شاغال... نزعة إنسانية عامة هدفت للسمو بالروح

معرض كبير لأعماله تحت شعار «حتى روسيا العزيزة ستحبني»

من المعرض
من المعرض
TT

شاغال... نزعة إنسانية عامة هدفت للسمو بالروح

من المعرض
من المعرض

في صالات متحف روفيريتو التاريخي العريق بمدينة «روفيكو» الشمالية بمقاطعة ألفينيتو الإيطالية، افتتح معرض للفنان مارك شاغال، تحت عنوان «حتى روسيا العزيزة ستحبني»، يضم عشرات اللوحات التي تمثل حقباً تاريخية متعددة في حياة الفنان. ويستمر المعرض حتى 17 يناير (كانون الثاني) المقبل.
لوحات شاغال التي احتوتها صالات المعرض، ممتزجة بالأساطير التقليدية واللمسات السريالية الفنتازية التي تتضمن لمسات شاعرية لا تخلو من غرابة، لدرجة أنها تبدو خيالية، فهي مزيج بين أساليب معاصرة، كالتكعيبية والوحشية والتعبيرية والبدائية، عكسها على سطوح الأقمشة التقليدية والسيراميك، والنوافذ الملونة، إضافة إلى اللوحات المسندية والرسوم التوضيحية للكتب والفسيفساء والأزياء، استند في مضامينها إلى قصص من الإنجيل والعهد القديم، حتى أصبحت سمات خاصة ومتفردة، وعلامة فارقة لجميع أعماله الفنية. وتميزت ألوانه باتساق المواد التي استخدمها. إذ يحددها كثير من نقاد الفن ومؤرخيه وحافظيه بـ8 ألوان أساسية، استخدمها طوال حياته الفنية، تتجلّى بمقدرته في اختياره المتميز للون ومطاوعته فنياً للشكل الذي يختاره، لتبدو كأنها أناشيد للفرح الإنساني والاحتفاء بالحياة.
وتعكس المجموعة الكبيرة من الأعمال الفنية المعروضة حرص شاغال، الذي ابتكر لنفسه لغة صورية خاصة، على عدم تغيير أسلوبه وتقنياته مع مرور الوقت. غير أنه مع ذلك نجح في ابتكار لغة جديدة من الأشكال المشوّهة والألوان الغنية والاستعارات الشاعرية الغرائبية التي طوّعها لتصوير معالم الطفولة والصبا التي عاشها في روسيا، ببساطة حالمة وبكثير من الحنين والشغف والبراءة.
خصصت إحدى صالات المعرض لأهم أعماله في فترة الحرب العالمية الأولى عندما سافر بين مدن سان بطرسبورغ وباريس وبرلين. وخلال هذه الفترة، تمكن من ابتكار أسلوبه الخاص في الفن الحديث اعتماداً على رؤيته لثقافة الفلكلور اليهودي في أوروبا الشرقية. ولقد قضى شاغال فترة الحرب في روسيا. وكانت ثورة أكتوبر (تشرين الأول) التي حدثت عام 1917 في روسيا سلاحاً ذا حدين بالنسبة له؛ حيث قدمت له فرصة وعرضته للخطر في آن واحد. ومنذ ذلك الحين، أصبح شاغال واحداً من أبرز فناني الاتحاد السوفياتي ورائداً من رواد مذهب الحداثة. كما أسس مدرسة فيتبيسك للفنون التي تعد من أبرز مدارس الفن في الاتحاد السوفياتي آنذاك.
ويحوي المعرض مجموعة من أعماله الغرافيكية التي قضى 30 عاماً من عمره في اكتشاف أداة الغرافيك التي تصلح بشكل كبير للاستخدام في التمثيل اللوني. فقد قام بتصميم بعض الأنسجة المزدانة بالرسوم والصور، التي تم نسجها تحت إشرافه. جدير بالذكر أن هذه الأنسجة المزدانة بالرسوم كانت أكثر ندرة من لوحاته؛ حيث لم يعرض في السوق التجارية غير 40 عملاً فقط. ولقد قام شاغال بتصميم 3 أنسجة مزدانة بالرسوم لقاعة الكنيست في إسرائيل، هذا بالإضافة إلى 12 قطعة من الفسيفساء التي استخدمت موزايك للأرضية، وقطعة موزايك للحائط.
يعتبر الفنان مارك شاغال (1887 - 1985) أحد أبرز الفنانين الغربيين من الذين امتلكوا 3 وجوه متداخلة، عكست نفسها بوضوح في أغلب أعماله الفنية، وهي انتماؤه الديني اليهودي، وولادته ونشأته في روسيا، وثقافته الفنية الفرنسية، فقد عبّر في لوحاته عن الفولكلور الريفي في بلاده روسيا على رغم أن كل ما رسمه في ذلك المجال كان منتزعاً من ذاكرته طفلاً، وهو الذي ترك مسقط رأسه الروسي باكراً. أما بالنسبة إلى الفرنسيين، فإن شاغال، الذي عاش في فرنسا وتشرب من ثقافتها وذاق طعم الحرية فيها، وأضاف كثيراً إلى الحركة الفنية الفرنسية والعالمية، فهم يعتبرونه جنباً إلى جنب بيكاسو رمزاً لاستقطاب الحداثة التشكيلية ما بين الحربين. هذا في الوقت الذي ينظر كبار المثقفين اليهود إلى شاغال بوصفه الفنان الذي عرف كيف يعبّر أكثر من غيره عن «روح الدين اليهودي»، وعن «رسالة التوراة الغنية بالتعبير الإنساني وبالنفحة الإلهية»، وعكست لوحاته ملحمة التشرد اليهودي ببعدها الروحي وليس السياسي، لأنه رأى نفسه صاحب رسالة إنسانية، هي رسالة الفن.
لقد ابتعد الفنان مارك شاغال طوال حياته، عن أن يصار إلى استيعابه، وفنه، سياسياً، لأنه كان يرى أن الفنان بإبداعه ينطلق من جذوره ونزعته الإنسانية العامة الهادفة إلى خدمة الإنسان والسمو بروحه. وليس سراً أن مثل هذا الكلام كان يغيظ كثيراً من رجال السياسة الإسرائيليين الذين دعوا شاغال إلى زيارة إسرائيل، ثم تحقيق بعض الأعمال لها، كانوا لا يكفون عن محاولة جرّه إلى مواقف لم يقبل أبداً بتبنيها. لقد كانت اليهودية بالنسبة إليه روحاً إنسانية، يمكن الفنان أن ينصهر فيها، ويعبّر عنها بما يفيد الناس أجمعين.
بدأ الرسم عام 1906 في مسقط رأسه حيث كان يرسم على الورق وكيفما اتفق مشاهد تعبّر عن الفولكلور الروسي، قبل أن يلتحق بمدرسة الفنون الجميلة في سان بطرسبورغ. مثله في ذلك مثل كثير من الفنانين الغربيين في ذلك الحين، سرعان ما وجد أن عيشه في روسيا يسدّ عليه آفاق الشهرة، فهاجر إلى باريس عام 1910 حيث سرعان ما أصبح جزءاً من مجتمع فناني «مدرسة باريس»، فصادق الشاعر أبولينير والفنانين ماكس جاكوب وفرنان ليجيه وموديلياني، ولقد أتاح له ذلك أن يشارك بلوحاته في «صالون المستقلين». وفي عام 1914 عاد شاغال إلى روسيا ليتزوج من بيلا، التي مارست عليه نفوذاً كبيراً طوال حياته، غير أن اندلاع الثورة البلشفية (التي تحمّس لها أولاً، لكنه عاد بعد ذلك وشعر أن انتماءه إليها سيحدّ من انطلاقته الفنية) دفعه إلى التفكير في الرحيل ثانية، فتوجه إلى فرنسا التي منحته الجنسية الفرنسية عام 1937. إلا أنه اضطر لمبارحتها قبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية، هرباً من النازيين، فتوجه إلى الولايات المتحدة، غير أن وفاة حبيبته بيلا، في ذلك الحين دفعته للعودة إلى فرنسا ليصبح فناناً فرنسياً ابتداء من عام 1947؛ حيث اكتشف خصوبة شموس الساحل المتوسطي في جنوب فرنسا، فترسخ نشاطه الفني، وافتتح متحفاً فيها إلى أن وافته المنية.



مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)

أكد البيان الختامي لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي اختُتم مساء السبت، إقامة مشروع بحثي فلسفي يدرس نتاج الفلاسفة العرب وأفكارهم وحواراتهم.

وبعد اختتام مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي أُقيم بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر «بيت الفلسفة» بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة؛ اجتمع أعضاء «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» في مقرّها بـ«بيت الفلسفة»، وأصدروا بياناً دعوا إلى تأسيس نواة «اتحاد الجمعيات الفلسفية العربية»، ومقرّه الفجيرة، وتشجيع الجمعيات على الانضمام إلى «الفيدرالية الدولية للفلسفة».

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وأكد البيان أهمية مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج العربي، مثل مشكلة الهوية وتعزيز الدراسات حولها.

ودعا للسعي إلى «الإضاءة على الفلسفة في العالم العربي وتمييزها من الفلسفة الغربية؛ لأنّ هدف بيت الفلسفة المركزي تعزيز الاعتراف بالآخر وقبوله».

كما دعا البيان إلى تعزيز دائرة عمل «حلقة الفجيرة الفلسفيّة»، بما يضمن تنوّع نشاطها وتوسّع تأثيرها؛ بدءاً بعقد جلسات وندوات شهريّة ودوريّة من بُعد وحضورياً، ومروراً بتعزيز المنشورات من موسوعات ومجلّات وكتب وغيرها، وانتهاء باختيار عاصمة عربيّة في كلّ سنة تكون مركزاً لعقد اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» بإشراف «بيت الفلسفة».

وأكد توسيع دائرة المشاركين خصوصاً من العالم الغربي؛ بحيث يُفعّل «بيت الفلسفة» دوره بوصفه جسراً للتواصل الحضاري بين العالمين العربي والغربي.

كما بيّن أهمية إصدار كتاب يجمع أعمال المؤتمرات السابقة. وبدءاً من العام المقبل سيعمد «بيت الفلسفة» إلى تعزيز الأبحاث المطوّلة في المؤتمر ونشرها في كتاب خاصّ.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة هو الأول من نوعه في العالم العربي، وتشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان: «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام التي بدأت يوم الخميس الماضي واختُتمت السبت، إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً بتعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة؛ مثل: الفلسفة، والأدب، والعلوم.

وتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطوّر الفكر المعاصر.

وخلال مؤتمر هذا العام سعى المتحدثون إلى تقديم رؤى نقدية بنّاءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث، ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي، ومفاهيم مثل «نقد النقد»، وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وعملت دورة المؤتمر لهذا العام على أن تصبح منصة غنيّة للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

وشملت دورة هذا العام من مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتُتح اليوم الأول بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد «بيت الفلسفة»، وكلمة للأمين العام للاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتضمّنت أجندة اليوم الأول أربع جلسات: ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أما الجلسة الثالثة فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما ضمت الجلسة الرابعة محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، وترأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما ضمّت أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش، وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

جانب من الحضور (الشرق الأوسط)

وتكوّن برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2024) من ثلاث جلسات، ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، وترأست الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وضمت الجلسة الثالثة محاضرة للدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم أي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

وتكوّن برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تناولت الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي في طلاب الصف الخامس»، شارك فيها الدكتور عماد الزهراني، وشيخة الشرقي، وداليا التونسي.

وشهدت الجلسة الثانية اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفية» ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.