مدينة المخأ طريق الحوثيين الوحيد نحو باب المندب

ضابط من المنطقة العسكرية الخامسة لـ («الشرق الأوسط») : الجيش اليمني لم يُبنَ على أساس وطني.. مما يسهل اختراقه

مدينة المخأ طريق الحوثيين الوحيد نحو باب المندب
TT

مدينة المخأ طريق الحوثيين الوحيد نحو باب المندب

مدينة المخأ طريق الحوثيين الوحيد نحو باب المندب

أكدت مصادر سياسية يمنية لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين يسعون حثيثا إلى السيطرة على باب المندب المضيق الاستراتيجي على البحر الأحمر، وأن عدم تمكنهم من السيطرة على المضيق يرجع إلى عدم قدرتهم دخول محافظة تعز التي صد مواطنوها كافة محاولات الحوثيين للتواجد العسكري المسلح في محافظتهم.
ويمتاز مضيق باب المندب الذي يسعى الحوثيون منذ منتصف أكتوبر (تشرين الأول) 2014 السيطرة عليه بعد أن أحكمت سيطرتها على مدينة الحديدة في غرب البلاد، بأهمية استراتيجية حيث إنه يعتبر قناة توصيل ما بين البحر الأحمر والمحيط الهندي بالإضافة إلى موقعه الاقتصادي الهام كونه واحدا من أحد أهم الممرات المائية والنقل بين الدول الأوروبية والبحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي وشرق آسيا لما يمتاز به من عمق وعرض مناسبين لمرور جميع أحجام السفن وناقلات النفط في اتجاهين متعاكسين متباعدين (16 كم وعمق 100 - 200م) الأمر الذي جعل بعض الدول الغربية، خاصة الولايات المتحدية الأميركية، تتسابق لتقوية حضورها في الدول المجاورة لمضيق باب المندب.
وبحسب بعض التقارير الإعلامية فقد جعلت الولايات المتحدة الأميركية جيبوتي مقرا لأكبر مراكز الاستخبارات في منطقة الشرق الأوسط والمحيط الهادي، بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، بالإضافة إلى نشر قواتها في بعض دول المنطقة للتصدي لأي استهداف محتمل من تنظيم «القاعدة» لمضيق باب المندب، ووفرت بذلك عبورا ملاحيا آمنا للنفط العالمي. ورغم وضع الأفضلية الاستراتيجية في السيطرة على الممر لليمن لامتلاكه جزيرة «بريم»، فإن تأثير اليمن عليه ضعف لتواجد الولايات المتحدة وحليفاتها التي عملت على وضع قواعد عسكرية قربه وحوله لأهميته العالمية في التجارة والنقل، حسبما يقول المراقبون.
وفي الوقت الذي تسعى جماعة الحوثي المسلحة السيطرة على مضيق باب المندب عن طريق سيطرتها على محافظة الحديدة ومينائها، على ساحل البحر الأحمر، يرى البعض أن السيطرة على المضيق عن طريق الحديدة ستكون صعبة، وأنه من الممكن تحقيق ذلك فقط عند سيطرة الحوثيين على مدينة المخأ، على ساحل البحر الأحمر التابعة للمنطقة العسكرية الرابعة (الجنوبية) وإحدى مدن محافظة تعز الواقعة إلى جنوب العاصمة صنعاء، ويساعد على ذلك اختراق الجيش من قبل الحوثيين الذي لم يعد بالأمر الصعب لالتحاق الكثير من أبناء القبائل الشمالية بالجيش وهم من تسيطر عليهم العادات القبلية ويتبعون مشايخهم مما يسهل على الحوثيين السيطرة عليهم.
وحول انقسام الجيش واختراقه من قبل جماعة الحوثي المسلحة وعما إذا كان سيؤثر على قدرات واستعدادات الحامية العسكرية في المضيق إن حصل اختراق أو مواجهة، يقول أحد ضباط المنطقة العسكرية الخامسة لـ«الشرق الأوسط» إن «الجيش اليمني لم يبن على أساس وطني ونحن نرى التحاقا كثيفا من أبناء بعض المحافظات الشمالية وبالأخص المناطق القبلية كصنعاء وذمار وعمران، بينما نجد أن التحاق أبناء المحافظات الأخرى كالحديدة، وحضرموت والمهرة، للجيش بنسبة قليلة جدا ولهذا يمكنهم اختراق الجيش لأن العادات القبلية تسيطر على أبنائها وهذا رأيناه عند تقدم الحوثيين ذوي المذهب الشيعي والالتفاف حولهم من منتسبي الجيش من نفس المذهب الشيعي الزيدي، وبالأخص من محافظات: عمران وذمار وصنعاء، وأعلنوا انضمامهم إلى ميليشيات الحوثي مما سهل تقدمهم وسقوط بعض الألوية والعاصمة صنعاء ومحافظة عمران أكبر دليل على ذلك».
ويضيف الضابط اليمني أن «المنطقة لن يحميها سوى أبنائها»، وأن «السيطرة على باب المندب لن تكون إلا عن طريق مدينة المخأ التابعة للمنطقة العسكرية الرابعة (الجنوبية) والتي تضم إلى جانب تعز محافظات: عدن وأبين ولحج التي تتشاطر مع تعز الإطلال على مضيق باب المندب الاستراتيجي»، ويقول أستاذ في جامعة الحديدة، رفض الكشف عن هويته لـ«الشرق الأوسط» إن «مسألة السيطرة على باب المندب هي مسألة وقت لا أكثر لأن ذلك يرتبط بسقوط محافظة تعز في يد الحوثيين، كون باب المندب يتبع المنطقة العسكرية الرابعة والحوثيون على أهبة الاستعداد وينتظرون الفرصة والمبرر لإسقاط تعز والسيطرة عليها مثلما حدث مع بعض المدن وإن استطاعت جماعة الحوثي السيطرة على منطقة (المخأ) ستسلم الحامية العسكرية باب المندب لهم دون أي مقاومة مثلها مثل المعسكرات التي سلمت من قبل بتوجيهات بعدم المواجهة».
ويضيف الدكتور الجامعي: «الحوثيون لا يملكون القوة الكافية للسيطرة على باب المندب حتى لو كان لهم الرغبة بذلك كون المضيق ممرا دوليا ويهم دول العالم أجمع حيث تمر سفنهم المحملة بالنفط من دول الخليج وهم أيضا لا يملكون الأسلحة اللازمة التي ستمكنهم من السيطرة بسهولة على ممر مائي هام مثل باب المندب إلا في حالة حصولهم على المزيد من الأسلحة من الإيرانيين وما نعرفه بأن الاحتلال أو السيطرة على ممر مائي يتطلب امتلاك أسلحة حديثة وغواصات وأساطيل وبارجات بحرية وهذا ما لا يملكه الحوثيون، حاليا، لكنهم ربما يجدون الدعم من الحرس الثوري الإيراني المنتشر في الأراضي العربية مثل سوريا ولبنان، وقد يكون التوجه الإيراني السيطرة على باب المندب للتحكم بالطرق التجارية العالمية بعد السيطرة الكاملة على مضيق هرمز وهو ما لن تسمح به الدول العظمى التي ستسعى جاهدة لحماية بضائعها وناقلاتها النفطية».
في هذا السياق، أكد مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط» استحالة سيطرة الحوثيين على مضيق باب المندب بسهولة، وقال: إنه «لا يمكن السيطرة على باب المندب إلا إن اجتازوا وسيطروا على مدينة المخأ، التابعة لمحافظة تعز، وهذا لا يمكن لأن قبائل تعز والقيادة العسكرية والمجلس المحلي اجتمعت بمحافظ تعز شوقي هائل واتفقت على عدم السماح بدخول وانتشار الميليشيات الحوثية في المنطقة وحدودها البحرية على الشريط الساحلي بمدينة المخأ، وإن حاول الحوثيون الدخول بالقوة سيكون هناك مواجهة عسكرية قوية، أما في حالة تطور الصراع السياسي في العاصمة صنعاء فقد يكون هناك أمور تفرض على الجميع».
ويرى محللون عسكريون أن السيطرة على مضيق باب المندب هي عبر جزيرة «ميون» أما عن طرق الساحل فسيكون الأمر ضعيفا وأن جماعة الحوثي المسلحة يريدون السيطرة على باب المندب لأسباب كثيرة أهمها تحسبا في حال وقوع أي حرب دولية ضدهم فإنهم سيقومون بمنع مرور السفن الحربية الدولية من المضيق، والأمر الثاني حتى يتم تأمين السفن الإيرانية المحملة بالسلاح والعتاد العسكري القادم للحوثيين.
وتكمن أهمية محافظة الحديدة، غرب اليمن، في مينائها الذي يُعد ثاني أكبر ميناء في اليمن بعد ميناء عدن والممر الأول إلى بعض الجزر اليمنية، أهمها جزيرتا حنيش الكبرى والصغرى، حيث من يسيطر على الحديدة ومينائها يستطيع السيطرة على الملاحة البحرية في مضيق باب المندب الذي يصل البحر الأحمر بخليج عدن والمحيط الهادي ويفصل بين اليمن في آسيا وجيبوتي في أفريقيا، وتتحكم به اليمن وإريتريا وجيبوتي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».