على رغم تقدمه الثابت منذ أسابيع في غالبية استطلاعات الرأي، يواجه مرشح الحزب الديمقراطي نائب الرئيس السابق جو بايدن، معركة شاقة للتغلب على غريمه الجمهوري الرئيس دونالد ترمب، وأخذ مكانه في البيت الأبيض. يرد ذلك إلى تعقيدات يتسم بها النظام الانتخابي في الولايات المتحدة، حيث يقترع الناخبون في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ليس مباشرة لمرشح الحزب الجمهوري، أو لمنافسه من الحزب الديمقراطي، وإنما في الواقع لاختيار مندوب عن المقترعين، يسمى «الناخب». وهناك 538 ناخباً يصوتون بعد ذلك لاختيار الرئيس نيابة عن الناس في كل الولايات الأميركية، حيث يجري تخصيص عدد معين من الناخبين لكل ولاية، بناءً على عدد الدوائر الانتخابية لها في مجلس النواب، بالإضافة إلى صوتين إضافيين يمثلان مقعدي الولاية في مجلس الشيوخ. وهناك ثلاثة أصوات انتخابية لواشنطن العاصمة، على الرغم من عدم وجود تمثيل لها في الكونغرس. ويحتاج أي مرشح للفوز بأكثرية ما لا يقل عن 270 من أصوات الناخبين الـ538. ويزيد الأمر تعقيداً أن عملية ترشيح الناخبين تختلف باختلاف الولاية والحزب. ولكنها تحصل عموماً بواحدة من طريقتين. قبل الانتخابات، تختار الأحزاب السياسية الناخبين في مؤتمراتها العامة، أو يجري التصويت لهم من قبل اللجنة المركزية للحزب. وتعمل الهيئة الانتخابية دائماً تقريباً بنظام يأخذ الفائز فيه كل شيء، حيث يطالب المرشح الحاصل على أكبر عدد من الأصوات في الولاية بكل الأصوات الانتخابية لتلك الولاية. وعلى سبيل المثال، في عام 2016، هزم ترمب، وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، في فلوريدا، بهامش 2.2 في المائة فقط، مما مكنه من الحصول على كل الأصوات الانتخابية البالغ عددها 29 في فلوريدا. وعلى هذا المنوال، كانت الهوامش الصغيرة في حفنة من الولايات الرئيسية المتأرجحة، تعني أنه، بغض النظر عن تقدم التصويت على المستوى الوطني لمصلحة كلينتون، استطاع ترمب الفوز في العديد من الولايات المتأرجحة، وبالتالي الفوز بمزيد من الأصوات في المجمع الانتخابي. ويمكن أن يواجه العقبة ذاتها في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا ما يدفعه إلى تركيز حملته على حفنة من الولايات لضمان الفوز بالرئاسة.
فيما يعكس عدد الأصوات الانتخابية للولاية إلى حد ما عدد سكانها، فإن الحد الأدنى لعدد الأصوات هو ثلاثة لكل ولاية. وهذا يعني أن القيمة النسبية للأصوات الانتخابية تختلف عبر الولايات المتحدة. فالولايات الأقل اكتظاظاً بالسكان مثل نورث داكوتا وساوث وداكوتا وغيرهما من الولايات الصغيرة على الساحل الشمالي الشرقي تحظى بتمثيل زائد بسبب هذا الحد الأدنى لعدد الأصوات. وفي الوقت ذاته، تجد الولايات التي يقيم فيها أكبر عدد من الناس مثل كاليفورنيا وتكساس وفلوريدا، بأن تمثيلها ناقص في المجمع الانتخابي. وفي عملية حسابية بسيطة، يتبين أن هناك مندوباً انتخابياً لكل 193 ألف شخص في ولاية وايومينغ، مقارنة بمندوب انتخابي واحد لكل 718 ألف شخص في ولاية كاليفورنيا. وهذا يعني أن كل صوت انتخابي في كاليفورنيا يمثل أكثر من ثلاثة أضعاف عدد الأشخاص في ولاية وايومينغ. وتتكرر هذه الفوارق في كل أنحاء البلاد. ويحذر الخبراء من أن المجمع الانتخابي تشوبه العيوب، لأنه أدى إلى انتخاب رئيسين حصلا على عدد أقل من الأصوات مقارنة بخصومهما منذ عام 2000، حين فاز آل غور بأكثر من نصف مليون صوت مقارنة بجورج بوش الابن، الذي انتهى رئيساً بسبب فوزه بفلوريدا بفارق 537 صوتاً فقط.
قال البروفسور جورج إدواردز، من جامعة «تكساس آي آند إم»، إن «المجمع الانتخابي ينتهك المبدأ الأساسي للديمقراطية، وهو أن كل الأصوات متساوية»، مضيفاً أن هذا المجمع «يسمح للمرشح الذي يحصل على المركز الثاني بأن يفوز في الانتخابات». وتساءل: «لماذا نجري الانتخابات إذا لم نهتم بمن حصل على العدد الأكبر من الأصوات؟». وأوضح أن «المجمع الانتخابي يفضل الجمهوريين في الوقت الحالي بسبب طريقة توزيع أصوات الجمهوريين في كل أنحاء البلاد. يرجح أن يحصل في الولايات التي يتقاسمها الحزبان بصورة متقاربة». وفي ظل نظام الفائز يأخذ كل شيء، يصير هامش النصر في الولاية غير ذي صلة. ففي عام ٢٠١٦، فشلت الهوامش الكبيرة لكلينتون في ولايات مثل كاليفورنيا ونيويورك في كسب ما يكفي من الأصوات الانتخابية، بينما سمحت السباقات المتقاربة في ولايتي بنسلفانيا وميشيغن لترمب بالحصول على غالبية الـ270 صوتاً للفوز في الانتخابات الرئاسية، علماً بأن كلينتون تقدمت عليه بنحو 2.6 مليوني صوت على المستوى الوطني. لأن المرشحين يفوزون بسهولة بالأصوات الانتخابية لولاياتهم الصلبة، تجري الانتخابات في عدد قليل من «ساحات المعارك» الرئيسية. في عام 2016، فاز ترمب بالولايات الست المتأرجحة، وهي فلوريدا وأيوا وميشيغن وأوهايو وبنسلفانيا وويسكونسن، مضيفاً 99 صوتاً انتخابياً توصف بأنها «ذهبية» إلى مجموع أصواته. وتختلف التركيبة السكانية لهذه الولايات عن المعدل الوطني. يعيش فيها المسنون وعدد أكبر من الناخبين البيض غير المتعلمين جامعياً، وغالباً ما يكون لديهم عدد أقل من السكان غير البيض. وهذه الخصائص يفضل الجمهوريون عموماً، وهي شكلت قاعدة أصوات ترمب في عام 2016، إذ صوت 67 في المائة من البيض غير الحاصلين على تعليم جامعي لمصلحة ترمب. وفي كل الولايات الست المتأرجحة، تمثلت هذه التركيبة السكانية بشكل زائد بما لا يقل عن ست نقاط مئوية أكثر من المتوسط الوطني.
بايدن يواجه «معركة شاقة» للفوز رغم تقدمه في الاستطلاعات
هل تسمح الأصوات الـ538 في «المجمع الانتخابي» لترمب بتكرار تجربة 2016؟
بايدن يواجه «معركة شاقة» للفوز رغم تقدمه في الاستطلاعات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة