انقضاض الليكود على أصوات العرب يدفع «المشتركة» إلى التلاحم

الشرطة الإسرائيلية تتصدى لعرب احتجوا على زيارة نتنياهو للناصرة الأربعاء (رويترز)
الشرطة الإسرائيلية تتصدى لعرب احتجوا على زيارة نتنياهو للناصرة الأربعاء (رويترز)
TT

انقضاض الليكود على أصوات العرب يدفع «المشتركة» إلى التلاحم

الشرطة الإسرائيلية تتصدى لعرب احتجوا على زيارة نتنياهو للناصرة الأربعاء (رويترز)
الشرطة الإسرائيلية تتصدى لعرب احتجوا على زيارة نتنياهو للناصرة الأربعاء (رويترز)

أدى الانقضاض المفاجئ لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزراؤه، على البلدات العربية (لفلسطينيي 48)، بحثا عن الأصوات في الانتخابات القادمة، إلى استفزاز الأحزاب الوطنية الأربعة التي تشكل «القائمة المشتركة»، فانطلقت مساع مكثفة لإعادة اللحمة إلى صفوفها ووقف التراجع في شعبيتها.
وقال مصدر في المشتركة، إن الساعات الأخيرة شهدت حراكا واسعا في قيادة هذه الأحزاب لتسوية الخلافات الناشئة فيها وإعادة الزخم الشعبي لنشاطها، حتى تحافظ على قوتها في الكنيست (15 مقعدا). وأصدرت «لجنة الوفاق الوطني»، المعروفة بكونها الجسم الوحدوي الذي وقف وراء تشكيل «القائمة المشتركة»، أمس الخميس، بيانا حذرت فيه من «الحملة المكثفة لبنيامين نتنياهو ورموز حزبه ومن لف لفهم من أبناء جلدتنا، لضرب هذه القائمة». ودعت لجنة الوفاق كل مكونات القائمة المشتركة إلى «إيقاف المناكفة الشخصية والحزبية، فوراً، والاحتكام للعقل الراشد الوازن، وذلك للحفاظ على لحمة واستمرارية هذا المشروع الذي هو مشروع الجماهير أولاً وأخيراً» ودعت «كل من دخل المشتركة على الأسس التي أقيمت عليها، أن يحترم هذه الأسس والقواعد بحذافيرها، بلا أي تأويلات من شأنها شق الصف وزيادة الفرقة». وأكدت على أنّ الأسس التي قامت عليها المشتركة واضحة وثابتة، ورسوخها مستمد من الثقة الجارفة التي منحتها الجماهير التي صوتت بأغلبيتها للوحدة والثوابت وليس لأجندات شخصية أو فئوية. وأضاف البيان أن «القائمة المشتركة، مشروع ولد ليبقى وليتسع وليفتح الأبواب والشبابيك لكل أبناء شعبنا المؤمنين بأهداف ومرامي وطموحات المشروع، وهي ليست نادياً مغلقاً ولا حكرا على مجموعات دون غيرها. فلنغلب مصلحتنا الوطنية والوجودية فوق كل مصلحة ولنبدأ مشروع التفاهم والتعايش واحترام المختلف قبل فوات الأوان».
وكانت زيارة نتنياهو لمدينة الناصرة، أول من أمس، قد أثارت ضجة كبيرة في إسرائيل، بين اليهود والعرب على السواء، ففي الوسط اليهودي اعتبرتها المعارضة نفاقا لن يحقق شيئا. واعتبرها اليمين «محاولة ذكية من نتنياهو يستغل عبرها التراجع في قوة القائمة المشتركة، التي كانت قد نجحت خلال 3 معارك انتخابية منذ مطلع 2019 في إجهاض جهود نتنياهو لتشكيل حكومة يمين متطرف». وقال رئيس حزب اليهود الروس، «يسرائيل بيتينو»، أفيغدور ليبرمان، إن «نتنياهو يخوض معركة لا علاقة لها باليهود أو العرب، إنما يريد كسب الانتخابات حتى يقيم حكومة توفر له فرص التهرب من المحكمة، لا يهمه أي سلالم يدوس عليها. عنده الآن الأحزاب الدينية اليهودية. وأصبح لديه تحالف مع الحركة الإسلامية. ويجرب حظه مع المجتمع العربي. وفي سبيل غاياته، ليست لديه مشكلة في تعيين خالد مشعل وزيرا في حكومته».
ورد الليكود ببيان، نفى فيه أنه يقيم علاقات مع الحركة الإسلامية أو أي عنصر آخر في القائمة المشتركة، وقال وزير شؤون الاستيطان، تساحي هنغبي، من الليكود، خلال مقابلة مع إذاعة الجيش «غالي تساهل»، الخميس: «نحن لا ننسق مع منصور عباس أو الحركة الإسلامية. بل نرفض قائمة بقيادة منصور عباس، حتّى وإن كان أكثر اعتدالاً، فهو جزء من منظومة معادية لفكرة الهوية القومية اليهودية في البلاد». وجاء في بيان رسمي لحزب الليكود، بهذا الشأن: «لن نشكل حكومة مع منصور عباس أو القائمة المشتركة، ولن نعتمد عليهم بعد معارضتهم اتفاقيات السلام مع الإمارات والبحرين التي تقرب بين اليهود والعرب. المواطنون العرب في إسرائيل يؤيدون الليكود بقيادة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو».
وأما في المجتمع العربي في إسرائيل، فقد استمر التفاعل مع زيارة نتنياهو من خلال متابعة ضحايا الاعتداء الذي نفذته الشرطة على من تظاهروا احتجاجا على هذه الزيارة، التي استغلها نتنياهو لمحاولة كسب أصوات العرب، وتهجم خلالها على القائمة المشتركة. فقد أحالت الشرطة 11 معتقلا من المتظاهرين إلى المحكمة طالبة تمديد اعتقالهم لسبعة أيام أخرى، بتهمة عرقلة عمل الشرطة. وكان بين الموقوفين، مصابان بجروح بليغة تبين أن الشرطة رفضت أخذهما للعلاج. وقد رفضت محكمة الصلح في الناصرة طلب الشرطة وأطلقت سراحهم جميعا، بإحالة بعضهم إلى الحبس المنزلي لمدة 3 أيام والتوقيع على كفالة شخصية تراوحت بين 3 - 5 آلاف شيقل، وحررت الآخرين من دون أي شروط. وقالت المحامية نريمان شحادة - زعبي، التي مثلت مركز عدالة القانوني في الدفاع عن المعتقلين، إن «الاعتقال غير قانوني وبعيد عن المنطق والحقائق».
في السياق، دعت اللجنة الشعبية في أم الفحم، أمس، رئيس البلدية، سمير محاميد، إلى التراجع عن دعوة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لزيارة المدينة. وجاء في بيان أصدرته اللجنة، أنه «تم تداول رسالة وجهتها بلدية أم الفحم، لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، لزيارة أم الفحم، تدعوه فيها لزيارة المدينة والإعلان عن مخطط لمكافحة العنف»، لافتة إلى أن «أي مخطط حكومي لا بد أن يمر بعدة تصويتات في الكنيست والحكومة حتى يتم إقراره، وليس قرارا فرديا لنتنياهو، ناهيك من أن الأخير يصرح منذ سنوات بخطط وقرارات لم يطبَّق منها شيء».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».