أنقرة تقول إنها أحبطت «مكيدة» للوقيعة مع الروس في سوريا

صهريج في حقل الرميلان النفطي الذي يسيطر عليه الأكراد في ريف الحسكة أول من أمس (أ.ف.ب)
صهريج في حقل الرميلان النفطي الذي يسيطر عليه الأكراد في ريف الحسكة أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

أنقرة تقول إنها أحبطت «مكيدة» للوقيعة مع الروس في سوريا

صهريج في حقل الرميلان النفطي الذي يسيطر عليه الأكراد في ريف الحسكة أول من أمس (أ.ف.ب)
صهريج في حقل الرميلان النفطي الذي يسيطر عليه الأكراد في ريف الحسكة أول من أمس (أ.ف.ب)

واصلت فصائل ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا في شمال شرقي سوريا أمس (الخميس) قصفها الصاروخي على ريف بلدة تل تمر في محافظة الحسكة مستهدفة قريتي درارا وفكة الخاضعتين لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي ردت بقصف مناطق نفوذ الفصائل بالمنطقة. وجاء ذلك في وقت ترددت فيه معلومات عن تعهد أميركي لـ«قسد» بعدم سيطرة تركيا على أي منطقة جديدة في شمال شرقي سوريا.
وتصاعد التوتر في ريف تل تمر أول من أمس مع وقوع قصف متبادل بين الفصائل الموالية لتركيا و«قسد»، حيث استهدفت الفصائل قرى أم الكيف ودرارا والمحل وعبوش وقرى أخرى؛ ما أدى إلى نزوح أهالي المنطقة. في المقابل، واصلت «قوات سوريا الديمقراطية» قصفها المكثف أيضاً على مناطق الفصائل بريف تل تمر، وسط استمرار تحليق الطائرات الروسية في أجواء المنطقة، ولا سيما بعد سقوط قذيفة مصدرها الفصائل ضمن مرآب القاعدة الروسية في منطقة المباقر.
في السياق ذاته، قالت مصادر بالجيش التركي، إن قواته في شمال شرقي سوريا نجحت في إحباط ما سمتها بـ«مكيدة» حاكتها «قسد» لإفساد التنسيق بين تركيا وروسيا في شمال سوريا. وأضافت المصادر، لوكالة «الأناضول» التركية أمس، أن القوات التركية تمكنت خلال عملية في منطقة «نبع السلام» التي تسيطر عليها تركيا والفصائل الموالية لها في شمال شرقي سوريا، من القضاء على 5 من عناصر «قسد» أثناء محاولتهم التسلل إلى المنطقة قرب تل تمر، بهدف زعزعة أجواء الأمن والاستقرار. وأشارت المصادر إلى أن «قوات سوريا الديمقراطية» شنّت هجوماً بقذائف الهاون على القوات التركية العاملة في المنطقة، وثبت أن الهجوم تم تنفيذه من منطقة كان الجنود الروس يستخدمونها كقاعدة عسكرية؛ وذلك بهدف الإيحاء بأن الهجوم نفذ بواسطة القوات الروسية ومن ثم إفساد التنسيق بين القوات التركية ونظيرتها الروسية في المنطقة بموجب اتفاق سوتشي الموقع في 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2019.
وقالت المصادر، إنه تم قصف المنطقة بواسطة دعم ناري؛ ما أسفر عن تدمير مواقع قذائف الهاون ومقتل 5 عناصر من «قسد».
في سياق متصل، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الجانب الأميركي أكد لقوات «قسد»، أن القوات التركية لن تتمكن من التقدم والسيطرة على أي منطقة جديدة شمال شرقي سوريا، ولا سيما بلدة عين عيسى بريف الرقة الشمالي. وقال «المرصد»، وفق ما نُقل عن الجانب الأميركي، إن هناك خطوطاً حمراء لتمركزات تركيا في سوريا لا تستطيع تجاوزها.
يأتي ذلك في ظل التصعيد العسكري التركي الكبير على المحاور الشمالية والغربية في عين عيسى، منذ 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ومحاولة القوات التركية المستمرة لقطع طريق الحسكة – حلب الدولي (إم - 4) لقطع الصلة بين مناطق سيطرة «قسد» في غرب نهر الفرات وشرقه.
وأشار «المرصد» إلى أن الجانب الأميركي أكد، أن الروس «ضيوف» على المنطقة، مضيفاً أن «قسد» لا تثق بالوعود والتطمينات الأميركية، خصوصاً أن الروس لم يسبق أن خرجوا من منطقة دخلوا إليها.
وشرعت القوات التركية، يوم الأحد الماضي، في إنشاء قاعدة عسكرية جديدة لها مقابل بلدة عين عيسى، حيث بدأت بأعمال الحفر وجلب معدات عسكرية ولوجيستية لتشييد القاعدة، وهي ثاني قاعدة تقوم بإنشائها منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حيث أنشأت قاعدة في قرية طماميح بريف عين عيسى، على بعد نحو كيلومترين من ناحية عين عيسى الخاضعة لسيطرة «قسد» وقوات النظام.
في غضون ذلك، خرج وجهاء بعض العشائر وموظفون ضمن دوائر «الإدارة الذاتية» الكردية بوقفة احتجاجية في مدينة هجين ضمن الريف الشرقي لمحافظة دير الزور، رفضاً لـ«الاحتلال التركي» ولـ«تواجد خلايا الإيرانيين والنظام البعثي» في مناطقهم، ورفعوا شعارات داعمة لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، بحسب «المرصد السوري».



الحوثيون يستنفرون لمواجهة الاحتقان الشعبي في محافظة إب

القائد العسكري الحوثي في إب تحدث عن مواجهة مع إسرائيل رغم بعد المحافظة عن الساحل الغربي (إعلام حوثي) 
القائد العسكري الحوثي في إب تحدث عن مواجهة مع إسرائيل رغم بعد المحافظة عن الساحل الغربي (إعلام حوثي) 
TT

الحوثيون يستنفرون لمواجهة الاحتقان الشعبي في محافظة إب

القائد العسكري الحوثي في إب تحدث عن مواجهة مع إسرائيل رغم بعد المحافظة عن الساحل الغربي (إعلام حوثي) 
القائد العسكري الحوثي في إب تحدث عن مواجهة مع إسرائيل رغم بعد المحافظة عن الساحل الغربي (إعلام حوثي) 

بدعوى مواجهة هجوم إسرائيلي متوقع، استنفر الحوثيون قوتهم في ثلاث محافظات يمنية، ودفعوا بها نحو محافظة إب التي تشهد احتقاناً شعبياً غير مسبوق نتيجة ممارسات الجماعة وتغاضيها عن الانتهاكات التي طالت السكان هناك، والتي كان آخرها مقتل الزعيم القبلي صادق أبو شعر.

وبالتزامن مع تهديد وجهاء المحافظة الواقعة على بُعد 193 كيلومتراً جنوب صنعاء، أعلنت الجماعة الانقلابية عقد اجتماع موسع في المنطقة العسكرية الرابعة، برئاسة نائب رئيس الوزراء - وزير الإدارة والتنمية المحلية والريفية في الحكومة غير المعترف بها، محمد المداني، وضم قائد المنطقة عبد اللطيف المهدي، ومحافظي ذمار وإب، والأجزاء الواقعة تحت السيطرة في محافظتي تعز والضالع، وقيادات أمنية وعسكرية.

وغداة منع خروج مظاهرة منددة بتواطؤ الحوثيين مع أحد قادتهم ومرافقيه المتهمين بقتل أبو شعر، ذكرت وسائل إعلامهم أن الاجتماع، الذي لم يسبق أن شهدت المحافظة مثله، ناقش الأوضاع الخدمية والتنموية في محافظات تعز، والضالع، وإب، وذمار، وجوانب التنسيق والترتيبات العسكرية والأمنية لمواجهة أي تحركات عدوانية لمن وصفت بأنها «قوى الهيمنة والاستكبار بقيادة أميركا وبريطانيا والكيان الصهيوني».

الحوثيون يخشون انتفاضة جديدة في إب مع زيادة الاحتقان الشعبي (إعلام محلي)

ومع أن محافظة إب يفصلها عن الساحل الغربي لليمن محافظتا الحديدة وتعز، إلا أن وسائل إعلام الحوثيين واصلت التضليل بشأن هدف الاجتماع وقالت إنه كُرِّس لتدارس الأوضاع في هذه المحافظات، والاستعداد لإفشال «أي تحركات عدوانية».

ونقلت هذه الوسائل عن القيادي الحوثي المداني قوله إن الجانب العسكري تطور بشكل لافت، وإن الجماعة أصبحت تمتلك صواريخ وطائرات تستهدف إسرائيل في العمق، وفي البحار والمحيط الهندي، ووعد بالتحرك في إحداث التنمية، وتوفير الخدمات في مختلف المحافظات.

تهديد السكان

بدوره، عدّ قائد المنطقة العسكرية الحوثية الرابعة عبد اللطيف المهدي انعقاد الاجتماع والنزول الميداني فرصة للاطلاع على الأوضاع، لا سيما ما يخص الجانب الرسمي، والتعبئة العامة، والوضع الأمني، وكل ما يخص هذه المحافظات.

وطالب المسؤول الحوثي بأن يتحمل الجميع المسؤولية، ابتداءً من محافظ المحافظة الذي يُعد المسؤول الأول، ومدير أمن المحافظة، والتعبئة العامة والأمن والمخابرات والشرطة العسكرية والاستخبارات، وغيرها من الجهات المعنية وذات العلاقة، للعمل على تعزيز مستوى الأداء ومضاعفة الجهود.

الحوثيون دفعوا بكبار قادتهم ومخابراتهم في مسعى لإخماد أي تحرك شعبي في إب (إعلام حوثي)

وزعم المهدي أن التحركات الشعبية ضد جماعته «تخدم الأجندة الصهيونية والأميركية والبريطانية»، وذكر أن عناصر جماعته يرصدون تحركات من سماهم «العدو»، وأن لديهم معرفة كاملة بما يُخطط له، وأنهم مستعدون «للتصدي لأي عدوان مهما كلفهم من تضحيات».

وفي رسالة تهديد لسكان المحافظة، التي باتت مركزاً لمعارضة حكمهم، قال المهدي إن الاستعدادات العسكرية والأمنية في جاهزية عالية، «وهناك تنسيقيات عسكرية وأمنية كبيرة جداً، وكل جانب مكمل للآخر».

أما عبد الواحد صلاح، محافظ إب المعين من قبل الحوثيين، فقد أكد أن المحافظة من أكثر المحافظات التي يركز «العدو» عليها ويستهدفها بصورة مستمرة. وأشاد بالقيادي المهدي ووقوفه إلى جانب السلطة المحلية في المحافظة، وقال إنهم يعملون مع الأجهزة الأمنية والعسكرية والتعبئة العامة كأنهم فريق واحد لتجاوز أي تحديات.

ورغم تماهيه مع خطاب الحوثيين، فإن محافظ إب طالب بالتعاون بين السلطة المحلية والأجهزة الأمنية لحلحلة ما سماها «القضايا المجتمعية»، في إشارة إلى قضايا القتل التي استهدفت عدداً من سكان المحافظة والعبث بالممتلكات، والتي كانت سبباً في حالة الغليان الشعبي ضد سلطة الجماعة الانقلابية. وتعهد بالعمل على كل ما من شأنه استقرار الوضع في المحافظة، وتعزيز السكينة العامة، والمساهمة في تعزيز جهود التنمية المحلية، وتفعيل المبادرات المجتمعية.

ورأى القيادي الحوثي شمسان أبو نشطان، الذي يرأس ما تسمى «الهيئة العامة للزكاة»، وهي الجهة التي تمول النفقات العسكرية والشخصية للقيادات الحوثية، في اللقاء «فرصة لتدارس ما يحيكه العدو» من مؤامرات ضد الجماعة وجبهتها الداخلية. وقال إن الهيئة ومكاتبها ستكون جزءاً من الخطة التي يتم رسمها لمواجهة أي تحديات.

طلب المساندة

أما وكيل وزارة داخلية الانقلاب الحوثي لقطاع الأمن والاستخبارات علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، فأكد حرصه على تنفيذ الخطط العملية وفق إجراءات تنفيذية لمسار الواقع الميداني، مشدداً على أهمية الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية انطلاقاً من المسؤولية الملقاة على عاتق الجميع.

نجل مؤسس جماعة الحوثيين يتولى مهمة قمع أي تحرك شعبي مناهض (إعلام حوثي)

وبعد شهور من استحداث جهاز مخابرات خاص يتبعه شخصياً، يُعتقد أنه وراء حملة الاعتقالات التي طالت المئات من سكان إب، وأمل خلال اللقاء بتعزيز الشراكة بين الأجهزة الأمنية والجهات ذات العلاقة، وطالب الجهات المشاركة في الاجتماع من سلطات محلية وشخصيات اجتماعية بمساندة الأجهزة الأمنية وتعزيز السكينة العامة.

ولم يكتف نجل مؤسس الجماعة بطلب أن يكون لقطاع الاستخبارات والأمن الذي يديره السلطة الفعلية في المحافظة، بل طالب وسائل الإعلام بأن تلعب دورها «التوعوي» بما يُحاك ضد الجماعة من مؤامرات تستهدف جبهتها الداخلية. وقال إن على هذه الوسائل مضاعفة جهودها لكشف مخططات ما وصفه بـ«العدوان».

بدوره، طالب مسؤول التعبئة العامة بوزارة الدفاع في حكومة الانقلاب الحوثية، ناصر اللكومي، بضرورة العمل كأنهم فريق واحد في مواجهة «العدوان» ورفع الجاهزية، والعمل وفق الخطة الأمنية والتعبوية، والحفاظ على الجبهة الداخلية والتماسك المجتمعي.

إلى ذلك اقترح أحمد الشامي، عضو المكتب التنفيذي لجماعة الحوثي، أن تواجه وسائل إعلام الجماعة ما وصفها بـ«أباطيل ودعايات العدو» على مستوى كل محافظة، بما يعزز انتصارات الجماعة.