«الوطني الليبي» يتأهب على تخوم سرت «بعد تحشيد تركي»

مخاوف من إرباك العملية السياسية واتفاق وقف النار

عرض خلال حفل تخرج لقوات تابعة للوفاق في تاجوراء قرب طرابلس الشهر الماضي (أ.ف.ب)
عرض خلال حفل تخرج لقوات تابعة للوفاق في تاجوراء قرب طرابلس الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

«الوطني الليبي» يتأهب على تخوم سرت «بعد تحشيد تركي»

عرض خلال حفل تخرج لقوات تابعة للوفاق في تاجوراء قرب طرابلس الشهر الماضي (أ.ف.ب)
عرض خلال حفل تخرج لقوات تابعة للوفاق في تاجوراء قرب طرابلس الشهر الماضي (أ.ف.ب)

في تصعيد عسكري مفاجئ من شأنه أن يربك مسار العملية السياسية التي تقودها بعثة الأمم المتحدة، هاجمت قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، مواقع قوات حكومة الوفاق في مدينتي أوباري وسبها بجنوب البلاد، وأعلنت حالة التأهب القصوى في محاور القتال على تخوم مدينة سرت الاستراتيجية،  تحسبا لأي هجوم محتمل من قوات حكومة الوفاق المدعومة عسكريا من تركيا.
ونفى مقربون من حفتر ما رددته وسائل إعلام محلية موالية للجيش بأنه بدأ أمس زيارة مفاجئة إلى القاهرة ضمن جولة  تشمل أيضا زيارة فرنسا، تزامنا مع بدء أكثر من مائة من أعضاء مجلس النواب الليبي اجتماعا تشاوريا لهم في أحد فنادق مدينة غدامس برئاسة أكبر الأعضاء سناً، وفي غياب رئيسه المستشار عقيلة صالح، يسمح لهم بعقد جلسة للمجلس بعدما اتهموه بـ«الفشل» طيلة  رئاسته أربع سنوات في عقد جلسة مكتملة النصاب.
ويسعى النواب الذين يمثلون الأغلبية الكافية لعقد جلسة مكتملة النصاب للمجلس لتعديل لائحته الداخلية والإطاحة برئيسه، الذي أثنى المشير حفتر خلال اجتماعه بضباط الجيش بمقرّه في الرجمة خارج مدينة بنغازي بشرق البلاد، على دوره ووصفه في بيان أصدره أمس بأنه شخصية وطنية بامتياز، وأنه الداعم الحقيقي لقوات الجيش طيلة فترة توليه رئاسة البرلمان، وأنه ابن قبيلة عريقة مُجاهدة قدّمت الشهداء والتضحيات من أجل ليبيا.
وشنت قوات الجيش الوطني  هجوماً خاطفاً على مواقع لقوات حكومة الوفاق في مدينتي أوباري وسبها بجنوب البلاد، حيث أعلنت سيطرتها على  مقر المنطقة العسكرية في سبها واقتحام معسكر تيندي (لواء المغاوير) في أوباري، لكن مصادر في قوات الوفاق أعلنت في المقابل عن إحباط الهجوم وانسحاب قوات الجيش إلى أطراف المدينة.
وفي وقت سابق من مساء أول من أمس، طلبت غرفة عمليات الكرامة التابعة للجيش الوطني من كل  وحداته العسكرية في سرت رفع درجة التأهب والاستعداد، بينما حث اللواء أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم حفتر المواطنين على الإبلاغ عن «أي وجود للميليشيات والمرتزقة والغزاة الأتراك».
وأصدر اللواء أحمد سالم آمر «غرفة عمليات تحرير غرب سرت» أوامره في رسالة وجهها إلى جميع آمري القواطع والوحدات التابعة للغرفة، برفع درجة الاستعداد للقوات مع أخذ الحيطة والحذر والإبلاغ عن أي تحركات، كما أمر بوقف الإجازات لقواته  وأوامر الحركة للآليات المغادرة حتى إشعار آخر.
ولم يعلن سالم السبب وراء هذا التوجيه العسكري الأحدث من نوعه على الرغم من التزام قوات الجيش بهدنة وقف إطلاق النار مع قوات الوفاق، لكن مصادر عسكرية في الجيش الوطني ربطت هذه التعليمات برصد ما وصفته بتحشيدات وتجهيزات  للميليشيات المسلحة والقوات التركية في مواقع عدة تابعة لقوات حكومة الوفاق،  بعد غياب عن المنطقة دام عدة أشهر عقب وقف إطلاق النار في ظل المخاوف من عودة التوتر في المنطقة .
في المقابل، هدد  «تجمع قادة ثوار ليبيا»، بأن «القوات التي تصدت لهجوم حفتر على العاصمة تراقب التحركات المشبوهة ومستعدة لصد ودحر أي اعتداء»، واعتبر أن «القوات المساندة لقوات حكومة الوفاق هي من (ثوار فبراير) وهي جزء من الحل وليست جزءاً من المشكلة».
وأعلنت رئيسة بعثة الأمم المتحدة بالإنابة ستيفاني ويليامز أنه سيتم عقد جلسة افتراضية لأعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي في الأيام المقبلة لمناقشة الخطوات التالية بناءً على الاقتراحات التي قدّمها بعضهم في الجلسة التي عقدت أول أمس، عقب انتهاء عملية التشاور التي جرت يومي الخميس والجمعة الماضيين  والتي شهدت التصويت على المقترحات المطروحة لآلية اختيار السلطة التنفيذية الموحدة.
وقالت ويليامز في بيان لها في ساعة مبكرة من صباح أمس إنها أبلغت  المشاركين في الملتقى بنتائج عملية التصويت  التي شارك فيها  71 عضواً وامتنع ثلاثة أعضاء عن التصويت وتغيب أحد الأعضاء لأسباب صحية، مشيرة إلى أن المقترح الثاني حصل على 39 صوتا مقابل 24 للمقترح الثالث و8 أصوات فقط للمقترح العاشر.
لكن أعضاء في ملتقى الحوار قالوا في المقابل إنه تقرر تأجيل الجولة الثانية للتصويت على آلية اختيار المناصب السيادية إلى ما بعد اجتماع مجلس النواب المرتقب في مدينة غدامس، وطالبوا بأن تتم عملية التصويت وفقا لقاعدة «النصف + واحد»، نظرا لصعوبة الحصول على ما نسبته 75 في المائة  من الأصوات وفقا لما قررته البعثة الأممية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.