تقرر إحالة أكثر من مائة شخص من التجار والمسؤولين في شركات تجارة الألماس في مدينة أنتويرب، حيث يوجد المركز العالمي للألماس، إلى المحكمة الجنائية في أكبر جريمة احتيال وتزوير في تجارة الألماس التي تشتهر بها المدينة، التي تقع شمال البلاد.
وقالت صحيفة «تايد» الاقتصادية البلجيكية إن فريقا من الدفاع سيتولى مهمته في مارس (آذار) القادم أمام القضاة في محكمة أنتويرب الجنائية، أثناء النظر في القضية التي سيحاكم فيها 103 أشخاص من التجار والشركات وصناع الألماس، ومنهم ديليب ميهيتا من شركة «روزي بلو»، وهي ثاني أكبر شركة للألماس في أنتويرب، وفيليب بارسميان الذي كان حتى وقت قريب نائب رئيس اتحاد أنتويرب لتجارة الألماس في المركز العالمي للألماس الذي تحتضنه المدينة وفيه أكبر بورصة لتجارة الألماس.
ووفقا للصحيفة هناك عمليات احتيال وتزوير لمنتجات تصل قيمتها إلى مليار دولار، وقامت قوات الشرطة أثناء عمليات البحث بالتحفظ على أحجار من ألماس تصل قيمتها إلى عشرات الملايين من اليوروات، وهي الآن لدى سلطات التحقيق الجنائي.
ومن وجهة نظر البعض هنا في بلجيكا، تعتبر أنتويرب عاصمة الألماس في العالم، إذ يوجد بها أكبر بورصة للألماس على مستوى العالم، ويتم فيها عمليات الصقل والتجارة في ما يقرب من 90 في المائة من تجارة الألماس.
وتتركز التجارة والبورصة في المنطقة القريبة من محطة القطار الرئيسية بالمدينة، إذ تنتشر معظم محلات بيع الألماس ومعظمها لليهود الذين يعيشون بالقرب من المكان، وأيضا يعمل في البورصة أعداد كبيرة من الهنود والباكستانيين وجنسيات أخرى.
وقبل عامين أعلن مركز أنتويرب العالمي للألماس (البورصة العالمية) عن خشيته من تداعيات حادث السطو الذي تعرضت له شحنة من الألماس تقدر قيمتها بـ50 مليون يورو في مطار بروكسل، على الوضعية العالمية لمركز أنتويرب للألماس، وباسمه تحدثت كارولين ديولف وقالت إن المركز طالب السلطات في مطار بروكسل بضمانات مستقبلية، لتفادي تكرار ما حدث. وأشارت ديولف في تصريحات نقلها الإعلام البلجيكي إلى أن أنتويرب «من أكبر مراكز الألماس في العالم وبالتالي عليها أن تقوم بنقل أحجار الألماس إلى مناطق أخرى من العالم، والمركز يسعى دائما إلى توفير أعلى درجات التأمين والأمان لعملية نقل أي شحنة ألماس، ولهذا اخترنا الطائرة كوسيلة لنقل الشحنة التي تعرضت للسطو المسلح، ونحن دهشون للغاية مما حدث».
وحذرت المسؤولة في المركز العالمي للألماس في أنتويرب من تداعيات ما حدث، وقالت: «نأمل في أن يكون هناك بطريقة أو بأخرى ضمانات من أجل تفادي تكرار الحادث مستقبلا، لأن الفرصة حقيقية في أن يشكل ذلك خطرا أو مشكلة حقيقية لوضعية أنتويرب العالمية، وخصوصا أن مراكز الألماس الأخرى تراقب ما يحدث ووضعيتنا كرقم واحد في العالم يطمع فيه آخرون وهم كثر.. وأتمنى أن لا يؤثر ما حدث على منافسة أنتويرب».
وقالت تقارير إعلامية غربية إنه ورغم وقوع هذه المدينة البلجيكية المطلة على ميناء، في غرام الألماس منذ قرون، فإن العلاقة بينهما يبدو أنها قد أصابها الفتور مؤخرا.
وأخذت صناعة قطع وصقل الألماس المربحة ذات العمالة الكثيفة لسنوات تتجه نحو المراكز التي بها عمالة رخيصة الثمن في الدول النامية، مثل مومباي ودبي وشنغهاي.
وما ينذر بالسوء أيضا مواجهة تجار الألماس خلال السنوات القليلة الماضية اتهامات مختلفة، منها التهرب الضريبي، وغسل الأموال، والغش في الجمارك، عند شراء وبيع أحجار الألماس.
وأدرك أقطاب هذه الصناعة الخطر، مما دفعهم إلى تنظيم ما وصفته الصحف المحلية بـ«الهجوم الجذاب» خلال عام 2012. ووضع المركز العالمي للألماس خططا لاستعادة اهتمام رجال الأعمال بهذه المدينة من خلال برنامج مكون من 160 صفحة حمل اسم «مشروع 2020» يهدف إلى تبسيط وتشجيع التجارة من خلال أنظمة على الإنترنت. وتأمل الصناعة أن يساعدها ذلك على استعادة بعض من بريق صقل الألماس الذي فقدته لصالح الدول الآسيوية من خلال تكنولوجيا جديدة، مثل ماكينات صقل الألماس التي تعمل ذاتيا بشكل كامل، وتلميع صورة مجال صناعة الألماس أمام الرأي العام الذي ينتقدها بشدة.
ويعمل في السوق نحو 8 آلاف عامل، لكنهم يوفرون فرص عمل بشكل غير مباشر لـ26 ألفا آخرين، مثل موظفي التأمين والمصرفيين وأفراد الأمن والسائقين. وشهد عام 2011 تحولا كبيرا في صناعة الألماس المحلية التي وصل حجمها إلى 56 مليار دولار في أفضل أعوامها. ويفد على المدينة أناس من 70 دولة، من بينها الهند وإسرائيل ولبنان وروسيا والصين، فضلا عن دول أخرى.
ويقول البعض هنا إن عولمة هذه التجارة فتحت الباب أمام الاستغلال السيئ، فقد خضعت شركة «أوميغا» للألماس، وهي من كبار صناع السوق، للتحقيق، وفر مسؤولوها من بلجيكا عندما كشف موظف سابق بها عام 2006 كيف كانت الشركة لسنوات تشتري الألماس من أفريقيا وتتحاشى دفع الضرائب عن طريق إبرام صفقات من خلال دبي وتل أبيب وجنيف، ثم إعادة الأرباح إلى بلجيكا. وقال هذا الموظف، وهو يدعى ديفيد رينوس (47 عاما): «بسبب التغيرات العالمية تغيرت الطرق التجارية. المراكز الجديدة مثل دبي وسنغافورة في الشرق الأوسط أحيانا ما تغض الطرف عن السلوكيات الإجرامية».
وقبل ذلك بعام، أي في عام 2005، ترددت مزاعم تقول إن شركة نقل سريع تقع في أنتويرب وتدعى «مونستري» للخدمات العالمية، التي كانت في وقت من الأوقات تمارس ما يشبه الاحتكار لعمليات توصيل الألماس، استغلت مناطق الإعفاء الجمركي في أماكن مثل جنيف في تهريب الأحجار. وفي عام 2009 بدأت تحقيقات في احتمال وجود تهرب ضريبي من جانب مئات من تجار الألماس، وكثير منهم في أنتويرب، ممن وردت أسماؤهم على قوائم أصحاب الحسابات في فرع المصرف البريطاني «إتش إس بي سي» في سويسرا.
وفي 2011، تم فتح عمليات استجواب مماثلة في الهند وفي أنتويرب، بعد أن سلم موقع «ويكيليكس» السلطات قوائم بأسماء مواطنين هنود، من بينهم عشرات من تجار الألماس ممن يمتلكون حسابات في مصارف سويسرية.
ولم تفضِ أي من هذه التحقيقات إلى محاكمات في أنتويرب، ناهيك بالإدانات. ويقول أليكس كيستينز، الذي قام بتغطية تلك القضايا لصحيفة «غازيت فان أنتويربين»، إن وكلاء النيابة في أنتويرب «يصبحون أبطأ ما يكون حينما يتعلق الأمر بالألماس»، خوفا من تلويث سمعة تجارة الألماس في أنتويرب.
بلجيكا: أكبر جريمة تزوير واحتيال في مدينة تجارة الماس
إحالة 100 شخص للمحكمة الجنائية
بلجيكا: أكبر جريمة تزوير واحتيال في مدينة تجارة الماس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة