رفع خيام «التحرير» في بغداد خشية من مجموعات مسلحة

إصابة 32 متظاهراً و138 عنصر أمن في الذكرى الأولى للحراك

محتجون يساعدون أحد رفاقهم أصيب في مواجهات مع قوات الأمن في بغداد أمس (أ.ف.ب)
محتجون يساعدون أحد رفاقهم أصيب في مواجهات مع قوات الأمن في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

رفع خيام «التحرير» في بغداد خشية من مجموعات مسلحة

محتجون يساعدون أحد رفاقهم أصيب في مواجهات مع قوات الأمن في بغداد أمس (أ.ف.ب)
محتجون يساعدون أحد رفاقهم أصيب في مواجهات مع قوات الأمن في بغداد أمس (أ.ف.ب)

عمدت غالبية جماعات الحراك، غير المرتبطة بجهات حزبية أو فصائل مسلحة، إلى رفع خيام اعتصامها في ساحة التحرير، وسط بغداد، بعد يوم واحد من حلول الذكرى الأولى للاحتجاجات العراقية التي انطلقت في أكتوبر (تشرين الأول) 2019. ويتحدث طيف من الناشطين عن أن لديهم «خشية حقيقية» على حياتهم بعد تغلغل جماعات تابعة لفصائل مسلحة وسط الساحة، لكنهم يؤيدون في مقابل ذلك بقاء معظم خيام الاعتصام في بقية محافظات وسط وجنوب البلاد.
ولا يستبعد الناشط موسى رحمة «ارتكاب مجزرة بحق المعتصمين من قبل اتباع الفصائل المسلحة في ساحة التحرير، في حال تمسكوا بالبقاء»، ويعتقد أن «ثمة اتفاقاً بين الحكومة والأحزاب والفصائل المسلحة على إنهاء الاعتصام، وهناك من يتحدث عن إمكانية اقتحام القوات الأمنية لساحة التحرير خلال الساعات أو الأيام القريبة». ويشير ناشطون بأصابع الاتهام إلى جماعات تابعة للتيار الصدري وجماعة «ربع الله» بعد أن أصبح لهما وجود واضح في ساحة التحرير، في محاوله لفض الاعتصام بشتى الوسائل.
وليس من الواضح الطريقة التي سيدير بها جماعات الحراك مظاهراتهم المقبلة، في ظل الحديث عن تعليق محتمل لها حتى إشعار آخر.
ووقعت صدامات جديدة، أمس، بين عشرات المتظاهرين وقوات الأمن في ساحة التحرير، غداة مظاهرات شهدتها بغداد إحياء للذكرى السنوية الأولى لـ«ثورة أكتوبر»، فيما شهدت مدينة كربلاء، ليلاً، أيضاً مناوشات.
وحاول عشرات الشبان عبور جسر الجمهورية الذي يصل ساحة التحرير بالمنطقة الخضراء، حيث مقر الحكومة والبرلمان والسفارة الأميركية. وقام متظاهرون برمي الحجارة، وحاولوا تخطي حواجز وضعتها الشرطة التي ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع وقنابل صوتية، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي مدينة كربلاء (جنوب) التي كانت خلال العام الماضي مسرحاً لمظاهرات ليلية، قام متظاهرون شباب حتى ساعات الصباح الباكر برمي الحجارة على عناصر شرطة يحتمون خلف دروع حديدية، ويحملون هراوات، كانوا يقومون بدورهم برميها على المتظاهرين من جديد. كما أطلقت قوات الأمن النار في الهواء لتفريق المتظاهرين الذين تراجعوا إلى الخلف.
وفي الناصرية (جنوب)، المعقل التاريخي للمظاهرات في العراق، لزم مئات المتظاهرين حتى وقت متأخر خلال الليل ساحة الحبوبي، وسط المدينة، مرددين النشيد الوطني وشعارات داعية للحفاظ على طابع سلمي للحراك. وشهدت مدينة الديوانية (جنوب) مظاهرات مماثلة حرق خلالها متظاهرون إطارات لبعض الوقت في عدد من الشوارع وسط المدينة، فيما شهدت مدينة الحلة (جنوب) صدامات مماثلة.
ورغم الهدوء النسبي الذي ساد مظاهرات إحياء الذكرى الأولى لـ«حراك تشرين»، وقعت إصابات كثيرة بين صفوف المتظاهرين وقوى الأمن. وأعلنت مفوضية حقوق الإنسان في العراق، أمس، إصابة 32 متظاهراً و138 عنصراً أمنياً خلال مظاهرات أول من أمس. وأعربت في بيان عن «قلقها وأسفها البالغ لسقوط جرحى ومصابين بين المتظاهرين والقوات الأمنية نتيجة للمصادمات بين القوات الأمنية والمتظاهرين في بغداد، بلغت أعدادهم (31) مصاباً من المتظاهرين، إضافة إلى إصابة وجرح (138) منتسباً من القوات الأمنية، بينهم (7) ضباط، إضافة إلى إصابة متظاهر ومنتسب في محافظة الديوانية، ليصبح المجموع الكلي في عموم العراق (32) متظاهراً مصاباً، و(139) منتسباً».
وأضافت المفوضية أن «ذلك جاء نتيجة استخدام بعض المتظاهرين غير السلميين ثلاث قنابل يدوية وقنابل المولوتوف تجاه القوات الأمنية، إضافة إلى استخدام الحجارة والهراوات والعصي، وإلحاق أضرار بعجلتين تابعتين للدفاع المدني، وحرق خيمتين في ساحة التحرير، في حين لم تشهد باقي المحافظات أي أحداث عنف أو تصادمات تذكر».
ودعت المفوضية «المتظاهرين للحفاظ على سلمية مظاهراتهم، وعدم السماح للذين يريدون حرفها عن سلميتها، كذلك الالتزام بالأماكن المخصصة للمظاهرات، والتعاون مع القوات الأمنية لحماية الممتلكات العامة والخاصة»، وطالبت «القوات الأمنية والمتظاهرين باتخاذ أقصى درجات ضبط النفس، وإيقاف أي عنف، والحرص على مزيد من التعاون، وتركيز القوات الأمنية على دورها في حماية المتظاهرين، وتعزيز دورهم في التظاهر السلمي».



انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.