السيسي وماكرون يعززان التعاون ويتوافقان حول قضايا المنطقة

باريس: لا شروط على التعاون الدفاعي والاقتصادي مع مصر

الرئيسان الفرنسي ماكرون والمصري السيسي أمام مدخل قصر الإليزيه في العاصمة باريس أمس (رويترز)
الرئيسان الفرنسي ماكرون والمصري السيسي أمام مدخل قصر الإليزيه في العاصمة باريس أمس (رويترز)
TT

السيسي وماكرون يعززان التعاون ويتوافقان حول قضايا المنطقة

الرئيسان الفرنسي ماكرون والمصري السيسي أمام مدخل قصر الإليزيه في العاصمة باريس أمس (رويترز)
الرئيسان الفرنسي ماكرون والمصري السيسي أمام مدخل قصر الإليزيه في العاصمة باريس أمس (رويترز)

باستثناء ملف الرسوم الكاريكاتورية وموقف الرئيس الفرنسي المتشدد إزاء حرية التعبير والرسم، والتأكيد على علمانية الدولة الفرنسية وتمسكها بالقوانين الوضعية وفصل الدين عن الدولة، كان من الصعب العثور على نقاط اختلاف أو تمايز بين الرئيس إيمانويل ماكرون وضيفه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي يقوم بزيارة دولة من ثلاثة أيام تختتم اليوم (الثلاثاء). فالرئيس المصري حرص، في نهاية المؤتمر الصحافي الذي عقد عقب جلسة محادثات صباحية، على توضيح موقفه من هذه المسألة الخلافية والتأكيد على أمرين: الأول، أن مصر «تلتزم موقفاً واضحاً في الوقوف بوجه أي عمل إرهابي على أي أرضية ارتكز»، وأن موقف بلاده عبرت عنه الخارجية المصرية ومؤسسة الأزهر التي تدعو إلى إسلام «معتدل». والآخر، أنه «لا يتعين، باسم القيم الإنسانية، انتهاك القيم الدينية التي تسمو فوق كل القيم الأخرى»، وبالتالي لا يجوز «جرح مشاعر الملايين» من المسلمين، وبالتالي يتعين «التأمل» بهذا الموضوع.
وحرص ماكرون مجدداً على توضيح موقفه، موجهاً شكره بداية للرئيس السيسي لقيامه بزيارة فرنسا التي ثارت موجة عدائية ضدها في عدد ممن البلدان المسلمة، معطوفة على حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية التي غذتها دعوات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان. وحجة ماكرون الرئيسية، أنه ضامن لحرية الصحافة، وأن الرسوم الكاريكاتورية المسيئة التي تصور النبي محمد ليس له دور فيها، مشيراً إلى أن دوره فقط هو حماية حق الصحافي أو الرسام فيما يعمل؛ لأن فرنسا علمانية، حيث لا دور للدين في السياسة، وأنها تنهج «نظاماً ديمقراطياً وليست (دولة) ثيوقراطية».
بالتوازي، ورغم الانتقادات والضغوط التي تعرض لها ماكرون بسبب ما اعتبره الإعلام الفرنسي «خجلاً» في إثارة ملف حقوق الإنسان في مصر، واستمرار في توريد السلاح والمعدات الأمنية إلى القاهرة، فإن الأخير بقي متمسكاً بموقف يمكن وصفه بـ«المتوازن»، مكتفياً بما يمكن تسميته بـ«خدمة الحد الأدنى». وقال ماكرون، إنه «تناول (ملف حقوق الإنسان)، كما يتم ذلك بين أصدقاء تربطهم علاقات ثقة وصراحة»، مضيفاً أنه مستمر في «الدفاع الدائم عن انفتاح ديمقراطي واجتماعي وقبول (وجود) مجتمع مدني ديناميكي ونشط».
وبعد أن عبّر عن ارتياحه للإفراج عن ثلاثة ناشطين من «المبادرة المصرية لحقوق الإنسان» مؤخراً، أشار ماكرون إلى أنه تحدث مع ضيفه المصري عن «حالات فردية»، بينها حالة الناشط رامي شعث، وهو مواطن مزدوج الجنسية (مصري - فلسطيني) متزوج من امرأة فرنسية. ودأبت باريس على تفضيل الاتصالات البعيدة عن الأضواء على التصريحات الرنانة التي تعتبر أنها «تأتي بنتائج معكوسة». والأهم من ذلك، أن ماكرون رفض الربط بين ملف حقوق الإنسان من جهة والتعاون الدفاعي والاقتصادي مع مصر، من جهة أخرى، معتبراً أنه «من الأكثر فاعلية الركون إلى سياسة الحوار المتطلب على سياسة المقاطعة التي من شأنها الحد من قدرات شركائنا» في إشارة إلى مصر «على محاربة الإرهاب والعمل على (ترسيخ) الاستقرار الإقليمي». وجاء رد السيسي، في ملف حقوق الإنسان، بأنه أنحى باللائمة على من يقدم مصر على أنها دولة «ديكتاتورية»، مشيراً إلى وجود أكثر من 65 ألف جمعية مرخص لها بالعمل، ودولة تضم 100 مليون مواطن وتزيد مليونين ونصف المليون كل عام. وقال الرئيس المصري «نحن لسنا (مستبدين)، ولا يليق أن تقدمونا على أننا نظام (مستبد)»، مضيفاً أنه «مضطر إلى حماية دولة من تنظيم متطرف (الإخوان المسلمين) موجود في 90 دولة، وله قواعد في العالم كله»، رابطاً بين مشاكل فرنسا في موضوع التطرف والإرهاب بالتنظيم المشار إليه، دون أن يسميه. وقال الرئيس المصري، إنه «لا شيء يمكن أن نخجل منه؛ إذ نحن أمة تحاول البناء في ظروف بالغة الصعوبة».
بعيداً عن هذين الملفين المعقدين، كان التفاهم بين ماكرون والسيسي كاملاً، فيما يخص العلاقات الثنائية والمواضيع الإقليمية. فالرئيس الفرنسي تحدث عن «علاقات الصداقة الاستثنائية» و«الشراكة الاستراتيجية» مع مصر التي يراها اليوم «الأكثر إلحاحاً على ضوء تحديات الشرق الأوسط وشرق المتوسط»، داعياً إلى تعزيزها للوقوف بوجه من يحاول زعزعة الاستقرار وإشعال المنطقة، في إشارة واضحة للدور التركي. وترى باريس أن مصر تشكل «قطب استقرار في المنطقة»، وهو ما أشار إليه ماكرون أيضاً. وبرز التقارب الكبير بين الطرفين في 3 ملفات رئيسية: ليبيا، ومياه شرق المتوسط، والحرب على الإرهاب. ففي الملف الليبي، أكد الطرفان تمسكهما بالحل السياسي، وأشار ماكرون إلى الحاجة إلى تعزيز «التطورات الإيجابية» التي طرأت على الملف الليبي، مشيراً إلى ثلاثة منها، وهي وقف النار، واستمرار الحوار السياسي وتواصل تدفق النفط الليبي. إلا أنه حذر من أن الحوار السياسي «مهدد من قوى إقليمية» في إشارة واضحة إلى تركيا، التي ترى باريس أن «لا مصلحة لها» في نجاح الحوار. وشدد ماكرون الذي وصف دور مصر في ليبيا بـ«الأساسي» على أن باريس والقاهرة تعملان معاً على تعزيز الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة. وتذكر مصادر فرنسية بأن أنقرة أبدت انزعاجها عندما أعلن رئيس حكومة الوفاق عن رغبته في الاستقالة، كما أنها تتخوف من أن يفضي تغيير الحكومة إلى التخلي عن الاتفاقات العسكرية والاقتصادية التي أبرمت بين السراج وإردوغان في خريف العام الماضي، والتي فتحت أبواب ليبيا أمام تركيا. من جانبه، شدد السيسي على أن الحل السياسي الشامل في ليبيا هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدة البلاد، وذلك عبر تفكيك الميليشيات وخروج القوات الأجنبية وتنفيذ ما اتفقت عليه اللجنة العسكرية «5+5»، وهو ما كان ماكرون قد طالب به في إشارته إلى ضرورة انسحاب المرتزقة الروس والذين جاءت بهم تركيا إلى ليبيا.
كما في الملف الليبي، برز التوافق بين ماكرون والسيسي بشأن مياه شرق المتوسط، وما تقوم به تركيا. وليس سراً أن باريس، على المستوى الأوروبي، كانت الأولى التي قرعت الصوت ونبهّت لخطورة ما تقوم به أنقرة لجهة الاعتداء على السيادة المائية لعضوين في الاتحاد الأوروبي، هما اليونان وقبرص. وأكثر من مرة، طالبت باريس بفرض عقوبات أوروبية على تركيا؛ الأمر الذي سيحسم في القمة الأوروبية المقررة يومي 10 و11 الحالي في ظل توجه أوروبي، خصوصاً ألمانياً إلى اللحاق بالموقف الفرنسي.
وفي قضية شرق البحر المتوسط، نبّه السيسي إلى مخاطر السياسات العدوانية التي تنتهجها قوى إقليمية لا تحترم مبادئ القانون الدولي وتدعم المنظمات الإرهابية، وأكد على ضرورة استمرار مساعي التسوية استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية. وفي السياق عينه، اعتبر ماكرون أن بلاده تدخلت في شرق المتوسط من أجل منع هيمنة التحركات التركية الأحادية، في تلميح لإرسال باريس قوة بحرية وجوية إلى المنطقة الصيف الماضي، والمشاركة في تدريبات عسكرية، شدد على أن بلاده «ترفض التساهل مع الأمن وانتهاك السيادة الأوروبية»، منوهاً بالدور الذي يمكن أن تلعبه مصر في الحفاظ على أمن المتوسط. وتنطلق باريس في تعيلها على دور مصري في شرق المتوسط من موقع مصر من جهة ومن وزنها الاستراتيجي والسياسي، ومن دورها في إطار مجموعة الدول المنتجة للغاز في المنطقة وهو الدور الذي يوازي الدور الذي تلعبه في ليبيا بمواجهة الخطط التركية.
يبقى ملف ثالث يربط باريس والقاهرة، وهو مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف. فقد أعلن ماكرون، أن مصر «معرّضة لتحديات عدة، وهي حصن منيع ضد التطرف»، ومن هذا المنطلق؛ فإن باريس تعمل على «تعميق العلاقة الأمنية والعسكرية مع مصر، كما نعمل على تعزيز الشراكة على كل الصعد».
وتجدر الإشارة إلى أن مجلس الوزراء الفرنسي سيدرس غداً (الأربعاء) مشروع قانون لمحاربة ما يسميه ماكرون «الانفصالية الإسلاموية»، مع التأكيد على أن فرنسا «لا تحارب الإسلام الذي له مكانة في الجمهورية الفرنسية، بل النزعة الانفصالية وتغليب قيم غير القيم الفرنسية». وذهب الرئيس المصري في الاتجاه عينه، حيث شدد على ضرورة التمييز بين الإسلام وبين العناصر المتطرفة، وأكد أنه تمت مناقشة صياغة آلية دولية مشتركة لمواجهة الكراهية والتطرف. وأشار السيسي إلى أن مصر دفعت ثمناً باهظاً جراء الإرهاب والتطرف، وأن جهود بلاده تهدف إلى تحقيق التوازن بين الأمن والحفاظ على حقوق الإنسان.
بقية الملفات الأخرى التي بحثها الرئيسان، ومنها الملف اللبناني، وفي حين يخطط ماكرون لزيارة ثالثة لبيروت قبل نهاية العام الحالي، عبّر عن خيبته لتعثر المسار السياسي في لبنان الهادف إلى تشكيل حكومة جديدة وتحقيق الإصلاحات، التي نصت عليها «خريطة الطريق» الفرنسية. وقال ماكرون أمس، إن «المطلوب أن يعود لبنان قوياً ودولة قوية لا تكون رهينة لقوى خارجية»؛ ولذا، فإن الحاصل هو توفير مساعدات إنسانية «في تلميح لمؤتمر مجموعة الدعم للبنان الذي شارك فيه الرئيس المصري» وممارسة «بعض الضغوط السياسية» على السياسيين اللبنانيين لتسهيل ولادة الحكومة. أما الرئيس السيسي، فقد أشار إلى مناقشة الملف اللبناني مطولاً مع ماكرون والاتفاق على تعزيز الحوار. وقال «أريد أن أطلق نداءً من باريس باسمي وباسم الرئيس ماكرون للقوى السياسية في لبنان (أعطوا الفرصة لمجيء حكومة، تحل مشاكل لبنان ونحن مع السلام والاستقرار في هذا البلد)». يبقى أن الطرفين عازمان، وفق تصريحاتهما أمس، على تعزيز علاقاتهما الثنائية في كافة المجالات العلمية والبحثية والصحية والاقتصادية والدفاعية، وحث الساسة الفرنسيين للذهاب إلى مصر والاستثمار في الاقتصاد المصري. وبعد أن التقى السيسي وزير الخارجية جان إيف لودريان مساء أول من أمس، اجتمع صباحاً، بعد استقبال رسمي له، بوزيرة الدفاع فلورانس بارلي، ورئيس البرلمان ريشار فران، وبعد ظهر أمس كذلك عمدة باريس آن هيدالغو، قبل أن يعود مجدداً إلى قصر الإليزيه لاستكمال المحادثات والمشاركة في عشاء رسمي على شرفه وشرف الوفد المصري. وأول نشاطات الرئيس السيسي اليوم، سيكون وضع باقة من الورد على قبر الجندي المجهول تحت قوس النصر، ووضع حجر الأساس لـ«بيت مصر» في المدينة الجامعية الدولية في باريس، واجتماع مع رئيس الوزراء جان كاستيكس، مع توقيع عقود تربوية واقتصادية عدة، وينهي أنشطته الرسمية بلقاء رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه.



«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
TT

«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)

حذَّرت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم (الأحد)، من النقص الشديد في الأدوية والمستهلكات الطبية الذي وصفته بأنه عند «مستويات كارثية».

وأوضحت الوزارة، في بيان، أن 52 في المائة من الأدوية الأساسية و71 في المائة من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً»، كما أن 70 في المائة من المستهلكات اللازمة لتشغيل المختبرات بات رصيدها «صفراً» أيضاً.

وقالت الوزارة التي تديرها حركة «حماس»، في بيان، إن أقسام جراحة العظام، والغسل الكلوي، والعيون، والجراحة العامة، والعمليات، والعناية الفائقة، تواجه تحديات كارثية مع نقص المستهلكات الطبية، كما أن هناك نقصاً شديداً في الأدوية اللازمة للرعاية الأولية والسرطان وأمراض الدم.

وحذَّرت الوزارة من تصاعد الأزمة في ظل زيادة الحاجة إلى مزيد من التدخلات العلاجية للمرضى والجرحى، وطالبت بتعزيز الإمدادات الطبية العاجلة لتمكين الأطقم الطبية من أداء عملها.


الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
TT

الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)

وسط تصاعد الغضب الشعبي من تدهور الأوضاع المعيشية واتساع رقعة الفقر، بدأت الجماعة الحوثية تنفيذ حملة تجنيد قسرية في مناطق سيطرتها بمحافظتي الحديدة وذمار، بعد فشل محاولاتها السابقة في استقطاب الفقراء للالتحاق بمعسكرات التدريب مقابل وعود برواتب شهرية.

ولجأت الجماعة المتحالفة مع إيران -حسبما ذكرته مصادر حكومية- إلى اعتقال عدد من وجهاء تلك المناطق بتهمة «التخاذل» في مسعى لإجبار السكان على إرسال أبنائهم للقتال.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين اعتقلوا عدداً من وجهاء مديرية «جبل راس» في الحديدة، بعد رفضهم إجبار الأهالي على إرسال أبنائهم إلى معسكرات التدريب، ضمن حملات التعبئة التي تزعم الجماعة أنها مخصصة لـ«تحرير فلسطين».

وقالت المصادر إن سكان المديريات الخاضعة للجماعة يواجهون حملة تضييق وعقوبات غير مسبوقة، بسبب رفضهم الانخراط في القتال، وإن الوجهاء لا يزالون رهن الاعتقال منذ أيام.

الحوثيون يرغمون الدعاة على قيادة حملات التجنيد (إعلام محلي)

وأوضحت السلطات المحلية الموالية للحكومة الشرعية، أن السكان -رغم الفقر المدقع الذي يعيشونه- رفضوا الانضمام لمعسكرات التدريب. وأشارت إلى أن القيادي الحوثي أحمد البشري، مسؤول ما تسمَّى «التعبئة العامة»، وعبد الله عطيف الذي عيَّنته الجماعة محافظاً للحديدة، أجبرا عدداً من الدعاة على مرافقتهم إلى تجمع أقيم في مدينة زبيد ضمن حملة التجنيد هناك. واعتبرت أن لجوء الجماعة إلى مثل هذا السلوك يعكس «حالة الإفلاس والتخبط» بعد فشلها في استقطاب أبناء تهامة.

وقالت السلطات إن مسؤول التعبئة الحوثي أبلغ الدعاة خلال الاجتماع أن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أبدى استياءه الشديد من المجتمع التهامي، بسبب رفض أبنائه الالتحاق بالتجنيد، وعدم التجاوب مع دعوات التعبئة، رغم أن الحديدة تعد من أكثر المحافظات معاناة من انعدام الأمن الغذائي والفقر.

ضغوط على الدعاة

وطبقاً لما نقلته السلطات المحلية، وجَّه القيادي الحوثي أحمد البشري تهديداً مباشراً للدعاة، وأمرهم باستخدام نفوذهم ومنابر المساجد للضغط على الأهالي لإرسال أبنائهم إلى معسكرات التجنيد والجبهات، وإصدار فتاوى بوجوب حمل السلاح. كما هدد بإلحاق الدعاة وأُسرهم قسراً بالدورات الطائفية والعسكرية في حال رفضهم تنفيذ التعليمات.

وحذَّرت السلطات المحلية من أن الجماعة الحوثية تعمل على تحويل الدعاة وزعماء القبائل إلى أدوات لشرعنة التجنيد القسري، وتهدد كل من يتأخر أو يرفض بالاتهام بالولاء للحكومة الشرعية.

بينما يعاني اليمنيون من انعدام الغذاء يستمر الحوثيون في الإنفاق على التجنيد (إعلام محلي)

واستغلت الجماعة حالة الفقر الشديد، وانقطاع المرتبات، وانعدام الوظائف، لإغراء الأهالي برواتب شهرية، ووعدت بإدراج أبنائهم في قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية عند استئناف توزيعها. وفق المصادر ذاتها.

إلى ذلك، واصلت الجماعة الحوثية التضييق على سكان محافظة ذمار (مائة كيلومتر جنوب صنعاء) إذ أجبرت الأهالي في عدد من المديريات على الخروج في وقفات تحت شعار «النفير والتعبئة العامة»، وألزمت المشاركين برفع شعاراتها، في حين قام عناصرها بتصوير الحشود لتقديمها كدليل على وجود «حاضنة شعبية».

وقالت مصادر محلية إن مشرفي الحوثيين أبلغوا مسؤولي القرى والعزل بضرورة الحضور الإجباري لهذه الفعاليات، والاستعداد لـ«النفير العام» تحت غطاء دعم فلسطين، رغم توقف الحرب في غزة منذ مدة. كما ألزمت نساءً وفتيات بتسجيل أسمائهن كمتطوعات، ولوَّحت بعقوبات لمن يرفض، في خطوة تهدف إلى حشد أكبر عدد ممكن للفعالية التي دعت إليها الجماعة في صنعاء.

أزمة هي الأشد عالمياً

تأتي هذه الممارسات الحوثية -وفق مراقبين- في وقت تؤكد فيه الأمم المتحدة أن اليمن لا يزال يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم؛ إذ يحتاج أكثر من 19.5 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية هذا العام، بسبب النزاع المستمر، والانهيار الاقتصادي، وتداعيات تغير المناخ.

يمنيون نازحون في صنعاء يدفئون أنفسهم تحت أشعة الشمس في مخيم مؤقت وسط طقس بارد (إ.ب.أ)

ووفق مفوضية شؤون اللاجئين، فإن نحو 4.8 مليون يمني ما زالوا نازحين داخلياً، بينما استقبلت البلاد أكثر من 62 ألف لاجئ وطالب لجوء، معظمهم من الصومال وإثيوبيا. وتوضح المفوضية أنها تعمل في معظم محافظات البلاد بالتنسيق مع السلطات والشركاء المحليين، لتوفير الحماية والمساعدات للفئات الأكثر تضرراً.

وعلى الرغم من هذه المعاناة الواسعة، تواصل الجماعة الحوثية إنفاق الموارد على التجنيد وحملات الحشد الطائفي والعسكري، بدلاً من توجيهها لتخفيف الكارثة الإنسانية، حسبما تؤكده مصادر حكومية ومنظمات محلية.


مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
TT

مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)

دعت مصر وقطر، السبت، إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها في قطاع غزة.

وخلال لقاء عقده رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن، مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، على هامش انعقاد «منتدى الدوحة»، في العاصمة القطرية، السبت، أكد المسئولان أهمية مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام بمراحله كافة، وتثبيت وقف إطلاق النار ومنع أي خروقات، إلى جانب التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها.

كما شدد الوزيران على أهمية ضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم خطوات التعافي المبكر وإعادة الإعمار.

وفي كلمته خلال افتتاح «منتدى الدوحة»، أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن اتفاق غزة لم يطبَّق بالكامل، مشيراً إلى استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية.

وقال آل ثاني إن التحديات التي تشهدها المنطقة ليست معزولة عمَّا يشهده العالم من تراجع احترام القانون الدولي.

وأضاف أن «العدالة باتت في كثير من الأحوال غائبة عن مسار القانون الدولي»، مشيراً إلى أن الحلول العادلة وحدها هي التي تصنع السلام المستدام في العالم.

ولفت إلى أن «العالم لا يحتاج إلى مزيد من الوعود، بل يحتاج إلى عادلة تترجم الأقوال إلى أفعال»، مؤكداً أن «غياب المساءلة أحد أخطر مظاهر الاختلال في النظام الدولي الحالي».

وفي حديثه عن الوساطة، شدد على أنها ليست رفاهية سياسية، بل منهج راسخ لدولة قطر، معرباً عن إيمان الدوحة بأن العدالة ليست غاية سياسية فحسب، بل ركيزة أساسية لصون القانون الدولي.

معبر رفح وتهجير الفلسطينيين

وخلال مشاركته في جلسة بعنوان «محاسبة غزة: إعادة تقييم المسؤوليات العالمية والمسارات نحو السلام»، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، التزام بلاده بمواصلة جهودها مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية لتثبيت وقف إطلاق النار، ودعم مسار يُفضي إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية قائمة على مرجعيات الشرعية الدولية، وبما يحقق الأمن والاستقرار ويحفظ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وقال عبد العاطي إن «تثبيت وقف إطلاق النار يمثل أولوية قصوى، بوصفه المدخل الضروري للانتقال المنظَّم إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام». وأوضح أن هذه المرحلة تتطلب إدخال المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ ودون عوائق، والبدء في جهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار، بما يخفف من حدة المعاناة ويعيد الأمل لسكان القطاع.

وشدد الوزير عبد العاطي على أن معبر رفح يعمل بشكل متواصل من الجانب المصري، وأن المشكلة تكمن على الجانب الإسرائيلي الذي يغلق المعبر من جانبه، فضلاً عن تحكمه في خمسة معابر أخرى تربطه بقطاع غزة، يتحمل مسؤولية فتحها.

ولفت إلى أن خطة الرئيس ترمب تنص على إعادة فتح معبر رفح في الاتجاهين، وليس استخدامه في اتجاه واحد، أو استخدامه بوابةً لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، أو ربطه بأي ترتيبات تمس الوجود الفلسطيني في القطاع.

وبعد لقاء بين وزيري خارجية قطر ومصر على هامش «حوار الدوحة»، ذكر المتحدث باسم الخارجية المصرية تميم خلاف، في بيان صحافي، أن الوزير عبد العاطي أكد الحرص على مواصلة التنسيق الوثيق مع دولة قطر في مختلف القضايا الإقليمية، والبناء على العلاقات الثنائية المتنامية بما يخدم مصالح الشعبين ويدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وانطلقت في العاصمة القطرية، النسخة الـ23 لـ«منتدى الدوحة 2025» بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومشاركة رؤساء دول وخبراء ودبلوماسيين وحضور رفيع المستوى من مختلف أنحاء العالم. وتقام جلسات المنتدى تحت شعار: «ترسيخ العدالة... من الوعود إلى الواقع الملموس».

اتفاق غزة لم يطبَّق

وخلال مشاركته في إحدى جلسات المنتدى، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري إنه لا يمكن اعتبار أن «هناك وقفاً كاملاً لإطلاق النار في غزة إلا بانسحاب إسرائيل من القطاع»، مؤكداً «استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية».

ولفت إلى أن الجهود التي بُذلت للتوصل إلى وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مطلوبة لمرحلتي الاستقرار وتأسيس دولة فلسطين، قائلاً: «نحن في مرحلة مفصلية ولم يطبَّق الاتفاق بشأن غزة فيها بالكامل».

وأضاف أن بلاده تؤمن بأن لديها دوراً في استقرار المنطقة والعالم، وتطمح لحل النزاعات بالوساطة.

فوارق الوساطة

أوضح رئيس الوزراء القطري أنه لا يمكن مقارنة جهود الوساطة بين الولايات المتحدة وأفغانستان بالوساطة بين إسرائيل وحركة «حماس»، مبيناً أن التحدي في جهود الوساطة الأخيرة يتمثل في أن الولايات المتحدة الأميركية بصفتها أحد الوسطاء، كانت تتحدث فقط مع طرف واحد وهو الطرف الإسرائيلي، غير أنها بدأت بعد ذلك الانخراط بالتحدث إلى الجانبين، وهو ما ساعد على إحداث اختراق في المفاوضات والتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال: «لكننا لا نعدّه وقفاً كاملاً لإطلاق النار، إلا إذا انسحبت القوات الإسرائيلية بشكل كامل وتحقق الاستقرار في القطاع، وأصبح بإمكان الناس الدخول والخروج دون عوائق على أرض الواقع».

ونبه رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري إلى أن الصراع لا ينحصر في قطاع غزة وحده بل يمتد ليشمل الضفة الغربية، وتطلعات الشعب الفلسطيني لبناء دولته، معرباً عن أمله في تعاون الحكومة الإسرائيلية على تحقيق ذلك.

وحذر الوزير القطري من عودة التطرف في غياب المحاسبة، وقال: «ما لمسناه وجرَّبناه على مر العامين الماضيين، هو أنه في حال غياب المحاسبة وفي حال غياب الإنفاذ، فإن الأمور ستبقى على حالها، وسوف نبقى رهائن في أيدي المتطرفين، وهذا ما نريد أن نتفاداه، وقد شهدنا ولاحظنا أن الجهود التي بذلناها جميعاً لكي نتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار كانت ضرورية ومطلوبة أيضاً للمرحلة الثانية، لإرساء الاستقرار، بينما تكون المرحلة الثالثة هي تأسيس الدولة الفلسطينية».

وحذر من أنه «في حال تمكنت هذه الأجندة المتطرفة من أن تكون لها الغلبة على جهودنا الجماعية في المجتمع الدولي فعلى الجميع أن يقر بأن هناك خطأ ما في الهيكلية أو البنية التي نعمل معها»، معرباً عن اعتقاده بأن الدور الأميركي هو دور رئيسي في هذا السياق، لأن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية الإنفاذ لكي تضع هذا الحل على المسار الصحيح.

ودعا في إجابة عن سؤال، إلى البناء على المصالح المشتركة لأطراف النزاع كأساس لأي مفاوضات لإرساء السلام والاستقرار، مع أهمية الدبلوماسية الاقتصادية في هذا السياق، لإحداث الازدهار والرخاء الاقتصادي أيضاً.