«محكمة الحريري» تصدر حكماً بالسجن المؤبد على سليم عياش

بعد إدانته بتهمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق وأربع تهم أخرى

صورة وزعتها المحكمة الدولية لسليم عياش  (رويترز)
صورة وزعتها المحكمة الدولية لسليم عياش (رويترز)
TT

«محكمة الحريري» تصدر حكماً بالسجن المؤبد على سليم عياش

صورة وزعتها المحكمة الدولية لسليم عياش  (رويترز)
صورة وزعتها المحكمة الدولية لسليم عياش (رويترز)

حكمت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، أمس، على القيادي في «حزب الله» سليم عياش (57 عاماً)، المدان بالتآمر لقتل رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، بخمس عقوبات بالسجن المؤبد.
كانت المحكمة دانت في أغسطس (آب)، عياش، كمذنب وحيد في عملية اغتيال الحريري، وذلك بعدما برأت المتهمين السابقين أسعد صبرا وحسين عنيسي وحسن حبيب مرعي.
ووجهت المحكمة لعياش حينها، خمس تهم هي قتل الحريري عمداً باستعمال مواد متفجرة، وقتل 21 شخصاً آخر عمداً باستعمال مواد متفجرة، فضلاً عن محاولة قتل 226 شخصاً عمداً باستعمال مواد متفجرة، وتحضير مؤامرة هدفها ارتكاب عمل إرهابي، وارتكاب عمل إرهابي باستعمال أداة متفجرة.
واعتبر القاضي ديفيد راي من المحكمة، أن الجرائم التي ارتكبها عياش «خطيرة إلى درجة أنها تتطلب العقوبة القصوى» وأن «المخالفات على درجة كبيرة من الخطورة إلى حد أن الظروف التي يمكن اعتبارها تخفيفية وتسمح بخفض العقوبة، نادرة»، مؤكداً أن «الدائرة الابتدائية ترى وجوب فرض العقوبة القصوى لكل من الجرائم الخمس، وهي السجن مدى الحياة، وتنفذ في وقت واحد».
وخلال جلسة استماع في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قال المدعون إن السجن المؤبد هو «الحكم الوحيد العادل والمناسب» لسليم عياش، معتبرين أن الأمر يتعلق بـ«أخطر هجوم إرهابي وقع على الأراضي اللبنانية». كما طالبوا بمصادرة أملاك عياش.
ويواجه عياش تهماً أخرى، إذ وجهت له المحكمة الدولية العام الماضي تهمتي «الإرهاب والقتل» لمشاركته في ثلاثة اعتداءات أخرى استهدفت سياسيين بين عامي 2004 و2005.
وفي أول تعليق على الحكم، اعتبر النائب المستقيل والوزير السابق مروان حمادة، الذي اتهم عياش بمحاولة قتله، أن الحكم بالسجن المؤبد «على مجرم غائب قد يبدو تافهاً، إن قورن بمستوى وفظاعة الجريمة»، إنما الأمر «يشكل وقبل كل شيء درساً للقضاء اللبناني الذي تقاعس في زمن شلال الدم باستثناء بعض المدعين العامين ونوابهم الذين خاطروا بحياتهم وسلامة عائلاتهم من أجل التنسيق مع محكمة لاهاي».
يُشار إلى أنه حُكم على العياش غيابياً، إذ إنه لم يسجل له أي ظهور منذ بدء عمل المحكمة، هذا فضلاً عن رفض «حزب الله» تسليم أي من عناصره إلى المحكمة التي أعلن رفض قراراتها باعتبارها «مسيسة».
ويواجه سليم عياش محاكمة أخرى في المحكمة نفسها، تتعلق بثلاثة اعتداءات دموية أخرى ضد سياسيين لبنانيين في عامي 2004 و2005.
ورأى حمادة أن الحكم على عياش يشكل أيضاً «وصمة أبدية ذات سمة دولية بحق المتهمين المعروفين والقتلة المحجوبين، المنقط عليهم من جميع اللبنانيين وكل العرب وجميع المسلمين والعالم بأسره»، معتبراً أن «ليس عياش وحده الذي قرر وخطط وعبأ وجند واشترى وركب وراقب وجهز وفجر واغتال» وليس هو «بمفرده من نسج المؤامرة، وأكمل التنسيق بين طهران ودمشق، وأوكار الإرهاب، وأقبية المخابرات، ومخازن الـ(تي إن تي) والـ(سي فور)، واشترى السيارات والشاحنات، ودبر خطوط الهاتف، وأعد فرق الاغتيال وجند المضللين».
كانت المحكمة الخاصة بلبنان اعتبرت أن اغتيال الحريري اغتيال «سياسي» نفذه «الذين شكل الحريري تهديداً لهم»، مع الإشارة إلى أنه «ليس هناك دليل على أن قيادة (حزب الله) كان لها دور في الاغتيال» وأنه «ليس هناك دليل مباشر على ضلوع سوريا في الاغتيال».
ورأى حمادة أن «العقوبة التي نزلت بعياش ليست بحد ذاتها بروفة ثأرية من أحد على أحد، ولا تحقيقاً لعدالة ضربت من قبل أهل الاغتيال وحلفائهم منذ الساعات الأولى وعلى مدى سنوات اقتراف الجرائم»، وأن عياش «يبقى هو، ولو وحده، الصلة الفاقعة والدامغة التي تربط الجريمة بشلة المجرمين الكبار، ولو غاب منهم السواد الأعظم بفضل العدالة الإلهية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.