«ميرتس» يدرس التحوّل إلى حزب شراكة يهودية ـ عربية

مع تصاعد الحديث عن تبكير موعد الانتخابات

TT

«ميرتس» يدرس التحوّل إلى حزب شراكة يهودية ـ عربية

في ظل تصاعد الحديث في إسرائيل عن احتمال إجراء انتخابات رابعة، ودخول الأحزاب إلى مرجل الإعداد لها، ومحاولة رأب الصدع والشروخ التي تنتابها، أعلن عدد من أبرز قادة حزب «ميرتس» اليساري عن وجود مداولات داخلية، ترمي لتحويله من حزب صهيوني إلى حزب شراكة يهودية عربية.
وقال عضو الكنيست السابق وعضو إدارة هذا الحزب، عيساوي فريج، أمس الخميس، إن هذه مصلحة استراتيجية إذا لم يتلقفها جميع قادة الحزب فإنه يفقد مبرر وجوده. وأكد أن نسبة كبيرة من أعضاء ميرتس وقادته يؤمنون مثله بضرورة تحويله إلى حزب يهودي عربي. وأضاف ردا على سؤال أنه يقصد بذلك ليس فقط أن يكون العرب نصف مرشحي الحزب إلى الكنيست (البرلمان)، بل أيضا نصف القادة في جميع مؤسسات الحزب.
ومع أن أوساطا سياسية قالت إن هذه الخطوة جاءت في أعقاب انفجار الأزمة الداخلية في «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية والرغبة في اجتذاب الأصوات التي ستخسرها وكذلك في أعقاب المحاولات المكثفة التي يقوم بها العديد من الشخصيات السياسية القديمة والجديدة لتشكيل حزب يهودي عربي جديد في إسرائيل، فإن فريج يشير إلى أن فكرة تحويل حزبه إلى حزب يهودي عربي قائمة منذ سنوات وقد نضجت قبل سنتين وكادت تحقق مرامها، إلا أن بعض أعضاء الحزب خربوا الفكرة وفضلوا الذهاب إلى تحالف مع حزب العمل برئاسة عمير بيرتس، الذي رضخ لمغريات رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وانضم إلى الائتلاف الحكومي مقابل مقعدين في مجلس الوزراء.
المعروف أن هناك عدة محاولات جارية في الحلبة الحزبية الإسرائيلية، لتشكيل حزب شراكة يهودية عربية. ويقود إحدى هذه المحاولات رون خولدائي، رئيس بلدية تل أبيب - يافا، ويقود محاولة ثانية يونا لاهف، رئيس بلدية حيفا السابق، ومحاولة ثالثة يقودها أبرهام بورغ، الذي سبق أن شغل في الماضي منصب رئيس الوكالة اليهودية في العالم، ورئيس الكنيست. ومع كل واحد من هؤلاء شخصيات سياسية وأكاديمية عربية عديدة، ممن يخاصمون «القائمة المشتركة» أو ممن يرغبون في أداء دور سياسي حزبي ولا يجدون منفذا إلى القائمة المشتركة لأنهم لا ينتمون لأي من أحزابها الأربعة، وبينهم بعض رؤساء البلديات العربية.
وكشفت صحيفة «هآرتس»، أمس، أن إدارة حزب ميرتس أجرت، في بداية الشهر الحالي، نقاشها الأول حول إمكانية خوض الانتخابات المقبلة كجزء من «شراكة يهودية عربية». وبدا أن من المتحمسين للفكرة، إضافة إلى عيساوي فريج، رئيس الحزب الأسبق حاييم أورون، الذي تحدث هو أيضا عن ضرورة إعطاء المرشحين العرب ما بين 40 و50 في المائة من التمثيل في القائمة للكنيست المقبل، وكذلك رئيسة الكتلة البرلمانية، عضو الكنيست تمار زاندبرغ، والنائبان موسي راز وديدي تسوكر. لكن رئيس الحزب الحالي، نيتسان هوروفيتش، بدا متشككاً. وحذر الحاضرين من تحرك يردع الناخبين بدلا من التقريب بينهم. وقال «نحن بحاجة إلى التفكير بعمق في كيفية القيام بذلك من دون فقدان أعضاء حزبنا الذين قد يذهبون إلى مكان آخر نتيجة لخطوة خاطئة».
يذكر أن رئيس الوزراء وزعيم حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، ورئيس الوزراء البديل وزير الأمن، زعيم حزب «كحول لفان»، بيني غانتس، يظهران مواقف متشددة إزاء استمرار حكومة الوحدة بينهما. وقد بدا أنهما يديران معركة شد حبل، يهدف كل منهما فيها إلى الظهور بأنه لا يخاف الانتخابات القادمة، مع أن استطلاعات الرأي تشير إلى احتمال خسارة مئات ألوف الأصوات. وقد تؤدي هذه الغطرسة إلى سقوط حكومتهما فعلا وجر إسرائيل إلى انتخابات جديدة، ستكون الرابعة في غضون سنتين. ولكن أوساطا مقربة منهما لم تستبعد أن يتراجعا في اللحظة الأخيرة ويمنعا هذا التطور.
ورأى خبراء استراتيجيون، شاركوا في ندوة لمعهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، مطلع الأسبوع، أن على القيادة في إسرائيل أن تستوعب أن الواقع الدولي قد تغير في أعقاب انتخاب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة، وينبغي لها أن تلائم سياستها للسياسة الأميركية الآخذة بالتبلور، وهناك قيمة إضافية في هذه المعركة بوجود حكومة وحدة في إسرائيل. وأكدوا في تلخيص ندوتهم أنه «رغم أن بايدن يعتبر صديقا لإسرائيل، يتوقع أن تكون إدارته متشككة حيال نيات حكومة إسرائيل، في أعقاب ترسبات من نهاية ولاية أوباما والعلاقة الحميمة بين رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، والرئيس دونالد ترمب. وعلى كلا الجانبين أن يتعلما العمل معا من جديد، وعلى الأرجح أن الإدارة الجديدة ستكون معنية بالبدء (بالقدم اليمنى)، ولذلك، ثمة أهمية كبيرة لأن تصل إسرائيل إلى اللقاء مع الإدارة الجديدة (بأيد نظيفة)، وثمة أهمية لاستيعاب سريع أن الواقع تغير وأنه ينبغي تنسيق التعامل مع السياسة الأميركية الآخذة بالتبلور وكذلك مع أداء الرئيس الجديد والإدارة الجديدة».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.