مكتب غريفيث يبلغ «الشرعية» والحوثيين بتأجيل اجتماع حول الأسرى

الأسباب غائبة... والحكومة اليمنية تتحدث عن مخاوف من «كورونا»

TT

مكتب غريفيث يبلغ «الشرعية» والحوثيين بتأجيل اجتماع حول الأسرى

أبلغ مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث ممثلي الحكومة الشرعية والجماعة الحوثية، بتأجيل انطلاق جولة المشاورات الجديدة بشأن تبادل الأسرى المعتقلين، والتي كان من المقرر لها أن تبدأ اليوم (الخميس) في العاصمة الأردنية عمان، إلى أجل غير مسمى، بحسب تأكيدات حكومية.
وفي حين لم تعلق الأمم المتحدة على سبب تأجيل الموعد، توقع وكيل وزارة حقوق الإنسان وعضو الفريق الحكومي المفاوض ماجد فضائل، أن يكون الدافع الأممي هو تصاعد تفشي فيروس «كورونا» المستجد في العاصمة الأردنية؛ لكن السبب الرئيسي ظل غائباً.
وكان من اللافت أن الأمم المتحدة لم تعلن مسبقاً بعقد هذا الاجتماع.
وقال فضائل لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن سبب التأجيل هو تفشي (كورونا) بشدة في الأردن؛ حيث يوجد المقر الإقليمي لمكتب المبعوث الأممي، ومن الصعب السفر في مثل هذا التوقيت، ناهيك عن صعوبة الإجراءات والتدابير، لذا كان من الأفضل التأجيل».
وزعم المسؤول اليمني أنه لا توجد أي عراقيل من جهة الجانب الحكومي، وقال: «تحرص الحكومة بشدة على سرعة إنجاز هذا الملف بسبب طبيعته الإنسانية، وسبق أن طرحنا على ممثلي الانقلابيين الحوثيين إبرام صفقة لإطلاق سراح كافة الأسرى والمعتقلين، وفق مبدأ (الكل مقابل الكل)؛ لكنهم أصروا على تعنتهم وتجزئة الملف، للاستثمار فيه سياسياً».
ومن الجانب الحوثي، نشر المسؤول عن ملف أسرى الميليشيات عبد القادر المرتضى، في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» نبأ تأجيل المشاورات، وقال: «تم ٳبلاغنا من قبل الأمم المتحدة عن تأجيل موعد جولة المفاوضات على ملف الأسرى الذي كان مقرراً أن تبدأ الخميس في العاصمة الأردنية (عمان) إلى وقتٍ لاحق لم يتم تحديده بعد».
وبعد إعلان مكتب المبعوث الأممي عن هذا الموعد الملغي، كان الطرفان قد تبادلا الاتهامات في شأن طبيعة هذه الجولة المقررة من المشاورات، إذ زعم ممثل وفد الحوثيين أنها ستسفر عن إطلاق سراح 200 من مسلحي الجماعة الأسرى لدى الشرعية، مقابل 100 من المختطفين والأسرى لدى جماعته، من بينهم شقيق الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وهو ما نفاه عضو الفريق الحكومي ماجد فضائل في تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط».
واتهم ماجد فضائل الذي يشغل أيضاً منصب وكيل وزارة حقوق الإنسان، الميليشيات الحوثية بأنها تسعى على عادتها للمراوغة والتنصل من تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق سويسرا الأخير.
وقال فضائل لـ«الشرق الأوسط»: «نحن متفقون على الدخول في جولة مشاورات، من أجل توسيع عدد من سيتم إطلاق سراحهم، بمن فيهم الأربعة المشمولون بقرار مجلس الأمن الدولي»، في إشارة منه إلى ناصر منصور هادي (شقيق الرئيس اليمني) ووزير الدفاع السابق محمود الصبيحي، والقائد العسكري فيصل رجب، والقيادي في حزب «التجمع اليمني للإصلاح» محمد قحطان.
وأضاف فضائل: «نحن مستعدون لهذه الجولة، ولدينا الاستعداد الكامل لإجراء عملية تبادل وإطلاق سراح شامل، متى ما التزمت الميليشيات بما وقعت عليه».
وأبدى المسؤول في الفريق الحكومي تفاؤلاً بأن يحقق الاجتماع المرتقب نتيجة ترضي الجميع، وقال: «أتمنى أن تكون الجولة مثمرة، لنتمكن من خلالها من إدخال الفرحة على قلوب مزيد من العائلات بعودة أبنائها المعتقلين».
وتطمح الأمم المتحدة ومكتب مبعوثها مارتن غريفيث إلى إبرام صفقة بين الطرفين، على غرار الصفقة الأضخم التي تمت منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتي تضمنت إطلاق سراح أكثر من ألف شخص، أغلبهم من أسرى الجماعة الانقلابية.
وبموجب تلك الصفقة التي توسطت اللجنة الدولية للصليب الأحمر لإنجازها على الأرض عبر طائراتها بين مطارات أبها وسيئون وصنعاء وعدن والرياض، أطلق سراح 671 أسيراً حوثياً، مقابل أقل من 400 محتجز ومعتقل وأسير من الموالين للحكومة الشرعية، ومن بينهم 15 سعودياً وأربعة سودانيين.
وجاءت الصفقة السابقة ثمرة لمحادثات كانت قد أجرتها الأطراف اليمنية في مدينة مونترو السويسرية، برعاية أممية، استناداً إلى اتفاق استوكهولم المبرم أواخر عام 2018، وتتويجاً لجولات سابقة من المفاوضات في العاصمة الأردنية عمان.
ويرى أنصار الحكومة الشرعية أن الصفقة السابقة التي مثلت الإنجاز الأبرز للمبعوث الدولي منذ توليه مهمته في اليمن، كانت مجحفة، لجهة أن الجماعة الحوثية تمكنت عبرها من إطلاق سراح مقاتلين من أتباعها أسروا في جبهات القتال، مقابل مختطفين أغلبهم من المدنيين والسياسيين اعتقلتهم الجماعة من أماكن عملهم أو من منازلهم في مناطق سيطرتها.
وكان الطرفان قد قدما لوائح بأسماء أكثر من 15 ألف محتجز خلال مشاورات استوكهولم في ديسمبر (كانون الأول) 2018، بينما تقول تقديرات حقوقيين يمنيين إن الجماعة الحوثية اختطفت منذ انقلابها على الشرعية أكثر من 18 ألف شخص، بينهم المئات من النساء.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.