«كمين البادية» السورية يرفع عدد قتلى النظام

إنزال جوي للتحالف وأكثر من 60 ضربة جوية روسية

مقطع من فيديو لحريق الحافلة العسكرية التابعة للنظام بعد استهداف «داعش» الأربعاء (دير الزور 24)
مقطع من فيديو لحريق الحافلة العسكرية التابعة للنظام بعد استهداف «داعش» الأربعاء (دير الزور 24)
TT

«كمين البادية» السورية يرفع عدد قتلى النظام

مقطع من فيديو لحريق الحافلة العسكرية التابعة للنظام بعد استهداف «داعش» الأربعاء (دير الزور 24)
مقطع من فيديو لحريق الحافلة العسكرية التابعة للنظام بعد استهداف «داعش» الأربعاء (دير الزور 24)

أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن هجوم على حافلة عسكرية في سوريا وقع، مساء الأربعاء، على طريق سريع رئيسي في محافظة دير الزور المتاخمة للعراق. ونقلت «رويترز»، عن وكالة «أعماق» التابعة للتنظيم، إن الهجوم قتل 40 جندياً من الجيش السوري، وأصاب ستة آخرين بجروح خطيرة، فيما تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن ارتفاع حصيلة القتلى جراء الكمين إلى 39. وقال المرصد إن بعض جثث القتلى الذين ينتمون إلى «الفرقة الرابعة» في قوات النظام، تفحمت إثر الحرائق التي اندلعت على خلفية الاستهداف، إضافة إلى عدد من الإصابات بعضها في حالة حرجة، ومن بين 8 ضباط برتب مختلفة، قُتلوا جميعاً في استهداف حافلات عسكرية.
هذا وقد نفَّذت الطائرات الحربية الروسية، بعد الهجوم، أكثر من 60 غارة جوية خلال 24 ساعة، استهدفت مناطق انتشار التنظيم في البادية السورية التابعة إدارياً لمحافظات دير الزور وحمص والرقة وحماة وحلب، حيث رصد «المرصد السوري»، مساء الأربعاء، تحليقاً مكثفاً للطائرات الروسية أعقب استهداف الحافلات، فيما يعد الهجوم الأكبر لتنظيم «داعش»، خلال هذا العام، من حيث الخسائر البشرية في صفوف قوات النظام.
واستهدفت الضربات الجوية التي نفذتها طائرات حربية روسية، أمس، مناطق انتشار التنظيم ضمن البادية السورية، وتركز الضربات ضمن مثلث حلب - حماة - الرقة، بالتزامن مع اشتباكات متواصلة تشهدها المنطقة، بين عناصر التنظيم من جهة، وقوات النظام والميليشيات الموالية لها من جهة أخرى.
في هذه الأثناء، رصد المرصد، تنفيذ قوات «التحالف الدولي»، فجر الأمس، عملية إنزال جوي في بادية دير الزور الشمالي الشرقية على طريق بادية الروضة، وسط تحليق مكثف لطائرات مسيرة ومروحية، في حين استهدفت إحدى الطائرات بالصواريخ، كوخاً في سوحة البوفريو القريبة من منطقة الإنزال، ما أدى إلى تدميره ومقتل خلية لتنظيم «داعش»، مؤلفة من 3 عناصر، تم التعرف على أحدهم وهو من أبناء قرية حوايج ذيبان، بينما يعتقد بأن العنصرين الآخرين من جنسية عراقية.
وكانت «وكالة الأنباء السورية الرسمية» (سانا)، قد أعلنت، مساء الأول من أمس، الأربعاء، أن حافلة تعرضت «لهجوم إرهابي» في محافظة دير الزور (شرق) ما أسفر عن مقتل «25 مواطناً»، وإصابة 13 آخرين. وقال مدير «المرصد السوري» رامي عبد الرحمن، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنه «من الهجمات الأكثر دموية منذ القضاء على تنظيم (داعش) في مارس (آذار) 2019». وأضاف أن الهجوم وقع في المحافظة المذكورة قرب قرية الشولا، لافتاً إلى أن عناصر التنظيم، نصبوا «كميناً» للعسكريين عبر إطلاق رصاص وتفجير قنابل.
وأفاد المرصد بأن حافلتين أخريين كانتا تقلان جنوداً تمكنتا من الفرار. ولم يتبنَّ التنظيم المتطرف، الهجوم، مباشرة عبر قنواته المعتادة على «تلغرام». غير أنه أعلن عن مسؤوليته بعد 24 ساعة من الهجوم.
يُذكر أنه منذ هزيمته في سوريا 2019، يشن التنظيم هجمات دورية، خصوصاً في منطقة البادية الممتدة بين محافظتي حمص (وسط) ودير الزور (شرق). وتستهدف هذه الهجمات، قوات النظام السوري والمقاتلين الموالين له والقوات الكردية التي حظيت بدعم واشنطن في التصدي للتنظيم المتطرف.
وفي أغسطس (آب)، الماضي، تبنّى التنظيم هجوماً أدى إلى مقتل ضابط روسي رفيع وجرح عسكريين قرب مدينة دير الزور. وفي مطلع يوليو (تموز)، أوقعت اشتباكات عنيفة بين الجانبين في منطقة البادية، 20 قتيلاً في صفوف القوات الموالية للنظام و31 قتيلاً في صفوف التنظيم. وفي أبريل (نيسان)، قضى 27 عنصراً في قوات النظام في هجوم للتنظيم المتطرف في محيط مدينة السخنة الصحراوية (وسط) التي يسيطر عليها النظام السوري.
ووفقاً لإحصائيات المرصد السوري، فإن تنظيم «داعش» تمكن خلال عام 2020 من قتل 819 عنصر من قوات النظام والميليشيات الموالية لها، عبر كمائن واستهدافات وقصف واشتباكات ضمن البادية السورية، من ضمنهم 108 من الميليشيات الموالية لإيران من جنسيات غير سورية، كما خسر التنظيم 507 من مقاتليه في العمليات ذاتها، وبالقصف الجوي من قبل طيران النظام والروس.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.