في مدينة فرفييه البلجيكية القريبة من الحدود مع هولندا وألمانيا عادت الحياة إلى طبيعتها في صباح اليوم التالي للأحداث التي وقعت على مسافة قريبة من محطة قطار المدينة، وعرفت تبادلا لإطلاق النار بين الشرطة ومسلحين لقي اثنان منهم مصرعهما وأصيب الثالث مما أثار حالة من الذعر والفزع بين السكان، أدى إلى تشديد الإجراءات الأمنية في إطار 12 خطوة أعلنت عنها الحكومة، وتتضمن نشر الجيش لمساعدة الشرطة على حماية «الأماكن الحساسة»، وتوسيع لائحة الإرهاب لتشمل من يسافر للقتال في الخارج وإمكانية تجميد أرصدتهم وسحب الجنسية، والإقامة القانونية لفترة محددة ومواجهة التشدد في السجون، وإنشاء مجلس للأمن القومي، ودعم عمل أجهزة الاستخبارات الأمنية. وأثناء تجولنا في المدينة التقيت بعدد من البلجيكيين، وأبناء الجالية المسلمة في المدينة للتعرف على ردود الفعل على ما حدث.
وقالت سيدة عربية تقيم بالقرب من مكان الحادث وكانت غاضبة بسبب ما جرى «من يرد الذهاب إلى سوريا للموت هناك فليذهب ، لكن نحن هنا لماذا نتحمل نتائج هذا الأمر، نحن نعيش في رعب منذ ما حدث، لم نستطع النوم وما زلنا نعاني بسبب ما حدث، وهو أمر يسيء إلينا جميعا».
وأضافت السيدة فاطيمة في تصريحاتها لـ«الشرق الأوسط»: «إنها استمعت إلى دوي انفجارات، وإطلاق أعيرة نارية وظلت في منزلها هي وأولادها في حالة من الرعب» وأضافت أن والدها جاء منذ عشرات السنين وتعيش هي وأولادها وأحفادها في هذه المدينة في أمان «فلماذا يحدث هذا، ونشوه صورتنا بين البلجيكيين». وكانت السيدة فاطيمة تتحدث لـ«الشرق الأوسط» ونحن نقف أمام الحواجز الأمنية التي وضعتها الشرطة لغلق الشارع بينما كان رجال التحقيق والبحث الجنائي يستأنفون عملهم في الشارع، وكان هناك حضور إعلامي ملحوظ من الصحافيين البلجيكيين والدوليين، ورفضت سيدة بلجيكية في تصريحاتها لـ«الشرق الأوسط» أن تربط بين ما حدث والإسلام والمسلمين، وقالت هذا تصرف فردي وليس له علاقة بالإسلام، ونحن ليس لدينا مشاكل مع الإسلام أو المسلمين، ولكن عليهم أن لا يفعلوا مثل هذه الأمور لأنها غير مقبولة. وعند ما شاهدت شخصا ملتحيا يقف بالقرب من المكان سألته عن رأيه فقال بأن ما حدث لا يمت للإسلام بأي صلة ويخشى الشاب العربي الذي لم يذكر اسمه، أن يكون هناك تداعيات للحادث على الجالية المسلمة، وقال: إن هناك عنصرية في المجتمع البلجيكي إلى حد ما، ولكن أخشى أن تزداد العنصرية بعد الحادث. وقال يوهان وهو في الـ50 من عمره «ما حدث أمر مخيف وهناك مسؤولية مشتركة عما حدث لكل من الحكومة والجالية المسلمة وعلى الأخيرة، أن لا تحاول فرض ثقافتها وأن يندمجوا في المجتمع ومن يرفض ذلك عليه أن يعود من حيث أتى».
وعلى المستوى الرسمي أكد رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال، عدم وجود تهديدات إرهابية جديدة تستهدف البلاد. جاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده ميشال أمس لعرض حزمة الإجراءات التي أقرتها حكومته لتدعيم العمل على محاربة التطرف والإرهاب: «لا تتوفر دلائل ولا معلومات عن وجود تهديدات داخل الأراضي البلجيكية»، وفق كلامه.
وأكد أن الإجراءات التي تبنتها الحكومة تأتي ضمن برنامج عملها وتعبر عن تصميمها استخدام كافة الوسائل المتاحة للتصدي للخطر. وأوضح أن هناك 12 إجراء قانونيا وأمنيا جديدا ستنفذها السلطات المعنية تباعا خلال شهر من الآن، حيث «ستخضع هذه الإجراءات للمعاينة الدقيقة بشكل دوري»، وفق كلامه.
ومن بين هذه الإجراءات، توسيع الإطار القانوني لتعريف الجرائم المتصلة بالإرهاب وتشديد العقوبات عليها، وإعطاء المزيد من الإمكانيات المادية والتقنية لقوات الأمن والسلطات القضائية للقيام بعملها بشكل أكثر فاعلية. كما تتضمن الإجراءات تسهيل عمليات سحب الجنسية وتوسيع نطاق تطبيقها أو الاحتجاز المؤقت لبطاقات الهوية وجوازات السفر الخاصة بأشخاص على علاقة بأنشطة إرهابية. وتتعلق الإجراءات الجديدة كذلك بتعزيز التعاون بين السلطات المدنية والأمنية داخل البلاد، والعمل على مواجهة التطرف داخل السجون عبر مراقبة، وعزل المساجين «الخطرين» وكانت السلطات البلجيكية قد قررت رفع مستوى التأهب الأمني إلى 3 من أصل 4. ما يعني وضع الجيش في حالة تأهب واستعداد للتدخل ومساندة قوات الشرطة والأمن في عمليات نوعية داخل البلاد. ويذكر أن عدة مدن بلجيكية، بما فيها العاصمة بروكسل، قد شهدت عمليات دهم واعتقالات أسفرت عن مقتل شخصين واستجواب 13 شخصا ومصادرة أسلحة ووثائق.
وأشارت النيابة العامة الفيدرالية إلى أن بعض الأشخاص المستهدفين عادوا منذ فترة قصيرة من سوريا: «وكانوا يخططون لمهاجمة مقرات الشرطة بشكل خاص»، وفق كلام المتحدث باسم النيابة إيريك فإن دير سيبت. وأوضحت النيابة العامة أن بعض الأشخاص الذين تم استهدافهم يحمل الجنسية البلجيكية، دون تقديم تفاصيل أخرى أو إيضاح ما إذا كان بينهم نساء. بينما أعلنت النيابة العامة الفيدرالية في بلجيكا أمس أن عملية مكافحة الإرهاب الواسعة النطاق التي جرت الخميس في البلاد أسفرت عن توقيف 15 شخصا اثنان منهم في فرنسا في سياق تفكيك خلية كانت تستعد لاعتداءات تهدف إلى «قتل شرطيين».
وأعلن ممثل عن النائب العام تييري فيرتس أن بلجيكا ستطالب بتسليم البلجيكيين اللذين أوقفا في فرنسا في إطار هذا التحقيق. وصرح «كانت المجموعة على وشك تنفيذ اعتداءات إرهابية، وخصوصا قتل عناصر من الشرطة في الشارع وفي مراكز الشرطة».
ورفضت النيابة العامة أن تحدد جنسية أو هوية عناصر الخلية وعدد العائدين من سوريا بينهم واكتفى فيرتس بالقول هناك «غالبية من البلجيكيين». وكانت استمرت عمليات المداهمة والملاحقات الأمنية، في عدة مناطق من بلجيكا، بحثا عن أشخاص يشكلون خلية، تضم عناصر، عادت مؤخرا من العمليات القتالية في سوريا، فيما قررت السلطات رفع درجة الاستنفار الأمني في كل أنحاء البلاد إلى الدرجة 3 ومن جانبها توقعت إدارة مكافحة الإرهاب في البلاد أن تحدث هجمات جديدة كرد فعل من عناصر عادت مؤخرا من سوريا على حادث «فرفييه»، بينما جدد هانس بونتي عمدة مدينة فيلفورد القريبة من العاصمة بروكسل، دق جرس الإنذار من جديد بسبب خطر العائدين من القتال في مناطق الصراعات وطالب بوحدة كوماندوز من الجيش لمواجهة الخطر.. وفي نفس الإطار قررت المدارس اليهودية في كل من بلجيكا والدولة الجارة هولندا، إغلاق أبوابها الجمعة، تخوفا من تعرضها لتهديدات إرهابية. وقررت السلطات البلجيكية رفع درجة التأهب والاستنفار الأمني إلى الدرجة «3» في كل أنحاء البلاد وفي بعض المناطق إلى الدرجة 4 وهي أعلى درجات حالة الخطر وتركزت عمليات التأهب والانتشار الأمني حول مراكز الشرطة والمحاكم ومؤسسات أخرى، ومن جانبه قال وزير الدفاع البلجيكي ستبفان فندنبوت، أن الجيش على أتم الاستعداد للانتشار في الشوارع لتقديم الدعم المطلوب للشرطة في تأمين بعض المؤسسات والمباني الحيوية في البلاد في حال صدر قرار من الحكومة بهذا الصدد.
«الشرق الأوسط» في مدينة فرفييه: رعب وخوف من العائدين من سوريا
بلجيكا: حزمة إجراءات لمواجهة المتطرفين عقب إحباط هجمات تستهدف مراكز الشرطة
«الشرق الأوسط» في مدينة فرفييه: رعب وخوف من العائدين من سوريا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة