقا بين المعارض للعملية السياسية وغير المعترف بها، ولدينا الآن وجهة نظر معتدلة تجاه الخصوم».
وشددت د. وحدة الجميلي، مستشارة رئيس الجمهورية لشؤون المصالحة الوطنية، خلال حديثها في الجلسة على «أهمية الإرادة السياسية الحقيقية للمصالحة، وكذلك وجود أشخاص لتنفيذها ومشاريع قوانين للشروع بها».
أما النائب حامد المطلك فقال: «نحتاج اليوم إلى مفهوم وقيم للمواطنة الحقيقية، وتعديل قوانين سبق أن شرعت لكنها لا تحترم حق الإنسان في الحياة، من بينها قوانين المساءلة والعدالة والمخبر السري و(المادة 4 إرهاب) التي أساءت إلى كثيرين بسبب سوء التطبيق». وختم الجلسة الدكتور عامر الفياض، عميد كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد، قائلا: «إن المصالحة هي عملية سياسية بامتياز، وليست غير ذلك، ولا بد من تهيئة مستلزماتها، مثل قانون الأحزاب الذي يحرم الميليشيات المنضوية تحتها ويضمن إجراء انتخابات نزيهة لاختيار قادتها، وكذلك أن يكون تمويلها معروفا للجميع».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».