شبان ليبيون يطالبون بحكومة مصغرة و«تمثيل واسع» في لقاء تونس

TT

شبان ليبيون يطالبون بحكومة مصغرة و«تمثيل واسع» في لقاء تونس

دفعت الأزمة الليبية تجمعات شبابية عدة في البلاد إلى صدارة الأحداث، بحثا عن حل يهدف إلى طي صفحة الحرب وينهي الفترة الانتقالية، مطالبين بدمجهم في اللقاءات التي ترعاها البعثة الأممية، وفي مقدمتها منتدى الحوار السياسي المزمع انعقاده في تونس بداية الشهر المقبل.
وشدد أكثر من مائة شاب وقعوا على ما أطلقوا عليه «وثيقة تويوة» على «عدم قبول إعادة تدوير الوجوه التي أنتجها اتفاق الصخيرات ولم تحقق أي نجاح»، داعين البعثة الأممية في ليبيا إلى «تمثيل بما لا يقل عن 25 شابا في مسار الحوار المقبل، مع مراعاة المكونات الثقافية وذوي الاحتياجات الخاصة والمرأة».
وتويوة هي بلدة صغيرة في الجنوب الليبي انطلقت منها فعاليات «المؤتمر الشبابي الأول» الذي استمر يومين وانتهى ببيان ختامي عنوانه «ماذا يجب أن يكون في مسار الحوار الليبي؟».
يأتي ذلك في وقت بدأت البعثة الأممية حوارا تفاعليا مع شباب ليبيين عبر مناقشات بغرف المحادثة المغلقة. وقال أحمد التواتي، أحد منظمي المؤتمر والموقعين على الوثيقة، إنهم يقترحون تشكيل «حكومة أزمة مصغرة ذات صلاحيات محدودة» كحل سريع للأزمة لحين إجراء انتخابات في البلاد، على أن تنحصر مهامها بتوحيد المؤسسات التنفيذية للدولة، والعمل على وضع الترتيبات اللازمة لإجراء العملية الانتخابية، وإنهاء الأزمات المتمثلة في الكهرباء والوقود والسيولة.
وأضاف التواتي لـ«الشرق الأوسط» أن الوثيقة تم تسليمها للمبعوثة الأممية ستيفاني ويليامز. وقال: «رغم التسريبات التي تشير إلى أن البعثة أغلقت الباب أمام أي إضافات أخرى فيما يتعلق بالتحضير للمنتدى، فإننا سنمارس ضغوطا كي تكون بنود الوثيقة حاضرة في الاتفاق السياسي المقبل، وسيكون لنا موقف على الأرض بالتظاهر السلمي، إذا لم تتم الاستجابة لمطالبنا بتمثيل أوسع للشباب والمرأة في المنتدى».
ونوّه إلى أن هاتين الفئتين «هما الأكبر في المجتمع الليبي، والأشد تضررا من الصراع على مدى السنوات العشر الماضية، وبالتالي هم معنيون بالمستقبل واستقرار البلاد، مخافة إنتاج مشاريع مشابهة للصخيرات». ورأى أن «من الغباء إعادة الخلطة نفسها مرتين وتوقع نتيجة مختلفة... حاولنا إثبات أن الشباب وحده قادر على أن يجتمع من كل أنحاء ليبيا من دون الحاجة لمن يجمعنا ويجلسنا».
وقالت الوثيقة إن «مجموعة من الشباب بشرق وغرب وجنوب ليبيا ومن العرب والأمازيغ والطوارق والتبو، قرروا أن يجتمعوا رغم جروح الوطن، وأن يخلقوا مساحة حوار فيما بينهم، وأن ينتجوا وثيقة يحاولون من خلالها خلق رؤية حقيقية تمكنهم من تجميع وجهات النظر، في محاولة لإيجاد أرضية خصبة لتوحيد الجهود في هذا المسار». وأشارت إلى أن «الشباب الذين لم يشاركوا في المؤتمر ويودون التوقيع على الوثيقة مرحب بهم... وقائمة الأسماء التي تتضمنها ليست النهائية».
ولضمان الشفافية، اقترحت الوثيقة أن تقدم الحكومة المقبلة ما يلزم من تقارير عن سير عملها ومصروفاتها وإنجازاتها، إضافة إلى عدم تفويضها بإبرام أي عقود تترتب عليها التزامات مالية على عاتق الدولة. وقال أكرم النجار، أحد منظمي المؤتمر، إن «هناك تواصلا كبيرا معنا سواء من البعثة الأممية أو فئات من الشباب الراغبين في الانضمام إلينا». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الوثيقة «تعدّ أول منتج شبابي يُكتب خلال السنوات العشر الماضية، ونعتقد أن هذا ما كان ينقصنا في ليبيا، فلم تكن هناك رؤية تبلورت نستطيع أن نتجمع حولها».
وأضاف أنه «في ظل الظروف الحالية ومسارات الحوار التي بدأت مؤخرا، لمسنا أننا قد نجد أنفسنا أمام أزمة من جديد على غرار ما حدث بعد الصخيرات، تعيد تدوير الوجوه نفسها التي أوصلتنا إلى صدام مسلح... وهذا ما دفع جميع أطياف الشباب الليبي من أمازيغ وطوارق وتبو للاجتماع». ولفت إلى أنهم سمحوا للشباب المنخرطين في التشكيلات المسلحة بالمشاركة في اجتماعهم، مبررا ذلك بـ«أننا في حاجة إلى الاستماع لأصواتهم، وقد نجحنا في الخروج ببعض النقاط الإيجابية، ونرى من خلالها أنها ممكن أن تقدم قيمة مضافة لمسار الحوار المقبل».
وانتهى إلى أن «فئة الشباب هي الأشد حرصا على إنهاء الفترة الانتقالية التي تعيشها البلاد لأنها الأكثر تضررا راهنا في ظل ما تشهده البلاد من عمليات نهب واسعة للمال العام، أنتجت قطاعا كبيرا من العاطلين عن العمل».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.