«داعش» يتسبب بقلق اجتماعي وسياسي واقتصادي في كردستان

مواطنون أكراد عبروا عن مخاوفهم من اتساع رقعة الحرب

«داعش» يتسبب بقلق اجتماعي وسياسي واقتصادي في كردستان
TT

«داعش» يتسبب بقلق اجتماعي وسياسي واقتصادي في كردستان

«داعش» يتسبب بقلق اجتماعي وسياسي واقتصادي في كردستان

أثقلت الحرب التي يخوضها إقليم كردستان العراق ضد تنظيم داعش على طول جبهة تبلغ أكثر من 1050 كيلومترا، الوضع الاقتصادي المتدهور في الإقليم، وكاهل الموطن الكردي، فهاجس الحرب والحالة المعيشية الصعبة أصبح الشغل الشاغل لدى المواطن.
وقال ريبين رسول، مستشار رئاسة برلمان الإقليم، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، لا شك أن «الحرب مع تنظيم داعش أثرت سلبيا من الناحية النفسية والاقتصادية والاجتماعية على المواطن الكردي وحتى من الناحية السياسية في التعامل بين الأحزاب السياسية والحكومة والبرلمان ورئاسة الإقليم.. فمن الناحية النفسية يشعر المواطن الكردي أنه مهدد يوميا بسبب هجمات (داعش) على المناطق هنا وهناك، والخوف من حدوث تفجيرات إرهابية في المنطقة، أما من الناحية الاقتصادية فالحرب أثرت على اقتصاد الإقليم والاستثمارات، وعلى وضع الشركات والوضع المعيشي بشكل عام وعدم دفع رواتب الموظفين لأشهر من قبل الحكومة، وانشغال القيادة بالحرب وتسليح البيشمركة وتدريبها. أما اجتماعيا، فقد أثرت على وضعية العوائل والعلاقات الاجتماعية، فالجرحى والقتلى الذي يسقطون يوميا في جبهات القتال من قوات البيشمركة أثروا على مزاجيات الشعب الكردستاني»، مشيرا إلى أن «الحرب ضد إرهابيي (داعش) تعتبر هاجسا يوميا لدى المواطن الكردي في الإقليم، وهذا يدفعه إلى الشعور بالقلق، خصوصا أننا لا نعلم إلى أين تتجه هذه المعركة وما سيكون مصيرها، وكيف ستكون النهايات. نحن نتوقع هجرة مليونية جديدة تجاه الإقليم إذا هاجمت بغداد الموصل، وهذا يشكل عبئا اقتصاديا واجتماعيا ونفسيا على المواطنين في كردستان».
وتخوض قوات البيشمركة حاليا حربا ضارية ضد مسلحي تنظيم داعش، الذين اتجهوا في أغسطس (آب) من العام الماضي نحو إقليم كردستان، بعد سيطرتهم على الموصل وصلاح الدين، لكن البيشمركة تمكنت وبمساندة من طيران التحالف الدولي، خصوصا الولايات المتحدة، من إيقاف تقدم التنظيم الإرهابي باتجاه أربيل عاصمة الإقليم، وبدأت بعد ذلك هجوما مضادا ضد «داعش»، واستطاعت خلال الأشهر الماضية استعادة مساحات واسعة من سهل نينوى، لكن المواطن الكردي لم يتوقف عن القلق والخوف الذي ينتابه منذ بداية الحرب.
«الشرق الأوسط» استطلعت آراء سياسيين ومراقبين ومواطنين أكراد في الإقليم حول تأثيرات الحرب ضد «داعش»؛ إذ قال فرهاد رشيد الذي التقيناه خلال تجولنا في سوق أربيل: «لقد بطأت حركة السوق، والحركة الشرائية في المدينة، والسبب يعود أولا إلى تدهور الوضع الاقتصادي للمواطن الكردي، إلى جانب أن المواطن يخشى على مستقبله في ظل حرب لا نعلم نتائجها النهائية، صحيح أن قوات البيشمركة استطاعت أن تبعد (داعش) وتحرر مساحات كبيرة، لكننا قلقون جدا».
أما المواطنة، جيمن علي، فقالت إن «الأوضاع الأمنية في الإقليم هادئة ومستتبة، لكن هناك جمود اقتصادي بسبب تأخر تصديق الميزانية الاتحادية وعدم وصول الرواتب للإقليم».
بدورها، قالت النائبة في برلمان إقليم كردستان، أواز حميد: «بحسب مراقبتي لأوضاع المواطنين في كردستان، أرى أن هناك حالة من اليأس تنتاب المواطن الكردي، وهذا غير مرتبط بالوضع الاقتصادي، فكما تعلمون نحن في حالة حرب ضد الإرهاب، وهذا يثير بعض المخاوف لدى المواطن في كردستان، فتنظيم داعش الإرهابي يبث باستمرار الدعايات ليثير قلق المواطن، وكذلك قد يثير موضوع المناطق المتاخمة لـ(داعش) التي تتعرض في بعض الأحيان لقصف (داعش)، الخوف لدى المواطنين، خاصة عندما يلتقون أقاربهم في تلك المناطق».
من جانبه، قال الصحافي الكردي، كارزان هورامي: «في الحقيقة أن إقليم كردستان يواجه حربا واسعة يشنها تنظيم داعش، بالإضافة إلى الحصار الاقتصادي المفروض على الإقليم من قبل بغداد منذ نحو عام، فالحكومة الاتحادية لا تقدم الدعم للإقليم في الحرب، ومع هذا استطعنا أن نخوض هذه الحرب وحققنا انتصارات واسعة على التنظيم في كل الجبهات، لكن يجب أن نحارب (داعش) من الناحية الفكرية أيضا، لأن الحرب العسكرية لا تكفي للقضاء على هذا التنظيم».
وعن الحياة اليومية في الإقليم في ظل الحرب، قال هورامي: «الحياة اليومية هادئة في كردستان، لكن المواطن الكردي قلق على مستقبل الوضع في العراق، لأننا لم نتوقع أن يحتل (داعش) مساحات كبيرة من العراق، و شعب كردستان تنتابه الحيرة من النظام العراقي الجديد».
الناحية الاقتصادي في الإقليم كانت المتضرر الأكبر من الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، والحصار الذي فرضته بغداد في عهد الحكومة السابقة، وقال هيرش خوشناو، رئيس رابطة رجال الأعمال في كردستان، إن «الناحية الأمنية ممتازة في الإقليم، لكن الناحية الاقتصادية منهارة، وهذا أثر على حياة الناس في كردستان، الذي باتوا يائسين من الوضع الاقتصادي، فعدم وجود السيولة للمواطن والتجار والمقاولين، له تأثير سلبي على حياة المواطنين، وعلى الإقليم».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».