تقدم العلا للسائح أنواعاً عدة من التجارب تتيح له القيام برحلة عبر الزمن، تبدأ من زيارة مواقع تاريخية تعود لممالك وحضارات استوطنت المنطقة قبل آلاف السنين، إلى الأنشطة الترفيهية العصرية.
وتتنوع في أرض العلا ثقافات وحضارات عدة، حتى محاصيلها الزراعية، كيف لا؛ وكانت سابقاً تمتلئ بالواحات من النخيل والأشجار. كما رسمت عوامل التعرية لوحات فنية من جبالها المكونة من الصخور الرملية، بجانب ما تحتويه منطقة الحجر من مقابر منحوتة بإتقان، أظهرت فن التصاميم الهندسية سابقاً.
العلا؛ التي تزخر بقصص الحضارات القديمة، قال عنها الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، رئيس مجلس إدارة «الهيئة الملكية لمحافظة العلا»: «سنحول مدينة إلى متحف نابض بالحياة يقصده السياح من جميع أنحاء العالم، لتكون جزءاً من التراث العالمي. علينا أن نستثمر هذه التحفة الأثرية لنقدم للزوار تجربة سياحية لا مثيل لها».
واليوم؛ تظهر أولى النتائج، رغم الإجراءات الاحترازية التي فرضتها جائحة «كوفيد19»، ففي نهاية الأسبوع الماضي، افتتحت العلا حزمة أنشطة ترفيهية تتيح لزوارها تجربة الحياة خلال عصور قديمة ماضية، ممزوجة بأنشطة ترفيهية عصرية متنوعة، إضافة لمسارات أخرى ستُفتتح خلال الأشهر المقبلة، والتي تمتد في موسم الشتاء. هذه الأنشطة التي تنوعت تأخذ الزائر في رحلة عبر الزمان، يزور عبرها ممالك وحضارات ويستكشف أسلوب الحياة القديم، ففي العلا تاريخ إنساني يمتد إلى نحو 200 ألف عام، كما تعاقبت على المدينة حضارات كثيرة على مدار 7 آلاف عام، إضافة إلى البلدة القديمة، والمواقع الجديدة التي شيدت خلال السنوات الأخيرة.
حضارات وممالك
في العلا كثير من المواقع التراثية التي بدأت في السنوات الأخيرة تثبت مكانتها في خريطة المواقع التراثية عالمياً، خصوصاً مع الاهتمام الحكومي بإبرازها بصفتها وجهة سياحية، وما يجعل المهمة سهلة هو أن العلا تمتلئ بالمواقع التراثية مثل الحجر ودادان، هذا بجانب ما تحتويه جبالها، مثل جبل عكمة الذي يطلق عليه اسم «المكتبة المفتوحة» لأنه يمتلئ بالنقوش الأثرية على جنباته، والتي تعود إلى فجر الحضارة العربية، إضافة إلى كتابات ونقوش تعود لحضارات أخرى.
وموقع الحجر الذي بناه الأنباط قبل نحو 3 آلاف عام، يعدّ موقعاً تراثياً بامتياز، حيث يشتهر بالمقابر ذات الواجهات المنحوتة بإتقان، ويتجاوز عددها 100 قبر، ولكل منها قصة تختلف عن الأخرى، كما يختلف الأشخاص والعوائل الذين دفنوا فيها، لكن المثير للإعجاب في هذا الموقع البديع، هو تصاميمه الهندسية، والإبداع في نحت واجهات ضخمة، تصور الإمكانات لدى الحضارات القديمة، وتعدّ مقبرة لحيان بن كوز أكبر واجهة معمارية في منطقة الحجر.
واحات يعاد تكوينها
يصف الرحالة ابن بطوطة العلا في القرن الرابع عشر بأنها «قرية كبيرة وجميلة غنية بالمياه وتظللها بساتين النخيل»، وهو ما يؤكد أنها كانت أرضاً مليئة بالنخيل والأشجار، وهي تحتوي اليوم على أكثر من مليوني نخلة، إضافة إلى مختلف أنواع الأشجار، لكن الاحتطاب وغيره من العوامل أدت إلى زوالها، لكن اللافت في ذلك، أن «الهيئة الملكية لمحافظة العلا» تسعى لإعادة هذه الواحات عبر كثير من المبادرات؛ إحداها مبادرة «تشجير»، التي أتاحت الفرصة لمجموعة من ممثلي وسائل الإعلام، كانت من ضمنها «الشرق الأوسط»، المشاركة في زراعة أشجار من أنواع مثل الطلح، والسدر، في منطقة الحجر، حيث إن هذين النوعين مناسبان لبيئة العلا الصحراوية، لأنهما لا يحتاجان إلى شبكات ري، ويعتمدان على بيئة المكان.