في فيينا.. اسبح في الخزنة وكل في المصرف واشرب فنجان قهوة «زاخر»

سحرها لا يبدأ من المطار ولكن مربعها الذهبي يحكي قصتها

الحي الذهبي في فيينا الأقدم في المدينة .. فرصة للمشي والتسوق
الحي الذهبي في فيينا الأقدم في المدينة .. فرصة للمشي والتسوق
TT

في فيينا.. اسبح في الخزنة وكل في المصرف واشرب فنجان قهوة «زاخر»

الحي الذهبي في فيينا الأقدم في المدينة .. فرصة للمشي والتسوق
الحي الذهبي في فيينا الأقدم في المدينة .. فرصة للمشي والتسوق

قد تكون قد مللت من قراءة مطلع كل موضوع عن فيينا بعنوان أغنية «ليالي الأنس في فيينا»، وأنا كذلك، ولو أن ليالي تلك المدينة يليق بها الأنس وأكثر، ولنغير الأغنية إلى «قل لي متى أشوفك يا كامل وصوفك؟» للفنان وليد توفيق، والسبب هو أن مدخل هذه المدينة العريقة يظلم جمالها، فأنا لا أذكر من طريقي من المطار باتجاه وسط المدينة إلا طرقات ضيقة، أبنية غير متناسقة، وفوضى عمرانية، ولكن وفي الوقت نفسه تشعر بتشوق كبير لرؤية المدينة التي وصفتها أسمهان في أغنيتها، ولو أنها غنتها خلال الحرب العالمية الثانية، ووقتها كانت فيينا تحت وابل من القصف وكانت مدمرة، أشبه بجهنم أكثر منها من الجنة.
ففيينا قصفت 52 مرة خلال الحرب العالمية الثانية ودُمرت قصورها، وهدم 87 منزلا في وسطها، وفي الوقت الذي غنت فيه أسمهان الأغنية، كانت النمسا واقعة ضمن ألمانيا النازية.
وقد يكون هذا هو السبب الحقيقي لتكريم فيينا للراحلة أسمهان العام الماضي، بسبب أغنيتها التي ساعدت على تعزيز موقع النمسا وفيينا بالتحديد سياحيا، وعرفت العرب على تلك المدينة التي كانت شبه مجهولة بالنسبة لهم، لتصبح اليوم حلم العربي الذي استمع إلى الأغنية وتشوق ليعيش كلماتها بانتظار رؤيتها كـ«روضة من الجنة ونغم في الجو له رنة سمع له الطير بكى وغنى».. ومن الحري بأن تتطابق الأغنية مع فيينا اليوم، وليس في تاريخ إصدارها عام 1944.
في كل الأحوال، وبالعودة إلى وصولي إلى مطار فيينا، استغرق الطريق ضعف الوقت المتوقع بسبب زحمة السير في وقت الذروة، وبدأ الأنس بالفعل يعبق مع أول مشهد لمدخل المدينة التاريخية من بين أبنيتها المفعمة بالروح الإمبراطورية التي تجسدها القصور التي تزدان بها منطقة «إنره شتات» العريقة، وتزامن وقت زيارتي مع أعياد الميلاد، فكان سحر المدينة مصحوبا ببهجة العيد الذي ينشر الفرح في نفوس أهالي المدينة وزوارها من خلال أسواق عيد الميلاد الجميلة.

* مصرف النمسا الوطني.. المحطة الأولى

* أول محطة فترة المساء اليانع في المدينة في أول زيارة لي، كان مبنى مصرف النمسا الوطني الذي تحول في يونيو (حزيران) الماضي إلى فندق تابع لسلسلة «بارك حياة»، ليكون الفندق الأول التابع لتلك السلسلة في النمسا.
يتمتع المبنى المنتصب في قلب الحي الذهبي، برهبة حقيقية، فهو يحمل في جعبته مائة عام من التاريخ، تفاصيل الزمن الجميل واضحة من خلال مدخله الواسع وأبوابه العملاقة، البهو الرئيس لا يشبه الردهات المعهودة في الفنادق من الفئة ذاتها.
الذي يميز غرف الفندق البالغ عددها 143 غرفة حجمها الكبير، فهي كانت في السابق غرف موظفي المصرف، وبذكاء تام، تم مزج التكنولوجيا مع المحافظة على النمط النمساوي الذي تتحلى به فيينا.
في هذا الفندق، لا بد أن تقوم بجولة منظمة مع أحد الموظفين لتعريفك على ثنايا المكان وقصة كل ركن منه، بدءا من المدخل الذي كان يعبر منه مئات العملاء قاصدين المصرف لتخصيص معاملاتهم المالية، وصولا إلى صالة «الكاشير» أو الصناديق المالية التي تحولت اليوم إلى مطعم «بانك» الذي تقصده الطبقة النخبوية في فيينا ونزلاء الفندق، واللافت هو وجود مدخل فرعي، والسبب، وبحسب أحد موظفي الفندق، الخصوصية التي يرنو إليها النمساويون؛ فهم يفضلون الدخول من باب شبه سري على الدخول من الباب الواسع، وتم تحويل غرف الموظفين في المصرف بما فيها غرف المديرين إلى غرف فندقية رائعة، وهذه العملية كانت مكلفة وصعبة التحقيق، لأن المبنى مدرج على لائحة التراث العالمي لـ«اليونيسكو»، لذا كان من البديهي التنبه إلى مسألة المحافظة على الشكل الأصلي للسقف والأرضية، مع تغييرات صغيرة وذكية.

* غرفة المدخنين

* صحيح أن التدخين مضر بالصحة، ولكن الفندق نجح في تحويل أحد أركانه إلى غرفة خاصة بالمدخنين، يطلق عليها اسم «ليفينغ روم»، واللافت هو وجود عدد كبير من غير المدخنين فيها، لأنها تشبه المكتبة أو غرفة المعيشة في بيت راقٍ، وفيها أثاث مريح، وتُعدّ مكانا يجتمع فيه أهالي فيينا فترة المساء بعد انتهائهم من أعمالهم، والجميل هو وجود الزوار من جميع الأعمار في تلك الغرفة، كما أنها مجهزة بنظام تنقية الهواء من خلال ماكينات خاصة وُضعت بطريقة مبتكرة تحت السجاد الذي يكسو الأرضية.
البنك للذواقة

* لمحبي الأكل اللذيذ يمكنهم التوجه إلى «البنك» (The Bank)، حيث يقدم المأكولات الأوروبية في مطبخ مفتوح أمام الزوار، وتقدم في المطعم نفسه وجبة الفطور. والذي يميز المأكولات هو توفرها في موسمها الأصلي، فكل شيء طازج وعضوي.
اللؤلؤ

* غرفة «بيرل» أو اللؤلؤ، ركن آخر في الفندق يجذب أهالي المدينة لتناول المشروبات والعصائر التي لا يمكن أن تتذوقها إلا في الفندق، تُقدم إلى جانب أطباق صغيرة على طريقة التاباس الإسبانية، ننصحكم بتذوق طبق دجاج الشنيتزل والريزوتو.
الخزنة

* في «بارك حياة فيينا» يمكنك أن تسبح في خزنة الفندق، التي تحولت إلى بركة سباحة رائعة التصميم، بأرضية مرصوصة بسبائك الذهب لتذكرك بتاريخ المبنى العريق، ويطل على البركة مباشرة نادٍ صحي مجهز بأحدث التقنيات، ضمن السبا الذي يحمل اسم «الذهب» باللغة المجرية «أراني» الذي يحتل مساحة مائة متر مربع، يقدم العلاجات على أنواعها. وفي مدخل السبا تجد ماكينة أصلية كانت تساعد على حفظ المال في الخزنة.
200 حرفي

* قام بعملية ترميم المبنى من الداخل مجموعة من أهم الحرفيين العالميين، قاموا بتبديل 20 ألف متر مربع من الحجارة الطبيعية بعد دراسة معمقة قام بها أكاديميون لفهم تاريخ المبنى بالتعاون مع مكتب الآثار والقطع الأثرية في المدينة، وخلال عملية الترميم، حصل حريق في الطابق الثاني أتى على معالمه بالكامل، فاستعانت شركة «سينيا» المتخصصة ببيع وشراء العقار المالكة للمبنى بحرفيين من بولندا قاموا بإعادة رسم الصور التي كانت تزين السقوف، تماما مثلما كانت من قبل مستعينين بصور كانت محفوظة لديهم، واليوم تحول هذا الطابق إلى قاعات لإقامة حفلات الزفاف والاجتماعات والمؤتمرات.
الموقع

* يحتل الفندق موقعا مميزا في الحي الأول من المدينة، حيث تقبع أهم المحلات العالمية والمحلية، يكفي بأن تخرج من باب الفندق لتجد الأسواق التجارية في المربع أو الحي الذهبي باستقبالك. المشي في تلك المنطقة ممتع جدا، لا سيما في شارعي كيرنتنر وجرابن وتوخلاوين وماريا هيلفر. فكل المنطقة مخصصة للمشاة فقط، وفي طريقك إليها سوف تطالعك القصور التي تحولت إلى عقارات خاصة تستقبل حفلات الزفاف وأعياد الميلاد، بالإضافة إلى المتاحف الفنية والكاتدرائيات الجميلة، نذكر منها كاتدرائية سانت ستيفين، فزيارته حتمية، لأنها تتمتع بهندسة فريدة وتفتح أبوابها أمام الجميع.
للمزيد من المعلومات:
www.vienna.park.hyatt.com

* زيارة ناقصة من دون قهوة وحلوى

* الفرنسيون يطلقون اسم «فيينواز» على الحلوى والكلمة مشتقة من فيينا، نسبة لروعة مذاق حلوى فيينا، لا سيما التارت «الفييني» المصنوع من طبقتي كيك محشوة فيما بينهما بطبقة من مربى المشمش ومكسوة كلها من الخارج بطبقة من الشوكولاته الذائبة، تؤكل إلى جانب الكريمة المخفوقة ليزيد السكر حلاوة. تحفظ خارج الثلاجة وتكون صالحة للأكل لغاية 18 يوما على فتحها.
ومن أشهر الأماكن التي تقدم هذه الحلوى، حيث يمكنك أن تشاهد شريطا يبين عملية تحضيرها «كافيه زاخر» (Sacher Café) التابع لفندق «زاخر» التاريخي في وسط فيينا.
يتعين عليك الانتظار في طابور طويل للحصول على مقعد وطاولة لتناول القهوة والكيك، أفضل قهوة يمكن أن تتذوقها هي قهوة فيينا الكلاسيكية مع الكريمة، وقد يكون هذا المذاق أفضل ذكرى تتركه فيينا معك عند تعود إلى بلادك.
www.sacher.com

* فيينا في سطور

* لا يقتصر تميز فيينا عاصمة النمسا على عراقة مبانيها التي تجعل منها واحدة من أجمل مدن العالم، إذ توفر المدينة الكثير من عروض الأوبرا، وحفلات موسيقى الفالس للموسيقار شتراوس. بالإضافة إلى التسوق. وتنتشر فيها أسواق رائعة ومحلات لبيع أهم الماركات العالمية.
أبرز معالمها: كاتدرائية سانت ستيفين وميدان المتاحف وبرج الدانوب ومدرسة الفروسية الإسبانية، ودولاب فيينا، ويبقى قصر شونبرون من أهم معالمها إضافة إلى دار الأوبرا الحكومية ومتحف ليوبود والقصر الإمبراطوري (هوفبورج).

* عناوين الذواقة

* كافيه سنترال Café Central يعود تاريخه إلى 130 سنة عابرة.. افتتح أبوابه عام 1876 وكان يجتمع فيه أهم الفنانين والسياسيين والمثقفين
لا يزال لغاية اليوم من أهم العناوين التي يقصدها أهالي المدينة والزوار، يجدر بك الانتظار للحصول على طاولة، أهم ما يقدم في كافيه سنترال «دجاج الشنينزل» مع السلطة بالإضافة إلى الحلوى المحلية والقهوة على أنواعها.
- فابيوز Fabios مطعم إيطالي، يقع في وسط الحي الذهبي، يقدم المأكولات الإيطالية، من أهم ما يمكن أن تتذوقه طبق «الرافيولي» والسمك.
هذا المكان يقصده أهالي المدينة فترة المساء، لأنه يتميز بأجواء جميلة وأنيقة ليلا.
- ماير أم فاربلاتز Mayer am Pfarrplatz ويقع على مسافة 15 دقيقة من وسط المدينة بواسطة السيارة.
عاش في الطابق العلوي من المبنى الموسيقار العظيم بيتهوفن وألف خلال إقامته هناك سيمفونيته التاسعة التي تعد من أهم إنجازاته.
يتميز المطعم بتقديم المأكولات المحلية، لا توجد به لائحة طعام، فالأكل يأتيك إلى الطاولة، ألذ ما يقدمه الخضار المقلية ودجاج الشنيتزل وأنواع كثيرة من السلطة. الديكورات بسيطة ولكنها تقليدية جدا، من وحي الريف النمساوي.
باليه كوبورغPalais Coburg التابع للفندق الذي يحمل الاسم نفسه، هذا الفندق مشهور باستضافته الكثير من الوفود السياسية خلال عقد القمم والمؤتمرات الدولية فيينا.
يتميز المطعم بموقعه على التراس المطل على المدنية سقفه الزجاجي المدور ومأكولاتها التي تشبه لوحات فنية، أسعاره معقولة بالنسبة لنوعية الأكل التي تُقدم فيه.
لا تفوت عليك تذوق الزبد والخبز الأسمر www.palais - coburg.com

* عناوين أخرى لتناول القهوة والحلوى

- موزارت كافيه Mazart Cafe
- بروكل Pruckel
- شوارزنبرغ Shwarzenberg
- ريتر Ritter
- سبيرل Sperl

* بيت الشوكولاته

- ديميل Demel: تعبق من هذا المحل رائحة الشوكولاته وستجد نفسك في الداخل من دون تفكير ومن دون سابق تصميم. يبيع المحل أفضل أنواع الشوكولاته في المدينة إلى جانب تشكيلة واسعة من الحلوى المحلية، وفي المحل من خلف تنتشر مقاعد وطاولات خشبية يتناسب لونها الداكن من الديكورات القديمة، سوف تنتظر طويلا، ولكن صدقني رؤية المطبخ والعاملين فيه وهم يحضرون الشوكولاته ستنسيك الوقفة المتعبة على السلم الحلزوني.
يقدم ديميل أجود أنواع الشوكولاته الساخنة
www.demel.at



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».