أعاد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو التذكير بالذكرى الأولى لمقتل زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي بغارة أميركية داخل الأراضي السورية. وفيما لا يزال التنظيم يواصل معارك الكر والفر مع القوات المسلحة العراقية حتى بعد مقتل زعيمه واعتقال من تمت تهيئته خليفة له، فإن بومبيو أكد أن تنظيم «داعش» لا يزال يمثل تهديداً. الخارجية الأميركية في بيان لها قالت إنه «قبل عام أطلقت الولايات المتحدة الأميركية بالاشتراك مع التحالف الدولي ضد (داعش) وشركائنا المحليين العراقيين والسوريين، عملية قضت على أبو بكر البغدادي مؤسس وزعيم (داعش في العراق والشام». وأضاف البيان أن «ذلك مثل انتصاراً كبيراً إضافيا في مهمة ضمان الهزيمة الدائمة للتنظيم». وأشار البيان إلى إنه «منذ مقتل البغدادي، استمرت الولايات المتحدة وشركاؤنا في التحالف في ملاحقة من تبقى من قادة (داعش) ومقاتليه وتقديمهم للعدالة... وقد أبقت حملتنا المستمرة ضد (داعش) قيادة التنظيم الإرهابي في حالة من الفوضى، وعرقلت قدرة (داعش) على تنظيم الهجمات والتخطيط لها». ولفت البيان إلى أن «عمل التحالف الدولي لم ينتهِ بعد، إذ لا يزال تنظيم (داعش) يمثل تهديداً كبيراً، ومن المهم أن نواصل الضغط على فلول (داعش) في العراق وسوريا، وأن نعزز جهودنا الجماعية الرامية لهزيمة أذرع (داعش) وشبكاته في مختلف أنحاء العالم، وهي التي ركز التنظيم اهتمامه عليها بشكل متزايد منذ هزيمة الخلافة الزائفة. وسنظل ملتزمين بالتحالف وبمهمتنا لضمان هزيمة دائمة له».
وكان البغدادي أعلن في 10 يونيو (حزيران) 2014 من على جامع «النوري» في الموصل ما سماها «دولة الخلافة» في العراق والشام بعد أن سيطرت قواته على أكثر من ثلث مساحة الأراضي العراقية؛ حيث احتل التنظيم وفي غضون فترة قصيرة محافظتي نينوى وصلاح الدين وأجزاء واسعة من محافظات الأنبار وكركو ك وديالى ووصل إلى أسوار بغداد، قبل أن يطلق المرجع الشيعي آية الله السيستاني ما سميت في حينها فتوى «الجهاد الكفائي» لمقاتلة التنظيم. وبعد معارك طاحنة تمكنت القوات الأمنية العراقية من طرد التنظيم من الأراضي العراقية أواخر عام 2017، بينما بقيت جيوب وحواضن لا تزال تقاتلها الأجهزة الأمنية العراقية بمساعدة التحالف الدولي. وفي 26 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019 قتل البغدادي بغارة نفذها كوماندوز أميركي على مخبئة في قرية باريشا بريف إدلب على مسافة قريبة من الحدود التركية.
وحول ما يمثله مقتل البغدادي؛ سواء بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية والعراق وعلى مستقبل تنظيم «داعش»، يقول الدكتور معتز محيي الدين، رئيس «المركز الجمهوري للدراسات الأمنية والاستراتيجية» لـ«الشرق الأوسط» إن «العالم بصورة عامة والرئيس الأميركي دونالد ترمب بصورة خاصة عدّ أن القضاء على أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم (داعش) ضربة لا تساويها سوى عملية اغتيال أسامة بن لادن في زمن الرئيس باراك أوباما». وأضاف محيي الدين أنه «مهما كانت دوافع ترمب حتى لجهة تفكيره بولاية ثانية بوصفه قضى على زعيم الإرهاب العالمي الأول؛ فإن العملية بحد ذاتها مثيرة ومهمة فعلاً لتنظيم هو الأكثر وحشية في التاريخ المعاصر، وإن البغدادي كان أكثر تطرفاً من أسلافه وميلاً للعنف وسفك الدماء». وأوضح محيي الدين أن «كارثة البغدادي في حياته المزدوجة تمثلت في سيطرته على مساحة واسعة من الأراضي بحجم دولة مثل بريطانيا؛ حيث أنشأ على تلك المساحة ما تشبه دولة ضمت المخدوعين بأفكاره وآرائه المتطرفة الذين جاءوا من مختلف أركان العالم للقيام بكل ما لا يمت للعقل والحكمة بنصيب». وأشار محيي الدين إلى أن «الخطر الذي لا بد من الالتفات إليه بشأن هذا التنظيم المتطرف أن الحاضنة الفكرية له لا تزال موجودة، والتي خرجت من تحت عباءتها كل تلك الجماعات التي هي الآن موجودة في العراق وسوريا؛ بمن في ذلك في المخيمات التي تؤوي عناصر التنظيم مثل (الهول) وغيره، والتي لا تزال تمارس ما تعتقده جهاداً في سبيل الدين». وعد محيي الدين أن «استمرار وجود قيادات لهذا التنظيم، خصوصاً في سوريا، لا يزال يمثل تهديداً خطيراً على الأوضاع في العراق؛ لأن العراق يعتمد على الاستخبارات العسكرية الأميركية والتقنيات التي تملكها دول التحالف الدولي، وهو ما يجعل العراق دائم الترحيب بهذا الدور الذي تقوم به هذه الدول لصالح العراق»، مبينا أن «العراق لا يستطيع حتى الآن وحده القضاء على التنظيم؛ بل يحتاج إلى المساعدة اللوجيستية». وبشأن تداعيات مقتل البغدادي؛ يقول محيي الدين إن «موت البغدادي لن يفيد في محاربة الإرهاب، ما دام بقي قادة الإرهاب الذي يملكون فكراً ومالاً؛ الذي حصلوا عليه بمختلف الطرق والوسائل؛ سواء في سوريا والعراق، وبالتالي فإن القوات العراقية سوف تواصل مطاردة عناصر تنظيم (داعش)؛ لأن خطره لم يتلاش بمجرد مقتل زعيمه».
واشنطن تستذكر مقتل زعيم «داعش»... وبغداد تواصل معارك الكر والفر مع التنظيم
واشنطن تستذكر مقتل زعيم «داعش»... وبغداد تواصل معارك الكر والفر مع التنظيم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة