توافق في محادثات تونس بشأن أزمة ليبيا... وتوتر في اجتماعات سرت العسكرية

رئيسة بعثة الأمم المتّحدة للدعم في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز والرئيس التونسي قيس سعيد (أ.ب)
رئيسة بعثة الأمم المتّحدة للدعم في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز والرئيس التونسي قيس سعيد (أ.ب)
TT

توافق في محادثات تونس بشأن أزمة ليبيا... وتوتر في اجتماعات سرت العسكرية

رئيسة بعثة الأمم المتّحدة للدعم في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز والرئيس التونسي قيس سعيد (أ.ب)
رئيسة بعثة الأمم المتّحدة للدعم في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز والرئيس التونسي قيس سعيد (أ.ب)

تتواصل المحادثات الليبية في تونس، اليوم (الخميس)، بإشراف الأمم المتحدة وحضور 75 مشاركاً من أجل مناقشة توزيع السلطة بعد إعلان الاتفاق على تنظيم انتخابات في غضون 18 شهراً، وذلك في وقت شاب التوتر مفاوضات عسكرية موازية، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».
وفي موازاة المحادثات التي تدور في منطقة قمرت السياحية في الضاحية الشمالية لتونس، تجري في ليبيا مفاوضات عسكرية لاستكمال اتفاق وقف إطلاق النار التاريخي الذي تم التوصّل إليه في أكتوبر (تشرين الأول).
وفي تصريح صحافي، قالت رئيسة بعثة الأمم المتّحدة للدعم في ليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز، أمس (الأربعاء)، إن محادثات تونس «تعتبر فرصة لإنهاء الانقسامات» في البلاد. وأضافت المبعوثة الأممية أن الممثلين الآتين من مختلف أنحاء ليبيا «توصّلوا إلى خارطة طريق مبدئية لإنهاء الفترة الانتقالية وتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية حرّة، نزيهة، شاملة، وذات مصداقية».
وترمي المفاوضات التي انطلقت الاثنين وتتواصل أسبوعاً، إلى إيجاد إطار عمل وحكومة موقتة تكلّف تنظيم الانتخابات وتوفير الخدمات في بلاد دمّرتها الحرب على مدى سنوات، وفاقمت جائحة «كوفيد - 19» معاناة أبنائها.
وشدّدت ويليامز على ضرورة المضي قدماً باتجاه «انتخابات عامّة يجب أن تكون شفّافة ومبنية على الاحترام التامّ لحرية التعبير والتجمّع».
كما تهدف المحادثات إلى انتخاب مجلس رئاسي من أعضاء ثلاثة ممثلين للشرق والغرب والجنوب وهي المناطق الكبرى في ليبيا، وكذلك انتخاب رئيس حكومة ليشكل فريقاً وزارياً يخضع بدوره للتمثيل المناطقي، وفقاً لمسودة خريطة الطريق.
وتُعقد اجتماعات متواصلة للجنة عسكرية مشتركة تضم كبار قادة الجيش الوطني الليبي والقوات الموالية لحكومة «الوفاق». غير أن توترات بدأت تظهر على محادثات سرت العسكرية منذ الثلاثاء.
والثلاثاء اتهمت القوات العسكرية الموالية لحكومة «الوفاق» مرتزقة قالت إنّهم ينتمون إلى مجموعة «فاغنر» الروسية، بأنها منعتها من إنزال طائرتها في سرت للمشاركة في المحادثات.
ويقول الباحث في مركز دراسات عسكرية في لندن جاك والتن إن حادثة مطار سرت تبين رغبة روسية في تأكيد الوجود. ويستبعد أن يكون الهدف من الحادثة عرقلة المفاوضات، ولكن يؤكد في المقابل أن «روسيا أظهرت أن بإمكانها فعل ذلك إن رغبت».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».