اضطرابات غير مسبوقة في تونس... والنظام السياسي في خطر

في الذكرى العاشرة للثورة

اضطرابات غير مسبوقة في تونس... والنظام السياسي في خطر
TT

اضطرابات غير مسبوقة في تونس... والنظام السياسي في خطر

اضطرابات غير مسبوقة في تونس... والنظام السياسي في خطر

تعيش أغلب محافظات تونس تحركات احتجاج عشوائية واضطرابات غير مسبوقة شلت قطاعات حساسة من شبكات توزيع قوارير الغاز إلى القضاء والمستشفيات ومؤسسات المحروقات والفوسفات والنقل. ولقد زادت هذه التحركات، التي خرجت عن سيطرة النقابات والأحزاب، من إرباك السلطات في الذكرى العاشرة للثورة التي أطاحت بحكم زين العابدين بن علي، علماً بأنها تتزامن مع دعوات إلى تغيير النظام السياسي و«تدخل الجيش»، في خطوة استباقية لـ«ثورة جياع» يفجّرها المهمشون والعاطلون الذين تتضاعف أعدادهم بسبب جائحة «كوفيد - 19».
ولذا يتساءل المراقبون حول ما كانت هذه الاضطرابات الاجتماعية العنيفة الواسعة ظرفية أم أنها ستزيد المشهد السياسي تعقيداً وتشل المزيد من مؤسسات الحكم، عشية مصادقة البرلمان على مشروع الحكومة لميزانية الدولة لعام 2021؟ وهل سينجح صناع القرار في احتواء الإضرابات والاعتصامات وأعمال العنف رغم الصراعات التي استفحلت داخل البرلمان من جهة وبين رموز السلطتين التنفيذية والقضائية من جهة ثانية؟ وهل يمكن أن تؤدي تحركات الجيل الجديد من الشباب العاطل عن العمل إلى تعديل بوصلة السياسيين والنقابات... أم يحصل العكس؛ فتتعمق الهوة بين الرؤساء الثلاثة، وبين السلطات المركزية والفئات الأكثر تضرراً من الأزمة الاقتصادية ومن الجائحة القاتلة، لا سيما في المحافظات المهمشة المتاخمة للحدود مع الجزائر وليبيا؟

تكشف الدعوات الرسمية إلى «الحوار الوطني» التي أطلقتها في تونس أخيراً قيادات نقابية وحزبية من جهة، ورؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان من جهة ثانية، اقتناعاً بخطورة الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد. وكانت تقارير مؤسسات مستقلة بينها «منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية» قد كشفت أن عدد الإضرابات والتحركات الاجتماعية ناهز هذا العام الـ6500. رغم قانون الطوارئ وفرض حظر شبه كامل للتجوال طوال أشهر بسبب جائحة «كوفيد - 19».
ولقد أدرك هشام المشيشي، رئيس الحكومة، ومستشاروه، خطورة الموقف، فلوحوا باستخدام القوة والتدخل لمنع التحركات التي تعطل مؤسسات ضخ النفط والغاز وتوزيع مواد الاستهلاك. بل، وحذروا من وجود «أطراف تدعم الاحتجاجات الفوضوية»، كما ورد على لسان الوزير مدير مكتب رئيس الحكومة معز لدين الله المقدم. أيضاً، طلب المشيشي علناً من رئيس الجمهورية قيس سعيّد الدعوة إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومي بكامل أعضائه... أي بحضور الرؤساء الثلاثة وقيادات المؤسستين الأمنية والعسكرية. وأشرف رئيس الحكومة على اجتماع مشترك مع وزراء الدفاع والداخلية والعدل أصدر فيه أوامر واضحة لقوات الجيش والأمن وللنيابة العمومية، بالتدخل لفرض القانون ومنع تعطيل العمل والإنتاج وفض الاعتصامات في الطرق وعلى السكك الحديدية.
«موت سريري»؟
إلا أن صيحات الفزع التي أطلقها عدد من السياسيين والنقابيين وعلماء الاجتماع توحي بأن الأوضاع غدت أخطر بكثير من أن تُعالَج في اجتماع رفيع المستوى يشارك فيه مسؤولون كبار في الدولة يتنازعون الصلاحيات، ويخوضون صراعاً على المواقع «بسبب الثغرات الكبيرة داخل دستور 2014»، على حد تعبير خبير القانون الدستوري العميد الصادق بلعيد في تصريح أدلى به لـ«الشرق الأوسط». وفي الوقت نفسه حذّر الأكاديمي والإعلامي خالد عبيد من سيناريوهات «مخيفة» تهدد البلاد، منها الفوضى و«الانهيار الشامل» أمام انتفاضات «الجياع والعاطلين وعصابات التهريب والفساد». وأعرب عبيد عن اقتناعه بكون «النظام السياسي الذي تشكل بعد ثورة 2011 قد انتهى»، وأنه الآن «في مرحلة الموت السريري، وينتظر من يشفق عليه ويُطلق رصاصة الرحمة». وأردف أن الذين يصفون الاضطرابات الحالية بكونها «موجة ثورة جديدة»... واهمون ومخطئون.
- تصاعد «الشعبوية»
في السياق ذاته، حذّر الأكاديمي والخبير السياسي الدولي حمادي الرديسي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، من «الاضطرابات الفوضوية» الحالية التي توقع أن «تفاقم من إضعاف الدولة والمجتمع والنخب الوطنية»، مشبهاً إياها بتلك التي يشهدها كل من لبنان والعراق منذ أكثر من سنة. كذلك توقع الرديسي، الذي نشر أخيراً مع مجموعة من الجامعيين كتاباً عن «السياسات الشعبوية» في تونس منذ 2011، أن تفشل الاحتجاجات الشبابية الجديدة في تحقيق أهدافها، مثل القضاء على البطالة والفقر وغلاء الأسعار والتهميش. ومن ثم، ربط مع زملائه المؤلفين في كتابهم مسؤولية فشل السياسات الاقتصادية والاجتماعية، ثم تأزم الأوضاع بعد «كوفيد - 19»، بـ«المواقف والسياسات الشعوبية»، للرئيس سعيّد وحلفائه من دعاة التمرد على «الدولة المركزية»، ومؤيدي تشكيل «مجالس محلية ولجان شعبية وتنسيقيات شعبية تنقلب على أجهزة النظام الوطنية والجهوية التقليدية». أيضاً، حمّل هؤلاء زعامات الإسلام السياسي اليمينية «الشعبوية» وأحزاب أقصى اليسار من جهة، وقيادات «التيار الشعبوي الليبرالي اليميني»، بزعامة المحامية عبير موسي زعيمة الحزب الدستوري الحر من جهة ثانية، مسؤولية الأزمة الخانقة الراهنة. إذ اعتبر الرديسي وفريقه أن «تمجيد النظام السابق بأسلوب شعبوي كما تفعل عبير موسي ورفاقها»، وإن كان قد يُضعف خصومه المحسوبين على «الإسلام السياسي» و«اليسار الراديكالي» أو أنصار الرئيس سعيّد، فإنه لن يكون قادراً على تقديم «البديل» ولا أن يتطوّر «من قوة هدم إلى قوة بناء». وفي اتجاه موازٍ، حذر الأكاديمي والكاتب أيمن البوغانمي - الذي أعد بدوره كتاباً جديداً عن «الشعبوية السياسية»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من أن تتسبب الاضطرابات في شل مؤسسات الدولة والمجتمع بسبب صمت غالبية النخب عن أخطاء كبار المسؤولين في الدولة والأحزاب والنقابات والمجتمع المدني.
- «الزلزال» و«الإعصار»
من جهة ثانية، تعاقبت التحذيرات داخل البرلمان ووسائل الإعلام والجامعات من أن تكون الاضطرابات العنيفة والفوضوية والشاملة التي تشهدها تونس منذ أسابيع مؤشراً إلى «زلزال» أو «إعصار اجتماعي - سياسي» يؤدي إلى انهيار العديد من مؤسسات الدولة. وازداد التخوف في ظل تعاقب الدعوات إلى رئيس الجمهورية في وسائل الإعلام التقليدية والاجتماعية كي يأذن للمؤسسة العسكرية بالتدخل لحماية مؤسسات الإنتاج والتسويق والخدمات العمومية. في حين طالب آخرون الجيش بالتدخل لـ«إنقاذ البلاد»، ما يشير إلى نوع من التبرير المسبق لـ«سيناريو الانقلاب على الديمقراطية» كما يرى الأكاديمي والإعلامي الحبيب بوعجيلة والباحث في مركز الدراسات الاقتصادية والاجتماعية سامي ابراهم.
وحقاً، استفحل الأمر بعدما تعدّدت الدعوات الموجّهة إلى قيس سعيّد من قبل عدد من خبراء القانون والسياسيين من أجل تنظيم «استفتاء شعبي» يؤدي إلى تغيير النظام السياسي الحالي (أي «النظام البرلماني - المجلسي») الحالي والاستعاضة عنه بـ«نظام رئاسي» يدعم مؤسسة رئاسة الجمهورية على حساب البرلمان والحكومة. وتزعم هذه الدعوات، بالخصوص، الصادق شعبان، أستاذ القانون ووزير العدل والتعليم العالي قبل 2010، والإعلامي ورجل الأعمال عمر صحابو، والوزير السابق وزعيم حزب التيار الديمقراطي اليساري محمد عبو. وقد برّر هؤلاء موقفهم بتخوفهم من «تزايد تأثير قوى الإسلام السياسي» عموماً، وحزب «حركة النهضة» خاصة، في المرحلة المقبلة.
كذلك نُظِّم حوار حول هذه القضايا بمشاركة خبير عسكري في إذاعة عمومية، فردّ البرلماني والوزير الأسبق للعدل نور الدين البحيري بقوة، ما تسبب في حملات انتقاد للإذاعة والصحافيين وفي إقالة مديرة الإذاعة واثنين من المذيعين «بصفة استعجالية» بعد اتهامهم بـ«الترويج لدعاة الانقلاب على الشرعية الانتخابية». ولقد تراوحت ردود الفعل على تعويض «النظام البرلماني» بـ«نظام رئاسي» بين الترحيب والانتقاد، وتبادل الاتهامات بين من يُعدّون «الأوفياء للثورة» وخصومها... حول مَن تحمل مسؤولية تدهور الأوضاع العامة في تونس منذ 10 سنوات.
- «ثورة جديدة»؟
واستطراداً، إذا كانت تونس قد تعوّدت على الاضطرابات الشبابية والاجتماعية في مثل هذا الموسم من كل عام، فإن تحركات هذا العام اكتست صبغة خاصة، لأنها تتزامن مع الذكرى العاشرة لانفجار اضطرابات محافظة سيدي بوزيد والجنوب التونسي، وبالطبع، لحادثة انتحار البائع المتجول محمد البوعزيزي حرقاً احتجاجاً على البطالة والفقر والبوليس. أيضاً اقترنت الاحتجاجات الحالية بدعوات إلى «ثورة جديدة» يقودها المهمّشون في الجهات الداخلية والأحياء الشعبية في العاصمة والمدن. واتهمت بعض الصحف، مثل «الشروق» اليومية و«الرأي العام» الأسبوعية، ومعهما عدد من المواقع القريبة من الائتلاف الحاكم، الرئيس قيس سعيّد وحلفاءه داخل النقابات و«التنسيقيات الشعبية» في الجهات الداخلية... بدعم الاضطرابات غير القانونية بهدف إسقاط الحكومة الحالية وحلّ البرلمان، وتنظيم استفتاء شعبي يؤدي إلى تعديل الدستور ودعم صلاحيات الرئيس.
كذلك، وجهت تهمة دعم هذه الاضطرابات إلى قيادات في المركزية النقابية وإلى مجموعات يسارية وقومية راديكالية، وإلى حزبي «الشعب» و«الكتلة الديمقراطية»، بزعامة زهير المغزاوي وسالم الأبيض وغازي الشواشي، بالدفع في هذا الاتجاه. وفي المقابل، دعمت أطراف سياسية وإعلامية أخرى قياديين في «حركة النهضة» بالوقوف وراء بعض الاحتجاجات العنيفة والاعتصامات الفوضوية. غير أن عدداً من الخبراء السياسيين والاجتماعيين، بينهم البرلماني القومي العربي والوزير السابق مبروك كورشيد، يرفضون «السقوط في التفسير التآمري للأحداث الحالية»، ويبررونها باستفحال مشاكل الفقر والبطالة، وبـ«غلطات» الحكومة التي قدمت تنازلات لبعض النقابات وقيادات بعض الاحتجاجات، وكانت النتيجة «انتشار العدوى وحمى الاحتجاجات المطلبية» من شمال تونس إلى جنوبها.
- فشل «منظومة الحكم القديمة»
في السياق ذاته، دعا الحبيب الكشو، الخبير الاقتصادي ووزير الشؤون الاجتماعية والصحة السابق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى تجنب «التفسير التآمري» للاحتجاجات الحالية التي رجّح أن تكون «تلقائية». ورأى عدد من علماء الاجتماع، منهم محمد الهادي الجويلي، إلى فهم انفجار الاحتجاجات الاجتماعية الحالية، واعتبارها «خيبة أمل الجيل الذي كان في مرحلة الطفولة عند سقوط حكم زين العابدين بن علي قبل 10 سنوات، ثم بلغ سن الشباب الآن في عشرية حكومات ما بعد الثورة». ووفق رأي هؤلاء «الجيل الجديد من الشباب لم يعد معنياً بالجدل بين الجيل السابق من السياسيين والمثقفين ولا بمعاركهم الحزبية والآيديولوجية»... وهو مقتنع اليوم بأن «الدولة المركزية فقدت مشروعيتها» وبات المطلوب اليوم إعطاء دور أكبر لـ«الحكم المحلي» و«التنسيقيات المحلية» المتمردة على كامل المنظومة السياسية القديمة ببرلمانها وسلطاتها التنفيذية والقضائية... إلخ. وأشار الباحث والأكاديمي عبد اللطيف الحناشي إلى أنّ «حجم القطيعة الحاصلة بين النُّخب الحاكمة والمجتمع، وعجز المؤسسات عن تمثيل مطالب التونسيين والتونسيات وتشريكهم في برامج الإنقاذ العاجلة والإصلاح المتوسط المدى، يدفعان بمنظمات المجتمع المدني والقوى الديمقراطية والاجتماعية إلى التعبير عن مخاوفها واستنكارها لغياب المسؤولية... وحثها على الالتزام بدورها في التعبئة الاحتجاجية ومناصرة القضايا العادلة وبلورة مقترحات وحلول وطنية ومحلية».
- القديم... والجديد
في هذا الإطار العام تطرح مجدداً قضية غياب التوازن بين دعاة «التغيير» و«المحافظين»، أو بين «النظام القديم» و«النظام الجديد»، أو بين «الأوفياء لثورة 2010 - 2011» وأنصار المنظومة السياسية والاقتصادية التي حكمت البلاد منذ 1956 بزعامة الحبيب بورقيبة... ثم منذ 1987 بزعامة زين العابدين بن علي. ويتهم «الأوفياء لخط الثورة»، ومنهم الرئيس الأسبق محمد المنصف المرزوقي، معارضيهم بتفجير مزيد من أعمال العنف والاحتجاجات لـ«محاولة شيطنة» السياسيين الذين حكموا البلاد خلال العقد الماضي، وغضّ الطرف على أخطاء مرحلتي بورقيبة وبن علي، بهدف افتكاك مزيد من المواقع لرموز النظام السابق. ويتهم هؤلاء حكومة هشام المشيشي بكونها «تعتمد أساساً على وزراء كانوا من نشطاء حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي كان يقوده بن علي»، وبكون «غالبية المسؤولين في الدولة اليوم من رموز النظام القديم ومن خريجي المدرسة العليا للإدارة التي لم يكن المعارضون في عهد بورقيبة وبن علي يدخلونها». وبالفعل، تشير استطلاعات الرأي أن شعبية ممثلي «الحزب الدستوري الحر» بزعامة عبير موسي (أبرز مناصري عهدي بورقيبة وبن علي) في ارتفاع بسبب أخطاء السياسيين وقادة الأحزاب والنقابات الذين تداولوا على السلطة خلال الأعوام العشرة الماضية.
إلا أن هذا المناخ لا يبرر الحديث عن «سيناريو» انهيار الدولة والطبقة السياسية الحالية في نظر الباحث والأكاديمي سعيد بحيرة، والخبير السياسي المنصف عاشور، والخبير الاقتصادي ماهر قلال. وحسب هؤلاء، ثمة أسباب عديدة لذلك من بينها عراقة المؤسسات في تونس، ووجود إرادة لدى غالبية صناع القرار في مختلف الأحزاب والنقابات على تجنب دفع البلاد نحو «سيناريو الفوضى الشاملة» أو نحو «منعرج عسكري»، رغم إقرار الجميع بأن خطورة الوضع الراهن غير مسبوقة.
- مبادرة لـ«الحوار الوطني» تحت إشراف الرئيس والنقابات
قدمت قيادة اتحاد نقابات العمال في تونس مبادرة لتنظيم حوار وطني يشرف عليه رئيس الدولة. ولقد رحّب بها الرئيس قيس سعيّدـ بالفعل. وتذكّر هذه الخطوة بمبادرة مماثلة قدمتها القيادة النقابية وزعامات في المجتمع المدني وقيادات نقابات رجال الأعمال والفلاحين عام 2013 عندما تأزمت العلاقة بين حكومة حزب النهضة وخصومها. وكانت حصيلة ذلك الحوار اتفاقاً على أن يغادر قادة حزب «حركة النهضة» وحلفاؤهم الحكم، ويسلموا السلطة إلى «حكومة تكنوقراطيين». وهي الحكومة التي أشرفت على البلاد لمدة سنة نظّمت خلالها انتخابات عامة فاز فيها بالمرتبة الأولى حزب «نداء تونس» بزعامة الباجي قائد السبسي الوزير والمسؤول السابق في الدولة في عهدي الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي.
المبادرة الجديدة نصّت على أن الهدف من الحوار الوطني المقترح هو «إنقاذ تونس عبر صياغة عقد اجتماعي جديد قبل أن تسقط في الفوضى التي بات الاتحاد يراها خطراً يهدد البلاد». وعبّرت وثيقة المبادرة عن انشغال من «اهتزاز الثقة في الدّولة وفي مؤسّساتها مقابل صعود الشعبوية العنيفة وبروز النعرات الجهوية والفئوية والتفكّك الواضح للنسيج الاجتماعي التونسي والتنافر العدائي داخل نخبه». وحذّرت الوثيقة من كون الاحتجاجات الجهوية والقطاعية الأخيرة «تتزامن مع أزمة غير مسبوقة تعيشها تونس وتهدّد سيادتها ووحدة ترابها ومكاسب دولة الاستقلال مثل مدنية الدولة والمنظومات العمومية، في ظل تنامي ضعف الدولة بما يؤشّر إلى قرب تفكّكها وانفجار الأوضاع والدخول في المجهول، كما يهدد السلم الأهلي وفق مضمون المبادرة التي تعتبر أن العشرية الحالية امتازت بالعجز الواضح للطبقة السياسية».
هذا، وتضمنت المبادرة خطة تعتمد على ثلاثة محاور: محور سياسي وآخر اقتصادي وثالث اجتماعي. واعتبرت وثيقة المبادرة أن آلية الإشراف على الحوار الوطني المقترح هي «هيئة حكماء - وسطاء» من الشخصيات الوطنية المستقلّة تعمل تحت إشراف رئاسة الجمهورية، التي تشكلها وتحدد مهامها في إدارة الحوار وتقريب وجهات النّظر والتّحكيم بين كلّ الأطراف المعنيين بالحوار «وفق روزنامة معقولة ومسقّفة زمنياً».



لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.