مخاوف لبنانية من الخروقات الجوية الإسرائيلية المتزايدة

تحضيراً لقصف مواقع سورية أو محاولة لاستفزاز «حزب الله»

TT

مخاوف لبنانية من الخروقات الجوية الإسرائيلية المتزايدة

ارتفع عدد الخروقات الجوية الإسرائيلية في أجواء لبنان، خلال الأيام الماضية، إلى مستوى قياسي أثار الرعب في الأوساط اللبنانية من احتمال التحضيرات لحرب، ودفع السلطات اللبنانية لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي.
ومنذ أيام، تحلق طائرات حربية إسرائيلية على علو منخفض في الأجواء اللبنانية، والتقط ناشطون مقاطع فيديو تظهر الطائرات بوضوح، وتتضارب التقديرات حول أهداف تلك الخروقات بين من يعتقد أنها تتكثف قبل تنفيذ سلاح الجو الإسرائيلي ضربات في العمق السوري انطلاقاً من الأجواء اللبنانية، وبين من يعدّها مؤشرات على حرب يتخوف منها الجميع، ولم يستبعدها «حزب الله»، في الأيام الأخيرة من ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
ورغم المخاوف الشعبية التي برزت في المداولات الإعلامية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، فإنه برز في المقابل اعتقاد يربط بين الطلعات الجوية والضربات في سوريا، ليصل إلى التقدير بأن ما يجري هو مناورات تقيس بها الطائرات الإسرائيلية ارتفاعات التحليق التي تبقيها بمأمن من الدفاعات الجوية السورية، فضلاً عن المدة الزمنية التي تحتاجها للعودة إلى قواعدها بعد تنفيذ الضربات، مقروناً بدراسة مستوى الارتفاع أثناء العودة.
لكن رئيس «مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية»، الدكتور هشام جابر، يرفض اختزال الخروقات الجوية في السبب السوري، متحدثاً عن «3 أسباب دفعت بإسرائيل لتكثيف طلعاتها الجوية فوق الأراضي اللبنانية، والتي تتنوع بين طائرات حربية، ومقاتلات وقاذفات، وطائرات مسيّرة»، مشيراً إلى أن «الحديث عن مناورات فقط (غير دقيق)، بالنظر إلى أن الطائرات الحربية الإسرائيلية تحتاج إلى 3 دقائق فقط للعودة إلى قواعدها بعد تنفيذ ضربات في سوريا»، من غير أن ينفي أن تلك الطائرات تحدّث معلوماتها قبل موعد توجيه الضربات في الداخل السوري وتجمع القياسات والحسابات لتتأكد من حجم الهدف وبقائه.
ويوضح جابر لـ«الشرق الأوسط» أن الأسباب اللبنانية للخروقات يتمثل أولها في «خوض حرب نفسية ضد (حزب الله)، وإظهار أنها قادرة على تنفيذ أي عملية في أي نقطة داخل الأراضي اللبنانية في حال بادر (الحزب) إلى حرب»، وذلك بعد تهديد «الحزب» في أغسطس (آب) الماضي بأنه سيثأر لمقتل أحد عناصره في سوريا بقتل جندي على الحدود. ويشير إلى السبب الثاني الذي «يتمثل في محاولة إسرائيل استفزاز أنظمة الدفاع الجوي التي تعتقد أنها موجودة لدى (حزب الله)، وهو ما تتحدث عنه مراكز الدراسات الإسرائيلية». ويشرح جابر، وهو عميد ركن متقاعد من الجيش اللبناني: «الطائرات الإسرائيلية متطورة وتتضمن مراقبة وتشويشاً، وفي حال رصدت أي حركة لأنظمة دفاع جوي لـ(حزب الله)، تستطيع أن تتعرف على نوعها وحجمها وإمكاناتها».
ووثق الجيش اللبناني يوم الثلاثاء 4 خروق جوية من قبل طائرات حربية إسرائيلية، تخللها تنفيذ طيران دائري فوق مناطق الجنوب ومدينة جبيل. وتحدث اللبنانيون عن سماع أصوات الطائرات بشكل واضح فوق بيروت وجبل لبنان. كما تحدث الجيش عن تسجيل 3 خروق جوية من قبل طائرات استطلاع. وقالت قيادته إنها تتابع موضوع الخروقات بالتنسيق مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان.
ويقول جابر إن «جزءاً من التحليق في الأجواء اللبنانية، مرتبط بضربات إسرائيلية في مناطق سورية قريبة من الحدود اللبنانية، حيث تستخدم إسرائيل الأجواء اللبنانية لقصف أهداف في أرياف دمشق وحمص واللاذقية». ويقول إنه «كلما كانت المسافة أقصر، كان الهدف أدق، واحتمال اعتراض الصواريخ أقل، خلافاً لما هو عليه الوضع إذا ضربت من فوق البحر بصواريخ (جو – أرض) بعيدة المدى».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».