استهداف مدرعة روسية في إدلب يتحدى «التنسيق» بين موسكو وأنقرة

TT

استهداف مدرعة روسية في إدلب يتحدى «التنسيق» بين موسكو وأنقرة

أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن ناقلة جند مدرعة تابعة للشرطة العسكرية الروسية تعرضت لهجوم صاروخي في محافظة إدلب، ما أدى لوقوع ثلاثة جرحى بين العسكريين.
وكان لافتاً أن الهجوم وقع أثناء إخلاء تركيا إحدى نقاط المراقبة المتفق عليها مع الجانب الروسي، وتزامن مع مباحثات أجراها وزير الخارجية سيرغي لافروف مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في سوتشي، ركز خلالها الطرفان على «التنسيق الوثيق»، وتطلعا لدفع «العمل المشترك» في سوريا.
وقال نائب رئيس مركز المصالحة الروسي في سوريا، فياتشيسلاف سيتنيك، إن الهجوم وقع عصر الثلاثاء، أثناء انسحاب نقطة المراقبة التركية من منطقة الهضبة الخضراء في الجزء الجنوبي الشرقي من منطقة خفض التصعيد في إدلب. وأوضح أن ناقلة الجند المدرعة تعرضت لإطلاق نار من صاروخ مضاد للدبابات من الأراضي الخاضعة لسيطرة «العصابات الموالية لتركيا». موضحاً أن ثلاثة جنود روس كانوا على متن الناقلة أصيبوا بجروح، لكن حالتهم الصحية مستقرة ولا يوجد تهديد على حياتهم.
وأكد المسؤول العسكري الروسي أن «قيادة القوات الروسية في سوريا تعمل بالتعاون مع السلطات السورية والجيش التركي، على تحديد هوية المسلحين المتورطين في الهجوم على المدرعة».
وكان الجيش التركي أتم انسحابه الثلاثاء من نقطة المراقبة التركية التي يحاصرها الجيش السوري في منطقة «الهضبة الخضراء» بريف حلب.
وذكر نائب رئيس المركز الروسي أن الهجوم وقع أثناء قيام العسكريين الروس بتأمين إخراج مركز المراقبة التركي الواقع في الجزء الجنوبي الشرقي من منطقة وقف التصعيد في إدلب. ولفت تزامن الحادث مع انسحاب الجانب التركي من المنطقة، وخلال وجود جاويش أوغلو في روسيا، إلى ما وصف بأنه «تحد لجهود روسيا التي أصرت على إعادة تموضع القوات التركية في إدلب، وانسحابها من النقاط العسكرية التي باتت في عمق مناطق سيطرة القوات النظامية» وفقا لتعليق خبير روسي.
وكان الوزيران لافروف وأوغلو شددا خلال محادثاتهما على «تعزيز التنسيق الكامل» ومواصلة العمل المشترك في سوريا. وفي إشارة إلى الوضع حول إدلب، ركز لافروف على ضرورة الوفاء بالاتفاق المبرم بين رئيسي البلدين، فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان. مشيراً إلى أن «بعض المهام التي حددتها القيادة في البلدين لم تتحقق بعد. ونود أن يحدث ذلك بشكل أسرع». في إشارة إلى فشل الطرفين حتى الآن في إنشاء ممر أمني تم الاتفاق عليه جنوب الطريق السريع «إم 4».
من جانبه، أكد أوغلو على أهمية مواصلة العمل المشترك، وتطرق إلى دعم مسار اللجنة الدستورية، لكنه تجاهل إشارة لافروف إلى ملف اللاجئين، ما شكل نقطة تباين أخرى حيال الوضع في سوريا بين الجانبين.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس، وصول سرية من الشرطة العسكرية الروسية إلى نقطة مراقبة مشتركة مع الجيش السوري في مدينة عين عيسى شمال سوريا. وكان سيتنيك قال في وقت سابق، إن «الوضع غير المستقر يتطور في منطقة عين عيسى، وتم إرسال وحدات إضافية من الشرطة العسكرية الروسية إلى هناك». وأعلنت موسكو لاحقًا عن تجميد تسيير دورياتها على مقطع الطريق السريع «إم 4» بين تل تمر وعين عيسى لحين استقرار الوضع. ومع تمركز القوات الروسية في منطقة عين عيسى، تكون هذه النقطة الثالثة التي ستراقب فيها القوات الروسية والسورية بشكل مشترك تنفيذ قرارات وقف النار في مناطق الشمال السوري.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».