«هدنة غوتيريش» لمواجهة «العدو المشترك»... حبر على ورق

نزاعات استمرت على حالها في 2020... فكيف تبدو ملامحها في 2021؟

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش  (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غوتيريش» لمواجهة «العدو المشترك»... حبر على ورق

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش  (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب)

في 23 مارس (آذار) الماضي، وجَّه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش نداء لوقف إطلاق النار في مختلف النزاعات حول العالم، قائلاً إن المطلوب مواجهة «العدو المشترك» للبشرية ممثلاً بفيروس «كورونا» الذي كان آنذاك في ذروة انتشاره، بموجته الأولى، عالمياً. قال: «ضعوا حداً لمرض الحرب، وحاربوا المرض الذي يعصف بعالمنا. ويبدأ ذلك بوقف القتال في كل مكان. الآن. فهذا ما تحتاج إليه أسرتنا البشرية، الآن أكثر من أي وقت مضى».
لكن نداءه هذا لم يجد - كما يبدو - آذاناً كثيرة صاغية، فبقي حبراً على ورق، وظل القتال متواصلاً في كثير من النزاعات، بينما «العدو المشترك» للبشرية - بحسب وصف غوتيريش - واصل فتكه بمجتمعات المعمورة. كان عدد حالات الإصابة المسجلة بـ«كورونا»، عند صدور النداء الأممي، ما يقرب من 300 ألف حالة في أنحاء العالم، وأكثر من 12 ألف وفاة، وفق منظمة الصحة العالمية، قبل أن يرتفع هذا الرقم مع نهاية 2020، إلى أكثر من مليون و700 ألف وفاة وأكثر من 78 مليون إصابة.
هذه جولة سريعة على بعض نزاعات العالم التي كان يُفترض أن تهدأ في 2020 بموجب «هدنة غوتيريش»:

أفغانستان
لم يستمع المشاركون في النزاع الأفغاني لدعوة غوتيريش لوقف النار بسبب «كورونا»؛ لكن حروبهم خلال عام 2020 شهدت نوعاً من التهدئة. لم يكن لهذه التهدئة أي علاقة بالوباء الذي ضرب أفغانستان كما ضرب غيرها من دول العالم. كانت نتيجة اتفاق توصلت له إدارة الرئيس دونالد ترمب مع حركة «طالبان»، وقضى بأن تتوقف الحركة عن شن هجمات ضد القوات الأميركية (وليس قوات الحكومة الأفغانية) بهدف تسهيل انسحابها من «المستنقع» الغارقة فيه منذ الغزو عام 2001، وبناء أيضاً على إصرار الرئيس ترمب على سحب قواته من مناطق النزاعات «التي لا تنتهي» حول العالم. الاتفاق الذي وُقع في الدوحة في 29 فبراير (شباط)، قضى أيضاً ببدء حوار أفغاني – أفغاني حول مستقبل بلادهم وإطلاق آلاف الأسرى؛ لكن «طالبان» بدت وكأنها تفاوض من موقع قوة، مطمئنة إلى أن انسحاب الأميركيين يمنحها أفضلية ميدانية على حكومة الرئيس أشرف غني في كابل.
من المفترض أن تُستأنف المفاوضات بين «طالبان» و«إدارة كابل» (تصر «طالبان» على أنها إدارة وليست حكومة) في بدايات يناير (كانون الثاني) 2021، على أمل أن تصل إلى اتفاق على تشكيل حكومة مشتركة من الجانبين. لكن متشككين يرون أن «طالبان» تحاول كسب الوقت؛ لأنها تعرف أن «إدارة كابل» ستكون في موقف ضعيف بعد انسحاب الأميركيين الذين كان يفترض - بحسب الاتفاق - أن يكملوا سحب معظم قواتهم بحلول منتصف 2021؛ لكن ترمب أمر بتسريع الانسحاب ليكتمل معظمه قبل أن يحين موعد تسليمه السلطة إلى جو بايدن في يناير.
مع انسحاب الأميركيين من أفغانستان تعود إلى الأذهان مشاهد صور انسحابهم من سايغون عام 1975، في نهاية «المستنقع الفيتنامي». فهل سيشهد النزاع الأفغاني فعلاً مزيداً من التصعيد في 2021؟ سيعتمد ذلك - إلى حد ما - على سياسة الإدارة الجديدة في البيت الأبيض، وهل سيواصل بايدن سياسة سلفه ترمب في الانسحاب الكامل، أم أنه سيقرر إبقاء ما يكفي من قوات في أفغانستان، لإفهام «طالبان» أنها لا تستطيع تحقيق انتصار عسكري، وأن الحل يمر عبر مفاوضات أفغانية – أفغانية لتقاسم السلطة.

سوريا
بعد الهزيمة التي لحقت بتنظيم «داعش» بخسارته آخر معاقله في الباغوز بريف دير الزور في مارس 2019، وبعد ذلك مقتل زعيمه أبو بكر البغدادي بريف إدلب في أكتوبر (تشرين الأول) من العام ذاته، هدأت جبهات القتال السورية المرتبطة بهذا التنظيم، لا سيما في شرق البلاد؛ لكن سنة 2020 شهدت عودة لافتة لنشاط «الـدواعش»، لا سيما في البادية السورية مترامية الأطراف؛ حيث كثف التنظيم هجماته على مواقع قوات النظام وقوافلها، كما صعَّد من عمليات الاغتيال التي استهدفت مناوئيه في مناطق شرق الفرات الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»، وهي تحالف كردي – عربي يدعمه الأميركيون.
ولكن في مقابل انحسار المواجهات ضد «داعش»، شهدت جبهات القتال بين قوات النظام وحلفائه الروس وبين جماعات المعارضة المدعومة من تركيا تصعيداً كبيراً في بدايات عام 2020. فقد شنت قوات النظام، بغطاء جوي روسي، هجوماً واسعاً على مواقع المعارضة في أرياف حماة وإدلب وحلب بشمال غربي البلاد. وبعد معارك عنيفة وبالغة الدموية، تمكنت قوات النظام من السيطرة على عشرات القرى والبلدات وأبرزها مدينة معرة النعمان، ذات الرمزية الفائقة. ومع انهيار فصائل المعارضة تحت كثافة القصف الروسي، دخلت تركيا بثقل أكبر على الخط، فدخل جيشها مباشرة في المعارك، سواء من خلال القصف المدفعي أو بطائرات «الدرون» المسيرة، أو من خلال الإشراف على غرفة عمليات فصائل المعارضة. وكاد ذلك أن يقود إلى مواجهة مباشرة تركية - روسية، إذ أدى قصف جوي على قافلة تركية إلى مقتل عشرات الجنود الأتراك. وتطلبت التهدئة عقد لقاء بين الرئيسين التركي والروسي رجب طيب إردوغان وفلاديمير بوتين، انتهى إلى تثبيت خريطة السيطرة بحسب المناطق التي تقدمت إليها قوات النظام، على أن يتم كذلك فتح طريق «إم 4» الرابط بين شرق سوريا وغربها، وكذلك طريق «إم 5» الرابط بين جنوب سوريا وشمالها. ورغم حصول مناوشات مستمرة بين مواقع قوات النظام وفصائل المعارضة بريف إدلب، فإن خطوط التماس لم تتغير قيد أنملة خلال بقية شهور سنة 2020، مع تسجيل دفع تركيا بآلاف الجنود ومئات المدرعات إلى شمال غربي سوريا، ما يعني فعلياً عدم توقع حصول تغيير مهم على الأرض خلال العام الجديد.
ورغم هدوء جبهات إدلب إلى حد كبير من مارس 2020، فإن السنة المنصرمة شهدت غارات جوية عديدة استهدفت على وجه الخصوص قادة جماعات إسلامية متشددة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، وخصوصاً قادة جماعة «حراس الدين».
ولا شك أن تطور مسار النزاع السوري خلال العام الجديد سيكون أيضاً مرتبطاً - نوعاً ما - بالسياسة التي ستنتهجها إدارة بايدن، وهل ستنخرط في شكل أكبر في النزاع السوري، أم أنها ستواصل سياسة ترمب بسحب الجنود من مناطق النزاعات حول العالم.

العراق
شهد عام 2020 سلسلة عمليات قامت بها قوات الأمن العراقية ضد معاقل تنظيم «داعش» في مناطق مختلفة من البلاد. ورغم ذلك سُجل نشاط متزايد لخلايا هذا التنظيم، في مؤشر إلى إعادته تنظيم نفسه بعد هزيمته العسكرية قبل عامين. وفي موازاة عمليات الكر والفر بين قوات الأمن العراقية وخلايا «داعش»، عاش العراق طوال السنة الماضية على هاجس حصول مواجهة أميركية – إيرانية، سواء مباشرة، أو بـ«الوكالة»، على أرضه. وكانت سنة 2020 قد بدأت بمواجهة خطيرة بين إيران والولايات المتحدة، عندما قتلت طائرات أميركية قائد لواء القدس في «الحرس الثوري» قاسم سليماني، ومعه القيادي العراقي في «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، بغارة جوية قرب مطار بغداد. وردت طهران بإطلاق عشرات الصواريخ الباليستية ضد قاعدتين ينتشر بهما جنود أميركيون في العراق، من دون أن يؤدي ذلك إلى سقوط قتلى، إذ كان الأميركيون قد تبلغوا عبر القنوات الدبلوماسية بموعد الرد الإيراني ومكانه. ورغم احتواء تلك المواجهة في يناير، استمرت جماعات عراقية، مرتبطة على الأرجح بالاستخبارات الإيرانية، في شن هجمات متفرقة على قوافل إمداد القوات الأميركية، أو إطلاق صواريخ على مقر سفارة الولايات المتحدة في المنطقة الخضراء ببغداد. ومع انتهاء السنة وبداية السنة الجديدة، تبقى المواجهة الأميركية – الإيرانية هاجس العراقيين؛ خصوصاً في ضوء معلومات عن إعداد إدارة ترمب لائحة خيارات للرد على إيران والميليشيات المتحالفة معها.
وليس واضحاً تماماً كيف سيتعامل بايدن مع هذا الملف الساخن؛ لكن العراق يمكن أن يبقى، في الفترة المنظورة على الأقل، ساحة «تبادل رسائل» بين الإيرانيين والأميركيين.

ليبيا
هنا بالتأكيد لم يكن لنداء غوتيريش أي صدى على أرض الواقع. فقد كان ربيع 2020 محور تحول كبير في مجرى الصراع. بدأت ملامح هذا التحول من خلال الانخراط العسكري التركي الواسع في النزاع الليبي، تمثل في إرسال آلاف المرتزقة السوريين لدعم حكومة «الوفاق» في طرابلس، بالإضافة إلى إرسال كميات ضخمة من الآليات العسكرية والطائرات المسيرة. أدى دخول الجيش التركي على خط القتال إلى قلب موازين المعركة، وأرغم «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، على الانسحاب؛ ليس فقط من المناطق المحيطة بطرابلس؛ بل من كامل الغرب الليبي. وشهد القتال هدوءاً منذ يونيو (حزيران) عندما ثبَّتت مصر «خطاً أحمر» في سرت والجفرة، مهددة بالتدخل عسكرياً في حال حاولت قوات «الوفاق»، بدعم تركي، التقدم شرقاً. وساهم التحذير المصري في إعادة إطلاق مسار المفاوضات بين الأطراف الليبية، توج في أكتوبر باتفاق على وقف النار وإخراج المرتزقة الذين يقاتلون إلى جانب الطرفين المتحاربين («الجيش الوطني» و«الوفاق») خلال 90 يوماً؛ لكن هذا الاتفاق لا يبدو في طريقه للتنفيذ، إذ لم تظهر مؤشرات على تحضير أي من الطرفين لسحب المقاتلين الأجانب، سواء مرتزقة تركيا السوريين أو المرتزقة الروس من جماعة «فاغنر». ومع نهاية سنة 2020، مدد برلمان تركيا مهمة قواتها في ليبيا لمدة 18 شهراً، بناء على طلب الرئيس إردوغان، ما أوحى بأن لا حل قريباً للأزمة الليبية، وأن النزاع سيستمر في العام الجديد، بين هبة حارة وهبة ساخنة، كعادته منذ عام 2011، تاريخ سقوط نظام معمر القذافي.

الساحل الأفريقي
في وقت تراجع فيه نشاط «داعش» في سوريا والعراق ومناطق عديدة أخرى، سجل هذا التنظيم فورة لنشاطه في الساحل الأفريقي خلال سنة 2020. فقد شن مقاتلو هذا التنظيم، ومنافسوهم من عناصر تنظيم «القاعدة»، سلسلة هجمات واسعة النطاق خلال 2020 في نيجيريا ومالي والنيجر وبحيرة تشاد، أسفرت عن مئات الضحايا.
ورغم نجاح القوات الفرنسية في قتل زعيم «فرع القاعدة في المغرب الإسلامي» أبو مصعب عبد الودود (عبد المالك دروكدال) في شمال مالي قرب الحدود الجزائرية، فإن نشاط هذا التنظيم لم يخفت. لكن لوحظ في هذا الإطار أن عام 2020 شهد تصاعداً للمواجهات المسلحة بين مقاتلي «داعش» و«القاعدة» في الساحل الأفريقي، في تكريس للتنافس الواضح بين هذين التنظيمين. ويوحي مشهد عام 2020 بأن نزاعات دول الساحل الأفريقي ليست في طريقها لأي تهدئة فعلية في العام الجديد.

الصومال
لم تشهد جبهات القتال في الصومال طوال عام 2020 أي تغيير جوهري، إذ واصلت «حركة الشباب»، فرع «القاعدة» في شرق أفريقيا، شن هجمات على مواقع عسكرية لقوات الأمن الصومالية، وكذلك عبر إرسال انتحاريين يفجرون أنفسهم في العاصمة مقديشو على وجه الخصوص؛ لكن القوات الصومالية حافظت إلى حد كبير على مواقعها، مدعومة بانتشار عسكري أميركي (قرابة 700 عسكري) وبغطاء جوي توفره طائرات أميركية مسيرة كانت تضرب في شكل متكرر قيادات «الشباب» ومواقع تجمعاتهم؛ لكن نهاية 2020 حملت معها ملامح تحول محتمل. فقد قرر «البنتاغون»، بناء على طلب الرئيس ترمب، سحب جنوده من الصومال بحلول بداية 2021، وهو ما بُدئ فوراً في تنفيذه. ويعني الانسحاب الأميركي أن سيناريو أفغانستان يمكن أن يتكرر في الصومال أيضاً، إذ إن «حركة الشباب» قد تشعر، كما تشعر «طالبان»، بأن الوقت لمصلحتها، وبأن انسحاب الأميركيين سيعني إضعاف حكومة مقديشو؛ لكن ربما من المبكر الحكم على مثل هذا السيناريو في 2021، إذ إن القيادة الأميركية تصر على أنها ستواصل ضرب «الشباب» إذا هددوا «القوات الشريكة» لهم، أي قوات الأمن الصومالية. كما أن هناك آلاف الجنود الأفارقة الذين يدعمون قوات الحكومة الصومالية، والذين يمكن أن يلعبوا دوراً أساسياً في حماية مقديشو، سواء بقي الأميركيون أم انسحبوا.

قره باغ
بقي النزاع في ناغورنو قره باغ جامداً إلى حد كبير منذ تسعينات القرن الماضي، عندما سيطر مواطنون أرمن على هذه المنطقة التابعة لأذربيجان (يسميها الأمن «أرتساخ»). في سبتمبر (أيلول) الماضي، شنت أذربيجان، بدعم عسكري تركي، هجوماً واسعاً على مناطق السيطرة الأرمنية في هذا الجيب المتنازع عليه، وحققت نجاحات سريعة على الأرض. ومع تقدم القوات الأذرية نحو عاصمة الإقليم، ستيباناكرت، أضطر الأرمن إلى الإقرار بالهزيمة وقبول وساطة روسية قضت بتسليم معظم قره باغ إلى القوات الأذرية، ونشر قوة سلام روسية تمنع حصول صدام جديد بين الطرفين.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.