الكاظمي يوجه مجدداً القوات العراقية بضبط الحدود مع سوريا

بعد تزايد الخروقات وعمليات التسلل من قبل عناصر «داعش»

الكاظمي يوجه مجدداً القوات العراقية بضبط الحدود مع سوريا
TT

الكاظمي يوجه مجدداً القوات العراقية بضبط الحدود مع سوريا

الكاظمي يوجه مجدداً القوات العراقية بضبط الحدود مع سوريا

أعلن اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أن الأخير أصدر توجيهاً يقضي باتخاذ أقصى الإجراءات الخاصة بمسك الحدود مع الجانب السوري. ويبلغ طول الحدود العراقية من جهة سوريا أكثر من 600 كم. وفيما كان دخل تنظيم «داعش» من الأراضي السورية عام 2014 ليحتل نحو 4 محافظات عراقية تشكل أكثر من 40 في المائة من مساحة العراق، فإن عمليات التسلل من جانب التنظيم مستمرة برغم إعلان العراق انتصاره عسكرياً عليه أواخر عام 2017.
وقال اللواء رسول في تصريح نقلته الوكالة الرسمية للأنباء في العراق أن «القوات الأمنية تعمل بجد ومثابرة، وهناك متابعة وتوجيه من القائد العام للقوات المسلحة بضرورة مسك الحدود خاصة مع الجانب السوري». وأوضح رسول أن «القوات الأمنية تركز بعملياتها الاستباقية على مناطق شمال شرقي سوريا»، مبيناً أن «تلك المناطق لا تحتوي على قوات نظامية تابعة للجيش السوري وإنما يوجد فيها العديد من المجاميع الإرهابية». وأشار رسول إلى أن «عمليات التحصين والتحكم جارية بشكل كبير مع الجارة سوريا لملاحقة ما تبقى من بعض العصابات الإرهابية وفلولها في الأراضي العراقية، حيث إن العمليات الاستباقية حققت نتائج إيجابية في مطاردتهم».
وبشأن تكرار التوجيهات الخاصة بمسك الحدود مع سوريا وأسبابها، أكد الدكتور معتز محيي الدين، الخبير الاستراتيجي ورئيس المركز الجمهوري للدراسات السياسية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مسألة ضبط الحدود مع سوريا باتت إحدى الشواغل للحكومة العراقية حيث إن الكاظمي سبق له أن وجه الأجهزة الأمنية المعنية بضبط الحدود مع الجانب السوري، وبالفعل فقد قامت القوات الأمنية العراقية بعمليات في أوقات مختلفة منذ العام الماضي وحتى اليوم». وأضاف أن «كون الحدود العراقية مع سوريا طويلة نسبياً فإنها تحتاج دوماً إلى مراقبة وإعادة ضبط، وكانت هناك تصريحات رسمية لمسؤولين عسكريين عراقيين عن أن هذه الحدود مؤمنة ومراقبة بشكل جيد سواء من خلال نقاط المراقبة أو السواتر الترابية وسواها، علماً بأن كل هذه الأمور لا تؤمن الحدود بشكل كامل».
وأكد محيي الدين أن «الأمر يتطلب في الواقع اتفاقاً مع الجانب السوري حتى نستطيع القول إن الحدود تم تأمينها بينما الوضع في سوريا يختلف، حيث إن الجيش السوري لا يملك السيطرة على هذه المناطق الشاسعة بعد سقوط ثلاث محافظات سورية باتت موزعة بين الأتراك وبين القيادات السورية المنشقة وبين الأكراد وقوات أميركية، وبالتالي فإن هناك صراعاً على مسك الأرض بين هذه الفعاليات في الداخل السوري فضلاً عن الضربات الجوية التي استهدفت الحدود من قبل طائرات مجهولة، وقد استهدفت قيادات ومواقع وأماكن لوجود قوات الحشد الشعبي». وأوضح محيي أنه «لهذه الأسباب والعوامل فإن هذه الحدود لا تزال مسألة معقدة لكل الأطراف التي أشرنا إليها سواء كانت التركية أو الكردية أو حتى العراقية ومنها قوات الفصائل في مناطق البوكمال وغيرها وهو ما يعني أننا أمام عملية معقدة من ناحية ضبط هذه الحدود».
وبعيداً عن الحدود العراقية - السورية وقريباً مع الحدود مع إيران من جهة محافظة ديالى، فإن البرلمان العراقي يتجه لاستضافة وزيري الداخلية، عثمان الغانمي، والدفاع، جمعة عناد، ورئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، من أجل مناقشة الواقع الأمني في المحافظة. وقال النائب عن محافظة ديالى مضر الكروي إن «ملف أمن ديالى وصل إلى مرحلة معقدة مع تنامي معدلات الخروقات الأمنية، خاصة في المناطق المحررة سواء في ناحية جلولاء أو المناطق القريبة منها، إضافة إلى عدم وجود بوادر لحصر السلاح ووجود قوى متنفذة تفرض الإتاوات على الطرق الرئيسية».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.