إسرائيل توجه صفعة قوية لليهود الفرنسيين الراغبين في الهجرة إليها

احتجاج عائلات ضحايا هجوم باريس بعد مطالبتهم بدفع 65 ألف دولار مقابل دفنهم في القدس

إسرائيل توجه صفعة قوية لليهود الفرنسيين الراغبين في الهجرة إليها
TT

إسرائيل توجه صفعة قوية لليهود الفرنسيين الراغبين في الهجرة إليها

إسرائيل توجه صفعة قوية لليهود الفرنسيين الراغبين في الهجرة إليها

في أعقاب دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليهود الفرنسيين للهجرة إلى دولة إسرائيل باعتبارها «وطنهم الحقيقي»، كما قال، وجهت حكومته صفعتين مدويتين إليهم، بعد أن طالبت عائلات اليهود الـ4 الذين قتلوا في هجوم باريس، دفع مبلغ باهظ مقابل دفنهم في القدس، كما وضعهم أوري أريئيل، وزير الإسكان الإسرائيلي المنتمي لحزب «البيت اليهودي»، في مواجهة مباشرة مع الفلسطينيين، وذلك بعد إعلانه التحضير لاستيعاب موجة جديدة من اليهود الفرنسيين المهاجرين إلى إسرائيل، وحشرهم داخل المستوطنات غير الشرعية، الموجودة في المناطق المحتلة من الضفة الغربية.
وقال أريئيل، المعروف بتطرفه الشديد، إنه بعث برسالة إلى المجلس الجامع لقيادة المستوطنين، وطلب الاستعداد بشكل جيد لاستقبال مئات القادمين الجدد من فرنسا إلى المستوطنات. وكتب أريئيل في رسالته «لا شك أن يهود فرنسا يشعرون بتعاطف عميق مع الاستيطان في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، وسيرغبون في السكن هناك». كما طالب المجلس الاستيطاني بتحديد مستوطنات ومواقع يمكن توسيع الاستيطان فيها بأسرع ما يمكن.
وعقب صدور هذه التصريحات أعلنت زهافا غالؤون، زعيمة حزب «ميرتس» اليساري عضو الكنيست، أنها تنوي التوجه إلى المستشار القضائي للحكومة يهودا فاينشطاين، وإلى القاضي سليم جبران، رئيس لجنة الانتخابات المركزية، للمطالبة بمحاكمة أريئيل بتهمة تقديم رشاوى انتخابية، وقالت: إن دعوة الفرنسيين للاستيطان في فترة الانتخابات يهدف لإكسابه أكبر عدد من أصوات الناخبين من المستوطنين في الضفة الغربية، وهذه تعتبر رشوة، حسب رأيها.
وكان نتنياهو قد بادر إلى شن حملة لتشجيع اليهود الفرنسيين بالقدوم إلى إسرائيل، وذلك في أعقاب الهجوم الإرهابي على المتجر اليهودي في باريس، واعتبر ذلك حقا أساسيا بقوله «لديكم الحق الكامل بالعيش بأمان وهدوء كمواطنين متساوي الحقوق في كل مكان تختارونه، بما في ذلك فرنسا. ولكن لليهود في أيامنا هذه خيار آخر لم يكن قائما في الماضي، وهو خيار الانضمام لأشقائهم اليهود في الموطن التاريخي، أرض إسرائيل». وتابع مؤكدا «إسرائيل هي وطنكم، ولديكم الحق بالعيش في دولة الشعب اليهودي الحرة والوحيدة في العالم، دولة إسرائيل». كما رحب بكل من يختار الهجرة إلى إسرائيل، وقد تبعه في هذه الدعوة وزراء آخرون من اليمين، وفي مقدمتهم وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، مما أثار غضب الحكومة الفرنسية.
ولكن هذه الروح «الوطنية» في التعامل مع يهود فرنسا بدت فارغة المضمون في قضية جلب جثامين اليهود الـ4، الذين قتلوا في الهجوم الإرهابي. فقد سعت حكومة نتنياهو بكل قوتها إلى دفنهم في مقبرة يهودية في حي جبل الزيتون بالقدس الشرقية المحتلة، لكن أقارب الضحايا رفضوا ذلك بالإجماع، وأصروا على دفنهم غربي المدينة. وقبل أن تجف الدموع من عيونهم، توجهت إليهم شركة القطاع العام «كديشا»، المسؤولة عن دفن الموتى اليهود في إسرائيل، وطالبتهم بدفع التكاليف التي وصلت إلى 50 ألف شيقل عن كل واحد، يضاف إليها 12500 شيقل أخرى، لكونهم أجانب «مواطنين من خارج إسرائيل». وقد صعق أفراد عائلات الضحايا من هذا التوجه الفظ، وكادوا يخرجون إلى الصحف محتجين، لولا أن قيادة الجالية اليهودية بفرنسا تعهدت بدفع المبلغ، والذي يقارب 65 ألف دولار.
والمعروف أن فرنسا أصبحت في سنة 2014، وللمرة الأولى منذ إعلان قيام إسرائيل عام 1948، أول بلد هجرة إلى إسرائيل، وذلك بأكثر من 6600 يهودي غادروها للإقامة في الدولة العبرية، مقابل 3400 عام 2013. ويشكل يهود فرنسا الذين يقدر عددهم بنحو 600 ألف أكبر جالية يهودية في أوروبا، والثالثة في العالم بعد إسرائيل والولايات المتحدة. كما سجل عدد المهاجرين اليهود إلى إسرائيل في 2014 أفضل رقم منذ 10 أعوام، بعد وصول نحو 26500 مهاجر، بحسب ما جاء في بيان لوزارة الهجرة الإسرائيلية نشر في مطلع الشهر الجاري. وينطوي هذا الرقم على زيادة بنسبة 32 في المائة مقارنة بسنة 2013.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.