تركيا تنسّق مع روسيا لحماية قواتها شمال سوريا

دعم إيراني لجيش النظام في إدلب عبر العراق

TT

تركيا تنسّق مع روسيا لحماية قواتها شمال سوريا

أكدت تركيا أنها اتخذت جميع التدابير اللازمة لحماية قواتها نقاط مراقبتها العسكرية المنتشرة في محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، بعد تفكيك نقاط المراقبة في مناطق سيطرة النظام في حماة والريف الشرقي لإدلب، وإعادة نشرها في جنوب إدلب.
وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان أمس (السبت)، إن التطورات في إدلب تتم مراقبتها من كثب، بالتنسيق مع الجانب الروسي، وإن تركيا تتخذ الاحتياطات اللازمة لأمن قواتها العسكرية في إدلب. ويعد هذا أول تعليق رسمي تركي بعد التغيرات الميدانية في إدلب، التي تمثلت بسحب النقطة العسكرية التركية من مورك (شمال حماة)، ونشر عناصرها في جنوب إدلب، وسط تصورات متسارعة وتصعيد روسي ومن جانب النظام، وما أعقبه من زيارة وفد تركي إلى موسكو لبحث الملف.
وبدأت القوات التركية، الاثنين الماضي، إخلاء نقطة المراقبة التاسعة في مورك (شمال حماة)، باتجاه منطقة جبل الزاوية (جنوب إدلب)، ضمن خطة سحب نقاطها الواقعة في مناطق سيطرة النظام في شمال سوريا التي أثارت التساؤلات حول أسبابها وتوقيتها، وما إذا كانت تعني خفض القوات التركية في شمال سوريا استجابة لضغوط موسكو.
ويتوقع أن يتضح خلال الأيام المقبلة ما إذا كان هناك اتفاق تركي - روسي جديد بشأن إدلب، ووجود القوات التركية في الشمال السوري، على ضوء المباحثات الجارية بين الجانبين.
وفي الوقت ذاته، واصلت القوات التركية تعزيز نقاط مراقبتها بمزيد من المعدات العسكرية واللوجيستية. ودفعت، فجر أمس، برتل عسكري كبير مؤلف من 20 آلية تحمل معدات عسكرية ولوجيستية، دخلت من معبر كفر لوسين، واتجهت نحو مناطق ريف إدلب الجنوبي. وكثفت تركيا، خلال الأسبوع الماضي، تعزيزاتها العسكرية لنقاط المراقبة التابعة لها في إدلب.
إلى ذلك، أفادت وكالة أنباء «الأناضول» التركية بأن عدداً من عناصر «الحرس الثوري» الإيراني، ومجموعات تابعة له، انتقلوا إلى منطقة وقف التصعيد بمحافظة إدلب، بعد دخولهم عبر العراق.
وذكرت أن 30 آلية عسكرية حملت 75 عنصراً من «الحرس الثوري» إلى محافظة دير الزور (شرق سوريا)، والتحق بهم هناك 93 عنصراً من «الجماعات الإرهابية» وميليشيات سورية.
وأشارت الوكالة إلى انضمام العناصر الـ168، الخميس، إلى الجيش السوري على خط الجبهة بمحافظة إدلب، قادمين من دير الزور. وفي مايو (أيار) 2017، أعلنت تركيا وروسيا وإيران توصلها إلى اتفاق يحدد نطاق وقف التصعيد بإدلب، في إطار اجتماعات آستانة للتسوية السورية. وفي سياق متصل، واصلت القوات التركية والفصائل الموالية لها قصف مناطق في ريف عين عيسى (شمال محافظة الرقة)، ضمن مناطق سيطرة النظام وتحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد). وسقطت، أمس، قذائف مدفعية عدة على قريتي هوشان والخالدية، مصدرها القوات التركية.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بخروج مظاهرة حاشدة قام بها أهالي وسكان منطقة تل تمر، بريف الحسكة، ومظاهرة أخرى لأهالي وسكان مدينة الرقة، احتجاجاً على التصعيد العسكري من قبل القوات التركية والفصائل الموالية لها على عين عيسى.
وفي غضون ذلك، أطلقت السلطات التركية سراح العميد المنشق عن النظام السوري، أحمد رحال، من سجن ولاية غازي عنتاب الحدودية مع سوريا (جنوب تركيا)، بعد اعتقاله لأكثر من شهرين. وكتب رحال على «تويتر»: «أعود لاستنشاق طعم الحرية (المؤقتة)، بعد 73 يوماً من الاعتقال. أشكر كل من وقف إلى جانبي، إعلامياً وشخصياً، ولم يتخلَّ عني بالأوقات العصيبة».
كانت الشرطة التركية اعتقلت رحال من منزله في مدينة إسطنبول، في 14 أغسطس (آب) الماضي، بدعوى التأكد من أوراقه الثبوتية، وصدر له قرار ترحيل خارج البلاد، إلا أنه رفض الامتثال له، وأرسل إلى أحد سجون غازي عنتاب.
وذكر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أن سبب اعتقال رحال هو تقارير كيدية ضده بسبب تصريحات له خلال مقابلة تلفزيونية، هاجم فيها بعض فصائل الجيش الوطني الموالي لتركيا وقادته.
ويعد رحال من أوائل الضباط المنشقين عن جيش النظام في أكتوبر (تشرين الأول) 2012، وقد عمل محللاً عسكرياً على كثير من القنوات العربية التي تهتم بالشأن السوري.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».