ملفات خارجية معقدة تنتظر الرئيس المنتخب

تنزه بايدن في حديقة «كايب هينلوبن» بدراجته أمس (أ.ف.ب)
تنزه بايدن في حديقة «كايب هينلوبن» بدراجته أمس (أ.ف.ب)
TT

ملفات خارجية معقدة تنتظر الرئيس المنتخب

تنزه بايدن في حديقة «كايب هينلوبن» بدراجته أمس (أ.ف.ب)
تنزه بايدن في حديقة «كايب هينلوبن» بدراجته أمس (أ.ف.ب)

يجمع مراقبون كثر على أن برنامج الأوليات الخارجية الذي طرحه الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن خلال حملته الانتخابية، قد يتغير إلى حد كبير بعد دخوله إلى المكتب البيضاوي.
بعض هؤلاء يرى أن بايدن قد يتخذ مواقف مخالفة جذريا لسياسات الرئيس دونالد ترمب، فيما يتوقع آخرون تطابقا واستمرارية في الكثير من الملفات. غير أن الحكم على توجه الرئيس المنتخب مرهون بمراقبة أسماء الفريق الذي سيعينه بايدن لإدارة ملف السياسة الخارجية. ومع بدء تسريب بعض أسماء المرشحين، يرجح أن يتجه الرئيس المنتخب إلى مراجعة شاملة لتلك السياسات، وتراجع بسيط عن أخرى.
ومن بين أبرز الملفات التي ستحظى باهتمام بالغ، ملف علاقة واشنطن مع إيران ودورها الإقليمي، والعلاقة مع كل من روسيا والصين. غير أن القائمة تتسع لتشمل علاقات الولايات المتحدة بحلف الناتو والاتحاد الأوروبي والاتفاقات الثنائية والمعاهدات الدولية، على رأسها اتفاقية المناخ والمنظمات الدولية كمنظمة الصحة العالمية التي انسحبت منها إدارة ترمب على خلفية وباء «كوفيد - 19»، وملف عملية السلام في الشرق الأوسط.
- إيران
يدور جدل كبير في أروقة واشنطن السياسية حول ما إذا كان بايدن سيعود إلى الاتفاق النووي الذي وقعه الرئيس السابق باراك أوباما وانسحب منه الرئيس ترمب الذي وصف الاتفاق بـ«الكارثي». ويخشى كثيرون تداعيات تراجع واشنطن عن سياسة «أقصى الضغوط» على إيران، الذي قد يمحو ما تم تحقيقه من إنجازات على طريق إلزام إيران بأن تصبح «دولة طبيعية».
لكن بايدن أعلن أنه سيكون مستعدا للعودة إلى اتفاق دولي آخر مع طهران «إذا عادت إلى الامتثال الصارم» به، مشيرا إلى أنه لن يقوم برفع العقوبات التي فرضها ترمب عليها قبل تحقيق هذا الهدف. كما يؤكد بايدن أنه سيتفاوض بعد ذلك لتبديد المخاوف التي تنتابه حول الاتفاق السابق، أسوة بمخاوف ترمب والمجتمع الدولي ودول المنطقة.
وما يؤكد فرضية عدم عودة بايدن «التلقائية» إلى الاتفاق النووي مع إيران، تصريحات أنتوني بلينكن مرشحه المحتمل لشغل منصب مستشار الأمن القومي، الأسبوع الماضي. وقال بلينكن «إذا قررت إيران أنها لن تعود إلى الامتثال بشروط الاتفاق، فنحن في وضع أقوى بكثير للحصول على الدعم من الحلفاء والشركاء». تأكيدات تشير إلى أن بايدن سيعود إلى التنسيق بشكل أكبر مع حلفاء واشنطن وأصدقائها لبناء إجماع دولي جديد، يلزم طهران بالامتثال إلى شروط المجتمع الدولي ويعالج مخاوفه من طموحاتها، ليس فقط النووية بل والإقليمية أيضا. وكما هو معلوم فقد انسحبت إدارة ترمب من الاتفاق النووي عام 2018 بحجة أن الاتفاق لم يتعامل مع ملف الأسلحة التقليدية والصاروخية والباليستية التي تطورها إيران، والتهديدات التي تشكلها على دول المنطقة، وأنه اتفاق ضعيف للغاية في تقييد نشاطها النووي.
- روسيا
يعتقد على نطاق واسع أن علاقة بايدن الشخصية بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ستتغير، بعدما بدا أن ترمب أقل تشددا معه في انتهاكه للمعايير الدولية وتدخلاته الخارجية، من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أوروبا. وقال بايدن لمحطة «سي إن إن» إنه يعتقد أن روسيا هي «خصم»، واعدا بالرد بقوة على تدخلها في الانتخابات الأميركية في عام 2016 وعلى التقارير التي تحدثت عن تقديمها إغراءات مالية لطالبان لاستهداف القوات الأميركية في أفغانستان، الأمر الذي لم يتصد له ترمب. وفيما يتوقع أن يواصل بايدن فرض العقوبات على روسيا، إلا أنه أوضح أنه يريد التعامل معها للحفاظ على ما تبقى من المعاهدات الثنائية الخاصة بالترسانة النووية، بعدما انسحب ترمب من اثنتين منها، وسيقوم بالتوقيع على معاهدة الحد من الأسلحة النووية مع روسيا التي تنتهي في فبراير (شباط) المقبل لمدة 5 سنوات جديدة من دون شروط.
- الصين
ملف الصين قد يكون من الملفات النادرة التي تحظى بإجماع بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري. لكن بين إطلاق صفة «الفيروس الصيني» ومعالجة الملفات الشائكة بين البلدين، يبدو الاختلاف بين إدارة بايدن المقبلة وإدارة ترمب في العلاقة معها، تكتيكيا أكثر منه مبدئيا. مسؤولون في فريق بايدن قالوا إنه «كان هناك تقليل من شأن السرعة التي سيضرب بها الرئيس الصيني شي جينبينغ المعارضة في الداخل، واستخدامه تقنية الجيل الخامس للاتصالات، وإطلاق مبادرة الحزام والطريق، وتحدي نفوذ الولايات المتحدة». وأضافوا أن «المشاركة الدبلوماسية والتجارية مع الصين، لم تجلب الانفتاح السياسي والاقتصادي، وأن القوة العسكرية الأميركية والتوازن الإقليمي لم يمنعا بكين من السعي لإزاحة المكونات الأساسية للنظام الذي تقوده الولايات المتحدة».
لكن مع نجاح مواقف ترمب الصارمة في تكوين إجماع شبه دولي لمقاطعة تكنولوجيا الاتصالات الصينية، يعتقد على نطاق واسع أن بايدن سيواصل انتهاج سياسة «التصدي لممارسات الصين الاقتصادية غير المنصفة»، لكن بمشاركة الحلفاء. وقال إنه يريد إحياء القيادة الأميركية على المستوى العالمي، رغم التراجع الذي أصاب دورها في السنوات الماضية، حتى من قبل مجيء ترمب، في ظل المشكلات المتعددة التي أصابت سمعتها وخصوصا علاقتها مع دول حلف الناتو، الذي يتوقع أن يواجه إصلاح العلاقة معها تعقيدات، تتخطى مسألة «تسديد الالتزامات المالية» لميزانية الحلف.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».