استمرار الجدل حول «فيديو الكذب»... ورئاسة الجمهورية تعدّه «محرفاً»

اللقاء بين الرئيسين عون ودياب الذي تسرب منه «فيديو الكذب» (دالاتي ونهرا)
اللقاء بين الرئيسين عون ودياب الذي تسرب منه «فيديو الكذب» (دالاتي ونهرا)
TT

استمرار الجدل حول «فيديو الكذب»... ورئاسة الجمهورية تعدّه «محرفاً»

اللقاء بين الرئيسين عون ودياب الذي تسرب منه «فيديو الكذب» (دالاتي ونهرا)
اللقاء بين الرئيسين عون ودياب الذي تسرب منه «فيديو الكذب» (دالاتي ونهرا)

استمرت تداعيات الفيديو المسرّب لرئيس الجمهورية ميشال عون الذي اتهم فيه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بـ«الكذب»، عاكسة انقساماً عمودياً بين الأفرقاء، وتأكيداً لمأزق مسار تأليف الحكومة والعراقيل التي تحول دونه.
وبعد رده الأول غير المباشر على عون، نشر الحريري، أمس، قصيدة عبر حسابه على تطبيق «فيرو» تحمل عنوان: «إذا»، وتتضمن نصائح لكيفية التعاطي مع الأكاذيب والأضاليل، ومنها: «إذا كذبوا عليك فيما أنت لم تنغمس بالكذب، وكرهوك فيما أنت لم تفسح بالمجال أمام الكراهية، رغم ذلك لا تفرط بالنبل أو الحكمة...».
بدوره؛ وصف، أمس، النائب في «تيار المستقبل» محمد الحجار ما حكي أمس في الفيديو المسرب بـ«المعيب؛ سواء أكان متعمداً أم غير متعمد».
وأكد في حديث تلفزيوني أن الحريري يقوم بما يمليه ​عليه الدستور​، وهناك «3 لاءات» يستلزمها الموقف اليوم وضرورة إنقاذ البلد، «هي أنه لن يكون هناك ثلث معطل في حكومة اختصاصيين نزيهين مهمتهم الإصلاح والإنقاذ، ولا استسلام لمشيئة التعطيل التي يريد فريق العهد فرضها، ولا اعتذار».
وشدد على أن «المصلحة الوحيدة للبنان هي في تشكيل هذه الحكومة، وكل الحملات على الحريري هدفها وجود حكومة تحاصصية لا تتماشى مع مصلحة لبنان، ومصلحة لبنان هي في حكومة من دون حزبيين».
بدوره؛ كتب مستشار الحريري الإعلامي، حسين الوجه، عبر حسابه على «تويتر» قائلاً: «تصر دوائر القرار في قصر بعبدا على توريط رئيس الجمهورية بالملفات الخلافية وتسريب المواقف العشوائية على صورة الفيديو المهزلة الذي وزع أمس. هذا الكلام ضرب من ضروب الانقلاب على الدستور واستخدامه ورقة غب الطلب تعود بالبلاد إلى ما قبل (اتفاق الطائف)». وأضاف: «يعلم اللبنانيون أن أساس المشكلة موجود في دوائر القصر، وأن الرئيس الحريري ينتظر قراراً بإنهاء حالة الإنكار وفتح الباب أمام حكومة اختصاصيين تتصدى لخطر (كورونا) وتضع الحلول والإصلاحات فوق سكة الإنجاز، وخلاف ذلك معارك مع الأوهام ومحاولات لضرب المبادرة الفرنسية».
ولم تقتصر الردود على «المستقبل»؛ إذ، وعلى أثر البيان عالي اللهجة الذي أصدره «الحزب التقدمي الاشتراكي» واللقاء الديمقراطي رداً على الفيديو المسرب، قال النائب في «الاشتراكي» بلال عبد الله عبر «تويتر»: «البارحة سقطت بالضربة القاضية، عبر فيلم وثائقي قصير، مرشح لمهرجانات (كان)، نظرية (بَيّ الكلّ)، (والد الجميع، وهي التسمية التي تطلق على عون)... شعب لبنان اليتيم، يواجه بصدره العاري، وبدون سلطة، مصيره النازف دماً... لم يشهد تاريخ وطننا في أشد أزماته ومحنه هذا الانحدار... توقيت قاتل للانقلاب على (الطائف!!)».
وفي بيانه ربط «الاشتراكي» ما قاله عون في الفيديو بتصريحات النائب جبران باسيل قبل يوم واحد. وقال: «في مفارقة جديدة، استخدم رئيس الجمهورية المتحامل دوماً على الإعلام، الإعلامَ نفسه لتسريب حديثه مع رئيس حكومة تصريف الأعمال، فشكّل بذلك، شكلاً ومضموناً، الإهانة الكبرى ليس إلى موقع رئاسة الحكومة وحسب؛ بل إلى موقع رئاسة الجمهورية، وإشارة إلى مستوى الدرك السحيق الذي بلغته».
وأضاف: «جاء هذا الفيديو الفضيحة ليؤكد ما كان معروفاً سلفاً قبل التكليف من خلال رسالة رئيس الجمهورية التحذيرية إلى النواب، وهو ما عاد وأثبته كل مسار التأليف، بأنه وفريقه لا يريدون سعد الحريري لتشكيل الحكومة؛ إذ على ما يبدو بالنسبة إلى فريق الممانعة؛ إمّا أن تُشكّل الحكومة كما يريدون، أو فلا حكومة، ليستمروا بالحكم كما يريدون من خلال هذه الحكومة. فهل يعي المعنيون في الجهة الأخرى هذه الحقيقة، خصوصاً بعد ما جرى اليوم؟ (أمس)».
وتوقف البيان عند موقف رئيس حكومة تصريف الأعمال الذي كان يستمع لعون منتقداً الحريري نفسه ورؤساء الحكومة السابقين الذين دافعوا عن دياب بعد الادعاء عليه في تحقيقات انفجار المرفأ، وسأل: «هل انتبه الذين عَوّموا رئيس حكومة تصريف الأعمال تحت عنوان رفض استهداف مقام رئاسة الحكومة، كيف عبّر هذا الرئيس عن احترامه لهذا المقام من خلال إنصاته وإصغائه الدقيق لكلام رئيس الجمهورية المقصود دون أن يعلّق بكلمة؟» وأضاف: «إذا كان (الصهر)، (باسيل)، قال بالأمس إنه لا يأتمن الرئيس المكلف على تشكيل حكومة وإدارة شؤون البلاد، فإن (العمّ) أكد اليوم الموقف ذاته».
وكان عون قال في الفيديو رداً على سؤال من دياب عن مسار تأليف الحكومة: «ما في تأليف»، متهماً الحريري بتصريحات كاذبة، بينما كان لجزء من كلامه تفسير مختلف بين عدد من وسائل الإعلام اللبنانية ورئاسة الجمهورية التي عدّت أن الفيديو مقتطع وليس كاملاً فظهر خلافاً لكلامه، وقالت لـ«الشرق الأوسط»، وعلى عكس ما نقلته وسائل الإعلام، قال عون: «لم نعطه ورقة (أي لائحة بأسماء الوزراء). وليس: لم يعطنا ورقة».
وهذا الموقف كان قد أعلن عنه أيضاً «التيار الوطني الحر» محملاً «قناة الجديد» مسؤولية تسريب الفيديو، وقال في بيان له: «لقد قال الرئيس عون كلمته بصدق وجرأة وحرّفتها (الجديد) عمداً وكذباً بأن قوّلت الرئيس «ما عطانا» (لم يعطنا) في الوقت الذي قال: (ما عطيناه)؛ (لم نعطه)...».
مع العلم بأنه، وبعد انتشار الفيديو والمعلومات التي أشارت إلى نفي عون تسلمه لائحة من الحريري، كان أمين عام «تيار المستقبل»، أحمد الحريري، ومناصرون لـ«المستقبل»، أعادوا نشر تغريدة لرئاسة الجمهورية تعلن فيها في وقت سابق أن الرئيس المكلف قدم تشكيلة حكومية لعون الذي سلمه بدوره طرحا حكومياً متكاملاً، وفق التغريدة، وأرفقها الحريري بعبارة: «(تويتر) فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.