«الدستورية» التركية لا ترى انتهاكاً لحقوق كافالا

رغم استمرار احتجازه لأكثر من 3 سنوات من دون إدانة

دبلوماسيون غربيون يحضرون محاكمة كافالا في 18 ديسمبر (أ.ف.ب)
دبلوماسيون غربيون يحضرون محاكمة كافالا في 18 ديسمبر (أ.ف.ب)
TT

«الدستورية» التركية لا ترى انتهاكاً لحقوق كافالا

دبلوماسيون غربيون يحضرون محاكمة كافالا في 18 ديسمبر (أ.ف.ب)
دبلوماسيون غربيون يحضرون محاكمة كافالا في 18 ديسمبر (أ.ف.ب)

اعتبرت المحكمة الدستورية العليا في تركيا احتجاز رجل الأعمال الناشط الحقوقي البارز، عثمان كافالا، لا تنتهك حقوقه في الحرية والأمن الشخصي، على الرغم من الإدانات الدولية الواسعة ومطالبة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بالإفراج الفوري عنه. واتخذت المحكمة الدستورية، أمس، قرارها في طعن مقدم من دفاع كافالا بشأن استمرار احتجازه، بأغلبية 7 من أصل 8 أعضاء.
وقررت محكمة في إسطنبول، في 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، استمرار حبس كافالا (63 عاماً)، في اتهامه بالتجسس والضلوع في محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في 15 يوليو (تموز) 2016 والتي تتهم السلطات حركة «الخدمة» التابعة للداعية فتح الله غولن بتدبيرها، في الوقت الذي كانت المحكمة الدستورية العليا تدرس فيه ما إذا كان توقيفه، المستمر من دون إدانة لأكثر من 3 سنوات، قانونياً.
واعتقلت السلطات التركية كافالا، في مدينة غازي عنتاب في 19 أكتوبر (تشرين الأول) 2017، دون الإفصاح عن سبب احتجازه، وجرى نقله إلى مديرية أمن إسطنبول، بحجة وجود أمر سري بالتحقيق، وفي الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) من العام ذاته، جرى نقله إلى سجن سيليفري شديد الحراسة في غرب إسطنبول.
وبرّأت المحكمة الجنائية العليا في إسطنبول، في فبراير (شباط) الماضي، كافالا من تهم التجسس ومحاولة الإطاحة بالنظام الدستوري عبر تمويل احتجاجات «جيزي بارك» التي اندلعت في مايو (أيار) 2013 احتجاجاً ضد المساس بالبيئة وإزالة أشجار من حديقة أتاتورك التاريخية لصالح مخطط لتنظيم ميدان «تقسيم» وتطورت إلى احتجاجات في أنحاء البلاد ضد حكومة إردوغان، رئيس الوزراء في ذلك الوقت.
لكن كافالا اعتُقل بعد ذلك بساعات بعد تغيير تهمته إلى التجسس ودعم محاولة الانقلاب الفاشلة على إردوغان. وفي حال إدانته بتهمة الضلوع في محاولة قلب النظام الدستوري عبر محاولة الانقلاب الفاشلة، سيحكَم على كافالا، الذي رفض إردوغان بشدة فكرة الإفراج عنه، بالسجن مدى الحياة. وتحمل تهمة التجسس عقوبة بالسجن 20 سنة إضافية.
وكان كافالا، المولود في باريس، عضواً مؤسساً لمنظمة «المجتمع المفتوح»، التي أسسها جورج سورس، كما ترأس مجموعة تعمل على تعزيز العلاقات بين الثقافات المختلفة من خلال الفنون عبر «مؤسسة الأناضول الثقافية» التي يتولى رئاستها. وسبق للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وكذلك لواشنطن والاتحاد الأوروبي، أن طالبوا أنقرة بإطلاق سراح كافالا على الفور، لكن إردوغان رفض جميع هذه القرارات.
واعتبر الاتحاد الأوروبي، أن استمرار السلطات التركية في احتجاز كافالا انتهاكاً مستمراً للحكم الملزم قانوناً الصادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، داعياً أنقرة إلى إطلاق سراح كافالا على وجه السرعة، وأنها بصفتها دولة مرشحة للاتحاد الأوروبي، تحتاج تركيا بشكل عاجل إلى تحقيق تقدم ملموس ومستدام في احترام الحقوق الأساسية، والتي تعد حجر الزاوية في العلاقات بين الاتحاد وتركيا.
وتنظر المنظمات الحقوقية الدولية قضية كافالا مؤشراً على وضع حرية التعبير في عهد إردوغان، الذي حكم تركيا رئيساً للوزراء ومن ثم رئيساً للبلاد منذ عام 2003. ويحظى كافالا بمكانة كبيرة في أوساط المجتمع المدني في تركيا، خاصة أنه من أنصار التواصل مع مختلف المكونات الدينية والعرقية في البلاد، ودعم أنشطة ثقافية لتحقيق هذا الهدف.
وحذّر الاتحاد مراراً من انهيار دولة القانون في تركيا في ظل ممارسات قمعية غير مسبوقة رافقت محاولة الانقلاب الفاشلة، واعتقال الصحافيين والسياسيين والناشطين المعارضين لإردوغان، والرفض المتكرر لقرارات محكمة حقوق الإنسان الأوروبية المتعلقة بانتهاك حقوق الموقوفين القانونية وإطالة فترة الحبس الاحتياطي دون توجيه اتهامات.
وأقر البرلمان التركي، الأحد الماضي، قانوناً يشدد من رقابة الحكومة على منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والخيرية، يسمح لوزارة الداخلية وحكام الولايات بوقف أنشطتها، في خطوة تعزز سيطرة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على منظمات المجتمع المدني، بعد المؤسسات الرسمية. ويمنح القانون الذي اقترحه حزب العدالة والتنمية الحاكم، بدعم من حليفه حزب الحركة القومية، لوزارة الداخلية والولاة سلطة حل مجالس إدارات الجمعيات بعد الحصول على موافقة السلطات القضائية إذا كان المشرفون على الجمعيات يواجهون اتهامات بالإرهاب، كما يمنح القانون للشرطة حق الاطلاع على أي مستندات تخص الجمعيات. وكافالا من أبرز رؤساء منظمات المجتمع المدني الذين يحاكَمون بتهم تتعلق بالتجسس والإرهاب، ووصفت منظمة العفو الدولية استمرار احتجازه بأنه «عار» على تركيا.
في سياق موازٍ، أصدرت المحكمة الجنائية في غازي عنتاب (جنوب تركيا) أمس حكماً بالحبس 11 شهراً و20 يوماً على أوموت جان كاداش، رئيس أمانة الشباب بحزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، في غازي عنتاب لإدانته بتهمة «إهانة رئيس الجمهورية» على مواقع التواصل الاجتماعي، استناداً إلى تغريدة على «تويتر» بتاريخ 16 مايو 2015 انتقد فيها إردوغان.
وتعد جريمة «إهانة رئيس الجمهورية» الواردة في المادة 299 من قانون العقوبات التركي، واحدة من أكثر أدوات القمع السياسي وكبت حرية التعبير خلال السنوات الأخيرة، وتتراوح عقوبة مرتكبها بالحبس لمدة تتراوح بين سنة و4 سنوات. وبحسب وزارة العدل التركية، نظرت المحاكم 6 آلاف و33 قضية تتعلق بإهانة الرئيس في عهد إردوغان، الذي تولى الرئاسة عام 2014، نفذت الأحكام الصادرة فيها بحق ألفين و99 متهماً. وبلغ عدد قضايا إهانة إردوغان في 2018 نحو 5 آلاف قضية، مقابل 4 آلاف و187 قضية في عام 2016. وارتفع عدد التحقيقات بتهمة إهانة إردوغان في 2018 إلى 26 ألفاً و115 بزيادة مقابل 20 ألفاً و539 تحقيقاً في 2017.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».