مواجهة أميركية ـ روسية حول مؤتمر اللاجئين السوريين

سوري قرب مخيم للنازحين شمال إدلب قرب الحدود التركية (أ.ف.ب)
سوري قرب مخيم للنازحين شمال إدلب قرب الحدود التركية (أ.ف.ب)
TT

مواجهة أميركية ـ روسية حول مؤتمر اللاجئين السوريين

سوري قرب مخيم للنازحين شمال إدلب قرب الحدود التركية (أ.ف.ب)
سوري قرب مخيم للنازحين شمال إدلب قرب الحدود التركية (أ.ف.ب)

تكثف واشنطن جهودها الدبلوماسية لإحكام الخناق على «مؤتمر اللاجئين السوريين» المقرر في دمشق يومي 11 و12 الشهر الجاري وضمان مقاطعة الدول الأوروبية والعربية ومؤسسات الأمم المتحدة أعماله، عبر إظهار «الأوهام الروسية» من المؤتمر والحيلولة دون تحقيق موسكو هدفها بـ«فك العزلة» عن دمشق و«شرعنة الحكومة السورية وتحويل الإنجازات العسكرية إلى قبول سياسي»، إضافة إلى منع «محاولة روسية للفصل بين مسار اللاجئين من جهة والعملية السياسية وتنفيذ القرار 2254 من جهة ثانية».
- دعوة من «حميميم»
بداية، بادرت قاعدة حميميم الروسية بتوجيه دعوات في بداية الشهر الماضي لعقد مؤتمر للاجئين. وتقول الدعوة الروسية، التي حصلت «الشرق الأوسط» على نصها: «تحتل تسوية أزمة الجمهورية العربية السورية وإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها قمة أولويات أي أجندة دولية. وفي هذا الصدد، ترى روسيا أنه من المهم عودة اللاجئين والمشردين في مختلف أنحاء العالم إلى وطنهم. ونظرا لأن الأزمة في سوريا قد استقرت نسبيا، بينما زادت الأعباء على الدول المضيفة للاجئين، من الواجب على المجتمع الدولي أن يضاعف جهوده بهدف تقديم دعم شامل لجميع السوريين الراغبين في العودة إلى بلدهم، وكذلك إيجاد الظروف المناسبة لمعيشتهم (البنية التحتية والمرافق المعيشية والدعم الإنساني)». وزادت: «يقترح الاتحاد الروسي والجمهورية العربية السورية عقد مؤتمر دولي في دمشق خلال الفترة من 10 - 14 نوفمبر (تشرين الثاني) لمناقشة سبل تقديم الدعم للاجئين والمشردين بمختلف دول العالم، وكذلك مناقشة إحلال السلام في سوريا». حسب التصور العسكري الروسي، «سيتضمن المؤتمر عدة محاور وعقد لقاءات الطاولة المستديرة تشمل تقديم العون للعائدين، وإعادة إصلاح البنية التحتية الاجتماعية، وتقديم المساعدات الدولية ومناقشة إجراءات التصدي لانتشار جائحة (كورونا)». ويشمل أيضا عقد عدد من «الفعاليات الإنسانية الروسية السورية ودعوة المشاركين لزيارة أماكن الإيواء المؤقتة المخصصة للاجئين في حمص» مع التعهد باتخاذ «الإجراءات الضرورية من السلطات الروسية والسورية لتوفير الأمن للمشاركين وإجراءات الحماية» من «كورونا».
لم تكن دمشق مرتاحة كثيراً للغة الواردة في النص الروسي خصوصاً قولها أن «الأزمة السورية استقرت نسبياً» على اعتبار أنها لا تزال تدفع باتجاه «استعادة شمال غربي البلاد وشمالها الشرقي سواء بعمليات عسكرية أو بترتيبات روسية». لذلك، وفي العشرين من الشهر الماضي، سلمت وزارة الخارجية السورية نسختها من الدعوة إلى البعثات الدبلوماسية والأمم المتحدة في دمشق وعبر سفاراتها في الخارج. وجاء في الدعوة، التي حصلت «الشرق الأوسط»، على نصها: «تمثل عودة الأمن والاستقرار إلى مساحات واسعة من أراضي الجمهورية العربية السورية وكذلك عمليات إعادة إعمار وتجديد البنية التحتية، خطوة جوهرية لتوفير الظروف الملائمة لعودة اللاجئين والمشردين السوريين إلى مدنهم وقراهم لممارسة حياتهم الطبيعية». كما أشارت إلى «صدور عدد من قرارات العفو وتسوية الأوضاع للمواطنين الذين أجبرتهم ظروف الحرب على مغادرة البلاد بصورة غير قانونية. وفي سبيل ذلك، تؤكد الحكومة السورية دائما استعدادها لتقديم كافة سبل الدعم للمواطنين العائدين من الخارج بما يوفر لهم حياة كريمة».
تابع النص: «تدرك الحكومة أن الخسارة الأعظم في الحرب الدائرة في سوريا تتمثل في رحيل أبناء سوريا وكوادرها المؤهلة عن وطنهم، ما يتطلب عدم ادخار أي جهود لتأمين عودتهم إلى وطنهم ومشاركتهم في جهود الإعمار. وفي سبيل مناقشة سبل تسهيل عودة هؤلاء المواطنين إلى سوريا، تتشرف الحكومة بدعوتكم للحضور للمشاركة شخصيا في المؤتمر الدولي لعودة اللاجئين المقرر انعقاده في دمشق يومي 11 - 12 نوفمبر 2020، ونؤكد على أنه قد تم اتخاذ كافة الاحتياطات الصحية الخاصة بالوقاية من فيروس (كوفيد 19)، وضمان نجاح المؤتمر في إيصال رسالة أمل للسوريين في الخارج أن بلادهم في انتظارهم»، طالبة «تأكيد المشاركة قبل الأول من نوفمبر». بعد وصول الدعوة الروسية، عقد اجتماع أوروبي بتنسيق مع الجانب الأميركي، واتخذ المشاركون قرارا جماعيا بمقاطعة المؤتمر. كما أعلن منسق الشؤون الخارجية والأمنية الأوروبية جوزيف برويل ما معناه أن ظروف عودة اللاجئين «ليست متوفرة»، لافتا إلى ضرورة احترام المعايير التي وضعتها «المفوضية السامية لشؤون اللاجئين». ونصت الوثيقة الأممية: «يجب أن تتم عودة اللاجئين فقط كنتيجة لقرارهم الحر والمُعلن عنه بشكل فردي، على أساس المعرفة ذات الصلة والموثوقة فيما يتعلق بالظروف في سوريا بشكل عام وفي مناطق العودة المقصودة بشكل خاص». كما أشار المسؤولون إلى ضرورة إلغاء القانون رقم عشرة الذي يخص ممتلكات المهجرين والشرط الأخير الذي تضمن ضرورة تصريف السوري مائة دولار أميركي بالسعر الرسمي، لدى عودته إلى البلاد، إضافة إلى «ضمانات عدم الملاحقة وتوفر البيئة الآمنة، أي تحقيق تقدم بالعملية السياسية لتنفيذ القرار 2254».
واصل الجانب الأميركي جهوده خلال اجتماع وزراء خارجية «المجموعة المصغرة» (النواة) التي تضم السعودية ومصر وفرنسا وألمانيا والأردن وأميركا وبريطانيا، حيث أشار المجتمعون في اجتماع في الثاني والعشرين من الشهر الماضي إلى «المعاناة العميقة» للشعب السوري بعد نحو 10 سنوات من الحرب وانتشار «كورونا» والأزمة الاقتصادية، قبل أن يؤكدوا أهمية «وصول آمن ودون أي عقبات للمساعدات الإنسانية أمام جميع السوريين» مع حث المجتمع الدولي على «الاستمرار في دعم اللاجئين السوريين والدول والمجتمعات المضيفة لهم، حتى يتمكن السوريون من العودة طواعية لوطنهم بسلامة وكرامة وأمن». كما تضمن رفض «التغيير الديموغرافي القسري وعدم تقديم أي مساعدات لأي عملية توطين للاجئين سوريين لا تتوافق مع المعايير التي أرستها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين».
بالنسبة إلى واشنطن، فإن «المبادرة الروسية» تضمنت ثلاثة رهانات خاطئة: «الأول، الضغط على الدول الأوروبية لإجراء مقايضة بين إعادة اللاجئين مقابل تقديم الأموال إلى مناطق الحكومة. الاعتقاد الروسي بأن الموقف الأوروبي رخو، خاطئ، لأن الموقف الأوروبي ثابت. الثاني، إحداث فجوة بين الدول المضيفة للاجئين والمجتمع الدولي، أيضا هذا الرهان غير صحيح؛ إذ إن الدول العربية لا ترى الظروف مناسبة لعودة اللاجئين، مع أن هناك ضغوطات روسية وإيرانية على الدول المجاورة لسوريا. الثالث، الرهان على تغيير في واشنطن بعد الانتخابات الأميركية، وهذا خاطئ لأن السياسية إزاء سوريا لن تتغير والعقوبات مستمرة بموجب قانون قيصر». وحسب قول مسؤول غربي: «نعرف أسباب لجوئهم. وما لم تتغير طبيعة الحكم وسلوكه، فإن اللاجئين لن يعودوا. موسكو وطهران ودمشق مسؤولة عن المشكلة، ولا يمكن أن تكون مسؤولة عن الحل». وزاد: «هناك طريق واحد لتوفير ظروف عودة اللاجئين، وهو تنفيذ حل سياسي حقيقي وتنفيذ القرار 2254 وتغيير سلوك النظام مع شعبه».
- حملة روسية
قابلت روسيا الحملة الأميركية بجهد مضاد، إذ زار المبعوث الرئاسي ألكسندر لافرينييف، عمان وبيروت ودمشق وجرت اتصالات دبلوماسية مع دول عربية و«دول ثالثة» للمشاركة في المؤتمر. وأطلع لافرينييف الرئيس بشار الأسد نهاية الشهر على نتائج جولته «على عدد من دول المنطقة كونها تستضيف عددا كبيرا من اللاجئين السوريين، مؤكدا عزم روسيا مواصلة العمل المشترك مع المؤسسات السورية للمساعدة في إغلاق هذا الملف الإنساني»، فيما «حمل الأسد أعضاء الوفد رسالة شكر إلى روسيا الاتحادية لدعمها وجهودها من أجل إنجاح هذا المؤتمر»، حسب بيان رسمي. وأضاف «كان هناك تطابق في وجهات النظر حول أن هذا المؤتمر يشكل فرصة أمام الجميع للبدء بالنظر إلى هذا الملف من منظور إنساني فقط بعيدا عن أي استثمار سياسي من قبل بعض الدول الغربية، الذي ساهم في إطالة معاناة اللاجئين السوريين وحرمانهم من العودة إلى وطنهم». كما أبلغ وزير الخارجية وليد المعلم المبعوث الأممي غير بيدرسن خلال لقائهما الأسبوع الماضي «انتقاد الدور الغربي في وضع شروط واختلاق حجج واهية لعرقلة عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم ما يؤكد تسييسهم لهذا الملف الإنساني البحت واستخدامه كورقة في تنفيذ أجنداتهم السياسية».
ولم تشمل جولة لافرينييف زيارة لتركيا التي أعربت عن «خيبتها» من ترتيبات عقده دون التنسيق معها باعتبار أنها أحد أضلاع مثلث ضامني آستانة، وتستضيف أكبر عدد من السوريين. وحسب إحصاءات «المفوضية لشؤون اللاجئين»، يبلغ عدد اللاجئين السوريين، في تركيا ولبنان والعراق والأردن ومصر، 5.6 مليون لاجئ، بينهم 3.5 مليون في تركيا (63.8 في المائة) و952 ألفا في لبنان و673 ألفا في الأردن. يضاف إلى ذلك، نحو 7 ملايين نازح داخل البلاد.
في المقابل، أعلنت طهران دعم المؤتمر و«نصحت» بيروت بالمشاركة. وأبلغ كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني في الشؤون السياسية علي أصغر خاجي، المبعوث الأممي بيدرسون الاثنين «أهمية إيجاد حلول لقضية اللاجئين باعتبارها قضية إنسانية وتبني الثقة بين الأطراف السورية وكذلك نتائجها الإيجابية في إيجاد حل سياسي للأزمة في هذا البلد»، داعياً «المجتمع الدولي للمشاركة الفاعلة في المؤتمر».



اليابان: هواجس داخلية ومواقف إقليمية

كيتامورا توشيهيرو مساعد وزير الخارجية والمتحدث باسم الخارجية اليابانية في حوار مع «الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)
كيتامورا توشيهيرو مساعد وزير الخارجية والمتحدث باسم الخارجية اليابانية في حوار مع «الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)
TT

اليابان: هواجس داخلية ومواقف إقليمية

كيتامورا توشيهيرو مساعد وزير الخارجية والمتحدث باسم الخارجية اليابانية في حوار مع «الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)
كيتامورا توشيهيرو مساعد وزير الخارجية والمتحدث باسم الخارجية اليابانية في حوار مع «الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)

لماذا تحرص اليابان على تحالفها الاستراتيجي مع أميركا، وهي الدولة الوحيدة في العالم التي قصفت بالنووي في نهاية الحرب العالمية الثانية في أغسطس (آب) 1945 في مدينتي هيروشيما وناغازاكي، كان هذا السؤال يطرح أثناء توجه «الشرق الأوسط» إلى وزارة الخارجية في طوكيو، حيث طرق مسؤولون جوانب الهواجس الداخلية، وأبرزوا موقف طوكيو من مختلف القضايا التي تهم منطقة الشرق الأوسط.

كانت الإجابة اليابانية بكل بساطة هي تعلم الدرس القاسي. ولحاجة طوكيو الماسة في الحفاظ على أمنها مما وصفته بمهددات صينية روسية كورية شمالية. ونتيجة لذلك ترفض طوكيو صنع السلاح النووي أو تصدير أي قوى عسكرية للحرب في خارج حدودها، وتبقي على هذا التحالف كجزء من استراتيجياتها في العلاقات الدولية.

سؤال آخر، كيف تجاوز اليابانيون الهجوم النووي، ترجمة الإجابة هي مظاهر العافية والتقدم، التي ترتديها عاصمتها طوكيو حلة، تتناغم فيها البنايات الشاهقة مع توظيف التكنولوجيا في كل سكنة وحركة.

بقية الأسئلة جرت الإجابة عنها من قبل مسؤولين سابقين وحاليين، ورسمت أطراً للعلاقات الدولية وموقف الصين من أحداث تهم منطقة الشرق الأوسط، مع الأخذ بالاعتبار المخاوف الصينية والهواجس من التحركات القريبة والبعيدة من جار تاريخي يشكل تحدياً للعالم أجمع.

أمام ذلك، تحرص اليابان على علاقاتها الاستراتيجية مع السعودية، ويتحدث الدبلوماسيون اليابانيون عن مساعٍ جارية لتوسيع شراكاتها بشكل شامل مع الرياض.

وأقرّ مسؤول في الخارجية اليابانية بمساع حثيثة تستهدف تعزيز تحالف ثلاثي مشترك مع إيطاليا وبريطانيا، يدرس حالياً سبل تطوير صناعات الطائرات الحربية، للجيل المقبل، لتأمين بلاده في ظل ما وصفته بالمهددات التي تحيط بها من قبل تحركات صينية تتحالف مع أخرى روسية وكورية شمالية.

الصين وكوريا

رغم مظاهر التهدئة والطمأنة التي تحاول بكين أن تهيئ بها الطريق إلى علاقات طبيعية مع جارتها اليابان، من خلال دعوة وزير الخارجية الصينية وانغ يي نظيره الياباني تاكيشي إيوايا لإجراء مباحثات في بكين، غير أن مسؤولين يابانيين قالوا لـ«الشرق الأوسط» إن سرّ التخوف فيما وصفوه بمهددات أمنية تتعلق بسلوك بكين.

يقول مساعد وزير الخارجية والمتحدث باسم الخارجية اليابانية توشيرو كيتامورا «هناك مخاطر في شرق آسيا، على خلفية تحركات كوريا الشمالية، ومحاولتها تطوير أسلحة نووية وصواريخ، في وقت أرسلت فيه جيوش لتقاتل بجانب روسيا ضد أوكرانيا، وبالمقابل روسيا تعطي تعليمات وتسهيلات لكوريا الشمالية لتطوير الأسلحة النووية والصواريخ، بغية تطوير قدرات كوريا الشمالية في مجال الأعمال العسكرية، وهذا حتماً سيفرز مخاطر كبيرة بالمنطقة».

وشدد على أن أنشطة الصين في المجال العسكري ستؤدي إلى مخاطر أمنية في المنطقة في ظل تعزيزات عسكرية صينية في منطقة بحر الصين الشرقي ومنطقة تايوان، بينما هناك انتهاكات واضحة من قبل الصين تتمثل في دخول السفن الصينية في مياه اليابان، بجانب انتهاك جوي بطيران حربي دخل الأجواء اليابانية، فضلاً عن مناورات مشتركة بين الصين وروسيا، «هذه مشكلة خطيرة».

ومن هذا المنطلق وفق كيتامورا، فإن القدرات اليابانية تعتبر غير كافية لمواجهة هذه المهددات، الأمر الذي دفع البلاد نحو تعزيز تحالفها مع أميركا، فضلاً عن التوجه لمضاعفة ميزانية الدفاع، بجانب أن هناك تعاوناً بين اليابان ودول صديقة أخرى، ككوريا الجنوبية والهند وأستراليا لمواجهة مخاطر صينية أو روسية أو كورية شمالية محتملة.

وقال المتحدث باسم الخارجية اليابانية «تعتبر اليابان أن الأمن في منطقة المحيط الأطلسي وآسيا الشرقية مهم للأمن القومي لليابان وللعالم، لذلك نقوم بتعزيز شبكة متعددة الأطراف لمواجهة المخاطر الأمنية المحدقة»، مشيراً إلى أن فكرة الدعوة لتأسيس «الناتو الآسيوي» التي اقترحها رئيس الوزراء الياباني قبل تسلم منصبه الأخير لم تصبح حالياً هي الأولوية لدى اليابان أمام التحديات الأمنية الحالية.

ويؤكد ميزوبوشي ماساشا مدير قسم شؤون الصحافة الأجنبية أن بلاده لن ترسل قوى عسكرية لتقاتل خارج حدودها، رغم أن الصين وفق وصفه تشكل تهديداً عسكرياً ووجودياً لبلاده في ظل علاقات بكين المتوترة مع تايوان، وتحالفها مع روسيا وكوريا الشمالية.

سوريا ولبنان

في جلسة أخرى، عبر تاكيشي أوكوبو وهو السفير الياباني السابق لدى عدة دول من بينها لبنان وفلسطين والسعودية، عن قلقه على مستقبل لبنان وهو يعمل من دون رئيس للجمهورية، ويرى أن أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول)، كشفت بعض الخفايا عن «حزب الله» الذي تعرض إلى ضربات إسرائيلية استهدفت قياداته وكيانه، في ظل البحث عن إزاحته من الساحة اللبنانية، لإفساح المجال للجيش اللبناني.

وحول التطورات الأخيرة في سوريا، لفت كيتامورا، إلى أن وزارة الخارجية أصدرت بياناً بهذا الخصوص، مبيناً أن بلاده تتابع عن كثب سلسلة التطورات في سوريا بقلق بالغ، وسط الوضع غير المستقر في منطقة الشرق الأوسط، مع تطلعات بوقف العنف في سوريا في أقرب وقت ممكن وأن يتمكن جميع السوريين من التمتع بحقوق الإنسان الأساسية والكرامة والحرية والازدهار.

وتشعر اليابان بالقلق إزاء الوضع الذي وقع فيه العديد من الضحايا، بمن في ذلك المدنيون، وتدهور الوضع الإنساني، مع أملها القوي في أن تؤدي التطورات الحالية إلى تحسن عام في الوضع المحيط بسوريا.

إن مستقبل سوريا، التي لها أهمية كبيرة لتحقيق السلام والاستقرار في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط برمتها، ينبغي أن يحدده الشعب السوري نفسه. وتتطلع اليابان إلى انتقال سلمي ومستقر للسلطة في سوريا.

وتحث اليابان بقوة جميع الأطراف المعنية على الوقف الفوري لأعمال العنف، والامتثال للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، واتخاذ الخطوات اللازمة للحد من التوترات في الشرق الأوسط.

وعلى وجه الخصوص، تدعو اليابان جميع الأطراف المعنية إلى الاحترام الكامل لإرادة الشعب السوري، وإلى القيام بدور بناء في تعزيز التسوية السياسية الشاملة والمصالحة الوطنية، من خلال الحوار بين الشعب السوري، وتحقيق السلام والازدهار في المنطقة في نهاية المطاف، بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.

وأشار مساعد الوزير إلى بيان قادة مجموعة السبع بشأن سوريا، حيث أكد على الالتزام بمساعدة الشعب السوري، والوقوف بجانبه، مع الدعم الكامل لعملية انتقال سياسي شاملة يقودها ويملكها السوريون بروح سورية، وفق مبادئ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، داعياً جميع الأطراف إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها الوطنية، واحترام استقلالها وسيادتها.

وقال كيتامورا «نكرر دعمنا لقوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك التي تراقب مرتفعات الجولان بين إسرائيل وسوريا. نحن على استعداد لدعم العملية الانتقالية في هذا الإطار الذي يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي ويضمن احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، وبما يشمل الدينيين والعرقيين والأقليات والشفافية والمساءلة».

ويكمل المتحدث بالقول: وستعمل مجموعة السبع وفق البيان مع الحكومة السورية المستقبلية، التي تلتزم بهذه المعايير ونتائج تلك العملية وستدعمها بشكل كامل، مع التأكيد على أهمية محاسبة نظام الأسد على جرائمه ومواصلة العمل مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والشركاء الآخرين لتأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية المتبقية في سوريا والإعلان عنها وتدميرها.

فلسطين والسودان

شدد المتحدث باسم الخارجية اليابانية على ضرورة تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، مبيناً أن الأحداث في فلسطين حالياً مؤسفة، وموضحاً أن قطاع غزة يعاني لأكثر من عام دوامة العنف الذي راح ضحيته العديد من الأشخاص وأفرز أوضاعاً إنسانية كارثية.

وقال كيتامورا «نطالب بتخفيض العنف في المنطقة، لتحجيم أثره على المناطق الأخرى في المنطقة، إذ إن اليابان تتأثر بذلك، علماً بأن اليابان دعمت فلسطين منذ عام بمواد أساسية وطبية وخيام، وأغذية، ومن هنا تطالب اليابان بما أنها عضو في مجموعة السبع ومجلس الأمن الدولي بضرورة إيقاف الحرب والعنف في المنطقة».

ولفت الدبلوماسي الياباني إلى أن هناك مبادرتين أساسيتين خاصتين باليابان، تشملان مبادرة «ممر السلام»، تشارك فيه اليابان وفلسطين والأردن، وبدأت هذه المبادرة في عام 2006 ومن خلالها قامت اليابان بإنشاء مركز زراعي في فلسطين للعمل فيه هناك.

وأضاف «المبادرة الثانية باشتراك اليابان وإندونيسيا وماليزيا ودول في شرق آسيا، إذ لدى هذه الدول خبرة في صناعة (السلام) يمكن الاستفادة منها بالتعاون مع الآخرين لتنفيذ أنشطة في فلسطين تؤسس لمنطقة سلام فيها».

وفيما يتعلق بالموقف الياباني من الأزمة في السودان، قال توشيهيرو «نقرأ كثيراً عن أوضاع السودان، فهناك تدهور للأوضاع الإنسانية، ولذلك قمنا بالدعم الإنساني، ونطالب في نفس الوقت بإيقاف العنف والأعمال الوحشية في السودان، ودعمنا السودان منذ بداية الحرب بقيمة 194 مليون دولار».

وأضاف «اليابان بما أنها عضو في مجلس الأمن الدولي، قامت في شهر مارس (آذار) من العام الحالي بدور رئيس في الجلسة ووقتها طالبنا باتخاذ خطوة للانتقال السياسي والتحول المدني، علماً بأنه في شهر سبتمبر (أيلول) من هذا العام قمنا بدعوة رئيس (إيقاد) وناقشنا الأزمة في السودان وتصور الحلول الممكنة».