الرواية على رأس القراءات والكتب المترجمة

ما قرأه المثقفون اللبنانيون عام 2020

الرواية على رأس القراءات والكتب المترجمة
TT

الرواية على رأس القراءات والكتب المترجمة

الرواية على رأس القراءات والكتب المترجمة

فارس يواكيم (أديب وكاتب مسرحي): الأعمال الكاملة لعمر أبو ريشة
في الحجر الذي فرضته «كورونا» علينا، تسنّى لي أن أقرأ ما لم أتمكن من قراءته سابقاً. بدأت بكتاب عنوانه «نقولا الحدّاد... الأديب العالم» من تأليف سلمى مرشاق سليم. وهو عن الأديب والعالم، اللبناني المولد المصري الإقامة، أحد أبرز المساهمين الشوام في النهضة الفكرية التي انطلقت في مصر أواخر القرن 19. المؤلّفة تنتمي إلى الشوام المصريين، وهي الخبيرة في هذا المجال. وكتابها مرجع تام يفي تلك الشخصية الفكرية حقها. سيرته، أعماله، دوره، مع توثيق دقيق ومتقن واكتشاف لمقالات مجهولة وإضاءة على المرحلة ورموزها.
كما استمتعت بقراءة رواية «الخيمة البيضاء»، وهي تنضم إلى شقيقاتها في سلسلة روايات ليانة بدر التي توثّق الذكريات الفلسطينية متعددة الوجوه بأسلوب روائي جميل وممتع. بطلة الرواية تدعى «نشيد» وأحداثها تدور خلال أربع وعشرين ساعة. لكن الراوية تستدعي ذكريات الشخصيات الرئيسية الأخرى ذات الصلة بنشيد. كلهم أسرى وإنْ تحركوا: أسرى الاحتلال، والقمع العائلي، والتقوقع في الماضي، والنظرة الدونية للمرأة.
في كتابة مختلفة في المجال، أعجبني كتاب «أزاهير العبث» لناتالي الخوري غريب. هي سلسلة من المقالات موزّعة على قسمين: الأول بعنوان «صُنّاع الهباء» والثاني عنوانه «طين في متاهات النفس». المقالات تأملات فكرية في مواضيع مختلفة صاغتها الكاتبة بلغة مصقولة، طغى عليها النَفَس الشعري، على غرار أسلوب راجي الراعي في «قطرات ندى».
ولأنني أشتغل حالياً على القصائد العربية المجهولة، سعدت بقراءة كتاب «الأعمال الكاملة لعمر أبو ريشة»، الذي حققه فايز الداية وسعد الدين كليب ومحمد نجمة، وهو المرجع الأكمل. عثر المحققون بجهد على العديد من قصائد الشاعر التي كانت مبعثرة في المجلات الأدبية القديمة، ولم تنشر في أي من دواوين الشاعر بطبعاتها المختلفة ما عدا واحدة هي قصيدة أبي ريشة في ذكرى وفاة أنطون قازان. وهي من 60 بيتاً عثروا على خمسة أبيات منها فقط. ختامها أجملها: «فطفْ بنا يا حبيب الحبّ إنّ لنا - بعد الفراق لقاءً يبدأ الأنا».
الكتاب الخامس لم يُنشَر بعد. هو ترجمة رواية «لا جديد في الجبهة الغربية» للألماني إريش ماريا ريمارك. المخطوطة وصلتني من المترجم عماد غانم. هي من أجمل الروايات العالمية التي تدين الحرب. والترجمة إلى العربية مباشرة من الألمانية وليس من لغة وسيطة. وإضافة إلى أنها ترجمة متقنة وممتعة، فالهوامش التي أضافها المترجم مهمّة للغاية، لأنها تشرح كلمات ذات دلالات معينة يصعب فهمها على القارئ غير المطّلع على تفاصيل الحرب العالمية الأولى وعلى التاريخ الألماني الحديث.

سلمى مرشاق سليم (كاتبة):
المكتبة السورية السرية
من بين الكتب الجميلة التي قرأتها هذا العام، الكتاب الأول لديما عبد الله. وتأتي أهمية الرواية التي تحمل عنوان «العشب الرديء» وصادرة بالفرنسية، من صراحتها وجرأتها، ومهارة الكاتبة التي تسجل في روايتها انطباعات من طفولتها خلال الحرب الأهلية اللبنانية. فهي قادرة على قول ما تعتقده بوضوح ودون مواربة، حتى حين يخص ذلك والديها، الروائية هدى بركات والشاعر محمد عبد الله، وهو ما يتحفظ عليه الكتّاب العرب عادة. أما النقطة الثانية المهمة في الكتاب، فهي القدرة الفائقة للكاتبة على الملاحظة وامتلاكها لرؤية، على غضاضة تجربتها. وتحكي الرواية التي فازت بجائزة فرنسية هي «إنفوييه بار لا بوست»، قصة فتاة تعيش في غمار الحرب الأهلية اللبنانية، حيث القصف والنيران لا توفر أحداً، والانتقال طلباً للنجاة من بيت إلى آخر.
أما الكتاب الثاني «سيريوز سكرت ليبريري» أو «المكتبة السرية الجادة» لمايك تومسون، الصحافي الذي غطى حروب سوريا، واكتشف هناك مكتبة أنشئت بسرية تامة، في مكان لا يحدده، ويقول إن أصحابها أقاموها ليقرأوا بعد أن فقدت الكتب ودمرت المكتبات، وأبقوها في مكان لا تراه أعين كثيرين، كي تكون لهم حرية أن يضموا إليها ما يشاءون من الكتب. وهو كتاب سياسي، اجتماعي، ثقافي، يتحدث عن المكتبة في غمار الحديث عن المعارك السورية وتعقيداتها. وهو في الحقيقة يتخذ هذه المكتبة العامة، التي أسسها مجموعة من القراء، كذريعة لينطلق منها إلى تغطية الأحداث السياسية التي شهدها.

سلمان زين الدين (شاعر لبناني):
«المنطقة الميتة» لستيفن كينغ
«10 دقائق و38 ثانية في هذا العالم الغريب» للروائية التركية أليف شافاك (دار الآداب)، وهو كتاب جميل، تروي الكاتبة من خلاله، حكاية عشرة عقود من الزمان في 10 دقائق 38 ثانية، وتُكثّف حياة برمّتها «في وقت يستغرقه غليان ماء في إبريق لا غير»، على حدّ تعبيرها. وتتناول في روايتها حياة شريحة اجتماعية تنتمي إلى القاع، وتُعاني النبذ والإقصاء، ويقع عليها ظلم الحياة والموت.
هناك أيضاً رواية «ابنة الحظ» للروائية التشيلية إيزابيل الليندي، الصادرة عن «دار الآداب». تجري أحداث الرواية في القرن التاسع عشر بين العامين 1843 و1853. وترصد فيها الكاتبة ما تُسمّيه بـ«حمّى الذهب» التي استعرت في كاليفورنيا، وأحلام الثروة التي راودت الكثيرين من جنسيات مختلفة، فانخرطوا فيها ليغنم بعضهم، وتعود الغالبية من الغنيمة بالإياب. وتتناول ما رافق ذلك من صراعات عرقية دامية وأنشطة بشرية، أدّت إلى استشراء شريعة الغاب، من جهة، وقيام مدن بكاملها، من جهة ثانية.
كذلك قرأت، «المنطقة الميتة» للروائي الأميركي ستيفن كينغ، «الدار العربية للعلوم - ناشرون»، وتقع الرواية في تمهيد وثلاثة أقسام وثمانية وعشرين فصلاً، وتنتظمها ثلاثة أسلاك سردية متفاوتة الطول والأهمية. يتمحور كلٌّ منها حول شخصية معيّنة تُجسّد ظاهرة اجتماعية معيّنة، غريبة أو واقعية، فيتناول الأوّل القدرة الخارقة على معرفة الماضي والمستقبل. ويتناول الثاني آليّات التسلّق السلطوي. ويتناول الثالث ظاهرة القتل المحترف.
ومن الروايات الأخرى، «أن تعيش الحياة» للروائية اللبنانية علويّة صبح، دار الآداب. العالم المرجعي الذي تمتح منه علوية صبح، في هذه اللحظة الروائية، هو العالم العربي المحكوم بالحروب والديكتاتوريات والأصوليات، والطوائف والهزائم والانكسارات، التي تُرخي بثقلها على شخوص الرواية، وتُصيبها بأعطابٍ قاتلة في النفس والجسد والرزق، فتتعثّر مساراتها، وتتردّى مصائرها في مهاوي العنف والفقر، واليأس والقمع والمرض. ولعلّ هذا العطب الأخير، هو الأكثر حضوراً في الرواية.

إدمون ربّاط (ناشط سياسي):
21 درساً للقرن الحادي والعشرين
من الكتب التي قرأتها «في يمين المولى» للكاتب جيرار حداد، «دار الجديد». ويفسر الكتاب بطريقة سيكولوجية سبب التعصب ويعتقد أنه في أغلب الأحيان يعود لأسباب سياسية. قرأته خاصة بعد الجريمة المروعة التي وقعت في فرنسا، وقطع فيها رجل رأس الأستاذ صموئيل باتي. أردت أن أفهم كيف يمكن للناس أن يصلوا إلى هذا الدرك من العنف والتشدد.
وقرات بالإنجليزية كتاب «21 درساً للقرن الحادي والعشرين» للكاتب يوفال نوا هاريري، وأظن أنه مهم لأنه يعطي إجابات على أسئلة كثيرة نطرحها على أنفسنا. من هذه الإجابات كيف أن شركات «غافا» مثل «غوغل» و«فيسبوك» و«أبل»، توجهنا من خلال ما تعرضه علينا، صوب وجهات لا نريدها. فقد يجري كل منا البحث نفسه، لكنه سيخرج بنتائج مختلفة تبعاً لأبحاثه السابقة.
كتاب آخر قرأته هو «الإنسانية تاريخ متفائل» لروتجير بيرغمان. وينطلق الكتاب من مبدأ أن الإنسان مفطور على الخير، ويعود إلى أحداث مهمة في التاريخ ليرينا أن أولئك الذين ارتكبوا الشرور لم يقوموا بأفعالهم الشنيعة لرغبة منهم في ذلك، وإنما لأن ثمة شخصاً ما، ربما يعاني من مشكلة معينة كان يعطي الأوامر بذلك.
وللكاتب مؤلف آخر يستحق القراءة هو «اليوتوبيا الواقعية»، ويعتبر فيه أن مساعدة الآخرين وتأمين كفايتهم، أقل كلفة من تركهم وإهمالهم. ولهذا هو من الذين لعبوا دوراً في تشجيع فكرة دفع الحد الأدنى لمن هم من دون عمل، لأن ذلك برأيه يحمي المجتمع من مشكلات كثيرة.
أما الكتاب الأخير الذي سأذكره فهو للفيلسوف الإيطالي نوتشيو أورديني، «دار الجديد»، ويحمل عنوان «لزوم ما لا يلزم» ويتحدث هذا الكتاب القيّم عن العلوم الإنسانية والفلسفة عائداً إلى نيتشة وفلاسفة آخرين.



مصر: إعلان جوائز الدولة لرموز الفكر والإبداع محلياً وعربياً    

أعضاء المجلس الأعلى للثقافة في اجتماعهم لإقرار الجوائز (وزارة الثقافة المصرية)
أعضاء المجلس الأعلى للثقافة في اجتماعهم لإقرار الجوائز (وزارة الثقافة المصرية)
TT

مصر: إعلان جوائز الدولة لرموز الفكر والإبداع محلياً وعربياً    

أعضاء المجلس الأعلى للثقافة في اجتماعهم لإقرار الجوائز (وزارة الثقافة المصرية)
أعضاء المجلس الأعلى للثقافة في اجتماعهم لإقرار الجوائز (وزارة الثقافة المصرية)

أعلنت وزارة الثقافة المصرية، الثلاثاء، أسماء الفائزين بجوائز الدولة «النيل والتقديرية والتفوق والتشجيعية» التي تُمنح للمبدعين في مجالات الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، بحضور وزيرة الثقافة المصرية نيفين الكيلاني، وأمين عام المجلس الأعلى للثقافة الدكتور هشام عزمي، وأغلبية أعضاء المجلس الذي يضم كبار المثقفين والمبدعين وأساتذة الجامعات، الذين قاموا بالتصويت الإلكتروني لاختيار الفائزين من القائمة القصيرة التي أُعلنت الأسبوع الماضي.

وهنأت وزيرة الثقافة في كلمتها الفائزين بجوائز الدولة، مؤكدةً أن إنجازاتهم تعد مصدر إلهام للأجيال القادمة وحافزاً لهم على بذل مزيد من الجهد.

د.نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة المصرية خلال إعلان جوائز الدولة (وزارة الثقافة)

وفاز بجائزة النيل الكبرى للفنون المخرج محمد فاضل صاحب المشوار الطويل في الدراما التلفزيونية، ومن أبرز أعماله «الراية البيضا، ما زال النيل يجري، عصفور النار، رحلة أبو العلا البشري، أحلام الفتى الطائر»، وقال المخرج الكبير في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن الجائزة تستدعي النظر إلى رحلته التي انطوت على الاجتهاد والإحساس بمسؤولية العمل الفني تجاه المجتمع، مؤكداً أن «الفن لابد أن يحقق تغييراً في حياة الناس وفي أفكارهم». وقال إن «الدراما التلفزيونية تدخل البيوت دون استئذان، لذا لا بد لمن يتصدى لها أن يعي خطورة دورها».

المخرج محمد فاضل الفائز بـ«جائزة النيل في الفنون» (صفحته على «فيسبوك»)

فيما فاز بجائزة النيل في الآداب الشاعر محمد إبراهيم أبوسنة، وحصل عليها في مجال العلوم الاجتماعية الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق.

وحاز الشيخ الدكتور سلطان القاسمي حاكم الشارقة جائزة النيل للمبدعين العرب، كشاعر وأديب ومؤرخ قدم مؤلفات عديدة للثقافة العربية وسعى لإعادة الروح بقوة للشعر والأدب العربي.

كما أعلنت جوائز الدولة التقديرية لكبار المبدعين وفاز بها في مجال الفنون مدير التصوير سعيد شيمي، وفنان الديكور أنسي أبو سيف، والدكتور رضا بدر، بينما حصل عليها في الآداب الناقد الدكتور حسين حمودة، والدكتورة غراء مهنا، والدكتور سامي سليمان، وفي مجال العلوم الاجتماعية فاز بها الدكتور أحمد مجدي حجازي، والدكتور ممدوح الدماطي، والدكتور حسن عماد مكاوي، والدكتور ماجد عثمان.

وحاز جوائز التفوق في الفنون الدكتور وليد سيف، الناقد السينمائي وأستاذ النقد بأكاديمية الفنون، الذي قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن فوزه بالجائزة «بمثابة عودة الروح»، كاشفاً أنه كان يمر بحالة من الملل والتقاعس والضيق، لافتاً إلى إصداره أحدث كتبه «رواد الواقعية في السينما المصرية» قبل يومين.

وفي مجال الآداب، فاز الكاتب عبد الرحيم كمال مؤلف مسلسل «الحشاشين». وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال الكاتب إنه ممتن للدولة المصرية التي منحته الجائزة، كما عبر عن سعادته البالغة بحصوله عليها في الآداب، مؤكداً أنها تأتي بعد مشوار طويل قطعه في الكتابة الأدبية تجاوز ربع قرن أصدر خلاله 11 كتاباً و4 روايات، و8 مجموعات قصصية، إلى جانب عدد من المسرحيات.

الكاتب عبد الرحيم كمال حاز جائزة التفوق (الشرق الأوسط)

وفاز بالجوائز التشجيعية في مجال الفنون المخرج محي الدين يحيى في مجال الفيلم القصير عن فيلمه «شقة المبتديان»، فيما فاز في فرع الفنون الجدارية مها جميل وعلي عبد الفتاح مناصفة عن عملهما الجداري «الأمل والتفاؤل»، كما فاز الدكتور فادي عبد الفتاح بالجائزة في مجال الجرافيك عن عمله «إنزوائيات» المكون من 14 قطعة.

وفي مجال الآداب، فازت رواية «القبودان» لمارك أمجد، والمجموعة القصصية «حين يغيب العالم» لفاطمة محمد أحمد، وفاز في مجال الشعر محمد عرب صالح بجائزة شعر الفصحى عن ديوانه «دائرة حمراء حول رأسي»، والشاعرة ريم أحمد المنجي بجائزة شعر العامية عن ديوانها «روايح زين».

وعدّ الناقد محمد بهجت: «أغلب الجوائز ذهبت لمن يستحقها»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «محمد فاضل رمز من رموز الدراما المصرية و أعماله تمثل تاريخاً حافلاً ومؤثراً في حياتنا»، وأشار إلى أن «فوز الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة بجائزة النيل للمبدعين العرب جاء عن استحقاق لأنه صاحب أيادٍ بيضاء على الثقافة العربية بأسرها، وهو مؤسس أهم مهرجان مسرحي في الوطن العربي حالياً وهو (أيام الشارقة المسرحية)»، كما أعرب بهجت عن سعادته بفوز الدكتور حسين حمودة كناقد له تاريخ طويل وحافل، وعبد الرحيم كمال ككاتب مبدع، بخلاف تفوقه في الأعمال الدرامية وأحدثها مسلسل «الحشاشين».