«المركزي» الأوروبي متهم بزيادة الفوارق

من المتوقع كشف كريستين لاغارد عن إجراءات تحفيزية جديدة (رويترز)
من المتوقع كشف كريستين لاغارد عن إجراءات تحفيزية جديدة (رويترز)
TT

«المركزي» الأوروبي متهم بزيادة الفوارق

من المتوقع كشف كريستين لاغارد عن إجراءات تحفيزية جديدة (رويترز)
من المتوقع كشف كريستين لاغارد عن إجراءات تحفيزية جديدة (رويترز)

من المتوقع أن تكشف رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، عن إجراءات تحفيزية جديدة هذا الأسبوع، للمساعدة في استعادة الثقة الاقتصادية في منطقة اليورو التي تعاني نتيجة تفشي جائحة فيروس «كورونا» المستجد (كوفيد- 19)، وفي درء خطر الانكماش الناتج عن قوة اليورو؛ لكن البنك الذي يعد منقذ منطقة اليورو في زمن الأزمات المالية في السنوات الأخيرة، يواجه اتهامات بزيادة حدة الفوارق، من خلال سياسته الشديدة التساهل. فما حقيقة ذلك؟
وتقوم المؤسسة المالية الأوروبية التي تترأسها لاغارد ومن قبلها ماريو دراغي، منذ 2015، بشراء ديون دول وشركات بقيمة مليارات اليوروات في الأسواق المالية، لتفادي زيادة نسب الفوائد على القروض في منطقة اليورو ومنع قيام أزمات جديدة، وفق سياسة تعرف بـ«التيسير الكمي».
وتترافق هذه السياسة التي توصف بأنها «غير تقليدية»، ويتبعها أيضاً «الاحتياطي الفدرالي» الأميركي والبنك المركزي الياباني، مع أدوات تقليدية أكثر، مثل خفض معدلات الفائدة الرئيسية التي هي اليوم بمستوى الصفر في المائة. وقد يعزز البنك المركزي الأوروبي الأدوات التي في متناوله خلال اجتماع يعقده الخميس.
وتقول جيزابيل كوبي- سوبيران، الأستاذة في جامعة «باريس الأولى»، إن «شراء الأصول يميل بالأحرى بشكل تلقائي إلى زيادة الفوارق بين الأكثر ثراء والأكثر تواضعاً»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وبشرائه ديوناً من المؤسسات المالية في السوق الثانوية التي يجري فيها تداول السندات، فإن البنك المركزي الأوروبي دفع في اتجاه تدني نسب الفوائد على هذه المنتجات. ويدفع ذلك المستثمرين إلى البحث عن مردود من خلال سندات أكثر مجازفة، ولا سيما الأسهم، ما يؤدي إلى ارتفاع في الأسعار يستفيد منه حملة السندات، وبينهم شركات استثمار كبرى وأسر غنية.
وسجلت نسب الفوائد انخفاضاً كبيراً منذ بدء اتباع سياسة التيسير الكمي، إلى أن أصبحت في بعض الأحيان سلبية، كما في ألمانيا أو فرنسا، بينما حقق مؤشر «كاك 40»، المؤشر الرئيسي في بورصة باريس، ومؤشر «داكس» في بورصة فرانكفورت ارتفاعاً بأكثر من 30 في المائة خلال خمس سنوات، ما در عائدات طائلة على المساهمين وكبار المستثمرين.
وهذا ما أكده الخبير الاستراتيجي لدى شركة «بيكتيت ويلث ماناجمنت» فريديريك دوكروزيه، قائلاً: «من المؤكد أن ذلك أثرى هذه الطبقة من الناس».
أما في السوق العقارية، فإن سياسة الفوائد المتدنية أتاحت للعائلات الميسورة زيادة أملاكها، وأدى ارتفاع الطلب إلى زيادة الأسعار في بعض المدن الكبرى.
وأقر رئيس قسم الاقتصاد في البنك المركزي الأوروبي فيليب لاين، في مقابلة أجرتها معه مؤخراً مجلة «ليزيكو» بأن هذه السياسة «لديها انعكاس مباشر على أسعار الأصول»، مضيفاً أن «تقدير قيمة الأسهم أو العقارات أعلى، وهو ما صب بالتأكيد في مصلحة الذين يملكون هذه الأصول». ولم تشأ المؤسسة التي تتخذ مقراً في فرانكفورت التعليق، رداً على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية بهذا الصدد.
لكن باحثين في البنك المركزي الأوروبي أكدا في وثيقة في يناير (كانون الثاني) 2019، أن التيسير الكمي ساهم في «خفض نسب البطالة» لدى شريحة الـ20 في المائة الأكثر فقراً في أربع دول، هي فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا، وفي زيادة مداخيل العمل.
ولم يكن الأثرياء وحدهم من استفاد من التيسير الكمي؛ بل أكد الباحثان أن هذه السياسة، مقترنة بمعدلات فائدة متدنية إلى مستويات تاريخية في السوق العقارية، أتاحت وصول العائلات الأكثر تواضعاً إلى الملكية، ما حد بشكل طفيف من التباين في الثروات.
ولفتت عدة منشورات صادرة عن المؤسسة المالية حول هذه المسألة، إلى تراجع التباين في الثروات بفعل السياسة النقدية؛ لكنها حذرت بأن هذا التصحيح طفيف، ملقية الكرة في ملعب الحكومات التي تحدد السياسة المالية.
غير أن حجة تراجع البطالة بفضل البنك المركزي الأوروبي لا تقنع جيزابيل كوبي- سوبيران التي تعتبر أن الإحصاءات المقارَنة بين منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي لا تظهر فارقاً كبيراً يمكن نسبه إلى السياسة النقدية.
ويقر البنك المركزي الأوروبي بتأثير سلبي على عائلات المدخرين التي شهدت تراجع عائدات مدخراتها. وقال مدير الأبحاث في معهد الاقتصاد العلمي والإدارة إريك دور، إن «هذه السياسة لها تأثير توزيعي، وتطال بشكل متباين الأسر المقترضة والأسر المقرضة».
واشتدت الانتقادات لهذه السياسة بصورة خاصة في ألمانيا؛ حيث نشرت صحيفة «بيلد» في 2019 صورة مركَّبة تصور ماريو دراغي بشكل شخصية دراكولا، يمتص مدخرات المتقاعدين «حتى القطرة الأخيرة».
إلا أن خبراء الاقتصاد في البنك المركزي الأوروبي أكدوا في دراسة في يوليو (تموز) 2018، أن هذا التأثير السلبي وازنه على صعيد منطقة اليورو تأثير إيجابي على الوظائف والأجور.
وأوضح إريك دور: «بتوفير دعم قوي لعائدات العمل، وخصوصاً لدى الفئة الأكثر هشاشة من المواطنين، فإن ذلك عوَّض بشكل وافٍ الخسائر الإجمالية التي تكبدتها بعض الأسر بالفعل بسبب صافي الدخل من الفوائد».
ومن المقرر أن يعقد المجلس الحاكم للبنك المركزي الأوروبي، اجتماع السياسة النقدية المقبل في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ومن المحتمل أن يتضمن المحور الرئيسي للإجراءات التحفيزية، تكثيف «برنامج طوارئ شراء السندات» للبنك المركزي الأوروبي، بقيمة 1.35 تريليون يورو (1.63 تريليون دولار)، بزيادة قدرها 500 مليار يورو أخرى، مع تمديد الخطة لمدة ستة أشهر حتى نهاية العام المقبل على الأقل. وكان قد تم إطلاق «برنامج طوارئ شراء السندات» في مارس (آذار) الماضي، في ذروة الموجة الأولى لتفشي الوباء.
وبعد أن أشارت لاغارد في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى خطط «إعادة ضبط» استجابة البنك المركزي الأوروبي لأزمة تفاقم الوباء، قال كارستن برزيسكي، كبير المحللين في مجموعة «آي إن جي بنك»، إن «السؤال الوحيد ليس هو: هل سيعلن البنك المركزي الأوروبي عن إجراءات؟ ولكن: ماذا سيعلن البنك المركزي الأوروبي؟».



تعهدات ترمب بفرض تعريفات جمركية تدفع الدولار للارتفاع

أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)
أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)
TT

تعهدات ترمب بفرض تعريفات جمركية تدفع الدولار للارتفاع

أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)
أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)

ارتفع الدولار الأميركي يوم الثلاثاء بعد أن أعلن الرئيس المنتخب دونالد ترمب عن خطط لفرض تعريفات جمركية على المنتجات القادمة إلى الولايات المتحدة من المكسيك وكندا والصين، مما أثار مخاوف من سياسات قد تؤدي إلى حرب تجارية.

وفي رد فعل سريع على تصريحات ترمب، قفز الدولار أكثر من 2 في المائة مقابل البيزو المكسيكي، وسجل أعلى مستوى له في أربع سنوات ونصف مقابل نظيره الكندي. كما ارتفع الدولار إلى أعلى مستوى له منذ 30 يوليو (تموز) مقابل اليوان الصيني. في حين هبطت عملات أخرى مقابل الدولار، لكنها قلصت خسائرها بحلول منتصف الجلسة في آسيا، وفق «رويترز».

وكان الدولار قد شهد تراجعاً طفيفاً في الأيام الأخيرة، بعد أن رحبت سوق سندات الخزانة الأميركية بترشيح ترمب لمدير صندوق التحوط سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة. ورغم أن المتداولين يعتبرون بيسنت من قدامى «وول ستريت» ومن مؤيدي السياسة المالية المحافظة، فإنه كان داعماً للدولار القوي وفرض التعريفات الجمركية. وقال المحللون إن رد فعل السوق تجاه هذا الاختيار من المحتمل أن يكون مؤقتاً.

وفي تعليق على تصريحات ترمب، قال كبير الاستراتيجيين في السوق، جيسون وونغ من بنك «بي إن زي»: «سوف تكون السوق متقلبة» بشأن تصريحات ترمب، وأضاف: «يمكنك التوصل إلى استنتاجات سريعة، ولكنني لا أستعجل ذلك الآن، لذا فإن السوق تحتاج فقط إلى الاستقرار».

وأكد ترمب أنه في اليوم الأول من توليه منصبه، سيفرض رسوماً جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع المنتجات القادمة من المكسيك وكندا. وبخصوص الصين، قال الرئيس المنتخب إن بكين لا تتخذ إجراءات كافية لوقف تصدير المواد المستخدمة في تصنيع المخدرات غير المشروعة.

وأضاف: «حتى يتوقفوا عن ذلك، سنفرض على الصين تعريفة إضافية بنسبة 10 في المائة، بالإضافة إلى أي تعريفات أخرى على جميع منتجاتهم القادمة إلى الولايات المتحدة».

من جهتها، نفت الصين هذه الاتهامات، وقالت السفارة الصينية في واشنطن بعد تصريحات ترمب إن «كلاً من الولايات المتحدة والصين لن تستفيدا من حرب تجارية».

في هذه الأثناء، هبط الدولار الأسترالي إلى أدنى مستوى له في أكثر من ثلاثة أشهر عند 0.64335 دولار في الساعات الأولى من التداول في آسيا، وكان آخر تداول له بانخفاض 0.21 في المائة عند 0.6478 دولار. ويُباع الدولار الأسترالي في كثير من الأحيان بوصفه بديلاً سائلاً لليوان الصيني؛ نظراً لأن الصين هي أكبر شريك تجاري لأستراليا.

أما الدولار النيوزيلندي فقد وصل إلى أدنى مستوى له في عام عند 0.5797 دولار، لكنه محا معظم خسائره ليعود للتداول بالقرب من 0.58415 دولار.

وأوضح استراتيجي الاستثمار لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة «ليغال آند جنرال لإدارة الاستثمارات»، بن بينيت، أن المستثمرين قد ركزوا حتى الآن على السياسات الاقتصادية الإيجابية التي أعلنها ترمب مثل خفض الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية، لكن من المحتمل أن تكون سياساته الأكثر تحدياً مثل فرض التعريفات الجمركية أسهل في التنفيذ. وأضاف: «هذا الإعلان بمثابة تنبيه للمستثمرين».

وأشار إلى أن «التعريفات الجمركية ستكون مفيدة للدولار الأميركي وستضر بالعملات التي ستتعرض لهذه التعريفات مع تغير ميزان التجارة، ولكنني لست متأكداً من أن حكومة ترمب ستسمح بتسارع هذا الاتجاه».

وتوقع بعض المحللين أن تهديدات التعريفات الجمركية قد تكون مجرد تكتيك تفاوضي. وقالت كبيرة الاقتصاديين في منطقة الصين الكبرى في «آي إن جي»، لين سونغ: «الجانب المشرق من هذا هو أنه بدلاً من سيناريو التعريفات الجمركية المدفوع آيديولوجياً حيث لا يمكن فعل أي شيء لتجنب حرب تجارية شاملة، طالما كان هناك مجال للتفاوض، فهناك إمكانية لنتيجة أقل ضرراً».

وكان مؤشر الدولار، الذي يقيس قيمة الدولار الأميركي مقابل ست عملات رئيسية، عند 107.04. كما تراجع اليورو بنسبة 0.18 في المائة ليصل إلى 1.04785 دولار، في حين بلغ الجنيه الإسترليني 1.25525 دولار، منخفضاً بنسبة 0.14 في المائة على مدار اليوم.

وتلقى اليورو ضربة يوم الجمعة الماضي بعد أن أظهرت مسوحات التصنيع الأوروبية ضعفاً واسعاً، في حين فاجأت المسوحات الأميركية التوقعات بارتفاعها.

في المقابل، سجل الين الياباني زيادة بنسبة 0.4 في المائة ليصل إلى 153.55 ين مقابل الدولار.

أما بالنسبة للعملات الرقمية، تم تداول «البتكوين» عند 94.375 دولار، وهو أدنى بكثير من أعلى مستوى قياسي بلغ 99.830 دولار الذي سجله الأسبوع الماضي.

وشهدت «البتكوين» جني أرباح قبل الوصول إلى الحاجز الرمزي 100.000 دولار، بعد أن ارتفعت بأكثر من 40 في المائة منذ الانتخابات الأميركية وسط توقعات بأن يسمح ترمب بتخفيف البيئة التنظيمية للعملات المشفرة.