الطلّاب اللبنانيون في الخارج مهددون بالفصل من جامعاتهم

بسبب القيود على التحويلات المالية وعدم تطبيق «الدولار الطلابي»

من اعتصام لأهالي طلاب في الخارج (تويتر)
من اعتصام لأهالي طلاب في الخارج (تويتر)
TT

الطلّاب اللبنانيون في الخارج مهددون بالفصل من جامعاتهم

من اعتصام لأهالي طلاب في الخارج (تويتر)
من اعتصام لأهالي طلاب في الخارج (تويتر)

باتت الطالبة غادة سلمى مهدّدة بالفصل من إحدى جامعات أوكرانيا، حيث تتابع دراستها في الطبّ العام، فبعد التواصل مع السفارة اللبنانيّة هناك تمكّنت من الاتفاق مع الجامعة على أن يُسمح لها بالتأخّر لمدة شهر إضافي واحد عن دفع أقساطها.
وتتخوف عائلات الطلاب اللبنانيين في الخارج من عدم تنفيذ المصارف اللبنانية قرار السلطات القاضي بتحويل أموال لأبنائهم، في ظل الإجراءات المصرفية، ما يهدد السنة الدراسية للطلاب.
وتقول سلمى لـ«الشرق الأوسط»: «مضى من الشهر أسبوع حتى اللحظة، وأنا قلقة جدا على مستقبلي، لا أريد العودة إلى لبنان والبدء من الصفر»، مضيفة أنّها «تتابع محاضراتها الجامعيّة بانتظام إلّا أنّ إدارة الجامعة تصرّ على تسجيلها في عداد الغياب وإدراج اسمها على اللائحة السوداء لأنّها لم تدفع الأقساط المتوجبة عليها». كما أنها مهددة بفقدان سكنها كونها لم تدفعه منذ 4 أشهر.
وتفرض المصارف اللبنانية قيودا على التحويلات الخارجية، ما دفع مجلس النواب لإقرار قانون «الدولار الطالبي» الذي يُلزم المصارف العاملة في لبنان بإجراء تحويل مالي لا تتجاوز قيمته 10 آلاف دولار أميركي لمرة واحدة لكل طالب من الطلاب اللبنانيين الجامعيين المسجلين في الخارج للعام الدراسي 2020 - 2021 بالعملة الأجنبية أو العملة الوطنية اللبنانية وفق سعر الصرف الرسمي للدولار أي 1515 ليرة.
ولا تختلف حال سلمى عن حال صباح الحسين التي تتابع دراستها في طبّ الأسنان في بيلاروسيا، فجامعتها أعطتها فرصة لدفع القسط حتى منتصف الشهر المقبل وإلا سيتم فصلها بشكل نهائي.
وتتحدّث والدة الحسين مع «الشرق الأوسط» عن خيبة الأمل والغضب اللذين يسيطران على ابنتها، فهي تخاف أن تضطرّ للعودة إلى لبنان والبدء مجددا وكأنّها لم تدرس لمدة سنتين. وتشير إلى أن «أبناءنا في الخارج يأكلون وجبة واحدة لأننا غير قادرين على إرسال الأموال لهم».
لكن القانون الذي أقره مجلس النواب «بقي حبرا على ورق» حتى الآن، كما يؤكد أمين سر الجمعية اللبنانية لأولياء الطلاب في الجامعات الأجنبية الدكتور ربيع كنج قائلا لـ«الشرق الأوسط» إنّه حتى اللحظة لم يتمكّن أحد من أولياء الأمور من تحويل أي مبلغ إلى الخارج «فالمصارف ترفض الالتزام بقانون الدولار الطلابي تحت حجّة أنّ الأمر يحتاج إلى تعميم من مصرف لبنان».
وفي حين يؤكّد كنج أنّ عددا من الطلاب في الخارج أضحى خارج الجامعات لعدم تمكنهم من دفع أقساطهم بسبب امتناع المصارف عن التحويل، يشير إلى أنّ أولياء الأمور يعملون على اللجوء إلى القضاء علّه ينصف الطلّاب ولا سيما أنّ الاعتصامات المتكرّرة للأهالي لم تأت بأي نتيجة حتى اللحظة.
وتؤكد المحامية مايا دغيدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنّ «القانون فوق التعميم، وأنّ المصارف لا تحتاج إلى أي تعميم لتنفيذه»، مضيفة أنّ هذا القانون فضلا عن القوانين الأخرى «يلزم المصارف جميعها بتحويل الأموال للطلاب»، لافتة إلى أن «ما تقوم به المصارف ليس تهربا من تطبيق القانون بل هو خرق واضح لعدد من القوانين».
على الصعيد الرسمي كان رئيس مجلس النواب نبيه بري تابع قضية الطلاب اللبنانيين في الخارج مع وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة، مؤكدا «أن العمل بهذا القانون سيبدأ مطلع الأسبوع المقبل».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.