تصاعد الاحتجاجات... حصيلة 100 يوم من عمر الحكومة التونسية

جانب من الاحتجاجات التونسية وسط العاصمة (رويترز)
جانب من الاحتجاجات التونسية وسط العاصمة (رويترز)
TT

تصاعد الاحتجاجات... حصيلة 100 يوم من عمر الحكومة التونسية

جانب من الاحتجاجات التونسية وسط العاصمة (رويترز)
جانب من الاحتجاجات التونسية وسط العاصمة (رويترز)

ميزت حصيلة 100 يوم من عمر الحكومة التونسية الجديدة، برئاسة هشام المشيشي، تصاعد وتيرة الاحتجاجات الاجتماعية، التي رفعت شعار «التنمية والتشغيل»، حيث كان معدل التحركات الاحتجاجية اليومية في حدود 17 مظاهرة في البداية، غير أنه تضاعف بنسبة تناهز 152 في المائة‏، ليبلغ عددها 3387 احتجاجا، أي بمعدل حوالي 33 تحركا احتجاجيا في اليوم الواحد. وبدأ التصاعد التدريجي لهذه المظاهرات منذ 14 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ليبلغ أقصاه خلال أسبوع واحد، مسجلا زيادة بنسبة 350 في المائة، مقارنة بالمعدل اليومي للاحتجاج المسجل يوم تسلم المشيشي مهامه في الثالث من شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.
إلى ذلك، انتقدت سفارة فرنسا في تونس تصريحات محسن مرزوق، رئيس «حركة مشروع تونس» المعارضة، ونفت بشكل قاطع ما ورد بها من أن الرئاسة التونسية عبرت للسفير الفرنسي بتونس عن عدم رضاها من زيارة رئيس الحكومة هشام المشيشي إلى العاصمة الفرنسية باريس، بداية الأسبوع الحالي.
وعبرت سفارة فرنسا في تونس في بلاغ لها عن أسفها لطريقة التعاطي مع هذه الزيارة، وقالت إن رئيس الحكومة التونسية قام بزيارة عمل إلى باريس، التقى خلالها بنظيره الفرنسي جان كاستكس، ورئيسي الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، وممثلي منظمة رجال الأعمال (ميديف)، بهدف الإعداد للمجلس الأعلى للتعاون، الذي سيعقد في مارس (آذار) المقبل في العاصمة التونسية.
في السياق ذاته، أوضحت سفارة فرنسا بتونس أن هذا الموعد المهم «سيتيح ترجمة خطوة جديدة للشراكة المميزة بين فرنسا وتونس لصالح الشعبين بشكل ملموس»، وفقاً للتوجهات التي حددها الرئيسان ماكرون وسعيد خلال زيارة الرئيس التونسي إلى باريس في شهر يونيو (حزيران) الماضي.
وما تزال الزيارة التي قام بها المشيشي إلى فرنسا تتعرض حتى الآن لسيل جارف من الانتقادات في تونس، خاصةً أنه لم يتم استقباله من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وعبرت عدة أحزاب معارضة ومنظمات حقوقية عن امتعاضها من التصريح الذي أدلى به المشيشي إلى قناة «فرنسا 24» حول الهجرة غير النظامية، وربطها بالإرهاب. كما أن عدم توجه الوفد الحكومي إلى إيطاليا المجاورة، التي كانت مبرمجة خلال نفس الرحلة، بحجة إصابة وزير المالية علي الكعلي بكورونا، لم تكن مقنعة، وكانت بدورها محل انتقادات لاذعة من الإعلام المحلي.
على صعيد غير متصل، أعلنت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري (الهايكا) أنها أحالت ملف «إذاعة القرآن الكريم»، التي ترجع ملكيتها إلى سعيد الجزيري، رئيس حزب الرحمة، الممثل في البرلمان، على النيابة العامة، وذلك بعد تسجيل خرق جسيم في برنامج تم بثه في 16 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وحمل خطابا تمييزيا يقوم على إهانة كرامة المرأة، من خلال تشبيهها بـ«المصنع» و«آلة إنجاب»، وهو ما يمثل انتهاكا صارخا لكرامة الإنسان، والنيل من الجنس اللطيف، على حد تعبير رئيسها، نوري اللجمي. وكان سعيد الجزيري، النائب عن حزب الرحمة (إسلامي)، قد صرح على أمواج إذاعته الخاصة «إذاعة القرآن الكريم»، غير المرخص لها، بأن المرأة أصبحت تتزوج اليوم في سن 38 و40 عاما في حين أن «المصنع يشغل الناس، بدءا من عمر 14 سنة»، وهو ما أثار حفيظة المنظمات والجمعيات المدافعة عن حقوق المرأة. كما قال الجزيري بأن المرأة «مجرد آلة للإنجاب... وهذه الماكينة لا تعمل شيئا بعد الأربعين».
يذكر أن تحالف «ائتلاف الكرامة» سبق أن هاجم المرأة التونسية من خلال حديثه عن «الأمهات العازبات»، اللاتي ينجبن خارج إطار الزواج، ووصفهن بـ«العاهرات»، وهو ما خلف ردود فعل قوية شجبت تدخل محمد العفاس، النائب البرلماني عن «ائتلاف الكرامة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».