تنديد رسمي عربي وإسلامي بنشر الرسوم المسيئة.. وتواصل الاحتجاجات

«التعاون الإسلامي» تتجه إلى مقاضاة مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية

شعارات «نحن مسلمون» رفعتها نساء الصومال في مظاهرة العاصمة مقديشو ضد الرسوم المسيئة أمس (أ.ف.ب)
شعارات «نحن مسلمون» رفعتها نساء الصومال في مظاهرة العاصمة مقديشو ضد الرسوم المسيئة أمس (أ.ف.ب)
TT

تنديد رسمي عربي وإسلامي بنشر الرسوم المسيئة.. وتواصل الاحتجاجات

شعارات «نحن مسلمون» رفعتها نساء الصومال في مظاهرة العاصمة مقديشو ضد الرسوم المسيئة أمس (أ.ف.ب)
شعارات «نحن مسلمون» رفعتها نساء الصومال في مظاهرة العاصمة مقديشو ضد الرسوم المسيئة أمس (أ.ف.ب)

لم يقتصر التنديد بنشر صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية مجددا رسما للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) على الجانب الشعبي إسلاميا وعربيا، بل تعداه إلى الجانب الرسمي، حيث عبر عدد من الزعماء والحكومات العربية والإسلامية عن إدانتهم لتصرف الصحيفة الفرنسية «غير المسؤول»، فأدان بشدة الرئيس الأفغاني أشرف غني أمس الرسم الكاريكاتوري الجديد المسيء للنبي محمد الذي نشرته مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية الساخرة، واصفا إياه بالإهانة الكبيرة للإسلام والمسلمين. وتأتي الأنباء بعد 3 أيام من نشر ما يطلق عليه موضوع الناجين الذي تم ابتكاره في أعقاب الهجوم القاتل على مقر «شارلي إيبدو» في باريس والذي راح ضحيته 12 شخصا. ووصف الرئيس غني الرسم بـ«المخزي» ونشره بـ«العمل غير المسؤول بالمرة»، وذلك في بيان أصدره القصر الرئاسي.
وشدد غني على أن حرية التعبير يجب أن تستخدم للتعايش السلمي وتقريب الأديان. وقال: «لسنوات تعاني أفغانستان - أكثر من أي دولة أخرى - من الحرب والعنف. وبالتالي يشعر هذا البلد أكثر من آخرين بالحاجة إلى التعايش السلمي بين كل الأمم في العالم».
بيعت 5 ملايين نسخة من الإصدار الأخير من «شارلي إيبدو» في مختلف أنحاء العالم الأسبوع الحالي.
وفي نواكشوط، خاطب الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز آلاف المتظاهرين منددا بالإرهاب وبالرسم المتخيل للنبي محمد (عليه الصلاة السلام) وشدد على رفضه توجيه الإساءة للمسلمين في أي صحيفة بحجة حرية التعبير. أكدت منظمة التعاون الإسلامي أنها تفكر جديا في مقاضاة المجلة الفرنسية «شارلي إيبدو»، على خلفية إعادة نشرها الرسوم المسيئة للنبي محمد في أول عدد أصدرته عقب الهجوم الذي شنه متطرفون على الصحيفة خلال الأيام الماضية.
ونددت هيئة كبار العلماء السعودية باستمرار المجلة الفرنسية في نشر الرسوم المتطاولة على النبي محمد، مؤكدة أن هذه الرسوم «لا تمت إلى حرية الإبداع والتفكير بصلة».
وتجددت المظاهرات في عدد من العواصم العربية والإسلامية احتجاجا على الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية مؤخرا للنبي محمد.
وتجمع نحو 15 ألف شخص أمس في جمهورية إنغوشيا في القوقاز الشمالي الروسي، احتجاجا على نشر بعض البلدان الغربية رسوما كاريكاتورية اعتبروها مسيئة للنبي محمد، بعد أسبوع من الاعتداء على مجلة «شارلي إيبدو» في باريس.
وفي ماغاس عاصمة إنغوشيا، احتجت الحشود على «الرسوم الكاريكاتورية للنبي، ومعاداة الإسلام وإهانة معتقدات المسلمين»، كما قال لوكالة الصحافة الفرنسية المكتب الصحافي للحكومة الإقليمية التي سمحت بالتظاهرة.
واعتبر رئيس هذه الجمهورية المسلمة الصغيرة يونس بك يفكوروف، الرسوم الكاريكاتورية بمثابة «تطرف دولة من طرف بعض البلدان الغربية» معربا في بيان نشر على موقع الإدارة الإقليمية، عن الأسف لأن سلطاتها «تحاول تحريض المؤمنين من مختلف الأديان والقوميات على بعضهم البعض».
وفي حين نوهت روسيا بالمسيرة التاريخية في باريس ضد الإرهاب، نحى الكثير من وسائل الإعلام والمسؤولين الروس بأنفسهم عن التضامن الدولي الذي ما زالت تثيره اعتداءات الأسبوع الماضي. وفي هذا السياق دعت الهيئة الروسية لمراقبة وسائل الإعلام «روسكومندزور» وسائل الإعلام الروسية إلى «الامتناع عن نشر» الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد.
وقالت في بيان إن «الرسوم الكاريكاتورية تناقض المعايير الأخلاقية والمعنوية المسلم بها طيلة قرون من التعايش بين مختلف الشعوب والأديان في أراضي الاتحاد الروسي». ومن المتوقع أن تخرج تظاهرة أخرى غدا في جمهورية الشيشان المجاورة. فيما اعتبر زعيم الشيشان رمضان قادروف الذين قاموا بعمل تلك الرسوم أنهم «أشخاص ليس لهم قيم روحية وأخلاقية» مؤكدا أن 500 ألف شخص سيشاركون في تظاهرة غد. وتجددت المظاهرات في النيجر احتجاجا على الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد، مما تسبب في حدوث أضرار ببعض الممتلكات، بحسب ما ذكره صحافي محلي. وأضاف الصحافي إبراهيم عثمان هاتفيا أن كنيستين أحرقتا في العاصمة.
وقالت وزارة الداخلية إن «المظاهرات التي خرجت أول من أمس في منطقة زيندر جنوب البلاد أسفرت عن مقتل 4 أشخاص من بينهم ضابط شرطة». وأصيب أكثر من 50 شخصا. وأضرم المتظاهرون النار في مركز ثقافي فرنسي والكثير من المباني الأخرى وأحرقوا علم فرنسا ونهبوا 3 كنائس.
وأحرق المتظاهرون أيضا إطارات السيارات بينما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.
وقال أحد المتظاهرين: «سننظم المزيد من المظاهرات إذا استمرت (شارلي إيبدو) في نشر الرسوم الكاريكاتورية لنبينا».
وكانت هجمات منفصلة على صحيفة «شارلي إيبدو» والشرطة ومتجر يهودي في باريس بدأت في 7 يناير (كانون ثان) وأسفرت عن مقتل 20 شخصا من بينهم 3 من المهاجمين الذين قتلوا برصاص الشرطة. ويعتقد أن الهجمات جاءت ردا على الرسوم التي نشرتها المجلة الأسبوعية في السابق. وردت المجلة بنشر مزيد من الرسوم يوم الأربعاء الماضي.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.