تفشٍ واسع لنزلات البرد في صنعاء يقابله غياب الخدمات الصحية

عامل قمامة في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
عامل قمامة في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT
20

تفشٍ واسع لنزلات البرد في صنعاء يقابله غياب الخدمات الصحية

عامل قمامة في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
عامل قمامة في صنعاء أمس (إ.ب.أ)

ذكرت مصادر طبية في صنعاء ومناطق أخرى يسيطر عليها الحوثيون المدعومون من إيران أن الجماعة كثّفت من أعمال النهب الموجهة إلى القطاع الطبي، بالتزامن مع تفشي موجة واسعة من نزلات البرد والالتهابات الصدرية، يقابلها غياب للرعاية الصحية بسبب إهمال الجماعة وسوء إدارتها للمرافق.
وبسبب تدني درجة الحرارة إلى مستويات قياسية، اتجه قياديون ومشرفون حوثيون إلى استثمار الأوضاع لجني الأموال، إذ استحدثوا صيدليات مركزية تابعة لهم داخل المشافي والمجمعات الصحية الحكومية في صنعاء تبيع الأدوية بأسعار مضاعفة.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «الجماعة سارعت إلى إعداد خطة ممنهجة تتضمن بمرحلتها الأولى استحداث صيدليات لبيع الدواء داخل مستشفى الثورة العام والمستشفى الجمهوري ومستشفى 48 وعدد من المجمعات والمراكز الطبية في صنعاء، بغية التربح من وراء معاناة المرضى اليمنيين وأوجاعهم».
وفيما اعتبرت المصادر الطبية أن ذلك التوجه «يندرج في سياق مساعي الجماعة للاستحواذ على ما تبقى من قطاع الدواء بمناطق سيطرتها»، أكد أطباء وعاملون في مستشفيات حكومية في صنعاء زيادة انتشار الانفلونزا الموسمية بسبب موجة البرد الشديدة. وقالوا إن أعداداً كبيرة من المرضى؛ خصوصاً من صغار السن والنساء، لا يزالون يتوافدون بشكل يومي وعلى مدار الساعة إلى مستشفيات حكومية عدة بهدف الحصول على الرعاية الطبية اللازمة.
وعادة مع دخول فصل الشتاء من كل عام واشتداد موجة البرد القارس، يبدأ اليمنيون بمن فيهم النازحون بمناطق سيطرة الجماعة بالولوج في أتون معاناة وأوجاع وآلام جديدة، في ظل وضع معيشي هو في الأساس سيئ ومتدهور ويحاولون فيه البقاء على قيد الحياة ما استطاعوا.
وشكا سكان في العاصمة لـ«الشرق الأوسط» من أن أمراض البرد وغيرها لا تزال تفتك بأطفالهم ونسائهم في ظل انعدام كامل للخدمات الصحية في أغلب المستشفيات والمرافق الصحية الحكومية التي تسيطر عليها وتديرها الميليشيات الحوثية.
وعلى مقربة من بوابات إحدى المشافي الحكومية في صنعاء، يصطف العشرات من المرضى ممن يعانون من رشح وسعال وآلام بمناطق متفرقة من أجسامهم، ويعتقد أنهم تعرضوا لضربات برد شديدة خلال الأيام القليلة الماضية.
وأكد زكريا، الذي اكتفى باسمه الأول، صعوبة الحصول على الرعاية الصحية في المؤسسات الحكومية، بسبب «فساد الميليشيات التي قادت ارتفاع أسعار الخدمات الصحية والدواء بعموم المشافي والمراكز الطبية الحكومية في صنعاء».
وأوضح أنه يحتاج في اليوم إلى أكثر من 20 ألف ريال للإنفاق على الأدوية له ولأولاده الثلاثة الذين أصيبوا بنزلات برد شديدة، بسبب الإجراءات التعسفية التي فرضتها الجماعة داخل المستشفيات والمرافق الصحية (الدولار نحو 600 ريال).
وبحسب عاملين في القطاع الصحي بصنعاء، فإن إيرادات المشافي والمجمعات الطبية الحكومية في العاصمة والمدن الأخرى الواقعة تحت سيطرة الجماعة، تصل يومياً إلى عشرات الملايين من الريالات، وجميعها تخصصها الميليشيات لصالح استمرار عملياتها العسكرية وحربها العبثية ضد اليمنيين.
ويتوقع الأطباء أن تكون الحالات المصابة بأنفلونزا الشتاء الموسمية خلال هذا العام هي الأقسى بمناطق سيطرة الميليشيات في ظل غياب أي خطط لمساعدة السكان والموظفين الذين توقفت رواتبهم.
وفيما يؤكد مراقبون محليون أن اليمنيين بمناطق سيطرة الجماعة لا يزالون يتعرضون لمعاناة مستمرة وصلت إلى حد المآسي الإنسانية سواء في الجانب الصحي أو الخدمي أو الاقتصادي والمعيشي، تطلق الأمم المتحدة بشكل مستمر التحذيرات من أن اليمن يقترب من أزمة إنسانية غير مسبوقة.
وفي آخر بيان لها عن اليمن، حذرت الأمم المتحدة من وفاة مئات الآلاف من الأطفال بسبب الجوع خلال الأشهر المقبلة. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن «أوتشا» عبر موقع التدوين المصغر «تويتر» إنه «من دون اتخاذ إجراء عاجل، سيموت مئات الآلاف من أطفال اليمن، خلال الأشهر المقبلة».


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق هل زبدة الفول السوداني مصدر غني بالبروتين؟ (رويترز)

البروتين من أهم المغذيات للجسم... لكن هل زبدة الفول السوداني مصدر جيد؟

البروتين من المغذيات الكبرى الأكثر اهتماماً بها وتدور النقاشات عن التغذية على الإنترنت مؤخراً لمعرفة الكمية الكافية من البروتين يومياً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق هناك نوع من القلق الإيجابي الذي قد يكون مفيداً للصحة (أ.ف.ب)

متى يكون القلق إيجابياً ومفيداً؟

يُنظَر عموماً إلى القلق على أنه أمر سلبي وضارّ بالصحتين النفسية والجسدية، وهي النظرة التي أكد خبير علم النفس الأميركي جيف كراسنو عدم صحتها في كثير من الأحيان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق مرض الزوجة يؤثر سلباً على العلاقة الزوجية (رويترز)

دراسة: مرض الزوجة يزيد خطر الطلاق

أظهرت دراسة جديدة أن مرض الزوجة يؤثر سلباً على العلاقة الزوجية ويزيد من خطر الطلاق بشكل أكبر من تأثير مرض الزوج على هذه العلاقة.

«الشرق الأوسط» (روما)
صحتك الشعور بالحنين للماضي قد يكون مفيداً للصحة (أ.ف.ب)

«الحنين إلى الماضي» قد يكون مفيداً لصحتك

وجدت دراسة جديدة أن الشعور بالحنين للماضي قد يكون مفيداً للصحة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

فرض إتاوات في صنعاء على العاملين بقطاع الكهرباء الخاصة

مبنى وزارة الكهرباء والطاقة اليمنية الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إعلام محلي)
مبنى وزارة الكهرباء والطاقة اليمنية الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إعلام محلي)
TT
20

فرض إتاوات في صنعاء على العاملين بقطاع الكهرباء الخاصة

مبنى وزارة الكهرباء والطاقة اليمنية الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إعلام محلي)
مبنى وزارة الكهرباء والطاقة اليمنية الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إعلام محلي)

لم تكتفِ الجماعة الحوثية بفصل مئات الموظفين من أعمالهم في قطاع الكهرباء العمومية في العاصمة المختطفة صنعاء بعد حرمانهم منذ سنوات من رواتبهم، بل وسَّعت من حجم ذلك الاستهداف بإجراءات تعسفية جديدة تضيق على عملهم في قطاع الكهرباء التجارية الخاصة.

وكشفت مصادر مطلعة عن صدور تعميمات حوثية تُلزِم ملاك محطات توليد الطاقة التجارية في صنعاء وضواحيها بتقديم كشوف تفصيلية تحوي أسماء وبيانات جميع العاملين لديها، ممَّن كانوا ينتسبون قبل تسريحهم من وظائفهم إلى وزارة ومؤسسة الكهرباء الحكومية.

وكان كثير من مهندسي الكهرباء، وهم من ذوي الخبرات بمجال الطاقة الكهربائية لجأوا إلى العمل في محطات توليد الكهرباء التجارية بصنعاء ومدن أخرى، من أجل تأمين العيش، خصوصاً بعد مصادرة الجماعة رواتبهم منذ سنوات عدة.

ويسعى الانقلابيون من وراء ذلك التحرك، بحسب المصادر، إلى ابتزاز أصحاب محطات الكهرباء التجارية، وإرغامهم على دفع أموال تحت مسمى «بدل خبرات وكفاءات» عن كل موظف أو مهندس ممَّن سبق للجماعة أن فصلته من وظيفته، وحلت بآخر من أتباعها مكانه.

عنصر حوثي خلال تفقده عداداً كهربائياً في صنعاء (إعلام حوثي)
عنصر حوثي خلال تفقده عداداً كهربائياً في صنعاء (إعلام حوثي)

وأفادت المصادر بأن ما تُسمى «وزارة الكهرباء» بالحكومة الحوثية غير المعترف بها دولياً والمؤسسة التابعة لها، تتهمان مُلاك محطات توليد الطاقة التجارية في صنعاء، بسرقة أصحاب الكفاءات والخبرات الذين كانوا ينتسبون إليهما، كما تزعم بأنها أنفقت الأموال في سبيل إقامة دورات وبرامج تدريب لمَن كانوا ينتسبون إليها، قبل أن تقوم الجماعة بتسريحهم من أعمالهم.

وكانت الجماعة أقدمت قبل سنوات على تسريح نحو 1000 موظف ومهندس وعامل من وظائفهم في مؤسسة الكهرباء وديوان عام الوزارة في الحكومة غير الشرعية بصنعاء، بذريعة عدم التزامهم بحضور دورات التعبئة والتطييف.

تضييق وحرمان

يبدي أمين، وهو اسم مستعار لمهندس سابق في مؤسسة الكهرباء الخاضعة للجماعة الحوثية بصنعاء، استنكاره للتحرك الذي يهدف لابتزاز ملاك المحطات التجارية، بالإضافة إلى قطع أرزاق العمال وحرمانهم من العمل في القطاع الخاص.

وذكر أمين، الذي يعمل بمحطة تجارية في مديرية معين، أن مندوبين حوثيين أبلغوا مالك المحطة خلال نزولهم الميداني، بوجود تعليمات تطالبهم بتقديم بيانات تفصيلية عن العاملين من منتسبي قطاع الكهرباء العمومي، تشمل أرقامهم، وأماكن سكنهم، وحجم المستحقات المالية التي يتقاضونها.

مبنى المؤسسة العامة للكهرباء الخاضعة للجماعة الحوثية في صنعاء (فيسبوك)
مبنى المؤسسة العامة للكهرباء الخاضعة للجماعة الحوثية في صنعاء (فيسبوك)

ويعتقد المهندس أن الجماعة تنوي ابتزاز محطات الكهرباء الأهلية وإرغام أصحابها على دفع إتاوات عن كل مهندس أو موظف يعمل لديها، وكان ضمن المنتسبين إلى قطاع الكهرباء العمومي الخاضع لها.

ويقول عاملون آخرون في محطات تجارية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إن الجماعة تريد تجويعهم والتضييق عليهم رداً على رفضهم المشارَكة ببرامج تعبوية تقيمها الجماعة لجميع فئات المجتمع.

من جهته أكد مالك محطة كهرباء تجارية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إلزامه من قبل عناصر حوثيين قبل أيام بدفع مبلغ مالي عن كل مهندس أو عامل تم تسريحه في أوقات سابقة من مؤسسة الكهرباء العمومية.

وسبق للجماعة أن نفَّذت قبل أسابيع قليلة حملات تعسف طالت عشرات المحطات التجارية في المنطقتين الثانية والثالثة في صنعاء، بحجة عدم التزام ملاكها بالتسعيرة المقررة، وإلغاء ما يُسمى «الاشتراك الشهري».

كما أقدم الانقلابيون الحوثيون في منتصف 2018 - ضمن مساعيهم الحثيثة لخصخصة المؤسسات الحكومية بمناطق سيطرتهم - على خصخصة محطات الكهرباء الحكومية، حيث حوَّلوها إلى قطاع تجاري خاص.