الرئيس المصري يستقبل العام الجديد ببحث ترتيب البيت الداخلي سياسيا

زار المخابرات لدعم قياداتها واستمع لتقدير الموقف قبل جولة خارجية

عبد الفتاح السيسي
عبد الفتاح السيسي
TT

الرئيس المصري يستقبل العام الجديد ببحث ترتيب البيت الداخلي سياسيا

عبد الفتاح السيسي
عبد الفتاح السيسي

يسعى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على ما يبدو لترتيب البيت الداخلي، بعد نجاح التحركات المصرية على المستويين الإقليمي والدولي، وقبيل انطلاق الانتخابات النيابية في البلاد، وجولة خارجية مرتقبة. وبات في حكم المؤكد إقدام الرئيس المصري على إجراء تغييرات واسعة على مستوى المحافظين، وبحث تعديل وزاري محدود، وتحقيق انفراجة في ملف شباب الثورة المدانين بموجب قانون التظاهر، في وقت قدم فيه السيسي دعما قويا للقيادة الجديدة لمؤسساته الأمنية بزيارة مقر المخابرات العامة، بحسب مراقبين وخبراء. وقال حسام قاويش المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس الوزراء إبراهيم محلب بدأ بالفعل التحضير لتغييرات في عدد من المحافظين، مؤكدا أن محلب يدرس حاليا أسماء المرشحين، وأنه التقى بالفعل عددا منهم، مشيرا إلى أن معياري الكفاءة والقدرة على تنفيذ البرامج الحكومية هما الفيصل في اختيار القيادات الجديدة.
وقال اللواء عادل لبيب، وزير التنمية المحلية، إنه من المنتظر إعلان حركة المحافظين منتصف الشهر الحالي، لافتا إلى أنه تم ترشيح 30 شخصا لاختيار من يتولى المنصب من بينهم، موضحا أنه تتم مراجعة ملفات المرشحين، وكذلك المحافظون الحاليون، بالتنسيق مع رئيس مجلس الوزراء، والأجهزة الرقابية. واستهل الرئيس السيسي العام الجديد بزيارة مقر جهاز المخابرات العامة (شرق القاهرة) بعد أيام من تعيين رئيس جديد للجهاز، هو اللواء خالد فوزي. وقال اللواء سامح سيف اليزل الخبير الأمني لـ«الشرق الأوسط» إن «الزيارة لها مردود إيجابي جدا على معنويات ضباط الجهاز».
وتخوض السلطات المصرية حربا على تنظيمات متشددة تمدد عملها إلى وادي النيل بعد أن اقتصر نشاطها لسنوات داخل شبه جزيرة سيناء، وسط وضع إقليمي مضطرب في دول الجوار.
وأشار سيف اليزل إلى أن الرئيس السيسي استمع لشرح مفصل وتقديرات موقف استراتيجي من قيادة الجهاز للتحديات الأمنية التي تواجه بلاده داخليا وإقليميا، خاصة فيما يتعلق بالوضع في ليبيا.
واعتاد رؤساء مصر زيارة مقر المخابرات العامة، لكنها تعد الزيارة الأولى للرئيس السيسي منذ توليه السلطة منتصف العام الماضي. وقال سيف اليزل إن السيسي تناول الغذاء مع ضباط الجهاز، وأعطى دفعة معنوية لقيادته الجديدة.
ورغم تأكيد سيف اليزل أن لقاء السيسي ضباط المخابرات لم يتطرق للوضع السياسي في البلاد، فقد أشار إلى أن الرئيس المصري يسعى حاليا لإعادة ترتيب المشهد الداخلي، مرجحا أن تشهد الأيام المقبلة تعديلا وزاريا محدودا يشمل 5 وزارات، وتغييرات أوسع في حركة المحافظين. وقالت مصادر مطلعة إن الرئيس السيسي يبحث بالفعل إمكانية إجراء تعديل وزاري محدود خلال الفترة المقبلة، في أعقاب الاستقرار على المحافظين الجدد. ويتفق الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، مع ما ذهب إليه اليزل في كون البلاد على أعتاب إعادة ترتيب للمشهد الداخلي. وقال نافعة لـ«الشرق الأوسط» إن «ترتيب البيت الداخلي بات ضروريا.. هناك ما يمكن اعتباره حالة فوضى تهيمن على الوضع الداخلي يجب أن تنتهي». وأضاف نافعة أن مصر بعد ثورتين لا تزال غير قادرة على استئصال النظامين اللذين ثار الشعب ضدهما (نظاما الرئيسين حسني مبارك ومحمد مرسي). وتابع: «بالقطع يملك الرئيس رؤية وطنية كونه قادما من مؤسسة (الجيش) تمثل العمود الفقري للدولة الوطنية، لكن هذه الرؤية ليست سياسية بالضرورة».
ويعكس تململ قطاعات من المصريين ما عده مراقبون فشل الحكومة في معالجة بعض القضايا الاجتماعية والاقتصادية الملحة. ورغم قرب انتخاب مجلس النواب الذي يملك سلطة تشكيل الحكومة، تقترب القيادة السياسية من إجراء تعديلات في قمة الجهاز التنفيذي.
وقال سيف اليزل إن «الرئيس عمل مع معظم الوزراء سواء خلال قيادته للمؤسسة العسكرية أو كرئيس للبلاد، والصورة أصبحت واضحة الآن بالنسبة له»، لكن المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء قال لـ«الشرق الأوسط» إن الحديث عن تعديل وزاري لا يزال في إطار التكهنات الإعلامية، لافتا إلى أنه لا يوجد حتى الآن ظل له في مجلس الوزراء. وحذر نافعة من خطوات جزئية، مشددا على أهمية وجود رؤية واضحة للتعديل، لكنه أشار إلى ما عده ضعف النخبة السياسية التي لا تستطيع أن تساعد الرئيس في طرح تصور للمستقبل. وفيما بدا أنه انفراجه في ملف شباب الثورة المحكومين في عدة قضايا بموجب قانون التظاهر، قالت تقارير صحافية محلية إن الرئيس السيسي يعتزم العفو عن عدد كبير منهم خلال الفترة المقبلة.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن صحافيي قناة «الجزيرة» الناطقة بالإنجليزية الذين أدينوا في وقت سابق وقررت محكمة النقض إعادة محاكمتهم الخميس الماضي، سوف يستفيدون من قانون سنه الرئيس المصري يخول له تسليمهم إلى بلادهم.
وطلب اثنان من صحافيي «الجزيرة» الثلاثة المسجونين في مصر ترحيلهما تطبيقا لقانون جديد بعد أن أمرت (محكمة النقض) أعلى محكمة مدنية في البلاد بإعادة محاكمة الثلاثة لكنها لم تخل سبيلهم كما كانت تتوقع عائلاتهم.
وحكم قبل عام على الأسترالي بيتر غريست والمصري محمد فهمي الذي يحمل أيضا الجنسية الكندية وعلى المصري باهر محمد بالسجن 7 سنوات لإدانتهم بنشر أخبار كاذبة عن مصر بغرض مساعدة «منظمة إرهابية» في إشارة لجماعة الإخوان المسلمين.
ويرى مراقبون أن الانفراجة في ملف شباب الثورة وصحافيي «الجزيرة»، والتعديلات التي من المقرر أن تطال القيادات التنفيذية، من شأنها تعزيز صورة الرئيس المصري، قبل إقامة مؤتمر اقتصادي عالمي مقرر له مارس (آذار) المقبل، وتعول عليه القاهرة لتحقيق تقدم ملموس على المستويين الاقتصادي والسياسي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».