تقوية التوازن المالي تحدٍّ للسياسات الاقتصادية السعودية في خضم الجائحة

فرضت تعزيز عملية التخطيط لإيرادات ونفقات الدولة على المدى المتوسط

جائحة {كورونا} تعزز تقوية أدوات التوازن المالي في السعودية (أ.ف.ب)
جائحة {كورونا} تعزز تقوية أدوات التوازن المالي في السعودية (أ.ف.ب)
TT

تقوية التوازن المالي تحدٍّ للسياسات الاقتصادية السعودية في خضم الجائحة

جائحة {كورونا} تعزز تقوية أدوات التوازن المالي في السعودية (أ.ف.ب)
جائحة {كورونا} تعزز تقوية أدوات التوازن المالي في السعودية (أ.ف.ب)

كشف مختصون سعوديون في السياسات المالية أن المملكة حققت تماسكا واضحا في مركزها المالي في خضم مواجهة أزمة جائحة كورونا المستجد وسط دعوة لتقوية أدوات التوازن المالي التي تمثل أحد التحديات الماثلة في ظل الظروف الاستثنائية وما بعدها، ما يعزز الدفع باستمرار التخطيط على المدى المتوسط لضرورة الاستدامة المالية.
وأكد الدكتور خالد السويلم الخبير غير المقيم في جامعتي هارفارد وستانفورد الأميركيتين أن رفع كفاءة الأجهزة الحكومية الذي حصل خلال السنوات الخمس الماضية من خلال برامج التحول ورؤية المملكة 2030 ساهم بشكل جذري في قدرة الأجهزة الحكومية على هذا التفاعل السريع في مواجهة الأزمة.
وقال خلال ندوة عقدت أخيرا حول «النمو الاقتصادي والاستدامة المالية بعد الجائحة»: «رأينا في السعودية تدخلاً سريعاً من قبل وزارة المالية ومؤسسة النقد العربي السعودي وبتنسيق وبفاعلية كبيرة بين كافة أجهزة الدولة بطريقة لم يسبق أن حصل مثلها في سابق الأزمات» مضيفا «تم ضخ مئات المليارات لدعم قدرات الأجهزة الصحية في المملكة وللمحافظة على وظائف المواطنين في القطاعين العام والخاص».
ويرى السويلم أن وزارة المالية نجحت في المحافظة على درجة معقولة من التوازن المالي بين إيرادات ومصروفات الدولة رغم تراجع أسعار النفط مما شكل دعماً بالغ الأهمية لاحتياطيات الدولة من العملة الأجنبية، مشيرا إلى أن ذلك انعكس على استمرار ثبات وقوة سعر صرف الريال الذي يمثل الداعم الأكبر لاستقرار الأسعار ومستوى المعيشة للمواطن والمقيم في المملكة.
وبحسب السويلم، تكمن التحديات التي فرضتها أزمة الجائحة على اقتصاد المملكة في أهمية تقوية أدوات التوازن المالي ومن ذلك التخطيط المالي لإيرادات ومصروفات الدولة على المدى المتوسط وأهمية وجود احتياطيات قوية مستدامة من العملة الأجنبية، لافتا إلى أن تلك المعايير الهامة كانت مغيبة في السابق وبالذات أيام الطفرة المالية والارتفاعات الكبيرة في أسعار النفط.
ووفق السويلم، لم يكن هناك لدى وزارة المالية أي برنامج تخطيط مالي على المدى المتوسط ولم يكن هناك أيضا أي برنامج ادخار وطني للمستقبل بالرغم مما توفر للمملكة من إمكانيات مالية هائلة، مؤكدا أن تصحيح المسار بدأ منذ سنوات قليلة مع بدأ انطلاق رؤية المملكة 2030 وشروع وزارة المالية بجهازها الجديد للإعلان بشكل دوري خططها المالية على المدى المتوسط حيث تم إنشاء أول برنامج ادخار وطني للمستقبل متمثلا في الصندوق السيادي السعودي.
ويضيف السويلم وهو عضو مجلس إدارة مجموعة سامبا المالية ورئيس مجلس إدارة شركة آشمور السعودية أنه لا شك أن التحول الاقتصادي والهيكلي الذي يشهده الاقتصاد السعودي خلال الأربع سنوات الماضية منذ بدء انطلاق رؤية المملكة 2030 يعتبر إنجازاً كبيراً للمملكة، مشددا في ذات الوقت أنه من الصعب تصور مستقبل الاقتصاد السعودي لو استمر الهدر المالي والفرص الضائعة على ما كانت عليه في السابق.
وحول جهود تنويع الاقتصاد وتعزيز دور القطاع الخاص، أشار السويلم إلى الدور الجديد البالغ الأهمية لصندوق الاستثمارات العامة في تحفيز الاقتصاد المحلي وفتح مجالات أوسع وقطاعات مستقبلية جديدة من أجل أن يكون تأثير ذلك أكبر على القطاع الخاص من خلال الدخول في شراكات فاعلة أو ما يسمى بشراكة العام والخاص (PPP) كذلك صندوق التنمية الوطني الذي أسس حديثاً وأصبح يشرف على جميع صناديق التنمية الحكومية.
وزاد «في الأسابيع القليلة الماضية تمت موافقة مجلس إدارة الصندوق الذي يرأسه ولي العهد على عدد من المبادرات الهامة في تعظيم عوائد تلك الصناديق ودعم المشاركة مع القطاع الخاص بطرق جديدة تتماشى مع ما هو معمول به في أفضل الصناديق الحكومية العالمية»، موضحا بالقول «لا شك أنه إنجاز كبير يدعو إلى كثير من التفاؤل بشأن المستقبل الواعد للقطاع الخاص بالمملكة».
في المقابل، يؤكد الدكتور سعد الشهراني وكيل وزارة المالية للسياسات المالية الكلية أن الوزارة تقوم، فعليا، عند إعداد الميزانية العامة لكل عام بخطة استراتيجية للإطار المالية العامة على المدى المتوسطة كما أن هناك استراتيجيات للاقتراض على المدى المتوسط من 3 إلى 5 سنوات ملتزمة به الحكومة، إلا أن الظروف الاستثنائية الحالية فرضت بعض المستجدات كرفع تراكم الدين العام الذي بلغ 34 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.
وأضاف الشهراني «لدى المملكة مركز مالي قوي جدا يساعدها في أي لحظة للتدخل وتمويل ما تحتاج تمويله في أصعب الأزمات»، مستطردا «تبنت المملكة تطوير السياسات المالية الكلية التي تعمل على خلق استدامة مالية متوسطة وطويلة الأجل تتضمن ركائز أهمها السيطرة على حجم العجز وعدم تفاقم الدين العام ووجود احتياطيات كبيرة كصمام أمان لمواجهة الأزمات، وكذلك كفاءة الإنفاق والضبط المالي وتنمية الإيرادات غير النفطية للحصول على إيراد مستدام لتمويل كل الاحتياطات».



السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.