إسرائيل وبايدن... لا مشكلة حقيقية بينهما

الخلاف بين «مؤسسة السلطة» في تل أبيب من جهة ونتنياهو من جهة ثانية

إسرائيل وبايدن... لا مشكلة حقيقية بينهما
TT

إسرائيل وبايدن... لا مشكلة حقيقية بينهما

إسرائيل وبايدن... لا مشكلة حقيقية بينهما

«إذا كان لا بد من عمل ضروري لجعل العلاقات الأميركية - الإسرائيلية في عهد الرئيس المنتخب جو بايدن، علاقات جيدة، فعلينا أن نجري مفاوضات بين إسرائيل كدولة ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو. نحن لا نخاف على إسرائيل من بايدن؛ فهو صديق وحليف قديم رصيده زاخر بالأحداث التي أثبت خلالها إخلاصه للحلف الاستراتيجي مع إسرائيل. أما مشكلتنا فهي مع نتنياهو، الذي نخشى أن يحاول تكرار صداماته مع البيت الأبيض إبان عهد باراك أوباما. لقد كان بايدن هناك في البيت الأبيض، كنائب للرئيس، شاهداً حيّاً على الكثير من المحادثات الهاتفية الساخنة بين تل أبيب وواشنطن. وعندما كان أوباما يغلق الخط، كان بايدن يسمعه يشتم بكلمات من الوزن الثقيل. وهو بالتأكيد كان يتمنى لو أن نتنياهو غير موجود في رأس هرم الحكم الإسرائيلي، ويحسب ألف حساب للتعامل معه. ومع ذلك فإنه سيواصل العمل بحذر حتى لا يكون سبباً في خلافات معه»... بهذه الكلمات لخّص متحدّث صورة الموقف السياسي في تل أبيب وواشنطن هذه الأيام، عشية دخول جو بايدن إلى البيت الأبيض.
قائل الكلمات أعلاه هو أحد الجنرالات السابقين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، ولقد دخل الحلبة السياسية وغادرها بسرعة، ويعمل في مجال الأبحاث السياسية والاستراتيجية. واليوم يسمح الرجل لنفسه بأن يقول: «إذا كان هناك تنافس بين بنيامين نتنياهو وجو بايدن فإنني ممن يتمنون ألا يكون الفوز من نصيبنا. لأن لدينا رئيس حكومة يكرّس كل شيء، أيضاً في العلاقات الخارجية، لمصلحة معركته الشخصية».
لكن منذ أن تجرأ بنيامين نتنياهو على الاعتراف بنتائج الانتخابات الأميركية واتصل ليهنئ الرئيس الجديد بايدن، تبذل جهود كثيرة لإقناعه بضرورة أخذ زمام المبادرة وفتح صفحة جديدة معه ومع الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة. ويقف وراء هذه الجهود كثيرون: قادة يهود الولايات المتحدة، وأنصار إسرائيل في الحزب الديمقراطي، ومسؤولون في أجهزة الأمن في البلدين، والسفير الإسرائيلي في واشنطن، رون دريمر، وعدد من رجال الأعمال في البلدين، ورئيس «المؤتمر اليهودي العالمي» رون لاودر، ورئيس «الوكالة اليهودية» يتسحاك هيرتسوغ... وغيرهم. هؤلاء جميعاً يرون أن مصلحة إسرائيل تقتضي تحسين علاقاتها مع بايدن.
وكما يقول الدكتور إلداد شافيت، الباحث الاستراتيجي في معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، فإن انتخاب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة يحتّم على إسرائيل إعادة النظر في سياساتها وأساليب تعاونها مع إدارته الجديدة. ويقول: «لا أحد ينكر أنه طيلة السنوات التي عمل خلالها في الميدان السياسي وتولى منصب نائب الرئيس، أظهر الرئيس المنتخب تعاطفاً والتزاماً تجاه إسرائيل وحاجاتها الأمنية ومصالحها. وفي الوقت نفسه، اعتادت إسرائيل وقيادتها على إدارة رئاسية مختلفة تماماً عن إدارة باراك أوباما خلال السنوات الأربع الماضية. ففي ظل إدارة ترمب تطابقت المواقف في معظم الأحيان، وقُدّمت هدايا أميركية كثيرة لنتنياهو، كالاعتراف بالقدس عاصمة ونقل السفارة الأميركية إليها من تل أبيب، والاعتراف بضم الجولان، وتشريع الاستيطان، وغير ذلك. ولكن، مع تسلّم إدارة جديدة، ستضطر الدولتان إلى أن تتعلما مجدداً كيفية العمل معاً. ومن وجهة نظر إسرائيل، سيكون من الضروري تضييق الفجوات التي تبدأ على ما يبدو بالظهور بين البلدين».
- إسرائيل وإيران والفلسطينيون
من الصعب القول، في أي مجال، إن «إسرائيل تريد هذا أو ذاك»، لأن إسرائيل ليست كتلة موحّدة في مواقفها، حتى إزاء القضايا الاستراتيجية. وكما هي الولايات المتحدة ممزّقة بين تيارين في الحكم، يمثلهما الحزبان الجمهوري والديمقراطي، في إسرائيل تمزّق أكبر. وثمة صراعات بين عدة تيارات: اليمين يفكر بطريقة واليسار مضاد له، والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية لها حسابات مختلفة، ورئيس الوزراء نتنياهو يُعتبر تياراً مختلفاً عن الجميع، يتحكم به وضعه القضائي ومحاكمته بتهمة الفساد.
حكومة نتنياهو، اليوم، تريد من إدارة بايدن اتخاذ مواقف متشددة من المشروع النووي الإيراني وإحباطه، وتقييد قدرات طهران على إنتاج صواريخ باليستية بعيدة المدى. كذلك تريد مساندة أميركية لها في عملياتها المثابرة في ضرب التموضع الإيراني في سوريا، والسعي لإخلاء الشام من الوجود العسكري الإيراني المباشر، وضرب الميليشيات الإيرانية، بما في ذلك «حزب الله»، كي لا يجعل من الجولان الشرقي جبهة حرب جديدة مع إسرائيل. وأخيراً، تريد أيضاً مواصلة دعمها للضغوط على «حزب الله» في لبنان.
هذه الحكومة تعرف تماماً أن بايدن ليس ترمب ولن يكون كذلك. ومع هذا فإنها تريد منه، أولاً، ألا يلغي شيئاً من المواقف التي اتخذها ترمب، وكانت بمثابة هدية لنتنياهو، مثل قضايا القدس والجولان والاستيطان. وأيضاً الاستمرار في التوصل إلى اتفاقيات السلام مع العالم العربي. وعموماً، أن تكون سياسته أقرب ما يمكن لسياسة ترمب. وحقاً، أطلق نتنياهو تصريحات واضحة بشأن بعض المواضيع تدل على أنه لن يتنازل عن طروحاته. وفي الموضوع الإيراني يقال إن اغتيال عالم الذرة في قيادة «الحرس الثوري» محسن فخري زادة - الذي تنسبه جهات أجنبية إلى إسرائيل - جاء رسالة من نتنياهو لبايدن مفادها أن لديه وسائل ضغط ومسار عمل مستقلاً مع طهران.
في الموضوع السوري لا يقف نتنياهو وحده، بل تشاركه «المؤسسة الأمنية»، أي الجيش والاستخبارات، الرأي بضرورة محاربة التموضع الإيراني العسكري. وإذا كان ثمة اكتفاء قبل سنتين بإبعاد القوات الإيرانية عن حدود وقف إطلاق النار مع إسرائيل في الجولان لمسافة 70 - 80 كلم، فإن مطلب نتنياهو و«المؤسسة» بات اليوم يتجاوز الإخلاء ليصل إلى الانسحاب التام من سوريا. وبالذات، إبعاد الميليشيات التابعة لإيران من الجنوب السوري تماماً. ويعلن الفريقان أن كل فرد من الميليشيات في هذه المنطقة وكل موقع، سيكون هدفاً للتصفية.
وحقاً، وحسب مصدر عسكري كبير في الجيش الإسرائيلي، فإن القصف الذي تنفذه إسرائيل في سوريا «يحتوي على رسالة يفهمها جيداً النظام السوري والقادة الإيرانيون وقيادة (حزب الله) أيضاً، مفادها أن أي حراك أو استفزاز أو ضربة توجه لإسرائيل سيأتي الرد عليها أقسى بعشرات الأضعاف، وستكون موجهة إلى العناصر الثلاثة معاً: الجيش السوري ومواقع الوجود الإيراني والمواقع التي تنطلق منها العمليات». وضرب مثلاً على ذلك في القصف الأخير في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إذ اكتُشِف لغم قرب الحدود مع إسرائيل فقصفت ثمانية أهداف داخل سوريا، ما أدى لمقتل 11 شخصاً، بينهم سوريون وإيرانيون.
أما في الموضوع الفلسطيني، فالانطباع في إسرائيل أن بايدن لن يسارع لتقديم مقترحاته الخاصة. ولم يتضح إلى أي مدى سترى إدارته القادمة في «خطة القرن» التي طرحها ترمب، أو في مكوّناتها، أساساً لتجديد العملية السياسية. مع ذلك فإن نتنياهو يدرك أن بايدن سيعيد العلاقات بين الإدارة الأميركية والسلطة الفلسطينية، وسيعيد فتح مكاتب منظمة التحرير في واشنطن، وأيضاً سيخصّص مساعدات مالية سنوية، وسيسعى لتقييد المشروع الاستيطاني، وسيؤيد حل الدولتين ويبقيه على الأجندة الدولية. ولذا فإن حكومة نتنياهو تحاول الاستفادة مما تبقى من فترة ترمب لإقرار مشاريع استيطانية. وتستعد لمواجهة مطالب الإدارة الجديدة، مع الأمل بوقوع الفلسطينيين في أخطاء يسهل استغلالها لعرقلة التقدم في الحلول والتسويات.
أخيراً، هناك موضوع لا خشية في إسرائيل من تراجع فيه عند بايدن، وهو موضوع العلاقات الثنائية في المجال العسكري والأمني؛ فالدعم الأميركي السنوي بقيمة 38 مليار دولار، يعود أصلاً لعهد أوباما - بايدن وسيستمر. والجيش الإسرائيلي يقيم علاقات تعاون وشراكة مباشرة مع الجيش الأميركي، لا تتأثر بسوء العلاقات بين السياسيين، لأنها مبنية على تقييم مهني للمصالح المشتركة. والأمر نفسه ينطبق على التعاون الاستخباري والحرب «السيبرانية».
السؤال إذن هو: متى سيطرح موقف نتنياهو من هذه القضايا مع بايدن؟
- اتصالات غير مستفزة
أوساط سياسية عليمة، تؤكد أن رجال نتنياهو باشروا الاتصالات مع طاقم بايدن، ولكن بحذر شديد كي لا يغيظوا ترمب، وأن هذه الاتصالات ستزداد وثوقاً عندما يدخل بايدن رسمياً إلى البيت الأبيض، ثم إن نتنياهو سيواصل التقليد التاريخي بالقيام بزيارة رسمية إلى واشنطن في أقرب وقت ممكن، بعد تنصيب الرئيس الأميركي، وهو لن يكتفي بالعلاقات الثنائية معه، بل سيسعى إلى «تشكيل جبهة إيجابية مع الدول العربية التي تواجه الإشكاليات نفسها مع الإدارة الديمقراطية في واشنطن».
أحد المسؤولين في حزب «كحول لفان» (أزرق - أبيض)، يضع قضية العلاقة مع بايدن «كواحدة من القضايا التي توجب على نتنياهو الحفاظ على حكومته الحالية لكي تقوّي مركزه في واشنطن». ويقول إن بايدن أقرب بفكره إلى أبرز قادة «كحول لفان» بيني غانتس (رئيس الحكومة البديل ووزير الأمن) وغابي أشكنازي (وزير الخارجية)، مما هو من نتنياهو. ويرى أنه في حال استمرار الحكومة وتعذّر التوجه لانتخابات مبكرة، سيسعى غانتس وأشكنازي إلى إجراء حوار مهني جدّي وودود مع فريق بايدن. ثم يضيف «هناك أمور تحتاج بشكل ملح إلى مداولات إيجابية. إننا على دراية جيدة بتوجّه كان قد بدأ خلال عهد أوباما، واستمر في حقبة ترمب، وسيبقى على الأرجح خلال ولاية بايدن، ألا وهو: الحدّ، إلى أقصى درجة ممكنة، من الوجود العسكري الأميركي في المنطقة. وليس بوسع إسرائيل وضع حدّ لهذا التطور. لكن من وجهة نظرنا، ونظر الشركاء العرب، يجب ألا يُلحق هذا القرار الضرر بصورة الولايات المتحدة كقوة رائدة في المنطقة، وألا يتمّ اعتباره وكأنه يحدّ من التزام الولايات المتحدة تجاه حلفائها في المنطقة، خصوصاً أن هناك من يسعى لملء الفراغ مثل روسيا والصين. وهناك القضية الإيرانية، التي نخشى أن يعيد بايدن فيها عقارب الساعة إلى الوراء فيعود إلى الاتفاق النووي. وهنا ينبغي أن يكون لنا وللشركاء العرب المتضرّرين من سياسة إيران وممارساتها، كلمة وتأثير. وإذا توجّهت إدارة بايدن لاتفاق جديد فنحن نريد اتفاقاً موسّعاً يشمل الصواريخ الباليستية واتفاقاً يمنع إيران من تطوير قدراتها النووية العسكرية بأي حال، وكذلك نريد نظام تفتيش صارماً... ولكي يحصل هذا ينبغي ألا يتوقف نظام العقوبات الشديدة».
- قلق بين الباحثين
في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أجرى معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، يوماً دراسياً حول العلاقة بين حكومة بنيامين نتنياهو وإدارة جو بايدن، تضمنت «سيناريوهات» متعددة، وتجلّى خلالها القلق من تكرار الخلافات التي سادت إبّان عهد باراك أوباما.
شارك في المداولات مجموعة من الخبراء والاستراتيجيين والجنرالات السابقين في الجيش. وأكدوا أنه «بعد أربع سنوات من إدارة ترمب، التي كان لإسرائيل خلالها تأثير كبير على السياسة الأميركية، سيتوجب عليها إجراء تعديلات تلائم الواقع الجديد وصياغة استراتيجية محدثة لاتصالها مع الفريق الذي سيقود السياسة الخارجية المقبلة. ومع أن بايدن يُعد صديقاً لإسرائيل، فمن المتوقع أن يكون متشككاً إزاء نيات الحكومة الإسرائيلية بسبب الرواسب المتبقية من فترة نهاية عهد أوباما، والعلاقة الحميمة التي سادت بين نتنياهو وترمب. وبالتالي، يحتاج كلا الجانبين إلى تعلم العمل معاً مجدداً، ومن المحتمل أن تكون الإدارة الجديدة مهتمة بالمبادرة». لذا، مهم جداً (وفق الخبراء) أن تصل إسرائيل إلى الاجتماع مع الإدارة الجديدة «بأيدٍ نظيفة»، ومن المهم استيعابها السريع لحقيقة أن الواقع تغيّر، وأن عليها تكييف السلوك مع السياسة الأميركية المتبلوِرة وطريقة سلوك الرئيس المقبل والإدارة الجديدة.
ومن ثم خرج الباحثون بتوصيات مفصلة في أساسها «أن تحافظ إسرائيل، أقله في الأشهر المقبلة، على الحوار مع الإدارة الجديدة بتكتم، مع تجنب الانتقاد وتقديم النصائح على الملأ، وتجنب إجراءات التحدي بشكل خاص. ويجب عليها أيضاً الامتناع عن الظهور وكأنها تحاول تطويق الإدارة من خلال الكونغرس، خاصة إذا بقيت الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ومن المهم، كذلك، أن تجدول إسرائيل القضايا التي ستُطرح للنقاش وفقاً للأولويات. إذ يجب التركيز على القضية الإيرانية التي من المحتمل أن تنشأ الخلافات حولها. كما يجب على إسرائيل عرض خطوات يمكن دفعها قدماً، لا مجرد التركيز على رفض الأفكار التي تطرحها الإدارة. ومن المتوقع أيضاً أن تطفو الفجوات في القضية الفلسطينية. وفي هذا السياق، يجب أن تركز الاستراتيجية الإسرائيلية على محاولة إقناع الإدارة الجديدة بالحفاظ على المكوّنات الإيجابية لـ(خطة القرن)، مع ضمان عدم رفض الإدارة للبرنامج بأكمله بفعل الرغبة بالتنكر لإرث ترمب».
من التوصيات أيضاً «عمل إسرائيل على تنسيق السياسة الإقليمية، لا سيما في سياق الخطوات التي تتخذها إسرائيل لكبح التوسع الإيراني. وعلى إسرائيل أيضاً تكييف علاقتها مع الولايات المتحدة بشأن التنافس بين القوى العظمى، وتكثيف التعاون التكنولوجي معها إلى حد إنشاء تحالف تكنولوجي يقف في طليعة الصراع بين القوى. أضف إلى ذلك، من المهم التركيز على الفور على بذل جهود قوية لاستعادة العلاقات مع الحزب الديمقراطي، بما في ذلك إنشاء خطوط اتصال مفتوحة مع الأعضاء المنتخبين في الحزب الديمقراطي، وكذلك مع الجالية اليهودية في الولايات المتحدة».
ولكن، ما يبقى ناقصاً في طرح هذه القضية هو الوضع السياسي غير المستقر في إسرائيل، فإذا دخلت إلى معركة انتخابات جديدة، فستتحول العلاقة مع إدارة ترمب إلى موضوع انتخابي تتغلّب فيه السياسة الحزبية على الصورة الشمولية وتحدياتها. وإذا بقيت الحكومة الحالية بقيادة نتنياهو، فإن المسألة ستكون موضع نقاشات وخلافات داخل الحكومة نفسها. وعليه، فإن الموقف الإسرائيلي سيحاط بالضبابية... وحتى واشنطن، بمكانتها وأدواتها، لن تستطيع الحصول على صورة واضحة للموقف الإسرائيلي.
- اليهود الأميركيون... هم الأكثر قلقاً
- الشروخ في العلاقات بين حكومة بنيامين نتنياهو وبين إدارة أوباما - بايدن، تسببت بشروخ كبيرة أيضا بين تل أبيب وبين يهود الولايات المتحدة. وحسب دراسة أجريت أخيراً في مقر «الوكالة اليهودية العالمية» في القدس الغربية، فإن يهود أميركا هم الأكثر قلقاً من خطر العودة إلى الصراعات القديمة. ولذلك فهم يستصرخون المسؤولين الإسرائيليين طالبين رأب الصدع في أسرع وقت ممكن.
اليهود الأميركيون، حقاً، شريحة مهمة في العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة. وبما أن معظمهم (77 في المائة) صوّتوا لصالح جو بايدن في الانتخابات الأخيرة، فإنهم لا يثقون بنتنياهو، ويتوجهون إلى «الوكالة اليهودية» و«المؤتمر الصهيوني العالمي» ورئيس الدولة في إسرائيل رؤوبين رفلين، طالبين إعادة اللحمة إلى اليهود، وإقناع نتنياهو ببذل جهد حقيقي لفتح صفحة جديدة مع الحزب الديمقراطي وزعيمه الرئيس بايدن، والامتناع عن تكرار الخلافات والصراعات التي سادت في عهد أوباما.
المعروف أن عدد اليهود في العالم يقارب 15 مليوناً، يعيش منهم في إسرائيل نحو 7 ملايين وفي الولايات المتحدة 6 ملايين. ولليهود الأميركيين تأثير على الحياة السياسية الأميركية وذلك نتيجة لانخراطهم في العمل السياسي وتبرّعاتهم السخية. ولكن خلافات سياسية كبيرة انفجرت بينهم وبين إسرائيل منذ حكومة بنيامين نتنياهو سنة 2009 وحتى اليوم، إذ إن الأخير كسر التقليد المبدئي للحركة الصهيونية بالالتزام بتحاشي الاصطفاف إلى جانب حزب ضد آخر في الولايات المتحدة، وبنى حلفاً صريحاً مع الحزب الجمهوري، ودخل في حرب علنية مع الرئيس الديمقراطي باراك أوباما. وطوال السنوات الأربع الأخيرة، بنى نتنياهو سياسته على التحالف مع الرئيس دونالد ترمب، غير المحبوب لدى يهود أميركا. والآن، مع انتخاب بايدن، ثمة قلق لدى العديد من الأوساط اليهودية في إسرائيل والولايات المتحدة من أن ينعكس التحيّز الإسرائيلي الرسمي سلباً على علاقة بايدن مع إسرائيل.



اتهامات ترمب تحدث زوبعة سياسية في نيجيريا

الرئيس النيجيري السابق غودلاك جوناثان (آ ف ب)
الرئيس النيجيري السابق غودلاك جوناثان (آ ف ب)
TT

اتهامات ترمب تحدث زوبعة سياسية في نيجيريا

الرئيس النيجيري السابق غودلاك جوناثان (آ ف ب)
الرئيس النيجيري السابق غودلاك جوناثان (آ ف ب)

أثارَ الرئيس الأميركي دونالد ترمب عاصفةً من الجدل في نيجيريا، منذُ أن أعلن الحرب على «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» فور وصوله إلى السلطة، خصوصاً حين اتهمها بتمويل جماعات إرهابية من بينها «بوكو حرام»، التنظيم الإرهابي الذي يخوض حرباً داميةً ضد نيجيريا منذ 2009، قتل فيها عشرات آلاف النيجيريين. في نيجيريا لا صوتَ يعلو اليوم على مطالب التحقيق في مزاعم وصول أموال الوكالة الأميركية إلى «بوكو حرام»، ومحاسبة المتورطين في القضية جميعاً؛ لأن النقاش الذي يدور في الصحافة المحلية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، أخذ أبعاداً خطيرة بعد اتهام شخصيات في الوسط السياسي والمجتمع المدني بأنها متورطة في إيصال أموال الوكالة إلى التنظيم الإرهابي. واتسعت دائرة الجدل ليطرح أسئلة حول خطورة أموال المساعدات الخارجية على الأمن القومي للدول المستفيدة منها، خصوصاً إثر الكلام عن دور سياسي لعبته تمويلات «الوكالة» في خسارة الرئيس النيجيري الأسبق غودلاك جوناثان رئاسيات 2015.

منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في يناير (كانون الثاني) الماضي، وقَّع الرئيس العائد عدداً من القرارات أو «الأوامر التنفيذية»، التي كان في مقدمها قرار بتعليق جميع المساعدات الخارجية الأميركية باستثناء تلك المخصَّصة لمصر وإسرائيل. وكانت الذريعة، انتظار التدقيق في نشاطات «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» التي ظلت لأكثر من 7 عقود تمثّل وجه الدبلوماسية الناعمة للولايات المتحدة.

ترمب يريد اليوم طيّ حقبة هذه الوكالة، وأسند مهمة تفكيكها إلى الملياردير إيلون ماسك، وزير «كفاءة العمل الحكومي» في فريقه الخاص. ولم يتأخر الأخير في وضع يده على جميع وثائق الوكالة، التي وصفها بأنها «عشٌ للأفكار اليسارية المتطرفة التي تكره أميركا».

هذا النقاشُ ظل أميركياً خالصاً، حتى جاءت تصريحات سكوت بيري، عضو الكونغرس عن ولاية بنسلفانيا، لتخرج به نحو دوائر أبعد. إذ قال الرجل إن 697 مليون دولار أميركي من التمويلات السنوية لـ«الوكالة» تنتهي بحوزة تنظيمات إرهابية، من بينها جماعة «بوكو حرام»، وجماعة «طالبان»، وتنظيم «القاعدة».

تصريحات بيري جاءت خلال جلسة استماع للجنة الفرعية لمراقبة كفاءة الحكومة، تحت عنوان «الحرب على الهدر: القضاء على ظاهرة المدفوعات غير المشروعة والاحتيال». وقال بيري أمام اللجنة: «أموالكم تذهب لتمويل الإرهاب، عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية... يجب أن يتوقف هذا فوراً».

وأضاف بيري في حديثه أمام لجنة الاستماع أن الوكالة خصَّصت 136 مليون دولار لبناء 120 مدرسة في باكستان، إلا أنه لم يُعثر على أي دليل يثبتُ تنفيذ هذه المشاريع، معتبراً أن ذلك يثير الشكوك حول مصير هذه الأموال.

علم "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" (آ ف ب)

مطالب التحقيق

تصريحات عضو الكونغرس أثارت بطبيعة الحال جدلاً واسعاً في نيجيريا، وحظيت بحيّز واسع من التداول في الصحافة المحلية. وخلال برنامج تلفزيوني على قناة محلية لنقاش تصريحات سكوت بيري، قال علي ندومة، عضو مجلس الشيوخ في نيجيريا عن ولاية بورنو، إن على نيجيريا فتح «تحقيق شامل حول الادعاءات التي تفيد بأن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تموّل (بوكو حرام)».

وأردف السياسي النيجيري الذي ينحدرُ من بورنو، أكثر ولايات نيجيريا تضرراً من هجمات «بوكو حرام» الإرهابية: «لا يمكنكم القول إنها مجرد مزاعم، الأمر يتجاوز ذلك. ولهذا السبب يتوجَّب على الحكومة النيجيرية، والبرلمان الوطني على وجه الخصوص، التحقيق في هذه الادعاءات والتحقّق من صحتها، لأنها خطيرة للغاية».

ثم تابع ندومة: «هذا التطوّر مقلق للغاية، خصوصاً أن إحدى الجماعات الإرهابية التي ذكرها سكوت بيري هي (بوكو حرام)، التي لم تدمّر شمال شرقي نيجيريا فحسب، بل امتد تأثيرها أيضاً إلى مناطق أخرى من البلاد. تتذكرون أن (بوكو حرام) فجَّرت مقر الشرطة، ومكتب الأمم المتحدة في أبوجا، وكانت الخسائر البشرية هائلة. لذا، يجب أن تكون الحكومة النيجيرية مهتمةً بهذا الأمر».

ومن ثم، أعرب ندومة عن قلقه الكبير حيال هذه المزاعم، لافتاً إلى أن «أجهزة الأمن النيجيرية سبق أن أثارت هذه القضية بشكل غير مباشر مرات عدة»، في إشارة إلى تصريحات أدلى بها قائد أركان الجيش النيجيري أخيراً ذكرت أن «دولاً ومنظمات أجنبية» متورطة في تمويل «بوكو حرام». وخلص عضو مجلس الشيوخ النيجيري إلى التأكيد على ضرورة التحقيق في هذه المزاعم، وأن الجميع «كان يتساءل منذ سنوات طويلة عن مصدر تمويل هؤلاء الأشخاص».

قرويون نيجيرون إثر تعرّض قريتهم لإحدى هجمات "بوكو حرام" (آ ب)

المسلمون... و«بوكو حرام»

في الواقع، لأكثر من 15 سنة، دأبت جماعة «بوكو حرام» على مهاجمة مناطق مختلفة من نيجيريا، وكان السؤال الذي يُطرَحُ بإلحاح من قِبَل الجميع هو: مَن يقف خلف هذا التنظيم الإرهابي؟ ومَن يوفر له التمويل والسلاح... ويمكِّنه من تجنيد آلاف الشباب المحبطين وفاقدي الأمل؟.

طيلة تلك الفترة، كانت أصابع الاتهام توجَّه إلى زمر من المسلمين الذين يشكلون غالبية سكان شمال نيجيريا، حيث تنشط الجماعة الإرهابية. ولكن مع إثارة الجدل حول مزاعم تمويل «بوكو حرام» عبر «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» أصدرَ «مركز الشؤون العامة للمسلمين» في نيجيريا بياناً يستحضر فيه اتهامات سابقة للمسلمين بتمويل الجماعة.

ولقد طلب «المركز» من البرلمان النيجيري التحقيق في تلك المزاعم، وأعرب رئيسه ديسو كامور، عن «قلقه العميق إزاء هذه الادعاءات»، قبل أن يستحضر «حملة التدقيق والاتهامات الظالمة التي واجهها المسلمون النيجيريون، ومنها التعاطف مع (بوكو حرام)».

وقال كامور: «إذا كانت هذه المزاعم صحيحة، فإنها ستكشف نفاق أولئك الذين ألقوا باللوم على المجتمعات المسلمة المحلية، بينما كانت جهات خارجية تدعم الإرهابيين». وطالب، بالتالي، السلطات النيجيرية بالتحقيق في المزاعم لأن «النيجيريين يستحقون الشفافية والمساءلة بشأن أي تورّط أجنبي في تمويل الإرهاب على أراضينا».

شكوك كبيرة

من جانبه، ذهب آدامو غاربا، المرشح السابق للانتخابات الرئاسية في نيجيريا، والقيادي في حزب «المؤتمر التقدمي الشامل»، إلى أن «شكوكاً كبيرة» تحوم حول تمويلات الوكالة في نيجيريا، وأعلن تصديقه للادعاءات بأن بعض التمويلات قد تكون بالفعل أسهمت في تسليح «بوكو حرام» و«داعش في غرب أفريقيا».

وادعى غاربا، في مقطع فيديو نشره عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «إكس»، أن «الوكالة» أنفقت مبلغ 824 مليون دولار في نيجيريا العام الماضي، وتساءل عن طريقة صرف هذا المبلغ الكبير.

ثم أضاف: «ذكرتُ سابقاً أن (بوكو حرام) و(داعش)، ومختلف التنظيمات الإرهابية في المنطقة، تتلقى أسلحتها عبر جهات أجنبية سرّية تموّلها وتزوّدها بالسلاح. وبعد الكشف عن دور (الوكالة الأميركية للتنمية الدولية)، يكفي أن نعرف أنه في العام الماضي وحده، أنفقت الوكالة مبلغ 824 مليون دولار في نيجيريا، فأين ذهب هذا المال؟ هل تعلم ماذا يعني 824 مليون دولار؟ عند تحويله إلى النيرة (العملة النيجيرية)، يساوي 1.3 تريليون نيرة».

واستطرد قائلاً: «هذا يعني أن كل ولاية يمكن أن تحصل على 36 مليار نيرة، ومع ذلك، يزعمون أنهم أنفقوا هذه الأموال على الحدّ من وفيات الأطفال والتعليم، لكن ماذا رأينا؟ لا شيء. متى دخل هذا المال؟ وأين ذهب؟ هذه الأموال تذهب لتمويل (بوكو حرام)، والخاطفين الذين يستخدمونها للقتل وتدمير بلادنا، هذه هي الحقيقة».

قضية باينانس

في سياق موازٍ، بينما يحتدم النقاش في نيجيريا حول اتهام «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» بتمويل أنشطة «بوكو حرام»، اتهم فيمي فاني-كايودي، وزير الطيران السابق في نيجيريا، أخيراً، مسؤولاً تنفيذياً في شركة باينانس، أكبر منصة عالمية لتداول العملات الرقمية، بالتورط في إيصال التمويلات إلى الجماعة الإرهابية.

وزعم الوزير السابق إن تيغران غامباريان، المسؤول التنفيذي في شركة «باينانس» كان «أداة» استخدمتها الوكالة لتمويل الجماعة، قبل أن يصف غامباريان بأنه كان «عامل تمكين للإرهاب وأسهم في تخريب اقتصاد نيجيريا».

وللعلم، اعتُقل غامباريان في نيجيريا العام الماضي بعد اتهام السلطات النيجيرية شركة «باينانس» بالتهرب الضريبي، والتورّط في عمليات غسل أموال، بالإضافة إلى المساهمة في إضعاف العملة المحلية «النيرة». إلا أنه أُفرِج عن الرجل؛ بسبب تدهور وضعه الصحي، بينما تشير بعض المصادر إلى أن السلطات النيجيرية تعرَّضت لضغط دبلوماسي أميركي كبير.

وفي آخر تطور للقضية، رفعت نيجيريا دعوى قضائية في الأسبوع قبل الماضي ضد منصة «باينانس»، تطالبها بدفع 79.5 مليار دولار، تعويضاً عن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن عملياتها في البلاد، بالإضافة إلى مليارَي دولار ضرائب متأخرة عن العامين الماضيين.

تمويل دون قصد!

في أي حال، لا يخلو النقاش الدائر في نيجيريا حول العلاقة بين «الوكالة» و«بوكو حرام» من حسابات سياسية ضيقة. ومن الأصوات التي بدت أكثر رصانةً، السفير والخبير الأمني نورين أبايومي موموني، عضو «حزب المؤتمر التقدمي» الحاكم، الذي نشر مقالاً تطرَّق فيه إلى طريقة عمل المنظمات الدولية، مشيراً إلى أنها تحتاج إلى المراجعة، لأنها قد تُموِّل أنشطة إرهابية «دون قصد».

وتابع: «أنا قلق للغاية بشأن الاتهامات الأخيرة» التي تفيد بأن الوكالة قد تكون دعمت الإرهاب دون قصد في نيجيريا ومناطق أخرى من العالم... «هذه الادعاءات تثير تساؤلات جوهرية ليس فقط حول نزاهة المساعدات الإنسانية، ولكن أيضاً حول تداعياتها الأوسع على الأمن العالمي، والعلاقات الدبلوماسية».

وأضاف أبايومي موموني أن «على الوكالات الدولية العاملة تقديم الدعم الإنساني من دون الإضرار بأمن المجتمعات المستضيفة». ورأى أن الاتهامات الأخيرة تؤكد «الحاجة الملحة إلى تعزيز الرقابة والمساءلة في برامج المساعدات الدولية. ومن الضروري أن تعزز وكالات مثل الوكالة الأميركية آليات المتابعة والتقييم والتدقيق؛ لضمان أن تصل المساعدات إلى مستحقيها ولا يتم تحويلها لدعم التطرف العنيف».

وأوضح أنه «إذا ثبتت صحة هذه الادعاءات، فقد تؤدي إلى زيادة التدقيق في سياسات المساعدات الخارجية الأميركية، ما يستدعي عملية إصلاح جذرية... لأن اتباع نهج شفاف في تمويل المساعدات والالتزام بالمعايير الأخلاقية في تقديم الدعم الإنساني أمران أساسيان. وبالتالي، على الحكومة الأميركية أن تعزز التزامها بمنع تمويل الإرهاب، واتخاذ التدابير اللازمة لضمان أن تكون المساعدات وسيلةً لتحقيق السلام والاستقرار، لا العنف».

المال السياسي

غير أن الاتهامات الموجَّهة إلى «الوكالة» لم تقتصر على تمويل الإرهاب في نيجيريا، بل وصلت إلى أن بعض تمويلاتها أسهمت في التأثير على الانتخابات الرئاسية في البلد الذي يملك الاقتصاد الأكبر في غرب أفريقيا، والذي يبلغ تعداد سكانه نحو ربع مليار نسمة.

إذ كتبت الصحافة المحلية، ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، عن «علاقة» ربطت «الوكالة» مع قيادة حملة «أعيدوا فتياتنا» التي أطلقها ناشطون في المجتمع المدني عام 2014 إثر اختطاف «بوكو حرام» مئات الفتيات من بلدة شيبوك في قضية هزَّت الرأي العام العالمي آنذاك. ولقد ادعى ناشطون سياسيون أن الحملة كانت مدعومة سراً من «الوكالة» بهدف الإطاحة بالرئيس النيجيري آنذاك، غودلاك جوناثان، بعد حملة واسعة لتشويه سمعته، ربطه بالفشل، وحمَّلته مسؤولية اختطاف الفتيات والعجز عن تحريرهن، ما فتح الباب واسعاً أمام فوز محمدو بخاري بانتخابات 2015 الرئاسية.

كذلك تعرَّضت الناشطة النيجيرية عائشة يسوفو، التي كانت من أبرز وجوه الحملة، لهجوم حاد على منصة «إكس»، حين طالبها البعض بتقديم تفسير أو اعتذار، لكن الناشطة النيجيرية في ردِّها على هذه الاتهامات، نفت أي علاقة لها أو للحملة بـ«الوكالة» أو أي منظمة دولية أخرى. وقالت في تغريدة مقتضبة: «أنا أعمل مع نيجيريين ملتزمين ببناء أمة عظيمة، بعيداً عن نظريات المؤامرة والتشكيك». لأكثر من 15 سنة دأب تنظيم «بوكو حرام» على مهاجمة مناطق مختلفة من نيجيريا... وكان السؤال المطروح بإلحاح:

مَن يقف خلفه؟