عون يتم 4 سنوات في الرئاسة ويشكو من «رفع المتاريس» في وجهه

الرئيس ميشال عون مجتمعاً أمس مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا (الوطنية)
الرئيس ميشال عون مجتمعاً أمس مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا (الوطنية)
TT

عون يتم 4 سنوات في الرئاسة ويشكو من «رفع المتاريس» في وجهه

الرئيس ميشال عون مجتمعاً أمس مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا (الوطنية)
الرئيس ميشال عون مجتمعاً أمس مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا (الوطنية)

لا شك أن السنوات الأربع التي قضاها الرئيس اللبناني ميشال عون في سدة الرئاسة (انتخب في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2016) لم تكن بمستوى تطلعات اللبنانيين، وبالأخص جمهوره المسيحي الذي طالما حلم بعودته إلى قصر بعبدا الذي أجبر على تركه في عام 1990 حين كان رئيساً لحكومة انتقالية.
فالرئيس «القوي»، حسب الوصف الذي يردده العونيون في إشارة إلى أنه يستند إلى تمثيل شعبي واسع، خصوصاً بعدما ترأس أكبر كتلة مسيحية نيابية، لم يتمكن من تحقيق وعود «التغيير والإصلاح»، رغم مرور الجزء الأكبر من عهده، وهو يرد ذلك إلى «رفع المتضررين المتاريس في وجهه»، ما ينعكس إحباطاً كبيراً لدى «العونيين».
وبعدما كان عون يعول على أن تظلل التسوية الرئاسية مع الحريري التي أسهمت بوصوله إلى سدة الرئاسة، إضافة إلى تفاهم «معراب» مع «القوات اللبنانية» السنوات الست من عهده، ما يتيح له تحقيق برنامج عمله ومشاريعه «الإصلاحية»، سقط التفاهم سريعاً قبل أن تلحقه التسوية باستقالة الحريري في العام الماضي، وهو ما دفعه للقول أخيراً: «خسرت سنة و14 يوماً من عهدي بسبب تأليف الحكومات السابقة التي كانت برئاسة الرئيس سعد الحريري».
وقد وجّه عون مجموعة أسئلة إلى الرأي العام عشية الاستشارات النيابية الأخيرة التي أدت إلى تكليف سعد الحريري بتشكيل الحكومة، شكا فيها من عرقلة كل المشاريع الحيوية للبلد، لكنه بالمقابل أكد استمراره في موقعه «بمواجهة كل من يمنع عن شعبنا الإصلاح وبناء الدولة». ولاقت إطلالته (عون) الأخيرة حملة واسعة من الاعتراضات التي دعته للتنحي في حال لم يكن قادراً على تحقيق أي شيء للبلد، فيما دافع مناصروه عنه منطلقين من الصلاحيات الدستورية المحدودة لرئيس الجمهورية، ومما يقولون إنه «تكتل القوى الخارجية والداخلية في وجهه لإفشال عهده».
وفي هذا المجال، يقول عضو تكتل «لبنان القوي» آلان عون إن «العهد كان قد بدأ بزخم التفاهمات وتمكّن من تحقيق عدّة إنجازات على الصعيد الأمني من خلال حسم معركة جرود عرسال ودحر تنظيم (داعش) عن الأراضي اللبنانية بعد تردّد السلطة اللبنانية لسنوات»، لافتاً إلى أنه «على صعيد الانتظام المالي، تم إصدار الموازنات بعد انقطاع عقد من الزمن، وعلى الصعيد الاقتصادي، عُقد مؤتمر سيدر وكانت هناك تعّهدات دولية بـ11 ملياراً للبنان. أما على الصعيد السياسي، فتم إنجاز قانون انتخابي نسبي شكّل نقلة نوعية في الحياة السياسية اللبنانية».
ويشير عون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «تم الاصطدام خلال العامين الأخيرين بأمور كثيرة فرملت تلك الاندفاعة أكانت الخلافات السياسية التي أضاعت الوقت والفرص وتسبّبت بإخفاقات كثيرة، أو ثورة 17 أكتوبر وتداعياتها أو الانهيار المالي أو الحصار الدولي أو انفجار بيروت. كلها أحداث زادت الوضع سوءاً وأوصلتنا إلى حالنا اليوم»، مشدداً على أن «هذا كلّه لا يجب أن يدعونا إلى الاستسلام، بل إلى استثمار الفرصة الأخيرة المتاحة عبر المبادرة الفرنسية لوقف المسار الانحداري وبدء مرحلة التعافي المالي للبنان». ويرى عون أن «هناك مشاكل جوهرية في النظام اللبناني بحاجة لتطوير وتعديل كي تزيد إنتاجيته ويتجاوز التعطيل الذي يطاله عند كل اختلاف»، موضحاً أن «هذا يمرّ بتعديلات دستورية منها ما يتعلّق بصلاحيات رئيس الجمهورية لكي يصبح حكماً فعلياً ومنها بآليات عمل المؤسسات، ولكن تبقى الأولوية في هذه المرحلة لعملية الإنقاذ المالي التي يجب أن تنجح بها الحكومة العتيدة عبر تنفيذ الإصلاحات المطلوبة وإعادة الثقة الدولية والمحلية».
وشهدت السنوات الـ4 الأولى من عهد عون أزمات كبرى، انفجر جزء منها في وجهه، وأبرزها الأزمة الاقتصادية والمالية التي بلغت مداها هذا العام مع انهيار الليرة اللبنانية وبلوغها مستويات غير مسبوقة، إضافة إلى انفجار مرفأ بيروت الذي أدى لدمار قسم كبير من العاصمة، مروراً بالخسائر الكبرى التي تكبدتها كل القطاعات نتيجة فيروس «كورونا» الذي لا يزال يتفشى بقوة في كل المناطق اللبنانية. أما التحدي الأبرز الذي واجهه عون، فكان اندلاع الانتفاضة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 التي رفعت شعار «كلن يعني كلن» مطالبة بإسقاط كل الطبقة الحاكمة.
ويعتبر الأستاذ الجامعي في العلوم السياسية ميشال دويهي أنه «منذ عودة العماد عون إلى لبنان من منفاه الباريسي، كان كل سلوكه وتحالفاته وفريقه السياسي، كل ذلك كان ينصب في خانة الدخول بقوة إلى السلطتين التشريعية والتنفيذية، لذلك لم تكن هناك حدود أو خطوط حمراء أمام عقد أي تحالفات حتى مع رموز (الوصاية السورية)»، لافتاً إلى أنه «وبعد تحقيق هذا الهدف بدا (التيار الوطني الحر) كأنه يتبنى سلوكيات ونمط الأحزاب التي طالما انتقدها، وتحديداً حركة (أمل)».
ويرى دويهي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «فشل عون السياسي جزء من فشل كل المنظومة والسلطة، فالتحالف بين الأحزاب الطائفية والمصارف هو الذي فشل، أما التحجج بفقدان رئيس الجمهورية صلاحياته ففي غير مكانه، لأن اتفاق (الطائف) ورغم بعض الصلاحيات التي سحبها من الرئاسة الأولى، فإنه أبقى لها صلاحيات أساسية جداً، كالتوقيع على مراسيم تشكيل الحكومة، والتشكيلات القضائية، والتعيينات الإدارية وغيرها».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.