الرباط: معبر الكركرات أصبح مؤمناً بشكل كامل

«البوليساريو» تعلن تنفيذ هجمات مكثفة... والمغرب يعتبرها غير صحيحة

صورة وزعها الجيش المغربي لعمليات إحراق مخيمات أقامها مؤيدو جبهة البوليساريو في الكركرات (أ.ف.ب)
صورة وزعها الجيش المغربي لعمليات إحراق مخيمات أقامها مؤيدو جبهة البوليساريو في الكركرات (أ.ف.ب)
TT

الرباط: معبر الكركرات أصبح مؤمناً بشكل كامل

صورة وزعها الجيش المغربي لعمليات إحراق مخيمات أقامها مؤيدو جبهة البوليساريو في الكركرات (أ.ف.ب)
صورة وزعها الجيش المغربي لعمليات إحراق مخيمات أقامها مؤيدو جبهة البوليساريو في الكركرات (أ.ف.ب)

بينما أعلنت جبهة البوليساريو الانفصالية أن قواتها نفذت «هجمات مكثفة» على مواقع الجيش المغربي في عدة مناطق بالصحراء مثل المحبس والحوزة وأوسرد والفروسية «مخلفة خسائر في الأرواح والمعدات»، أفاد بيان للقيادة العليا للقوات المسلحة الملكية المغربية، بأن ميليشيات البوليساريو فتحت النار على القوات المغربية خلال عملية «استعادة حرية التنقل» بمعبر الكركرات الحدودي بين المغرب وموريتانيا، وأنها ردت عليها، وأجبرت عناصرها على الفرار، دون تسجيل أي خسائر بشرية.
وأعلن البيان ذاته، الذي صدر الليلة قبل الماضية، أن معبر الكركرات أصبح في الوقت الحاضر مؤمناً بشكل كامل من خلال إقامة القوات المغربية لحزام أمني بتعليمات من الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية. وذكر البيان أنه جرى الجمعة القيام بعملية «استعادة حرية التنقل» في معبر الكركرات، وفقاً لقواعد تدخل واضحة «تقتضي تجنب أي احتكاك بالأشخاص المدنيين».
وأشار البيان أيضاً إلى أنه «وبعد أن أخذت علماً بتدخل القوات المسلحة الملكية، أقدمت عناصر ميليشيات جبهة البوليساريو عمداً على إحراق معسكر الخيام الذي أقامته، وعمدت إلى الفرار على متن عربات من نوع (جيب) وشاحنات نحو الشرق والجنوب تحت أنظار مراقبي بعثة (مينورسو)».
وخلص المصدر ذاته إلى أن «معبر الكركرات أصبح الآن مؤمناً بشكل كامل من خلال إقامة حزام أمني يؤمن تدفق السلع والأفراد عبر الممر الذي يربط بين المركزين الحدوديين».
وفي الوقت الذي عادت فيه الأمور إلى طبيعتها في المنطقة، أعلنت جبهة البوليساريو أنها ستواصل القتال. وقال وزير خارجيتها محمد سالم ولد السالك لوكالة الصحافة الفرنسية، إن اتفاق وقف إطلاق النار، المعمول به منذ 1991 تحت رعاية الأمم المتحدة، «صار من الماضي». وأعلن أمين عام جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، من جهته، أمس، أنه أصدر مرسوماً يعلن «نهاية الالتزام بوقف إطلاق النار» و«استئناف العمل القتالي».
وأعلنت «وزارة دفاع» جبهة البوليساريو، في بيان، أن قواتها نفذت «هجمات مكثفة» على مواقع الجيش المغربي في المحبس والحوزة وأوسرد والفرسية «مخلفة خسائر في الأرواح والمعدات». بيد أن المغرب لم يعلن عن وقوع أي معارك مع مقاتلي الجبهة، سواء في الكركرات أو غيرها من المواقع العسكرية على طول الجدار الدفاعي الذي يفصل قواته عن مقاتلي جبهة البوليساريو على نحو 2700 كيلومتر، منذ نهاية عقد الثمانينات من القرن الماضي.
ويفصل «الجدار الدفاعي» القوات المغربية عن مقاتلي البوليساريو المستقرين فوق التراب الجزائري، وتحيط به المنطقة العازلة وعرضها خمسة كيلومترات من الجهتين.
وقال مصدر مغربي لـ«الشرق الأوسط»، إن المعارك التي تتحدث عنها جبهة البوليساريو تدور رحاها في الإعلام فقط، وليس في الميدان، مشيراً إلى أنه إذا كان ما تقوله جبهة البوليساريو صحيحاً لأعلنت عنه القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية المغربية، أو بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (مينورسو).
وفي الجانب الموريتاني من الحدود، أفاد مصدر، أمس السبت، بأن الهدوء يسود المنطقة.
وذكر المصدر ذاته لوكالة الأنباء الألمانية، أن الوضع لا يزال هادئاً في منطقة الحدود المتاخمة لموريتانيا. وأضاف المصدر أن الجيش الموريتاني نشر تعزيزات كبيرة على طول الحدود مع المغرب، وأعلنها منطقة عسكرية مغلقة.
في سياق ذلك، ذكر بيان ثان لوزارة الخارجية المغربية صدر الليلة قبل الماضية، أن العملية التي قامت بها القوات المسلحة الملكية «لاستعادة حرية التنقل بمعبر الكركرات، تمت بشكل سلمي، دون اشتباك أو تهديد لسلامة المدنيين». وأضاف البيان أن هذه العملية الرامية إلى وضع حد نهائي للتحركات غير المقبولة لجبهة البوليساريو، تأتي بعد إعطاء الفرصة كاملة لإيجاد حل دبلوماسي من خلال المساعي الحميدة للأمم المتحدة.
وأشار البيان إلى أنه في سنتي 2016 و2017، كانت الاتصالات بين الملك محمد السادس والأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد مكنت من التوصل إلى حل أول. ومع ذلك، واصلت جبهة البوليساريو ممارساتها الاستفزازية وتوغلاتها غير القانونية في هذه المنطقة.
وأوضح البيان أنه بعد التوغل الذي قامت به جبهة البوليساريو يوم 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أكد الملك محمد السادس، الذي يدعم عمل الأمين العام للأمم المتحدة، في رسالة إلى غوتيريش، أنه «لا يمكن إطالة أمد الوضع القائم. وإذا استمر هذا الوضع، فإن المملكة المغربية، وفي احترام لصلاحياتها، وبموجب مسؤولياتها، وفي تناغم تام مع الشرعية الدولية، تحتفظ بالحق في التدخل، في الوقت وبالطريقة التي تراها ضرورية للحفاظ على وضع المنطقة وإعادة إرساء حرية التنقل والحفاظ على كرامة المغاربة».
وذكر البيان ذاته أن المغرب يظل متشبثاً بقوة بالحفاظ على وقف إطلاق النار، مشيراً إلى أن العملية التي قامت بها القوات المسلحة الملكية تهدف، على وجه التحديد، إلى تعزيز وقف إطلاق النار من خلال الحيلولة دون تكرار مثل هذه الأعمال الخطيرة وغير المقبولة التي تنتهك الاتفاق العسكري وتهدد الأمن والاستقرار الإقليميين.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.